|
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ (Re: Sabri Elshareef)
|
إن نظرية الماوردي السياسية هي أبعد ما يكون عن الطوباوية لأنها تقترح حلولا عملية لبعض المسائل السياسية التي تهم السلطة القائمة وهو هنا لا يتحرك من فراغ بل يمثل سلالة من الفقهاء وضعوا أنفسهم في خدمة السلاطين والملوك وحافظ بالتالي على نفس التماثل بين الفقه والسياسة. رغم أن الماوردي كان عمله متجها نحو إدخال بعض المؤسسات التي عاصرها مثل الوزارة والإمارة إلى دائرة التنظيم الإداري الإسلامي إلا أنه كان يقصد من وراء ذلك المزيد من إلحاق مجال الحياة العامة بالتشريع الفقهي وبالتالي إلحاق المجتمع بالدولة والأقاليم بالسلطة المركزية وشؤون السياسة بشؤون الدين وأمور الحكم بمؤسسة الخلافة. يمثل الماوردي تقليد فقهي موالي للسلطة يحتكم إلى مبدأ معروف هو: حق السلطان على سائر الآخرين ويتناسى حقوق الآخرين على السلطان فهو القائل: "ليس للسواد مختص بالأئمة في الصلوات التي تقام فيها دعوة السلطان" ويقصد أنه يجب أن تكون سيطرة السلطان على رعيته مطلقة لأن السلطان هو الراعي والمجتمع هو الرعية والسواد هم الرعاع والراعي ينبغي أن يقود رعيته والرعية مطالبة بالطاعة والانقياد لأن مصيرها في يد راعيها. إن الماوردي بعيد عن الموقف الفقهي الذي يحتكم إلى مبدأ الاستصلاح والذي يشرع للأمة المطالبة بحقوقها من الحاكم وعزله إذا ظلم والتي تربط صلاح الحاكم بتطبيقه للشريعة. إن نظرية الماوردي في الدولة لا تمثل النظرية الإسلامية التي سماه ابن تيمية فيما بعد السياسة الشرعية بل تعبر عن إيديولوجيا الأمر الواقع وأنه قدم صياغة جديدة لحل مشاكل عصره رغم كونها بقيت صياغة سلطوية ويجوز أن نطلق على فكره السياسي بالايدولوجيا السلطانية كما فعل محمد عابد الجابري فهو كان قد قسم المساجد إلى سلطانية تدعو للنظام الحاكم وعامية تدعو الله باللطف بالعباد. وقد صدق عبد الله العروي عندما وصف شخصية الماوردي على أنه المفكر الذي يتعايش فيه في نفس الوقت الطوباوي الذي يحلم والواقعي الذي ينصح والفيلسوف الذي يخطط لسلطان دون مدينة وعندما أكد أن: " الطوبى السياسية في الإسلام –تلك التي يسميها الفقيه خلافة والفيلسوف مدينة فاضلة- هي ظل السلطنة القائمة. وذلك بمعنيين مختلفين. هي أولا نتيجة عكسية، صورة مقلوبة للوضع القائم في القلوب والأذهان المتضايقة منه. وهي ثانيا وسيلة لتقويته وتكريسه فتنقلب بالضرورة الطوبى إلى أدلوجة. يعيش المرء تحت سلطان ويتخيل نظاما لا يحتاج إلى سلطان"[5] إن هذه الايدولوجيا تكرس الأمر الواقع ولا ترفضه ولم تكن البتة طوباوية لأنها لو كانت طوباوية لتحولت من شدة مثاليتها إلى حركة فكر رافض للواقع ومتمرد عليه أما هي فإنها في حقيقة الأمر تبرره وتتمادى في الدفاع عليه ضد كل انتهاك بل إن هذا الفكر تشكل في ظل العديد من التراجعات والهزائم قامت على حساب مؤسسة الخلافة بعد سيطرة البويهيين والسلاجقة وهو ما دعا الماوردي للنظر إلى الخلافة كمؤسسة روحية وزمنية في نفس الوقت تمثل سلطة غيبية على القلوب في كل مكان من المعمورة وفي الآن نفسه سلطة مادية على بقية الأمصار. أما بعد تراجع أهمية مؤسسة الخلافة كمؤسسة دنيوية راح الماوردي يكثف من التركيز على البعد الشعائري التقديسي ليفصل في نهاية المطاف بين الروحي المتعلق بالخلافة والزمني المتعلق بالإمارة وليجعل من طبقة الفقهاء حراسا أوفياء للماضي الرمزي البائد تاركين مكانهم للحكام والساسة والأمراء والوزراء الدنيويين الذين يحتكمون إلى الحيلة والمكر والقوة والعقل أكثر من احتكامهم إلى النص والمقدس والمشروعية والمرجعية. إن هذه الثنائية لا تكشف عن واقعية سياسية كما يحلو للبعض تسميتها بقدر ما توضح مدى ارتباط الماوردي بالنزعة التبريرية حيث أراد من نظريته التوفيقية تقديم يد العون للإدارة البيروقراطية عن طريق الفقه حتى تتمكن من تحقيق استقرار سياسي مهزوز وبالتالي كان الماوردي بعيدا عن أن يكون راعي مصلحة الأمة وحريصا على وحدة الجماعة كما يظن البعض من المتحمسين للسياسة الشرعية. ألا يمكن أن نختم بما قاله حنا ميخائيل: " ليس الماوردي عالما ماورائيا بل هو متكلم فقيه ولا تكمن أهميته في إبداعه الفلسفي بل في أنه يعكس المهم من المشكلات والاتجاهات في التراث السياسي الإسلامي"؟ [6]
1] الماوردي أدب الدنيا والدين ذكره عزيز العظمة في كتابه الماوردي رياض الريس للكتب والنشر بيروت الطبعة الأولى 2000 ص174
[2] الماوردي الأحكام السلطانية والولايات الدينية شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابلي الحلبي مصر الطبعة الثالثة 1973 ص 5
[3] الماوردي الأحكام السلطانية والولايات الدينية شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابلي الحلبي مصر الطبعة الثالثة 1973 ص3
[4] حنا ميخائيل السياسة والوحي الماوردي وما بعده تقديم ادوارد سعيد دار الطليعة بيروت الطبعة الأولى 1997 المقدمة ص 26
[5] عبد الله العروي مفهوم الدولة المركز الثقافي العربي الطبعة السادسة 1998 ص 114
[6] حنا ميخائيل السياسة والوحي الماوردي وما بعده تقديم ادوارد سعيد دار الطليعة بيروت الطبعة الأولى 1997 ص135
http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2008/1/293630.htm
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 02:40 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 02:42 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 02:43 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 02:44 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 02:44 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 02:45 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 02:45 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 02:48 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 03:04 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 03:19 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 03:28 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 04:32 AM |
عشان ما يزعلو | Waeil Elsayid Awad | 01-08-08, 04:37 AM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 01:07 PM |
Re: ماذا كان يفعل الماوردي في قصور الخلفاء والسلاطين؟ | Sabri Elshareef | 01-08-08, 07:11 PM |
|
|
|