أسقف كانتربري يدعو لتطبيق بعض الشريعة الاسلامية في القانون البريطاني

Quote: بقلم أ. عصام دربالة ثارت ثائرة قطاعات عريضة في بلاد الانجليز على رأس الكنيسة الانجليكانية وأسقف كانتربوري "روان ويليامز" لمجرد أن ذكر في حديثه كلمة الشريعة الإسلامية. وأصل الحكاية أن الأسقف في لحظة صدق مع النفس طالب بضرورة وضع أحكام الشريعة الإسلامية في الاعتبار عند النظر في قضايا الزواج والطلاق المتعلقة بأبناء الجالية الإسلامية ببريطانيا إذا ما أريد إدماجهم إدماجاً كاملاً في المجتمع البريطاني. * كان الأسقف منطقياً مع مبادئ المساواة التي نادي بها علمانيو بريطانيا, وكان متصالحاً مع قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يبشر بها الغرب وتحتل بلاد المسلمين بمقتضاها, فمن حق المسلمين أن تكون الأحكام المنظمة لحياتهم الخاصة متوافقة مع ما يؤمنون به وأن تتاح لهم الفرصة لتحقيقه بدلاً من إجبارهم على الاحتكام لأحكام تتناقض مع أحكام الشريعة التي يؤمنون بها. * أما الذي لم يكن منطقياً فهو موقف هؤلاء الرافضين لرأي الأسقف والمطالبين له بالتراجع عن دعوته, فموقف هؤلاء الرافضين لا يمكن تفسيره أو تبريره أخلاقياً أو حتى ديمقراطياً, ولا يمكن فهمه إلا باعتبار أن فيروس التعصب ضد المسلمين ما زال معشعشاً في عقول وجينات هؤلاء ولم يبراؤا منه حتى الآن رغم معيشتهم في لندن قلعة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان كما يحلو لهم وصفها. من المضطهد مسلمو الغرب أم مسيحو الشرق؟ * لقد طرح هذا الموقف الشجاع لأسقف كانتربورى قضية اضطهاد المسلمين في المجتمعات الغربية وسلط الضوء عليها بقوة, وجاء الموقف الرافض لدعوته مبيناً جانباً هاماً في هذه القضية. * فأغلب المسلمين ينظرون إلي إخوانهم المقيمين ببلاد الغرب نظرة غبطة وحسد باعتبار أنهم يعيشون في نعيم الديمقراطية وحقوق الإنسان, وصار ذلك من البديهيات التي لا تقبل النقاش فإذا بهم اليوم على حقيقة مرعبة لهم, وهي أن إخوانهم هناك لا يتمتعون بأقل الحقوق التي يتمتع بها مسيحو الشرق الذين كفل لهم الإسلام منذ خمسة عشر قرناً الاحتكام إلي الشريعة التي يؤمنون بها في كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية. وهذا بدوره يطرح على عقولنا بشكل أوسع وأعمق قضية حقوق المسلمين المقيمين في الدول الغربية وهل يتمتعون حقاً بكامل حقوقهم على أرض الواقع؟ * نظرياً قد توجد قوانين تقرر لهم هذه الحقوق, لكن على أرض الواقع لن تجد لها أي صدي وأية ذلك أننا لن نجد في الحالة البريطانية أو حتى الأوربية أو الأمريكية تمثيلاً لهم في المجالس التشريعية يتناسب مع عددهم في هذه البلاد, بل ربما لا يزيد عدد النواب المسلمين في المجالس التشريعية لكل هذه البلاد عن عدد أصابع اليد الواحدة. وأيضاً كم عدد المسلمين الذين يشغلون منصب القادة لجيوش هذه الدول أو رؤساء الأركان فيها أو رؤساء الأجهزة الأمنية بها؟ وكم عدد الوزراء الذين ينتمون للدين الإسلامي في حكومات هذه الدول؟ * الإجابة على هذه الأسئلة السابقة توضح بجلاء حقيقة مرعبة وهي: أن المسلمين مضطهدون بتلك الدول. وعندما نري تمتع مسيحو مصر على سبيل المثال بحقهم في الاحتكام إلي شريعتهم وفي قضايا الأحوال الشخصية منذ دخول الإسلام, ويشغل بعضهم مناصب وزارية حساسة يثور التساؤل من المضطهد حقيقة: مسلمو الغرب أم مسيحيو الشرق؟ المشكلة في من؟ * كان من المتوقع أن تصدر الدعوة التي أطلقها أسقف كانتربورى من دعاة الديمقراطية والعلمانية وحقوق الإنسان ببريطانيا, ولم يكن مستغرباً لو أعترض أسقف كانتربورى أو غيره من الكهنة لكن أن يحدث العكس فهذا يعني أن المشكلة في بعض الأحيان لا تكمن في الممثلين للديانات إنما تكمن في الرافضين لكل الديانات, وهؤلاء في الحقيقة لا يكتفون بحرمان غيرهم من أبسط حقوقهم لكنهم يؤججون ناراً في النفوس تصطلي بها مجتمعاتهم لن تخمد أوارها إلا إذا تعلم هؤلاء فضيلة التسامح ,لكن على كل الأحوال شكراً لهم على أن كشفوا لنا زيف دعواهم, وشكراً لأسقف كانتربورى هذا الموقف المنصف, ولم يشكر الله من لم يشكر الناس.