|
Re: محمد سعيد القدال (Re: Mohamed Omer)
|
خواطر تاريخية حول أزمة الديمقراطية
محمد سعيد القدال
2
ومن مؤسسات المجتمع المدني الصحافة. وهي مؤسسة تتمتع بدرجة كبيرة من الحرية في إطار التركيب الاجتماعي. ولكنها حرية نسبية وليست مطلقة. وهذه الحرية النسبية هي التي تمكنها من أن تلعب دورها في المجتمع. ويتمثل دورها أساساً في بلورة الرأي العام تجاه القضايا المهمة. والمقصود بالصحافة ليس الصحافة الحكومية أو الحزبية وإنما الصحافة المستقلة. ولكنها مستقلة عن ماذا؟ مستقلة عن المؤسسات والجهات التي تجعل أداءها محكوماً بأشياء محددة مما يضعف من دورها. ولكنها ليست مستقلة عن النظام الاجتماعي، ولا هي تسعى لتدميره. هدفها أن تخلق توازناً في النظام الاجتماعي، وأداة للنقد، وتنفيساً اجتماعيا يقلل من الانفجارات العفوية المدمرة. لنأخذ مثالاً واحداً ساطعاً هو جريدة الواشنطون بوست (Washington Post) الأمريكية. والجريدة ليست ضدّ النظام الأمريكي ولا هي عدوة له، بل هي من ركائز النظام الرأسمالي الأمريكي. ولكنها لعبت دوراً حاسماً في إسقاط الرئيس الأمريكي نكسون وإرغامه على الاستقالة من منصبة عام 1974، وهي المرة الثانية التي تحدث في تاريخ الولايات المتحدة. ودخلت الجريدة نفسها في مشكلة مع الرئيس جيمي كارتر. فقد حصلت الجريدة على خبر مفاده أن الملك حسين ملك الأردن يأخذ مرتباً ثابتاً من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. فقابل رئيس تحريرها الرئيس الأمريكي مستوضحاً، فأخبر رئيس التحرير بأنه على علم بالأمر وسوف يصدر أمراً بإيقافه، ويرى أن نشر الأمر مضر بمصلحة البلاد. ولكن عندما استشار رئيس التحرير هيئة الصحيفة رأوا أن ينشر الخبر. وعند نشره أرسل كارتر رسالة إلى رئيس التحرير منتقداً النشر لأنه يضر بمصالح أمريكا وأنه عاتب عليه ليس كرئيس جمهورية وإنما كمواطن. لم يرسل قوات الأمن لمصادرة الجريدة وحرقها، ولم يأمر باعتقال رئيس التحرير. وانتهى الأمر عند هذا الحد. ويرى البعض أن التجربتين قوّتا من النظام الديمقراطي ولم تهزاّ ثباته. على أن الشيء المهم هو أن مؤسسة صحفية وقفت ندّاً لرئيس البلاد وأسقطته من منصبه. ثم خالفت نصيحة رئيس آخر. ولم تمارس نفوذها ذاك عن طريق البرلمان أو الجيش أو الخدمة المدنية، وإنما عن طريق وضعها كمؤسسة مستقلة من مؤسسات المجتمع المدني. ودونكم والمؤسسات الصحفية في الأنظمة الديمقراطية الأخرى. إن الصحافة تستطيع أن تمارس دورها بكفاءة، إذا تمتعت بالاستقلال، ما دام ذلك الدور لا يدمر المجتمع. هذا لا يعني أن الصحافة في بلدان الغرب تتمتع بالحرية الكاملة. فهاهم الصحفيون يتظاهرون في فرنسا في نوفمبر 2007 مطالبين بحرية الصحافة وحمايتها من تغول السلطة. ونجد في بلدان العالم الثالث تشويهاً كبيراً للمؤسسة الصحفية. فتصدر في كثير من تلك البلدان صحف حكومية. وهي عبارة عن نشرات رسمية باهتة وفي كثير من الأحيان ممجوجة. وقد بدأ هذا النوع من الصحف الحكومية في السودان في عهد دكتاتورية عبود (1958 ـ 1964)، حيث صدرت جريدة باسم الثورة. ورغم أنها لقيت دعماً من الدولة، وصدرت بحجم كبير بالنسبة للصحف الأخرى، وبسعر زهيد نسبياً، إلا أنها لم تلق رواجاً. ويقال إن أحد باعة الصحف كان يصيح بها قائلاً: "البرش بقرش". ثم صدرت صحيفة أخرى على أيام دكتاتورية نميري باسم "الأحرار"، وكانت أيضاً فاشلة. فقام نميري بتأميم كل الصحف. وأقدمت الجبهة الإسلامية على إيقاف كل الصحف، وأصدرت صحفاً حكومية خاصة