(السودان وجبلة الاسطورة) (1) بقلم /الهادي صيام ...(هديه للانصار)

Quote: حنجرة بشرية في التاريخ (راجع أصوات وحناجر) للدكتور أحمد الطيب , ثم حشروا كل القبائل والقوميات في نفق العروبة الضيق وبدأ استيراد الثقافة العربية من مصر أمنا لتقوية هذا الجسد الأسطوري وانكب المثقفون الأوائل على القراءة والسهر في كل ما هو عربي لدرجة تبجّح البعض بمقولة ( يطبع في القاهرة وبيروت ويقرأ في الخرطوم) فتمخض بذلك عفريت أسود بلسان عربي مبين وسندهم في ذلك من تكلّم العربية فهو عربي . وكيف أنهم صارعوا صراعا مريرا حتى دخلوا عنق الزجاجة العربية وزعيمهم (المحجوب) ناطح العرب وكشف زيف عروبتهم من فينيقيّ لبنان إلى فراعنة مصر وترك شنقلي طوباية ومشاكلها وألّف ديوانا كاملا في الفردوس المفقود ( ضياع الأندلس) فأسس بذلك الخطاب السياسي السوداني الذي جل ساسته انصرافيون فمن يريد حل مشكلة مزارعي القاش يستعين بقصائد الشنفرى ومن أراد مزاوجة الأمة والجبهة استعان بنقائض جرير والفرزدق (الصادق) : إذا احتربت يوما ففاضت دماؤها ******** تذكّرت القربى ففاضت دموعها وما زالت الانتلجنسيا السودانية تراوح مكانها من تخطّي سؤال الهوية , وقد سارعت القبائل التي سبقت بتسجيل أسمائها في قوائم الشرف العربية بسحب البساط من القبائل التي تم إدراجها في الملحق فاكتسبت بذلك نوعا من تضخم الأنا لدرجة أن الذين يحكمون السودان على مدى خمسة عقود من قبائل البساط , والآلة الإعلامية حتى يومنا هذا تضخ في قربتها الموخوذة- المقدودة- قبائل البساط ويمكنك بالتحقق من ذلك بمشاهدة التلفزيون والاستماع إلى الإذاعة والمادة المبثوثة هي في ذلك الإتجاه وأستمر التضخم في جهة والتقزم في الجهة الأخرى ولم يكتشف الأسطورة الحبوباتية إلا الذين غادروا تراب الوطن إلى أعتاب البيت العربي فأكتشفوا أن هذه التميمة لم تمنحهم الإعتداد الناضج في أرض العروبة فوجدوا أنفسهم في مفترق الشعب , فتقمص السوداني في العراق لهجة العراق بطلاقة وفي ليبيا لا يخالط الليبي أدنى شك بأن السوداني ماهو إلا ليبي أسود من القطرون وفي مصر يتكلم السوداني لهجة مصرية مقعّرة مع تحويل حرف القاف إلى همزة قاهرية ويمكن ملاحظة ذلك في مفردات بعض كتّاب الأعمدة في الصحف السودانية السيّارة .