|
|
 Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة (Re: محي الدين جبريل)
|
محمد ولد الطالب.. صورة قلمية لعازف الصحراء
الخميس 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2007
الشاعر/ محمد ولد الطالب....
صورة قلمية لعازف الصحراء
كتب/ المختار السالم:
في يوم 16 أغسطس/آب سنة 1968 ولد الشاعر محمد ولد الطالب في "أكجوجت"، خارج المدينة على الأرجح، وبدأ دراسته بالقرآن الكريم، قبل أن ينتقل إلى العاصمة نواكشوط ليدرس الابتدائية والإعدادية في تيارت، ثم انتقل إلى مدينة انواذيبو التي حصل من ثانويتها على شهادة الباكولوريا سنة 1988، مدشنا بذلك رحلته الجامعية في جامعة نواكشوط التي حصل منها سنة 1992 على شهادة "المتريز" في الأدب العربي، وكانت رسالته بعنوان: "الأسطورة في شعر بدر شاكر السياب"، وفي سنة 1997 تخرج من المدرسة العليا للتعليم، وكان الأول على دفعته أستاذا للغة العربية، ومن الطريف أن ولد الطالب عمل مدرسا في سنته الأولى بثانوية انواذيبو التي كان يدرس فيها، ثم انتقل إلى ثانوية الميناء، وبعدها اشتغل بالتعليم إلى أن تم تعيينه سنة 2006 رئيسا لمصلحة الإعلام والتوثيق بوزارة الثقافة والإعلام.
محمد ولد الطالب الذي ولد الثالث بين إخوته، لم تغره البيئة الأولى لأسرته، فبدل الاهتمام بالرصاص قرر الاهتمام بالكلمة الشعرية التي اندفع فيها بسبب عوامل كثيرة، لا شك أن شاعرية الطفل وإحساسه المرهف بهموم وطنية وقومية كبيرة كان وراء ميلاد أسطورة الشاعر، الذي بدأ يهز منابر الشعر على قلتها، بأسلوب جديد ومتميز، فيه من الحلاوة والطلاوة ما لم يكن المستمتع الموريتاني يظنه خيرا بالشعر الحديث.
الشاب الذي يبدو خجولا "أحيانا" في أحاديثه وصارما وقويا في إلقائه، يؤمن أن الشعر لا بد أن يتجدد حتى تتجدد تلك العبارات والصورة التي تسد شرايين الإحساس الشعري للمواطن.. بسبب تكلس شوائب وترسبات كثيرة، ومنقوعات عانت منها القصيدة العربية طيلة آلاف السنين أبقتها ضمن دائرة شبه مغلقة إلى أن جاءت الحداثة على يد الرواد، لذلك يرى أنه من المستحيل، بل من غير المقبول أن يطعن هؤلاء (الرواد) في ظهرهم بعد كل العناء الذي تحملوه في سبيل حفر قنوات جديدة للشعر قادرة على تصريف الإبداع بأشكاله وصوره ونمطياته الحديثة المتجددة.
من هنا كان الشاعر يؤمن أن الطريق الأمثل لذلك هو في استمرار التخليق الموسيقى الفتان مع ابتداع الصور والأخيلة القابلة لاحتضان الكلمة الجديدة والمعاناة القاسية التي يتحملها إنسان العصر، خاصة إنسان الإقليم العربي المسكون بهواجس الانبثاق والتشكل من رماد الهزائم والتفرقة والانكسارات.
في شعر هذا الشاعر الموهوب، من الأصالة والقوة واللغة ما يمنحه بطاقة هوية خاصة، ترجمها الشاعر بأعماله الشعرية المختلفة، سواء منها ما نشر في دواوين أو ما لا يزال طي القصاصات والمسودات، أو على الأصح المرويات المجلسية التي تعتبر من مكونات الشاي والأطاجين بالنسبة لجيل ولد الطالب.
محمد شخصية ظريفة، يحب النكتة ويرويها بأسلوب حكواتي شيق.. وهو قليل الأكل، فلا يأكل من الطعام إلا ما قل و"حلا".. ويمكن القول إنه "رجل فصلي"، بمعني هنا أنه يكون في أشهر معينة من السنة رجلا "سباتيا" خاملا وكسولا، ولا يهمه شيء، لكنه في أشهر أخرى ينتقل إلى النشاط فيتحول إلى كتلة تتدحرج شعرا وقراءة وتدريسا ولقاءات...
