|
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)
|
قال لي ذات صباح: - لم هذه الدموع في عينيك؟ لم أنتِ حزينة؟! قلت له وأنا أحاول أن أخفي ضعفي: - أبداً.. إنها أثار التعب. قال كأنه قرأ أفكاري: - الحياة لا تتوقف عند موت إنسان.. عندما ماتت أمي كدت أقتل نفسي حزناً، واعتقدت أن الحياة انتهت، لكن مع مرور الأيام والسنين اكتشفت أنها لم تنته". يا الله.. كم يعذبني بحديثه هذا... كم أتعذب وأنا أراه يتحدى الموت بإيمان قوي.
شهر بأكمله مر على وجوده في المستشفى، أصبحت أحس أنه قطعة مني، بل أنا المسؤولة عنه... هو أيضاً تعود على صورتي وحديثي معه. قال لي يوماً: - وجودك إلى جانبي خفف عني كثيراً من الألم". وتمضي الأيام سريعة، تلتهم بعضها البعض، كأنها تتعجل رؤية النهاية... إلى أن جاء آخر يوم لازلت أذكره كهذه اللحظة، كان الوقت مساءً، كنت آخذ في يدي دفتره الصحي لأسجل بعض المعطيات الجديدة حول حالته الصحية.. رأيته يضغط بأسنانه على شفته السفلى بقوة كأنه يعالج ألماً كبيرا في نفسه. سألته: "ما بك .. هل اشتد عليك الألم؟ قال لي: - "إنه ألم بسيط سيزول بعد لحظات"، ثم رسم على شفتيه ابتسامة صفراء باهته.. رسمها بعسر ليخفي عني آلامه. فعدت إلى تسجيل درجة حرارته، لكنني سمعت صوته يأتيني ضعيفاً، رقيقاً، هادئاً: - .... رفعت رأسي، ولأول مرة أرى في عينيه دمعتين ترقصان خوفاً وألماً، وألمح على وجهه معاني الاضطراب والقلق... تحركت شفتاه كأنه يريد أن يقول شيئاً، لكنه ظل صامتاً. صراع قوي، أحسه يتفاعل في داخله: صراع بين الألم والأمل، بين التحدي والاستسلام، بين الموت والحياة، لكنه ظل على صمته، ينظر إلى وجهي... اقتربت منه وسألته: - هل تريد أن تقول شيئاً؟ وفضل الهروب بطريقته الخاصة، قال لي وهو ينظر إلى النافذة: - كم أحب صورة الغروب! صرخت بصوت مضطرب: - ولكنها تعني النهاية. أجابني بحكمة: - أبداً، الغروب لا يعني؛ دائماً؛ النهاية، قد يكون بداية لفجر جديد. قلت: وأنا أصر على معرفة ما يجول في خاطره: - كنت تريد أن تقول شيئاً، أليس كذلك؟ نظر إليّ، والحزن يطل من عينيه، ثم قال: - غداً الجمعة، ستكون عطلتك، عندما تعودين يوم السبت أصارحك ببعض ما يختلج في صدري. صباح يوم السبت، وجدت نفسي أمر على الكشك.. اشتريت جريدة، ثم دخلت إلى المستشفى.. أسرعت إلى غرفته، متلهفة على رؤيته.. وقفت عند الباب.. نظرت إلى سريره فلم أجده.. رباه.. هل خرج؟! هل حدث له مكروه؟! هل... لا، مستحيل.. وأحسست بيد رقيقة تمسك بكتفي، وسمعت صوت صديقتي وهي تنشر أمامي الحقيقة التي كنت أهربها من مكان إلى آخر حتى لا اصطدم بها... - مات - مستحيل.. كيف؟! متى؟! لماذا؟! - مات .. مات مع آذان الفجر. ارتعشت أطرافي .. سقطت الجريدة من يدي، وأحسست أن العالم كله توقف، زلزال عنيف دمر كياني، وجعلني أغيب عن الوعي مدة طويلة أفقت بعدها على صوت دكتور زميل: - إنك الآن بخير سأمر عليك بعد حين، وخرج. ورأيت صديقتي تجلس إلى جانبي وهي تحاول أن تمسح الدموع الغزيرة التي بللت وجهي، أسندت رأسي إلى صدرها وأنا أردد في يأس: - مات ... وسمعت صوتها يصفعني بالحقيقة مرة أخرى: - كل الأطباء في المستشفى أكدوا لك أنه سيموت بعد أيام، ولكنك كنت تضعين أصابعك في أذنيك هروباً من الحقيقة. وقبل أن تخرج صديقتي، رأيتها تخرج من حقيبة يدها مصحفاً صغيراً وفوقه ورقة، قالت لي: - هذا ما تركه لك قبل موته. أخذت المصحف، ثم فتحت الورقة بلهفة، ورحت ألتهم حروفها بسرعة: ( عندما تقرئين هذه الرسالة، لن أكون معك، إنها آخر ورقة تسقط من حياتي، لكن ما حدث كان فوق طاقتي، فكما أننا لا نختار لحظة دخولنا إلى الحياة ولا لحظة خروجنا منها، كذلك لا نختار زمن أحلامنا... ثلاثة لا اختيار لنا فيهم: الحياة .. الموت.. والأحلام. لو منعك عني الناس لحاربتهم من أجلك، واستنزفت آخر ما تبقى من دمي حتى لا تكوني لغيري، ولكنه القدر ، لا نملك أمامه إلا أن نقول: "قل لن يصبنا إلا ما كتب الله لنا".. فقط أوصيك أن تحتفظي بهذا المصحف الشريف، فإنه يمنع عنك الإحساس بالخوف واليأس...). وخرج صوتي من بين دموعي يردد: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".