بها. وتراجعت أخيراً وسمحت لبعض الصحف المستقلة بالصدور، ولكن بقيت لها أصابعها التي تجوس بها في دنيا الصحافة، ولكن ما زالت الصحف تكبلها بعض القيود. وكلها تجارب تعكس جنوحاً عن الصحافة المستقلة، لأن الأنظمة الدكتاتورية لا تحتمل الرأي الآخر، بالذات إذا كانت أنظمة عسكرية. ومن مؤسسات المجتمع المدني النقابات العمالية والمهنية. والنقابات منظمات ديمقراطية مفتوحة لكل أفراد المهنة أو العمل على اختلاف انتماءاتهم الطبقية، من أجل تحسين أوضاع عضويتها بالأساليب النقابية. وهناك نقابات ليست مطلبية مثل نقابة المحامين، التي تعمل من أجل ترقية المهنة وحماية الديمقراطية. إنها ليست أحزاباً سياسية. فإذا تحرشت بها السلطة أو أخضعتها لسلطانها، فإنها تفقد دورها وتتحول إلى مسخ شائه. وقد دخلت بعض الأنظمة في البلاد الرأسمالية في مجابهات عنيفة مع النقابات، مما أوشك أن يفقد المجتمع توازنه، لولا منعة الدولة الرأسمالية التي استطاعت أن تحافظ على بعض التوازن. وكانت تجربة الاتحاد السوفيتي مع النقابات فاشلة. فقد أصبحت النقابات خاضعة لسلطة الحزب، وفقدت استقلالها، رغم أن لينين أصدر كتابه الشهير "ما العمل؟" ليضع حداً فاصلاً بين العمل الحزبي والعمل النقابي. ولكن الاتحاد السوفيتي وقع في منزلق الخلط بين النظرية والتطبيق.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-06-08, 07:00 PM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-06-08, 07:12 PM |
Re: محمد سعيد القدال | Muna Khugali | 01-06-08, 07:19 PM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-06-08, 07:48 PM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-06-08, 11:37 PM |
Re: محمد سعيد القدال | Osman Musa | 01-06-08, 11:49 PM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 00:00 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 00:09 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 00:13 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Ahmed Abushouk | 01-07-08, 00:26 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 00:20 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 00:28 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 00:41 AM |
Re: محمد سعيد القدال | عبدالمجيد صالح | 01-07-08, 00:37 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Abomihyar | 01-07-08, 00:44 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 00:55 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 00:59 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 01:03 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 01:12 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 02:02 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 02:05 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 02:19 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 02:22 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Mohamed Omer | 01-07-08, 01:38 AM |
Re: محمد سعيد القدال | اسامة جعفر | 01-07-08, 04:57 AM |
Re: محمد سعيد القدال | إسماعيل وراق | 01-07-08, 05:42 AM |
Re: محمد سعيد القدال | Al-Sadig Yahya Abdall | 01-07-08, 05:55 AM |
Re: محمد سعيد القدال | خالد العبيد | 01-07-08, 10:41 AM |
|
|
|