احتفائية القارئ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 07:00 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-20-2008, 08:11 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مسارات - مروان الغفوري (Re: بله محمد الفاضل)

    مسارات - مروان الغفوري





    - نقطة رمْـل- .

    تدورُ السواقي على أملٍ راكضٍ في الصدور
    .. و الإله الذي ظلّ في دارِنا صامتاً ، لم يعُد ظلّه في المصلّى هلالاً يخبّئُ أسراره في حديث القبور ..
    المدينةُ تغرقُ في الظلّ ، و الظلّ يكشفُ ساقاً ليلعقها الصبيةُ الخائفون
    كل شيءٍ يبدّلُ قامتهُ :
    الغريبُ الذي زارَنا حافياً ، و السحابُ الذي كان في حقلنا خابياً ،
    و الحقيبة
    و الموعدُ المدرسي ، و غلمان حارتنا الطيبون !..
    و أنتِ
    ، التي قطّرتك العنايةُ في كفّ أمي ،
    عروساً تعلّمني كيف أربو على الشمعِ حين انطفاء العيون
    و كيف أمرّ وحيداً أمام الجنود بلا خوذةٍ أو شراب
    تمدّين شعري بطرْق خطاكِ على درجِ الموتِ ،
    تستقسميـن بآثار قلبي
    و بقيا حديثٍ قديم ،
    حديثٍ سرقناه من مطرٍ في الشتاء .
    تدورُ القلوبُ على ورقِ الرملِ ، تسقطُ مجهدةً مثلنا ،
    مثل أيلول حين يدقّ على جرسِ المدْرَساتِ
    مثله حين يحط علينا ليرقُم َ فستانَ عينيكِ :
    عشرون مرّت ..

    أحقّاً ، تتمين عشرينَ دهراً بأيلول هذا ،
    و أنتِ التي لم تزل تمسك الأرض أن تستفيق بنا جائعينَ ،
    و تخشى على دارِنا أن يمر بها الأتقياء الغلاظ ..
    عشرون مرّت
    و أنتِ هنالك واقفةً عند باب الوضوءِ
    تقولين :
    يا أيها الخائفون ، اسكنوا في فؤادي إذا صادر الليلُ فاهُ ،
    فلن تمسكوا ملَكاً في المصلّى ،
    و لن تجدوا آيةً في خبايا الذقون ..
    كلّ شيءٍ تغيّر ، و الحزنُ يرقدُ ما بين حرفيكِ
    كل الأماكنِ مأهولةٌ بي و إيّاك ِ ،
    أنتِ التي قطّرتك السماءُ على خدرِ أمّي
    بفستانك المدرسيّ القديمِ ،
    و .. سنبلةٍ من بنات الضباب .
    عشرون مرّت ..


    مسار ” 1 “..

    إلهي - الذي يبغضُ السوءَ - قُل لي :
    حينَ أجثو على الرملِ ، أدعوكَ حيناً من الفقرِ
    كيفَ تردّ أكفّي التي غضّنتها الحصى في بلادِكَ ،
    كيف تضل دموعي ببيتِك ،
    و الشمعُ وحدَهُ يدرِكُ أنّي أتيتُك
    مثقلةً أضلعي بالسؤالِ ،
    وليس سوى أن أراكَ إلهاً حقيقاً بتيهي و ظلّي ..؟
    كيف تقسو على واحدٍ من رعايا يديكَ /
    و قد قيل لي في ” المدينةِ ” :
    لا ..
    لا يملّ الإلهُ من الحزنِ حتى تملّوا !
    أما زلتَ تبصِرُهم - تحت عرشِك - يستنفِرونَ الحصى و الرياحَ
    و يستقدِمون النهارَ دسيساً
    معبّأةً خيلُه بالتمائمِ و الاجتياح ؟
    أما زلتَ تسمعهم كيف فاروا ،
    و زجّوا قوافلَهُم تحت هدبِ السماءِ عيوناً
    تهشّ الملائكة الضائعينَ ،
    و تحثو الترابَ على القادمينَ بقارورةٍ من دماءِ ” الحسين ” !
    و قالوا بأنّ الإله الذي ظلّ يحمي المدينةَ حيناً من الدهرِ
    أغلقَ أبوابَه عندما ضلّ في الرافِدَينِ النهارُ ؟
    … أينَ أمضي و لا سيفَ في الدارِ يحمِلني للبقاءِ ،
    و لا شيءَ يدفعُهم عن جداري
    أيّ دربٍ سيندسّ ما بين رجليّ ،
    أيّ المساكنِ سوف تخبّؤني
    عن عيونِ الصغارِ الذين رأوني ، و لا شيءَ إلا الغياب
    يذكّرُ جاري :
    كيف كنتُ أصدّعُ حيطانه بالحديثِ عن السيفِ و الرملِ /
    عن فتيةٍ أحرقوا وجهةَ الشمسِ
    عن فرقةٍ زَرعتْ موسماً للحصادِ بقلبِ الصحاري ..