يدمن ولد الطالب على الشاي، والسيجارة، وهي صديقته التي لا يطلقها على عكس الزوجات، فرغم أنه لا يزال شابا فقد تزوج ثلاث مرات، وأنجب ثلاثة أبناء، بمعدل طفل لكل زوجة.. وحين يمازحه الأصدقاء بأنه يعامل النساء كما يعامل قصائده، يرد ضاحكا بأنه أخذ على نفسه عهدا بأن يسمع النقد ولا يعلق عليه... الشيء الآخر الذي يدمن عليه ولد الطالب هو القراءات الشعرية المستمرة فهو يرى أنه على الشاعر أن يكون مثقفا بالشعر قبل أن يخرج على الناس وفي يده عصى الخطيب..
كان لـ"الشعب" فضل السبق حين أجرت أول مقابلة مع ولد الطالب قبيل سفره للمشاركة في مسابقة "أمير الشعراء"..
وصفناه هنا في "الشعب" بأنه أحد المغضوب عليهم والضالون في وادي الشعر الذي يهيم فيه غير عابئ بكل وحوش الغابة الشعرية.. ومتاهاتها وعذاباتها..
شاعر اختط طريقه وأسلوبه من قاعات الشعر وأماسي بيوت الأصدقاء، فكان مبدعا ولافتا للنظر بلغته المتمردة وشخصيته الحادة التي لا تقبل المجاملة والركوع عند تعاليم القبيلة والمجتمع والنظريات التحجيمية للإبداع..
كان دائما شاعرا موهوبا وملفتا للانتباه.. بتمرده وجرأته.. وكان خارجا على القانون دائما.. وكان خارجا على المجتمع فلم يتعلم إطلاق الرصاص، بل تعلم قرض القصيدة.. وتفنن في غزو المستمعين وعشاق الكلمة الجميلة النظيفة.. ربما لأنه ولد في الهواء الطلق كما تولد الوعول على حد تعبيره..
يقول ولد الطالب "أنا بدأت مع الشعر دون تجزئة، وشأني في ذلك شأن الجيل الذي أنتمي إليه فنحن لا نكتب القصيدة الحديثة انصياعا لصرخات الموضة أو تقليدا لأي أحد.. نحن أبناء الحداثة الشرعيون مسكونون بوجعها وموسومون بطابعها حتى النخاع.. وقد يكون هذا على العكس من الأجيال التي سبقتنا وكانت في تعاطيها مع القصيدة الحرة ترضخ لإملاءات المستجدات وتدخل أبواب الحداثة من باب مكره أخاك لا بطل..".
ويرى ولد الطالب أن مفهوم العالمية مفهوم نسبي... ويصبح نسبيا أكثر إذا ما أسقط على الشعر.. و"مع ذلك فعندنا أصوات قادرة على المنافسة في هذا المجال.. من أمثال الشاعر الكبير ناجي محمد الإمام، والشاعر المبدع محمد ولد عبدي، الشاعر الشاب بدي ولد أبنو، والشاعر محمد ولد أعلي، والشاعر الدي ولد آدبه... فهؤلاء تجاوزوا عقدة أن تعيش القصيدة الحرة جنبا إلى جنب مع القصيدة العمودية، وتجازوا عقدة أن العالمية صفة جغرافية حكرا على بلدان معينة..".
وبالنسبة لأحب قصائده إليه، فهو يرى "أن الشاعر لا يمتلك مقياسا لتحديد المسافات بينه وبين قصائده.. فهو بنظرة محلية كسائق "التودروا" تارة يكون بين الركاب وتارة أمامهم وتارة أخرى وراءهم.. ومع ذلك فأنا أحفظ كل قصائدي الحرة عن ظهر قلب كما أحفظ قصائدي العمودية لأنني أقرض الشعر ولا أكتبه.. ولم أشعر في أي يوم بالانحياز لقصيدة على حساب أخرى، فأنا عادل بينهن..".
دواوين ولد الطالب المنشورة تنبئ من عناوينها عن إحساس قوي بالآخر، وبالرومانسية المفرطة.. الديوان الأول كان بعنوان: "مرايا الفقراء"، والثاني نشر قبل أيام من بيروت وجاء تحت عنوان: "الليل والأرصفة".
