|
إن جُثَّتِ الحركات (Re: بله محمد الفاضل)
|
إن جُثَّتِ الحركات شعر : أحمد ضيف الله العواضي
( 1 ) إن جُثَّتِ الحركاتُ لا مُستفعلن يجدي ، و لا بلدٌ يحبّكَ يا فتى . هذا رخامُ الشِّعرِ أوله معلّقةٌ و آخرهُ أقل من الهباء . خسرتَ سيفكَ مرّتين . إلى الأمامِ ترى الفواكه و النساء دُمى من المطّاطِ ، هل تمضي القصيدةُ كلّما اكتملتْ إلى أقصى من امرأةِ الخيال . و هل سنمضي بعد تاريخٍ من الإسراء و المعراجِ و الفتحِ المبين إلى مدى أقصى من الشرطي في أفق القبيلة . جثَّتِ الحركاتُ . لا بلد يحبكَ يا فتى إلا الصحارى القاحلات و مطعم الغرباء . لا بلد يحبك يا فتى إلا رخام الشّعر أوله معلّقةٌ و آخره فضاء . أنتَ حرٌّ خذ من الحزن المفاجئ ريشَ أجنحة الغناء . و طر ، و غنّ أيما جهة ستألفُ وحشة الأسفارِ . لا بلد يحبّك يا فتى إلا المهرّج و النساء ، و آهة المطاط . لا شيءٌ يدل على طريقك غير ظلٍّ للمعلقة العجوز و ما تبقى في المضارب من تجاعيد البكاء . ( 2 ) متفاعلن . متفاعلن . في غيمة الأسفار خمس فوائدٍ . لا حلم إلا ما يخط على زجاج الرُّوحِ منعى للتأمّلِ في مرايا الكائنات . و لا زمان سوى المكان . فكفَّ عن دورانك العبثي كي يترتّب الحلم البطيء موشّحا . لا الروح ملَّ ، و لا الخفي من العوالمِ دلَّ أسفاري على بلدٍ أحب ، يدور في فلك القصيدة خطوتين إلى الأمام . فوائد الأسفار خمسٌ في مرايا الكائنات : دبيبُ نملٍّ فاعلن متفاعلن ، و جناح نحلِّ فاعلن متفاعلن ، و شذىً لأزهار ، و سنبلة تجود ، و غيمة الأحلامِ تهطِلُ كلّما فتَّشتَ عن بلد يحبكَ يا فتى ... متفاعلن متفاعلن ... سترى المدى قفراً و فوضى الوقت أيتها القبائلُ و الدخان . ( 3 ) وقفَ الفتى في أولِ الأسفارِ مندهشاً يتمتمُ : ما أظنُّ أديم هذا الأقُّ إلا من رفات قبائل غابت لكي تتمسرحُ الطرقاتُ ثم تعود . ما جدوى الشجون ، و ما أظنّ أديم هذي الأرضُ إلا من حطامِ قبائلِ النخلِ العجوز . إلى الأمام لنودِّع الفوضى لجيلٍ بعدنا ، و نُقيلُ من أسمائنا الفوضى ، و نبكي كلما طارت إلى ما بعد أسوارِ الطفولةِ كلّ أسرابِ الحمام . ( 4 ) وقفَ الفتى في آخر الأسفارِ مضطرباً ينادي : أيها البلدُ الجميلُ أنا المسافر كلما ( حجَّيتُ ) بالأشواقِ زُلفى .. لا أراكْ ! و أنتَ في روحي شِراعُ الغيبِ . ترتيبُ المشاعرِ لا يهم . أنا أحبُّكَ . كلما هيأتُ أغنيتي تفرُّ إليك . كيف تراكَ في أسفارها و أنا المسافرُ لا أراكْ . و ليس لي إلا سراج الشّعرِ – حين تغيبُ في الظلماتِ – فاتحة التنبؤ . أيها البلدُ المفصَّصُ بالنجومِ و بالشجونِ و آية الرمانِ . مالي لا أراكْ ؟ و كلما حاولتُ فاجأني فضاء الوقتِ . هل سأموتُ كي تحيا فيحييني هواكْ ؟ .. أنا هوىً متجدّدٌ في بعض صوتكِ أو صداكْ . تعبتُ من شجني عليك ، و كلما وجهتُ ذاكرتي إلى جهةٍ تعود .. كأنما الدنيا بلاد الله ليس بها سواكْ . ( 5 ) علّق هواكَ على هواكَ لتشعلَ الذّكرى . و غامر أيما جهة ستألفُ وحشةَ الأسفارِ لا الفوضى تعينُ و لا نظام الرَّي يمنحني الطعام . إلى الأمام .. ترى المهرّجَ كلما اشتدّ الظلامُ يغيب بين مواسم التنجيمِ . هل سنلملم الفوضى إلى الفوضى لجيلٍ بعدنا ؟ ليرى معلقةً من الفوضى على صدر المهرجِ كالوسام . ( 6 ) القلبُ أشعلَ غابة الذّكرى ليعرفَ ما يريد . و ياقة الجندي لا تقوى على حمل النبوءة . لا زمان لكي نقاوم ما استجد . و لا مكان لنزرع الأحلام و القمحَ الفقير إلى القبائل . أيها الوقت العجوز أتى المهرجُ يملأ الدنيا من الفوضى سنابل . لا جديد سوى الكلام يغيبُ في الضحك القتيل . أتى المهرجُ كلّما غنّى تكاثرَ . في مدى الفوضى تكاثرتِ القبائل و الجوارحُ و المهرّجُ . ما استجد يموتُ كي تتكاثر الفوضى و تتّسعُ القبائلُ . لا فتى إلا المهرّج . غاب في الضحك القتيل لكي نمرَّ إلى الأمام . ( 7 ) خرجَ الفتى في آخر الأسفارِ مُتَّشِحِاً خرافته و قال : سيعلمُ الأعرابُ أن القلبَ أصدقُ من جهات الأرضِ . لا جغرافيا الدنيا تعين و لا خطوطُ العرضِ تمنحني التأمّلَ و الأمان . أنا مزاجُ الغيم . ترتيب المواسم لا يهم . سأجمع الفوضى إلى الفوضى و أكتب إن للفوضى ( يدٌ سلَفَتْ و دَيْنٌ لا ينام ) . ( 8 ) إن جُثَّثِ الحركاتُ لا مستفعلن يجدي و لا متفاعلات . حروفُ جرٍّ تربك المعنى و تبدي آهة الشُّعراءِ . تلك سيوفنا صدِئتْ من التجويدِ . لا الإدغامُ أوصلنا إلى برِّ الأمانِ . و لا الوقوفُ مبرَّرٌ إلا لوصل سلالة الأحلامِ بالأوهامِ . و الصحراء حلم واحدٌ متكرِّرُ النظراتِ . لا التكعيب أوصلنا إلى ما بعد خيمتنا . و لا النّثر المشتتُ تحتَ أقدامِ المعلَّقة العجوز يشدّ أزر القادمين . بأي نصرٍ سوف ندخلُ دار عبلة بالجواء . و أي وحي يقنع العبسي عنترة الفتى الفضّي . في آهاتِنا تتقاطعُ الكلماتُ . لكن القصائد أكثرُ الطرقاتِ إيلاماً إلى أطلالنا . فقِفا لنبكي أكبر الأطلالِ في تاريخِ أمَّتنا العدالةَ و النِّظام ! .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
احتفائية القارئ | بله محمد الفاضل | 01-13-08, 07:55 PM |
قصة من أم درمان-صلاح أحمد إبراهيم | بله محمد الفاضل | 01-13-08, 08:11 PM |
Re: قصة من أم درمان-صلاح أحمد إبراهيم | مهتدي الخليفة محمد نور | 01-13-08, 08:23 PM |
Re: قصة من أم درمان-صلاح أحمد إبراهيم | بله محمد الفاضل | 01-13-08, 08:30 PM |
منزل مزدحم بالغائبين-تمام التلاوي | بله محمد الفاضل | 01-13-08, 08:53 PM |
Re: احتفائية القارئ | السمندل | 01-14-08, 05:18 PM |
Re: احتفائية القارئ | بله محمد الفاضل | 01-20-08, 09:17 PM |
مسارات - مروان الغفوري | بله محمد الفاضل | 01-20-08, 08:11 PM |
الصوت صوتك حين دق - عزت الطيري | بله محمد الفاضل | 01-20-08, 09:00 PM |
مقدمة الشعر - بيلي كولينز | بله محمد الفاضل | 01-20-08, 09:08 PM |
Re: مقدمة الشعر - بيلي كولينز | salma subhi | 01-20-08, 09:33 PM |
العابرون بالاحتفائية | بله محمد الفاضل | 01-30-08, 07:57 PM |
Re: احتفائية القارئ | منى على الحسن | 01-20-08, 09:42 PM |
الشاهق من بذرة | بله محمد الفاضل | 02-03-08, 01:25 PM |
آخر الحربِ منتصفُ الحب. | بله محمد الفاضل | 02-03-08, 01:29 PM |
تكوينٌ .. | بله محمد الفاضل | 02-03-08, 01:32 PM |
أضغاث أحلام | بله محمد الفاضل | 02-04-08, 07:47 PM |
نعيٌ مبّكر .. لموتٍ مؤجّلْ | بله محمد الفاضل | 02-05-08, 08:53 PM |
وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً | بله محمد الفاضل | 02-05-08, 08:57 PM |
هاجس المشّاء | بله محمد الفاضل | 02-05-08, 09:04 PM |
الوردة الرصاصية | بله محمد الفاضل | 02-06-08, 07:30 PM |
لا تصالح | بله محمد الفاضل | 02-06-08, 07:36 PM |
إن جُثَّتِ الحركات | بله محمد الفاضل | 02-06-08, 07:57 PM |
زيارة الموتى | بله محمد الفاضل | 02-06-08, 08:03 PM |
|
|
|