محمد سعيد القدال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 04:20 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-06-2008, 07:12 PM

Mohamed Omer
<aMohamed Omer
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 2380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد سعيد القدال (Re: Mohamed Omer)



    الدكتور صدقي كبلو



    لعل شعار "ديمقراطية التعليم" كان أهم شعارات الحركة الديمقراطية وسط الطلاب والمعلمين خلال فترة نهوض الحركة الديمقراطية في الستينات قبل انقلاب مايو، بل أنه شغل كثيراً من العاملين بالتعليم العالي حتى أن المرحوم البروفسير النذير دفع الله وكان مديراً لجامعة الخرطوم قد اختار أن يقدم محاضرة عند تقاعده عن ديمقراطية التعليم وهو ذلك العالم الباحث الذي ترك اسمه في سجل العلوم البيطرية في السودان وكان بوسعه لو أراد أن يقدم محاضرة عن بعض قضايا بحوثه التي شغلت العاملين في ذلك المجال ولكنه اختار أن يكون حديثه وهو يودع موقعاً شغله بجدارة وكفاءة واقتدار، عن ديمقراطية التعليم وفي نفس الفترة تقريباً (وأنا أكتب عن الذاكرة) اختار معلم الأجيال المرحوم الأستاذ عباس علي أن يترجم مقالاً طويلاً نشر في "الماركسية اليوم"[1] عن ديمقراطية التعليم وكتب المؤرخ الدكتور محمد سعيد القدال كتابه حول التعليم في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية ولكن الشعار تراجع وانزوى بفعل ما لحق بشعارات الحركة الديمقراطية من تزوير وإفراغ للمحتوى على أيام انقلاب مايو وثورتها التعليمية التي تؤرخ لبداية انهيار التعليم العام والجامعي والعالي في السودان. ولكن ماذا يقصد الناس عندما يتحدثون عن ديمقراطية التعليم؟

    أن مفهوم ديمقراطية التعليم هو جزء من مفهوم مركب وغني للديمقراطية يتجاوز المفهوم السياسي للديمقراطية (وهو مفهوم ضروري وأساسي يتطور بالإضافة إليه لا بالحذف) إلى مفهوم ينشر الديمقراطية في خلايا المجتمع الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وهو يدعو لنشر الديمقراطية في مجال التعليم في ثلاثة محاور أساسية.

    1. مجال تعميم التعليم بجعله إلزامياً ومجانياً في مستوى التعليم العام. وجعل فرصه متاحة على قدم المساواة في التعليم العالي وفقاً للاستعداد الذهني وقدرات الطالب التحصيلية وما يبذله من جهد، لا وفقاً على قدرة الطالب على الدفع، وهذه مسألة تبدو طبيعية وسهلة التحقيق ولكنها في الحقيقة مسألة شائكة سنحاول إلقاء الضوء عليها في فقرات قادمة.

    2. مجال ديمقراطية المناهج والمعارف وتمليك التلاميذ والطلاب القدرة على الإستعياب والبحث والاستقصاء وتكوينه الرأي المستقل وإدراك نسبية الحقيقة، وهي تشمل إعداد المعلم الديمقراطي والذي دون الإخلال بواجبه في إعطاء الطلاب المعارف الأساسية إلى تهيؤهم للتميز والتفكير المستقل والإطلاع الواسع، يعطيهم منهجاً للتعليم في مستقبل حياتهم لا يلقنهم فقط نتائج العلوم بل كيفية الوصول إلى تلك النتائج وغيرها بأعمال فكرهم وبحثهم وتجاربهم المعملية والحياتية، فديمقراطية المناهج تلغي التلقين للحقائق المطلقة وتزرع شك المعرفة والاكتشاف والاختراع مع تدريب في طرق البحث والتفكير والاستقصاء والاستقراء واستعمال أدوات وتقنيات العلم الحديث.

    3. مجال ديمقراطية ادارة التعليم والتي تحول المدرسة والمعهد والكلية والجامعة الى مؤسسات ديمقراطية يشترك كل أعضائها في ادارتها وفي وضع قوانينها ولوائحها. ويكون الطلاب والمعلمون هم أساس إدارتها وللآباء ومنظمات المجتمع المدني دور في إدارتها وتوجيهها والرقابة عليها.