    أيهذا العليّ الذي لم يزُرني سوى مرّةٍ
    عندما أغلقت بيتنا شرطةُ الانتصارِ
    خفّف الوطء ، بالقربِ من دارِنا ” جدثٌ ” للنبيّ القتيلِ
    يسفُّ من الموتِ أغنيّة ملّها شفةُ الانتظارِ !

    هل أذِنتَ لهم أن يمدوا خناجرهم للترابِ
    و أن يسملوا مقلةً من بقايا الحديد ؟
    وقيلَ ستبعثُ شيخاً يحدّثنا أن ندير الخدود لأربابنا
    .. أنتَ ، يا أيهذا العليّ ،
    رأيتَ اليسوعَ و كيف تدلّى وضوء سماواتِه في الصليبِ
    و ” ليلى ” التي جدّلتْ حزنَها /
    عند ” ببلاطسَ ” المستدير على كومةٍ من يهود !
    أنتَ .. أبصرتَ ” يحيىَ ” وعاءً تصبّ على صدره الزانياتُ
    قليلاً من ” القيلِ ” و الخمرِ
    شيئاً من ” الإرْبِ ” ..
    للخمرُ ربّ يعلّمهُ كيف يحنو على البائسينَ ،
    و كيف يرفّ على قلبهم كالهواءِ الحليب .. !

    كيف نقشَـعُ هذا الترابَ /
    و أعيننا زرعتْ فجأةً في الفراغِ الكثيب ؟
    هل ستبعثُ “جبريل” يبتاعُ خبزاً لأطفالنا ،
    أم سيحملُ سيفاً ،
    كما كان يفعلُ حين تضجّ المساءاتُ بالوعدِ
    و الأمنياتِ ،
    و إنْ قيلَ لي أنهُ لم ينلَ من دماءِ ” قريشٍ ” سوى صيحةٍ
    ثم صاح من الرعب : يا أيها الناسُ إنّ النبيّ اختفى ..
    أين كانَ غداةَ استحالَ الفضاءُ تراباً يفلّ تروسَ الملائكة الخائفينَ ،
    و من أين سوف يجيئُ و كل الطريقِ ملغّمةٌ بالجنودِ ؟

    يا إلهي الذي مدّ ظلّاً لتسرقهُ ” الشلّةُ ” السافرة
    بيتُك الآن لا سترَ فيه ،
    وحولَ المقام طرازٌ جديدٌ من الأوجهِ الزائرة /
    بضعٌ و عشرونَ ربّاً يطوفون بالبيتِ عريَ القلوبِ ،
    و نحن - الذين انتهوا من صلاة الجنازة -
    نسألُ عن موضعٍ آخرٍ نكتريهِ ،
    لنـزرع في ظهرِه عبرةً حاسره !

