|
البخلاء، الطيب برير أنموذجاً...
|
أُناسٌ بالثقل المهول، بالثقافة المشحوذة، بالروحِ العاليةِ، بالدماثةِ، بالأفقِ البعيدِ، بالطيبِ اللا متناهي، بـ...
أُناسٌ مُجتمعةٌ في نفرٍ أسمه: الطيب برير يوسف... يحتلك بهمسةٍ، ويتربع في مسامِ روحِكَ بكلمةٍ، ويذهلك عزوفُهُ التام عن ما يلهث نحوه من قُيض له المقدرة –ولو بصيصاً- على الإمساكِ بتلابيبِ عِبارةٍ... يذهلك بأناقةِ قصائده، وعمقها، واكتمالها، ونضج عباراتها، وأبعادها، ولذعة روحها الساخِرةِ في لطفٍ والقابِضةِ على أحاسيسِكَ بجمرٍ في آنٍ، وسحرها، وملامستها، والحرقة التي تنقلك إلى قيدها، والانفلاتات اللا مسبوقة وفيضها ووووو
ويذهلك أكثر بلا رغبته في ترك العنان لها/لنا لنسافر بها/عبرها إلى مُدنٍ وارِفةِ الظِلال.
يذهلني أن لا أجد اسمه ضمن من ينثرون إبداعهم هنا...
ولا أخفي بأني قد أسعدني الزمان حين يبتسم على حين غرة ويدخلك في غيبوبة لا تبغي الصحو منها، أن عرفته عن كثب، أن تلاقينا وامتطينا صهوات الحروف في العمق منها (حين يُبدي) وفي السطح منها (حين انبري)، وأسعدني الزمان أيضاً بقراءة حروفِهِ حتى في تخلقاتِها الأولى/مخاضها، حاضِراً يؤانسنا بمنزله/منزلنا الذي اكتملت البهجةُ بأركانِهِ بمقدمِهِ، حيث قال: في القلبِ شوكتُها وخزاً يُريكَ الحُزنَ بين النبضِ والنبضِ. أكُنتَ تقيسُّ مشيتَها بذاتِ قياسِ مِبسمِها بُراقاً في سُرى الومضِ.
فأضفتُ تشويهاً إلى ما سلف من جمال:
دعتهُ بجلبةِ العِطرِ إلى مدٍّ يجزرُّ في حناياها سنى الرفضِ. وأوتْ بين نشوتِها سِهامٌ من غِشاواتٍ فأغواها شذى الروضِ.
أو عبر الهاتِفِ (25/11/2007م) حين ناولته بصوتي نصاً لي بعنوان (أصواتٌ نافِرةٌ)، فغاب لدقائق وعاد فقال: سرِّبِ الصَّمْتَ إليْ أَتُرَانِي بَاخِعٌ نَفْسِي انْتَظَاراً كَيْ أُدَاهنَ ما تَبقَّى مِنْ وُعُودٍ ثَوْبُهَا مِظْرافُ فَيْ لَسْتَ مِنْ نَسْجٍ يُقَارِبُ.. أوْ يُمَاسِسُ فِكْرَتِي إن جَهِلْتَ البَرْقَ.. مِصْباحَ المّطَرْ هَا هُنَا المِيَلادُ.. يأْخُذُ مَقْعَدًا في عَتْمةِ الصَّمْتِ الوّلُودِ يُصَابِحُ الإشْرَاقَ.. والإظْلا.. بالتَّعْلِيلِ.. (كيْ)! أيْقَظَتْني وَرْدَةٌ فِي الرُّوْحِ.. قَالَتْ: كَيْفَمَا كُنْتَ تَرَانِي.. انْتَظِرْنِي قِسْمَةً مَبْذُولَةً مِنْ آلِ طَيْ
أو حين هاتفني ليقرأ عليّ وليد ذات اللحظة (17/12/2006م) فقال: هو البارود (يا مسكين) نشق مزاج أغنية السلامْ. كُلُّ الدفوف تقولبت لغة (سيرطن أخر الفصحاء فيها) ضارباً تحت الحزامْ إني دعوتك مكرهاً كن حاضراً أو شاهِداً (زهو ابتسام اللغمِ) في وجهِ الزحامْ. خذ ما يخصك وارتحل قلب المحب كما ترى دلتا لنهر الموت من وهج الضرامْ. ... وهكذا دواليك...