    ديمقراطية التعليم العام
    ويمكننا التعرض لقضايا ديمقرطية التعليم العام وفقا للمحاور الثلاث التي اوضحناها من قبل:

    المجال الأول: ديمقراطية التعليم العام بمعنى تعميمه حتى يصبح متاحا لكل الأطفال والشباب في سن التعليم العام، ولجعله متاحا لا بد من أن يكون موجودا في المكان المناسب، وأن يكون مجانا، وأن تتوفر له أدوات ووسائل التعليم , أن يتوفر العدد المناسب من المعلمين والمعلمات المدربين تدريبا علميا مناسبا للقيام بمهنة التعليم في المواد والفنون والعلوم والتطبيقات التي يراد تعليمها، فلا يكفي مثلا فتح مدرسة تكون بعيدة من القرية والحي ولا تتوفر وسيلة النقل المناسبة، كما لا يكفي أن تفتح المدرسة وليس بها كتب أو معدات ووسائل تعليم أو ينقصها المعلمون والمعلمات أو يطلب من التلاميذ احضار مقاعدهم وكتبهم وكراساتهم أو دفع مبلغ من المال للمدرسة للحصول عليها ويمكن هنا أن يبدأ البرنامج بتعميم التعليم الأساسي، مدرسة أساس لكل قريةـ او مجموعة قرى مع توفر النقل أو الداخلية، على أنه يمكن أن تكون المدرسة مختلطة تلاميذ وتلميذات للفوائد التربوية ولاختصار التكلفة الاقتصادية. ثم ننتقل لمدرسة ثانوية لكل عدد من المدارس الأساسية، حتى نصل لهدف مدرسة ثانوية قصاد كل مدرسة أساس وحينها نكون وصلنا بالتعليم العام لمرحلة الإلزام.
    ديمقراطية مناهج التعليم العام تنطلق من تحقيق هدفين نظري وتطبيقي، الأول يعد التلميذ لكي يتعلم، يزرع فيه حب المعرفة والبحث والاستفصاء ويسلحه بالأدوات الضرورية للمعرفة والتعلم وبالمنهج العلمي، والثاني يعده للحياة وقضاياها اليومية معيشية واجتماعية وسياسية واقتصادية فيملكه فنون فعل الأشياء وانجاز الأعمال وكيفية المشاركة في الحياة الاجتماعية وسط أهله وبيئته وهنا تكمن ضرورة الربط بين الدروس والمناشط التربوية كالجمعيات المدرسية والفرق الرياضية، وضرورة شمول المناهج الدراسية لبرامج تعليمية تطبيقية في مجالات الصناعة والزراعة والتكنلوجيا.
    ديمقراطية الإدارة: نبدأ بتطوير تجارب مجالس الآباء والأمهات والمعلمين لتنتخب إدارات للمجالس، يمثل فيها الأباء والأمهات والمعلمون والتلاميذ، وتطوير الجمعيات المدرسية والمنازل الرياضية لتصبح إلى جانب دورها المعرفي أدوات ديمقراطية لإدارة المجالس، ومناشط للتدريب الديمقراطي ونشر المعرفة والتقاليد الديمقراطية.
    ديمقراطية التعليم العالي
    و يطرح مفهوم ديمقراطية التعليم العالي على نفس المستويات الثلاث في إرتباط وثيق بديمقراطية التعليم العام.

    القضية الأولى : ديمقراطية القبول للتعليم العالي
    ترتبط قضية ديمقراطية القبول وبالتعليم العالي بقضية أساسية في الديمقراطية الاجتماعية : وهي الفرص المتساوية للجميع باختلاف وضعهم الطبقي والإثني والديني والثقافي والإقليمي وهي باختصار تسمى في الأدب المنشور والشعارات العامة "سياسة الفرص المتساوية" Equal Opportunity Policy بالطبع لا يكفي رفع الشعار أو كتابته في القانون أو إعلانه كسياسة عامة بإتاحة الفرص المتساوية سواء كان ذلك في مجال التعليم أو غيره.

    ولنحصر حديثنا حول التعليم في السودان، موضوع هذا الفصل ونقول أن اتاحة الفرص المتساوية في القبول تعني لكي لا تكون المسألة شكلية اتاحة تعليم متساو وفرص تحصيل متساوية في المدارس الثانوية، فلكي تكون الفرص المتاحة لطالب متقدم للجامعة من نيالا الثانوية وآخر من الخرطوم القديمة متساوية لابد أن تكون المعامل متطابقة والمكتبات المدرسية والكتب المدرسية والمعلمون المؤهلون متاحين في المدرستين كما لابد أن تتاح لطالب نيالا امكانية ووقت للتحصيل كما يتاح لطالب الخرطوم القديمة أو العكس بوجود الكهرباء والجاز الأبيض بعدم المشغولية في الوقوف في صف الرغيف أو السكر أو القيام بعمل عضلي مجهد بعد المدرسة لكسب قوت العائلة. وليست هذه أفكار اشتراكية أو يسارية ففي البلدان الرأسمالية تقدم المدرسة وجبات للغذاء لكل الطلاب من كان غنياً يدفع أو يأت بوجبته معه ومن كان فقيراً يعطى الوجبة ويدفع المجلس المحلي نيابة عنه، دون أن يعرف أحداً من يدفع من جيبه ومن يدفع له المجلس.