    إلهي الذي ما تجلّى لغير قلوبٍ تذوبُ على الرملِ ،
    أو شفةٍ لا تذوب ..
    قرأتُ حديثَك في ” سورة النجمِ ” عن فلكٍ دائرٍ في القلوبْ
    سمعتُ دبيبَ الملاك - شديد القوى - هارباً في خبايا الدروب ..
    و ” ذو مِـرّةٍ ” باع فرش ابنتي ،
    لم يقُل لي : بأنّ السيوف التي زرعت في ضريح ” الزبيرِ ”
    هي الحقّ و الكلمةُ الخالدة !

    يا إلهي الوحيد /
    قال مفتي البلادِ بأنّك قدّرتَ أعناقنا في قرار البلاطِ ،
    و أنّك لن تغفرَ الذنب إلا لمن كان طوع البنانِ ،
    و أنّ النبوّة و العرش صنوانِ ،
    و الحبّ و المقصلةْ
    رغبتانِ تحكّان ظهر ” المليكِ ” ، و غرفته المقفلة ْ !
    قال فقيرٌ - لنا - في المدينةِ :
    أنّ الإله الذي فوقنا ،
    لم يلِد أحداً ..
    قلتُ - و النارُ تلعنُ إسرارنا - :
    لم يلِد أحداً ، غيرَ أنّـا ولدنا الذين استووا فوقنا !
    .. إلهي الوحيدُ
    تباركتَ .. ليس سوى أن أراكَ وحيداً
    كميعادنا !

    كنّا قليلاً من الخوفِ ، نعبرُ باب الكنيسةِ
    كنّا صلاةً ترقّطُها شهواتُ الشيوخِ ،
    و إضبارةً من وصايا الأميرِ ، نلفّ قليلاً من الأحجيات ،
    نقطّعُ عنوان مسكننا
    ثم ننفخُ في “عِرضِ” جارتنا البكر
    حتى تضلّ بأوساخ ألفاظنا ذكرياتُ الشروخ !
    كنّا قليلاً من العاطلين عن ” الله ” ،
    نقرأ في صحف ” الحزبِ” أنّ الحكومة تبحثُ عن هاربينْ
    يزعمون بأنّ البلادَ تموتُ رويداً ،
    و أنّ الضروع السمينة حفّت ذوائبها ،
    و النخيل توارى ، على أضلعِ الجائعينْ ..
    الصحيفةُ تعلمُ أنّا نقول الحقيقةَ ،
    و الحقّ يعلمُ أن الصحيفة بيتٌ من الورقِ المستعارِ
    تمارسُ شيئاً من الجنسِ في قصعة الحبرِ ،
    تغسلُ أوزارَها كل صبحٍ بـتقطيعِ خبزِ المدارسِ
    و المعدمين ..!
    و أنتَ - إلهي الوحيد - تراهم ،
    برغم يمينكِ بالتينِ و البلحِ الموسميّ ،
    تقول : إذا جاءَ يومٌ …!
    و قد جاءَ عامٌ ، و موتٌ ، و فتحٌ
    و .. مات نبيّكَ في ” كربلاءَ ”
    و للمرة الألفِ بيعَ الحسين !


    مسار “2 ”

    ثلاثٌ و عشرون يا صاحبي
    أو تزيدُ قليلا
    سعت بين ثغرِ النهارِ ، و موتِ الرفاقِ
    خليلاً .. خليلا !
    ثلاثٌ و عشرون كالليلِ ـ أطفأ في ضفتيه الفتيلا !
    و غنّت حكايا الصبا في صباهُ :
    ألا هيّمـا .. هيّما !
    و انقضت ذكرياتُ الزغاريدِ فيه
    و فضّت أساطيرُه عن هواهُ الدليلا .!
    ثلاثٌ و عشرون يمضينَ
    موتاً فبعثاً ، فموتاً … كسولا !
    أصبعاً لا تردُّ الدعاءَ بتوحيدِها ،
    أو تمنّي العشيقاتِ بدراً جميلا ..
    أو قتيلاً على جوفه
    إذ تدلّى
    فكان على قاب قوسين منهُ ذراعٌ
    يشدّ قتيلا !
    إلهي ..
    إلامَ تحبّ ” البنيّةُ ” فارسها مرة واحده
    و تلقاهُ في سرّ ” عار القبيلةِ ” في قُبـلةٍ واحده ،
    و …
    ثُمّ يغادرها في أكفّ الأذانِ
    إلى النار ..
    و اللحظةِ البارده !
    إلهي ..
    و لما مضى الراكبان
    و قد حدّثا عن صلاةِ الكفاحِ المسلّحِ باللهِ ،
    و الثأرِ ، و الأقحوانْ
    لم يناما طويلا ..
    لأنهما لم يكونا يداً واحِده
    و تحكمُ سيفيهما بلدتانْ ..!
    إلهي ..
    مزّقتني الحكاياتُ بضعاً و سبعينَ فرقه
    كلّها تدخلُ النار َ
    إلا ” أنا ” …!
    لم أرَ النارَ /
    بيني و أبوابها ثلّة من سواءِ الدخانِ
    و في القلبِ بصعٌ و سكّينَ حرقة !