وكم تحاملتُ عليه وقلتُ ما لا يقال في حضرةِ كائنٍ شفافٍ مثله، كي أحركه في مجالاتٍ سمعتُ ما يرى فيها وكان أكثر عقلانية، وأكثر بعداً، وأكثر جُنوناً في مذهبِ الجمالِ (وذا حين يدع مِداده المشدود إلى عقلٍ فطِنٍ ودواخِلٍ هشّةٍ يزرع بالبياضِ قولاً في المكان والزمان)، لكنه يأبى إلا إن تبقى الاتجاهات مكتملة الأركان قيدّ المشافهةِ، وقيدّ المشاريع المؤجلة، وقيدّ البكاء المر المنثور في حضرتِهِ كي يدع اليراع يذهب في اتجاهاته المشتهاة، ويأبى... ....
والحديث يطول ويطول ولا ينتهي في حضرةِ البرير ولكن... لا أقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل فيما تقترفه بحقنا من إثمٍ مبين... ولا أقول سوى تحياتي ومحبتي الأبدية لك أيها المُنحدر من شرنقةِ الدّمِ إلى خببِ الصوتْ. وأختم بذات ما أهديته إليك مرةً حين غيابٍ وإيابٍ إلى أحضانِ الغربةِ التالِفةِ التي تجمعنا (عودةُ الابتسام): الأصابِعُ مُرتعِشةٌ تشقُّ الهواءَ العليلَ بلا صوتٍ الرّوحُ خامِدةٌ.. في فورانِها القلبُ نبضهُ عويلٌ والمساءُ مُشرعْ. لا صباحَ يدلفُ فيمتدُّ لحلقي الحيادُ أو لفوراني الهُتافُ أو لقلبي الهديلُ فالجوعُ يرتعْ.. ولّما فتحتَ بصوتِكَ -نهاراً- كُلَّ خُروقِ الفَقْدِ نظرتَ للقَناديلِ فإذا بي أنطُّ أوسعْ.
وأزيد ما بدأته وقرأتُ عليك بعضه، واكتمل بضعفِهِ فأقبله من أخيك، وذا حين كنا نتسامر عن والدك عليه رحمة الله ورضاه (سطوةُ الأثر): "إلى ذاتِ صاحِبي الآيل من شرنقةِ الدّمِ." 1) شمختَ كما الطودِ، تطوي في جنبيكَ الريحَ، ولا يهتزَّ جِناحاك، تطيرُ كما الطيرِ... تحطَّ بكفِّ التشذيبِ. رعاكَ الورعُ، فعافتكَ الزَّلاتُ، وشقَّ رحيقُ الأمسِ لسانَكَ، فانبثقَ سماءُ الطيبِ. يطببُ صوتُكَ أعماقَ الروحِ، ويجتذِّبُ كوِردٍ في صدرِ الدرويشِ: خطراتَ الغيبِ. 2) أسستَ اللحنُ/ عميقاً... يسفِّرُ عن حُسنٍ، يبتلُّ لمرآهُ الريقُ، ويُفشي في شممٍ: هبّاتَ المغضوبِ.
العقلُ الواثِقُ من خطٍّ، اختطَّ لخطوِكَ أُفقاً... يبلغُ أطرافَهُ جهبذُ قومٍ، غرفوا من سِحرِ بيانٍ مطلوبِ. 3) لا أفقهُ يا صاحِ، بأيِّ حُروفِ الضادِ، أضحى يُمكنُني نسجَ مدارٍ، يوفي الكيلَّ... يعضدُّ بعضاً مما أعلمهُ، ويُطيبُ قلبَ المجذوبِ.
ويطول يطول الكلام . . . فهل من مُحرِضٍ لهذا المختلف يعين ضعفي فيبرنا هذا البخيل... 30/8/2007م
|
|
|
|
|
|
|
|
|