    ولقد كانت مدارسنا الثانوية الداخلية تتيح لابناء الفقراء فرصاً متساوية مع غيرهم عندما كانوا يقبلون مجاناً بينما يدفع أبناء الأغنياء المصاريف وهم يأكلون نفس الطعام وينامون في نفس العنابر ويحضرون نفس الحصص ويعملون في نفس المعمل وتوزع عليهم الكتب ذاتها ! ولكن بانهيار المدارس الداخلية واستبدالها بمدارس أكثر في المدن حيث الطلاب خارجين لم تعد الفرص المتاحة متساوية وعاد التعليم ليصبح طبقياً. أصبح التلميذ والطالب يعاني مشكلة المواصلات ويواجه مع عائلته مشاكل المعيشة اليومية وقد يجد أو لا يجد الجو المناسب لإستذكار ومراجعة دروسه خاصة عندما أصبحت الكتب الدراسية نفسها سلعا غير متوفرة إلا للقادرين.

    وكان أبناء الفقراء يتقدمون للقبول للجامعة وهم يعلمون أن شهادات فقرهم لن تقف أمام قبولهم أو مواصلتهم لتعليمهم لأنهم سيسكنون مجاناً ويأكلون مجاناً وليس أمامهم إلا الاجتهاد للنجاح ورفع مستواهم ومستوى أهلهم، ولكن الآن وقد أدخل نظام جديد وأصبحت المصروفات الدراسية عالية وعلى الطلاب أن يعولوا أنفسهم أو أن تدفع لهم مصاريف إعالة لا تكفي لأعاشتهم فأين الفرص المتساوية؟.

    وأصبحت هناك جامعات ومعاهد أهلية وخاصة[2] ولم تعد هناك بعثات لدول اشتراكية وتغير نظام جامعة القاهرة الفرع (جامعة النيلين الآن) منذ أيام نميري لجامعة نهارية حارمة الفقراء من الجمع بين الدراسة والعمل !

    لذا يصبح من المهم أن أردنا فرصاً متساوية في القبول من

    1. اصلاح التعليم العام كله والثانوي على وجه الخصوص واعادة الداخلية والمعمل والكتاب المجاني والمعلم المؤهل.

    2. توفير السكن والإعاشة لطلاب التعليم العالي، وليس بالضرورة الرجوع لنظام جامعة الخرطوم القديم، بل بضمان أن الطالب في التعليم العالي تتوفر له الموارد كي يسكن ويأكل ويترحل لمكان الدراسة.

    ورغم أنه ليس من أغراض هذا الفصل تقييم كل جوانب التوسع في التعليم العالي الذي حدث تحت ظل ديكتاتورية الجبهة الإسلامية إلا أنه من الضروري تناول ذلك على أثر ديمقراطية التعليم بشكل عام وديمقراطية القبول بوجه خاص.

    لاشك أن التوسع في التعليم العالي مع افتراض عدم تغيير المعطيات الأخرى يزيد عدد الفرص للاستيعاب ولكن مع افتراض عدم تغيير إيجابي في التعليم الثانوي بحيث يجعل الفرص متساوية حقاً للمنافسة، فالقضية تبقى في مكانها دون حل، خاصة إذا كان القبول مركزياً والمنافسة على نطاق الوطن وليست هناك أماكن محجوزة للمنافسة بين طلاب الإقليم حيث يوجد مقر المؤسسة التعليمية المعنية. ولكننا عندما نتناول المعطيات جميعها نجد أن التوسع لايسهم في ديمقراطية التعليم لأنه يقدم جامعات ومعاهد لا تتوفر فيها سبل التعليم العالي من أستاذ وكتاب ومعمل وأدوات تعليمية مختلفة، بل أنه يهدد بوجود جامعات درجة أولى وأخرى درجة ثانية، لذا يكون برنامجنا لإصلاح التعليم العالي شاملا الإصلاح الكامل لهذه المؤسسات.

    القضية الثانية ديمقراطية المعرفة والبحث العلمي في التعليم العالي
    ديمقراطية المعرفة تعني تغيير المناهج وطريق التدريس مع تلقين نتائج العلوم لتمليك مناهج البحث من الملاحظة والاستقصاء والاستقراء والتجريب والتجريد إلى التحديد والتعميم من تمليك النتيجة إلى تمليك طريقة اكتشافها، من تلقين المسلمات إلى منهج الشك والنقد والبحث الدؤوب عن الحقيقة لإدراك تعدد طرق المعرفة وتعدد المدارس الفكرية والعلمية من نظام للتعليم يجعل الشخص يتعلم بقية حياته وهو ينتج وهو يعمل ولكن كيف نحل تناقضاً ظاهرياً بين ما ندعو إليه وبين ارتباط التعليم باحتياجات الناس من خدمات وتنمية وإنتاج؟.