    يا صديقي الجريحْ /
    ليس بعد الصبايا الحواملِ في ” سجننا ”
    مولدٌ أو نشيدْ ..
    ليس بعد الغزاةِ ، و جبن العبيد
    يا صديقي العزيز ـ الأجير
    هل ترى أن بعثاً سيخرجُ من علبةٍ للثريد ْ ؟
    لتذهبَ وحدَك ، والآخرين
    ألتقيكم ، و من لم يبِع سيفه ، في البيانْ الأخيرْ !
    لا تسل عن بنات الفراتِ ،
    و مازال تحت سنابِك من غيّبوا الحب خلف العيونِ
    اللسانْ !

    فلقتان أيا صاحبي …
    نشامى ،
    يغضّون أحلافهم في كراسي الخلودْ ..
    يمصّون حلمَ اليتامى ، و زيّ الجناةِ /
    و حبر اللجـانْ ..!
    و ثمّـةَ ـ حيثُ التقت بدمانا الرمالْ ،
    و حيثُ تنامى العدا في طقوس الصلاةِ ،
    و حيثُ رمى اللهُ جذوته فاستوت في حوافِ الظلال
    و حيثُ استفاقت خيوطُ الصباحِ ـ
    و عينانِ تستصرخانِ النزال َ /
    ” إنهم فتيةٌ آمنوا ” بالسيوفِ ، فزادتهُمُ النازلاتُ النصال ..!
    و جاءت قوافلُ ” جالوتَ” في أرضِنا
    تهلكُ الحرثَ ، و النسلَ ، و الماء ، و النخلَ ،
    و الحُـبَّ ، و الزرعَ ، و الموتَ ، و ” البعثَ” ،
    ترسمُ ظلّ الصليبِ على ” النار ذاتِ الوقود ” ..
    و نحنُ على عارِنا ، و البواكي ..
    قعود !
    كأنّ النبيّ ـ الذي أودعتهُ التقاريرُ في السجنِ ـ
    ما قال أنّ الإله ابتلاكُم بـ بئرٍ
    و نوقٍ سمانْ !
    ثم قام يصلّي ..
    كان جسمُ النبيّ نحيلاً كجسمي
    يداهُ يدايَ
    و لهجتهُ العربيّةُ لا تعرفُ ” الكسرَ” رغم الحصار الطويل /
    العدوّ على قابِ قوسٍ و أدنى
    و هذا الجليلُ - على مسمعٍ من رصاصاتِهم -
    في العراء يصلّي
    يحاذي الرياحَ
    كأنّ المساء الذي شفّه في حدودِ العراقِ
    هوىً عبّأتُه الأقاصيصُ فوق خدود النخيلْ ..


    مسار ” 3 “


    … ألآن صرتُ وحيدا .
    النبي الذي فرّ من مصرَ بعدي ، غداةَ رمتهُ الحكومةُ بالكفرِ ، حين أراد –كما جاءَ وفق بيان العساكرِ -أن يدخل الصبيةَ الجائعين إلى البرلمانْ
    قال لي :
    عندما يقفزُ الحوتُ في النهر ، و النهرُ في البحرِ ، و البحرُ يندسُّ ما بين ضلعينِ
    يشري لجوعِ السفينةِ خبزاً ..
    و موتاً بليدا
    عند أول خيط المساء المباغتِ للخبزِ
    القِ عصاكَ ،
    و لا تكتبِ الشعرَ قرب الحدودِ
    و .. ظلِّ العراقِ الملوّنِ بالنفطِ و الحاكمين
    ربما يسمعون دبيبَ ملاك القصيدةِ ما بين عينيكَ
    أو ربما يصرخُ الشعرُ عند العبورِ : عراقاً جديدا .

    النبيّ الذي جاءَ - و الطورُ يمنعه أن يشارِكَ في الحربِ -قال
    - ونحنُ نهمّ بأن نزرعَ الأرضَ بالقلبِ -
    لي :
    عندما يهبطُ الذنبُ و اللحظةُ المستثارةُ
    القِ يديكَ على النارِ ،
    لا تبتعدْ خلفَ بيتِ الدّخان .
    المكيدةُ في الحربِ أن :
    تسبقَ النارَ للنارِ
    أن :
    تحمل الصورة المستغيثةَ من غرقِ التمرِ وسْط دماءِ الفرات ، و ذكرى أراملنا بين شطّين من سعفةٍ و هلال .
    المكيدةُ
    - حين التقاء الصدورِ -
    عيونٌ تدورُ على مغزلِ الرملِ كالنفثِ في السحر ،
    و الخوف من صرّةِ الليل ، أو من أصابعنا في الظلال .

    ذكرى الجنودِ ( الذين استباحوا المآذن و القمحَ و المعبدَ الفارسي المؤثّثَ بالشعر ) تغفو على مدخل العينِ ساقاً غريبة
    كل المدى ( منذ أولِ حلمٍ تثاءبَ في خطْرةِ الظلّ طفلاً )
    صدى ” غاسقٍ ” حطّ فوق الظلالِ القريبة .
    لا تقُل أنّ شيئاً من الشعرِ يكفي ،
    هذه الأرضُ شاختْ ، و لمّا يعُد من صباها سوى وقع أقدام خيل ” المثنّى ” تلمّ من الرافدينِ قلوبَه .

    اتبعْ زنادكَ ساقيكَ -
    حتى إذا ما صعدت شهيداً إلى النخلِ
    حتى إذا ما رمّوك إلى الجبّ قرصاً صغيراً على هيئةِ الوطنِ المستحيلْ .
    ثَـمّ شبرٌ من النهرِ يغرقُ في أحجياتِ الطفولةِ
    شيئاً فجوعاً ؛ فشيئاً بقارورةٍ كالكلام الكثير .

    النبي الذي أودعتهُ التقاريرُ في السجنِ
    - سبعاً عجافاً ، و سبعاً خرافاً ، و سبعاً شهوداً على الضوءِ كيف يعمّقُ في الروح عشقَ الفرارِ إلى النهرِ ، كيفَ يعلّمُ أطفالَه الأغنياتِ الكبار.
    النبيّ .. قُبيل ارتحالِ الجنودِ إلى كربلاء .. التقاني على مفرقٍ بين شأنِ ” سميّةَ ” حين أقامت لها وطناً أحمرَ الليلِ ، و ابن ” البتولِ ” التي قدّها الله من كبدٍ منهكٍ للنبي الحبيب ..

    النبي الحبيب / النبي الأسير / النبي الغريب الغريب .
    قال لي : زوجتي تركت بنتنا عند جاراتنا ( عوّدتنا القرابةُ أنْ نفتح الدارَ للجائعينِ ، و وشوشة الطيبين بنا ) في المساءْ.
    حين كنتُ ألملمُ ساقيّ من درجِ الريحِ
    جاءتني رائحةُ الليلِ ، أعرِفها جيّداً .
    … النبيّ الجريحُ (- الذي خانه الوحيّ -)ما قال أنّ بنات القبيلة بعنَ البكارة بالسيفِ ، و الخفْرَ بالزيتِ ، و الموتَ بالانحناء.
    رماني بعينينِ مملوءتينِ تراباً ، و روحٍ معلّقةٍ في صرير النخيل.
    .. قال لي :
    عندما تصبحون غداً ، و العدوّ على قابِ قوسينِ من سيفِكم ،
    اذكروا جارنا . و الصديقَ الذي خاننا . و النشيد الذي خنقته السواحلُ في أملِ الهاربينْ :
    ” يا مفارقْ هلَـكْ ”
    ليس مثل العراقِ ترابٌ لتغزلَ في عينهِ ركعتينْ
    ” أحلى الموائدْ ترى ”
    ليس أحسنَ من خبزهِ ، حينما يُشترى بالغيابِ عن النخلِ و الرافدين ؟!

    منذ خبزٍ تخلّق في جوعنا ، جائعاً مثلنا
    و البلادُ الغريبةُ تبحثُ عن وطنٍ لرفات الحسين !
    و نحنُ ( الذين نلاقي على قبره حتفنا ) في انتظارِ النبي الذي ماتَ خوفاً من الحاكمين ،
    و .. بعضٌ من الواقفين هنا ، منذ دهرٍ له قلقُ الضوءِ ، ما حدّثونا بأنّ طوايا العراقِ تخبّئُ سردابه
    للمجيئ الكبير ،
    لكي يدفن َالرفقة الهالكين ! ..
    إلهي ……….

    ….

    الأول من أيلول .. 2004

    (عدل بواسطة بله محمد الفاضل on 01-20-2008, 08:15 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
احتفائية القارئ بله محمد الفاضل01-13-08, 07:55 PM
  قصة من أم درمان-صلاح أحمد إبراهيم بله محمد الفاضل01-13-08, 08:11 PM
    Re: قصة من أم درمان-صلاح أحمد إبراهيم مهتدي الخليفة محمد نور01-13-08, 08:23 PM
      Re: قصة من أم درمان-صلاح أحمد إبراهيم بله محمد الفاضل01-13-08, 08:30 PM
  منزل مزدحم بالغائبين-تمام التلاوي بله محمد الفاضل01-13-08, 08:53 PM
  Re: احتفائية القارئ السمندل01-14-08, 05:18 PM
    Re: احتفائية القارئ بله محمد الفاضل01-20-08, 09:17 PM
  مسارات - مروان الغفوري بله محمد الفاضل01-20-08, 08:11 PM
  الصوت صوتك حين دق - عزت الطيري بله محمد الفاضل01-20-08, 09:00 PM
  مقدمة الشعر - بيلي كولينز بله محمد الفاضل01-20-08, 09:08 PM
    Re: مقدمة الشعر - بيلي كولينز salma subhi01-20-08, 09:33 PM
      العابرون بالاحتفائية بله محمد الفاضل01-30-08, 07:57 PM
  Re: احتفائية القارئ منى على الحسن01-20-08, 09:42 PM
  الشاهق من بذرة بله محمد الفاضل02-03-08, 01:25 PM
  آخر الحربِ منتصفُ الحب. بله محمد الفاضل02-03-08, 01:29 PM
  تكوينٌ .. بله محمد الفاضل02-03-08, 01:32 PM
  أضغاث أحلام بله محمد الفاضل02-04-08, 07:47 PM
  نعيٌ مبّكر .. لموتٍ مؤجّلْ بله محمد الفاضل02-05-08, 08:53 PM
    وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً بله محمد الفاضل02-05-08, 08:57 PM
  هاجس المشّاء بله محمد الفاضل02-05-08, 09:04 PM
  الوردة الرصاصية بله محمد الفاضل02-06-08, 07:30 PM
    لا تصالح بله محمد الفاضل02-06-08, 07:36 PM
      إن جُثَّتِ الحركات بله محمد الفاضل02-06-08, 07:57 PM
        زيارة الموتى بله محمد الفاضل02-06-08, 08:03 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de