كانت رحلة الشاعر مع المسابقة قد بدأت بشكل عفوي، حيث أرسل نص قصيدته "المفازة"، ونالت القصيدة إعجاب لجان المسابقة، فتم اختياره من بين 5400 شاعر شاركوا في المنافسة من مختلف قارات العالم، وفاز ولد الطالب ضمن أفضل 88 شاعرا، ثم وقع عليه الاختيار ليكون ضمن 35 شاعرا يخوضون المنافسة النهائية، وجاء حظه في المجموعة الأولى ليكون سابع شاعر (من الترتيب الأبجدي) يمثل أمام لجنة التحكيم المكونة من خمسة من جهابذة النقد والإبداع بينهما عضوان في مجمع اللغة العربية.
وكان أبرز إشادات لجنة التحكيم، ما قالته في شعر ولد الطالب بأنه يعطي صورة مغايرة عن تقليدية الشعراء في بلاده.
قدم ولد الطالب قراءته الشعرية أمام اللجنة ببيتين هما:
ألا هل ليالي الشعر أمسى رواقها
حلالا علينا أم علينا استراقها
ومن أين بالسلوى لنفس ترومها
وذي قدسها نهب وذاك عراقها؟.
ثم أنشد قصيدته "وأمشي إليك" والتي صوت لها الجمهور العربي ليتأهل إلى الدور ما قبل الأخير من المسابقة والذي سيتنافس فيه 15 شاعرا فقط، وقبل أن نودع الشاعر وهو يهم بالإطلالة في مضمار جديد من سباق الفحولة الشعرية نقدم للقارئ نص القصيدة "وأمشي إليك":
نص القصيدة:
وأمشي إليك مداءات عينيك تيه
تصوف فيها الضياء
وأمشي وكنت عجولا..
وأصرخ أصرخ خلف مداءات عينيك علي
أصادف في لحظات انطفائي حلولا
لعلي أراك ولو مرة
على ضفة الفجر تغتسلين،
فأدعوك هندا وأدعوك سلمى وأدعوك حينا بتولا..
أيا امرأة،
تقمصني حبها في الأباريق يوم انتشيت،
ويوم بأبواب صمتي تسمرت أبغي الدخولا..
وأمشي وكنت عجولا
وكانت مداءات عينيك سفرا من الموت..
يتلو على الليل من سورة الشوق كي ما يطولا..
وأمشي إليك..
وخلفي المجابة والصمت والبوح؛
خلفي العشائر من نعرات ومن نزوات تدق الطبولا
تشيد تاريخ حقد وثأر على قلق..
تتوارث فيه الخيول الخيولا
وأمشي إليك.. وأسلك من قبسات التجلي سبيلا
يدثرني الشجو لحنا..
تهشم فيه رؤوس الحروف إذا أينعت..
ويصبح برد المسافات بيني وبينك عبئا ثقيلا..
ومن وله تحاصرني الطعنات..
لدى وطن عزفت به الوتر المستحيلا..
تحاصرني الطعنات وينتابني ألق من جراحي
وتوشك بالحبر أوردتي أن تسيلا
لكتب ترنيمة..
وطنا منع القلب أن يستقيلا.
المصدر: جريدة "الشعب"
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | أبنوسة | 02-29-08, 06:45 AM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | أبنوسة | 02-29-08, 08:26 AM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | فيصل عباس | 02-29-08, 11:55 AM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | معتصم الطاهر | 02-29-08, 12:05 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | كمال سالم | 02-29-08, 12:15 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | فيصل عباس | 02-29-08, 12:23 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | أبنوسة | 02-29-08, 04:48 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | Sabri Elshareef | 02-29-08, 04:56 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | كمال علي الزين | 02-29-08, 05:51 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | أبنوسة | 02-29-08, 06:29 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | معتصم ود الجمام | 02-29-08, 06:38 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | nadus2000 | 03-01-08, 05:58 AM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | أبنوسة | 03-01-08, 05:10 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | محي الدين جبريل | 03-01-08, 07:46 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | nadus2000 | 03-02-08, 04:09 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | Adil Osman | 03-02-08, 04:29 PM |
| Re: الشاعر محمد ولد الطالب في صالون الأبنوسة | محمد الطيب حسن | 03-02-08, 04:58 PM |
|
| |
nadus2000
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست