(السودان وجبلة الاسطورة) (1) بقلم /الهادي صيام ...(هديه للانصار)

Quote: والمتظاهرون الهتّافة على السواء ، أما الخفاض الفرعوني مستمرة شفرته في الحصاد إلى حين آخر ، فكان هذا عصر الآلهة الأغريقية الذي خضع لصناعة تحويلية مسودنة . تلته المسيحية التي مازالت أديرتها تصدح بالنواقيس فالإسلام مصحوباُ بمواعينه الثقافية والأنثربلوجية واللغوية من صحراء شبه الجزير ة العربية ، ضف إلى ذلك ما يسمّى بكريم المعتقد – المتح الأفريقي الأصلي حاضراً وباقياً بقاء حطام الفخّار المبثوث على تضاعيف النيل من نوملي وإلى حلفا . تحوّلت الأسطورة المخضوضرة في هذه البيئات من جرثومة ميتافيزيقية إلى حقيقة فيروسية مركّبة ومعقدة ليس بالسهل فكّ طلاسمها. لكن فلأبدأ من حيث بدأ التوثيق والكتابة التتريخية رغم أن الكتابة أخذت معينها من المشافهة التي لا تخلو من أسطورية والانتقاء النوعي والانفرادي ولكن بعرضها وتشريحها تحت مجهر العقل والواقع يمكن أن نستقرأ العديد من الحقائق لما كان وما يجري الآن في أرض الوطن . أشهر الكتب التي أرّخت للدولة السنارية طبقات ود ضيف الله وفي هذه الطبقات ما لا يخفى على العيان من مشاهد الأسطورة المحفوفة بنكهة الصوفية الغيبوبية الطاغية . مثلا أصل الفونج مازال مرجّحا على أنهم بنو أميّة ورجال الدين في ذلك العهد يتزوجون دون عداد والسلاطين قداستهم فوق الريب والحكماء حكمتهم لا تتقاطع مع السلطان البتة بل التأصيل هو إبقاء الخرافة الماحلة جنبا إلى جنب مع الدين واستخدام االدين لها بحجة الدعوة والتحبيب ويبرز ذلك في استخدام الإيقاع الأفريقي في النوبات والتمثيلية الصوفية التي تمّ فيها لأول مرة تعميد حواراُ سودانيا للشيخ البهاري ، فبقدر ما كانت الحقبة السنارية أسطورية تحولت إلى حقيقة مكتوبة ومترّخة بقدر ما أصبحت قاعدة متينة تنطلق منها الأسطورة السودانية لتصب في اللاحق من تاريخنا فانداحت في عهد التركية إلى أن تتوج عرشها في المهدية .

(عدل بواسطة Tragie Mustafa on 02-11-2008, 01:54 AM)