إستمعت وقد هزني تعلقك به وفي ذات الوقت سرقني موقف الرحيل إلى مناطق الهذيان .. ها أنا استمعت لك ولكنه قال لك في رسالته أن الحياة لن تتوقف. قالت أصدقك القول : لقد دخل عالمي وبنيت في خيالي أحلاماً كثيرة جميلة حتى تلك الحميمية معه .. الهمس واللمس والعناق والقبلات لقد روى ظمأي حتى في عالمي الذي بنيته لنا في خيالي وحسي .. كان له حيز كبير في روحي وجسدي.. تصور أن تحزن على شخص لم تبدأ معه قصة حب بأركانها المعروفة.. علاقة ماتت قبل أن تولد.. كنت حينما آتي المشفى أتخيله كغرفة نومٍ تضمنا الأثنين فقط .. كم تخيلته وقد سلمته روحي وجسدي حتى الذوبان .. كنت أتجمل وأضع من العطر ما كنت أعتقد أنه سينعش روحه لقاوم المرض رغم إني كنت أرى عندما آتيه كل صبح كما لو أنه كان يحلم بمثل ما أحلم أنا معه.. كنت أرى ذلك في عيناه بوضوح وبحاسة الأنثى التى ترى ما لا يراه الذكور!!
يتبع
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 02-27-08, 09:26 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | مجدي عبدالرحيم فضل | 02-27-08, 10:55 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 02-28-08, 06:27 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 02-28-08, 06:10 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ماجدة عوض خوجلى | 02-28-08, 07:19 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 02-28-08, 10:31 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | salma subhi | 02-28-08, 11:50 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | salma subhi | 02-28-08, 05:18 PM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-01-08, 07:11 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-01-08, 11:47 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-02-08, 06:24 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-02-08, 06:57 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-03-08, 07:52 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | هاشم أحمد خلف الله | 03-03-08, 10:15 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-04-08, 06:33 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-04-08, 07:03 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-06-08, 09:28 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ماجدة عوض خوجلى | 03-04-08, 02:56 PM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-05-08, 08:30 AM |
و سقط نزار قباني و حلـَّقَ مجنون ليلى.. | ابي عزالدين البشري | 03-05-08, 11:32 PM |
Re: و سقط نزار قباني و حلـَّقَ مجنون ليلى.. | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-06-08, 09:58 AM |
Re: و سقط نزار قباني و حلـَّقَ مجنون ليلى.. | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-06-08, 10:27 AM |
Re: و سقط نزار قباني و حلـَّقَ مجنون ليلى.. | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-08-08, 06:57 AM |
Re: و سقط نزار قباني و حلـَّقَ مجنون ليلى.. | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-09-08, 11:38 AM |
Re: و سقط نزار قباني و حلـَّقَ مجنون ليلى.. | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-10-08, 11:25 AM |
Re: و سقط نزار قباني و حلـَّقَ مجنون ليلى.. | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-11-08, 09:41 AM |
Re: و سقط نزار قباني و حلـَّقَ مجنون ليلى.. | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-11-08, 09:43 AM |
Re: و سقط نزار قباني و حلـَّقَ مجنون ليلى.. | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-12-08, 11:17 AM |
Re: و سقط نزار قباني و حلـَّقَ مجنون ليلى.. | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-13-08, 11:37 AM |
Re: و سقط نزار قباني و حلـَّقَ مجنون ليلى.. | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-15-08, 09:42 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | د.محمد حسن | 03-15-08, 12:13 PM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | مهتدي الخليفة محمد نور | 03-15-08, 02:01 PM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-16-08, 05:55 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-16-08, 05:51 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ماجدة عوض خوجلى | 03-16-08, 04:22 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-16-08, 06:00 AM |
Re: تأملات في عالم العشاق .. بفيض من العشق.. ومزيد من الحب.. تزهر الآمال!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 03-16-08, 07:32 AM |
|
|
|