|
Re: ندوة استاذ/ فيصل محمد صالح .. الهوية والتعدد الثقافى فى السودان (ملخص + صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
يواصل استاذ/ فيصل محمد صالح :- ازداد الحديث حول التنوع الثقافى خاصة بعد بروز العولمة . اليونسكو هى واحدة من المنظمات التى اهتمت بموضوع التنوع الثقافى , وتمت مناقشة القضية على المستوى الداخلى والخارجى .. داخليا بمعنى داخل الدولة نفسها حيث من حق المجموعات المختلفة التعبير عن نفسها وامتلاك ادوات التعبير .. وخارجيا ان ليس من حق الدول الكبيرة المهيمنة ان تفرض ثقافتها وهناك مؤتمرات وندوات ومواثيق تعلقت بهذا الشأن لعل اشهرها (الاعلان العالمى لحماية التنوع لثقافى) فى 2002 , ثم صدرت اتفاقية دولية لحماية هذا التنوع الثقافى فى 2005 وقد واجهت معارضة كالعادة من دولة مثل الولايات المتحدة حيث تعتقد ان فيها قيود على حرية الاعلام والثقافة فى العالم , وهو موقف يتم ملاحظته عندما دعت اليونسكو الى نظام اعلامى عالمى جديد انسحبت امريكا وبريطانيا من اليونسكو لفترة ثم عادا مرة اخرى . من الجوانب التى اهتمت بها اليونسكو هو الاهتمام بالغة الام , وخصصت يوم 21 فبراير يوما للاحتفال باللغة الام , وهو ملمح من الاحتفال والاهتمام بالتنوع الثقافى واللغوى .. وقامت ليونسكو كذلك بوضع اطلس للغات المهددة بالانقراض فى العالم . لو انتقلنا الى السودان وخطاب الهوية والتنوع الثقافى , سنجد هذا الخطاب وقد مر بمراحل متعددة حتى وصلنا الى نتيجة ان السودان بلد متنوع اثنيا وثقافيا , ولا خلاف حول ذلك جدليا ونظريا , ربما على مستوى التطبيق تحدث بعض التراجعات . واوضح تجسيد نجده فى اتفاقية السلام الشامل , وما تجسد فى هذه الاتفاقية هو نتائج لصراع طويل .. ذات مرة اطلقت تعبير (الثابت) و (المتحول) .. اقصد ان (الثابت) هو عدم تحقيق الاشباع السياسى والاقتصادى والثقافى والاجتماعى لمجموعات كثيرة داخل السودان , اما (المتحول) فهو الحاجيات نفسها التى يتم اشباعها باعتبار التغيير فيها , وهى طبيعة الانسان عندما يتم اشباع حاجة تظهر حاجة جديدة .. الحاجيات التى حركت الناس للمطالبة بالفدرالية قبل 1955 ليست هى نفسها التى طرحت فى حقبة السينيات ايام مؤتمر المائدة المستديرة , ولا حتى فى اتفاقية اديس ابابا , او المرحلة الاخيرة فى الحرب الاهلية .. الحاجيات تتغير وهذا هو (المتحول) عدم اشباع هذه الحاجيات هذا هو (الثابت) .. وهذا هو جوهر الصراع فى السودان , هو الجذر الاساسى . اعتقد ان (الهوية) واحدة من اشياء كثيرة جدا , وهى ليست الجذر الاساس هناك الجذر السياسى , والاقتصادى , والثقافى , الخ .. وكلما تم اشباع الحاجيات الاساسية للمجموعات السودانية المختلفة كلما قلت حدة الصراع . الخطاب السياسى للصراع فى السودان اتخذ مداخل متعددة , وانا من اجل الدراسة قسمت هذه المداخل ولكن من الممكن ن تجدها احيانا متداخلة .. فى فترة من الفترات كان هناك المدخل السياسى , وباشباع هذه الحاجة السياسية ينتهى الصراع .. فى السبعينات تحدث الناس عن التنمية المتوازنة والشاملة لذلك كان التركيز على المدخل التنموى الاقتصادى وبمعالجته ينتهى النزاع . هناك من ركز على خطاب الهوية واتخذ المدخل الثقافى , حيث طرحوا ان الصراع هو صراع هوية .. حتى وصل الناس الى ما يمكن ان نطلق عليه اسم المدخل الشامل .. فى رؤيتى الشخصية ان خطاب السودان الجديد فى مرحلته الاولى على الاقل (المرحلة النظرية) اتخذ المدخل الشامل السياسى , الاقتصادى , الثقافى , الخ ولم يتخذ مدخلا منفردا . منذ الثمانينات والتسعينيات , اتخذ المدخل الثقافى الذى يركز على قضية الهوية موقعا متقدما جدا واصبح مسيطرا على الساحة .. طبعا من الصعب تجاهل سؤال الهوية بغض النظر عن رؤية ترتيبه فى الاهمية .. (اوليفر البينو) قدم كتابا شرح فيه ان هناك هويتان مختلفتان فى السودان ولا يمكنهما التعايش سويا مطلقا , وهو كتاب صدر فى الستينيات , حيث قال ان هناك نظرية الهوية العربية الاسلامية فى الشمال , وهوية افريقية مسيحية فى الجنوب , وان ليس هناك حل سوى ان تشكل كل منهما دولته المستقلة . هناك جيل جديد من المفكرين والكتاب فى الشمال والجنوب اتخذ منحى اخر , لذلك عندما تحدث محمد جلال هاشم عن ان هناك مدرسة عروبية فى السودان وافترض ان هناك مدرسة افريقية غير موجودة ولكنه اوجدها من اجل الدراسة , انا كتبت ن هذه المدرسة الافريقية غير موجودة وان هناك كتابات تدل عليها وهناك خطاب لها .. من يقراء (سودانيز اون لاين) يجد فى خطاب (بشاشا) دعوة لمركزية افريقية كاملة وتامة تستوعب كل الثقافات الاخرى فى السودان , ربما هى اقل صوتا من الخطاب العروبى السافر الذى كان موجودا فى الساحة . بداء الطرح الجديد فى تقديم امكانية لتعايش الهويتان المختلفتان واعتقد ان خطاب (الغابة والصحراء) يدخل فى هذا الاطار , وهذا واضح فى كتابات محمد عبدالحى , صلاح احمد ابراهيم , محمد المكى ابراهيم , النور عثمان ابكر .. ولكنهم جميعا كانوا يتجهون صوب مدرسة الانصهار القومى , بمعنى انصهار كل المكونات الثقافية فى بوتقة واحدة تخلق قومية واحدة لكل السودان , حتى خطابات (فرانسيس دينق) القديمة كانت اقرب لمدرسة الانصهر القومى . بعد هذا تطورت الاراء والافكار الى مدرسة التنوع الثقافى او ما يعرف باسم (الوحدة فى التنوع) وهى مدرسة فكرية وسياسية تحدثت عن عدم اشتراط دمج الهويات فى هوية واحدة , وان هناك امكانية للتعايش داخل الدولة الواحدة مع ضمان التسامح وقبول الاخر .
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|