    نقول أن ذلك تناقض ظاهري لأننا في الحقيقة عندما نتخذ النهج الذي ندعو اليه فنحن نؤهل الخريج الذي يحتاجه المجتمع والذي يستطيع أن يواجه القضايا القديمة والجديدة ويقدم لها الحلول سواء أكان طبيباً أم اقتصادياً أم زراعياً أم كيمائياً أم مهندساً فيلسوفاً كان أم أدبياً ! ففي كل مجال للمعرفة هناك معارف لا يعاد اكتشافها ولكن في كل مجال معرفة هناك حقائق نسبية وهناك إشكاليات معرفية لم تحل بعد. وهناك إشكاليات لم يكتشف وجودها أو لم تصاغ كإشكاليات معرفية حتى الآن وما ندعو اليه يريد اعداد الخريج لكل هذا.

    ولنأخذ مثالاً من مجال أعرفه فمثلا من الضروري لطالب الدراسات الاقتصادية أن يتعرف على المدارس الاقتصادية المختلفة وهي كثيرة و من الضروري أن يتعرف على مناهج التحليل الاقتصادي التي تستعملها هذه المدارس من الاقتصاد السياسي للاقتصاد القياسي، من مناهج الاقتصاد الكلاسيكي إلى مناهج المدرسة النقودية النيوكلاسيكية، مروراً بماركس والمدرسة النمساوية ومارشال وكينز والكينزيين الجدد وغيرهم وهو في نفس الوقت مطالب بمعرفة الاقتصاد السوداني، الإقليمي والعالمي وما يدور من حوار وصراع حول تحليلهم وفهمهم، وهو هنا يجمع بين مناهج التحليل وبين ما توصلت إليه تلك المناهج وقادر على الاختيار والاختيار هو مفتاح الديمقراطية.

    وديمقراطية المعرفة تعني توفير الكتاب ليس فقط الكتاب المدرسي وإنما ما ينتج في المجال المعرفي من كتب ودوريات علمية وإلا سيصبح الخريج الجامعي متحفاً حاوياً للمعارف القديمة ولمتابعة تطوّر المعرفة لابد من ربط معاهدنا وجامعاتنا بشبكات الإنترنت وإعادة تدريب أساتذتنا لاستعمال التكنولوجيا وطرق البحث والتدريس الحديثة ولعل جامعاتنا هي الوحيدة في العالم التي لا تدرب أساتذتها على طرق التدريس[3].

    ولا شك أن توسع التعليم العالي دون توفير الموارد المالية والبشرية لمقابلته سيكون له أثر سلبي في ديمقراطية المعرفة وفي تفاوت مستويات التعليم بالمؤسسات التعليمية وتدني مستوى التعليم بالمؤسسات الجديدة وسيكون ذلك أحد التحديات الكبيرة التي تواجه عملية الإصلاح بعد إزالة ديكتاتورية الجبهة.

    ولا تكتمل ديمقراطية المعرفة بدون حرية البحث العلمي وحرية نشر نتائجه[4] ولا تعني الحرية هنا أي شيء بدون توفير الإمكانيات للبحث العلمي. كما لا تكتمل ديمقراطية المعرفة بدون الانفتاح الثقافي الناقد لثقافات الشعوب الأخرى وللثقافة الانسانية عموما.

    القضية الثالثة ديمقراطية ادارة التعليم وانتشار الديمقراطية في المؤسسات التعليمية:
    أن بعض جوانب هذه القضية سيحل بشكل تلقائي بمجرد استعادة الديمقراطية في البلاد، إذ أن هناك تراثاً غنياً في ممارسة العمل الديمقراطي في مؤسسات التعليم العالي، ومن هذه الجوانب عودة المؤسسات الديمقراطية للطلاب والأساتذة والعاملين كالاتحادات والنقابات والجمعيات الأكاديمية والثقافية ولجان الأندية والتنظيمات السياسية الطلابية وغيرها، ولدي بعض المؤسسات التعليمية كجامعة الخرطوم مثلاً تراث في الإدارة الديمقراطية من حيث تركيب مجلس الجامعة وتمثيل الأساتذة والطلاب والخريجين ومؤسسات المجتمع المدني وانتخاب المدير والعمداء ورؤساء الأقسام واللجان المشتركة التي يمثل فيها الطلاب والأساتذة والعاملون.. الخ. ويبقى كيفية الاستفادة من مثل هذه التجارب وتطويرها وتطبيقها على مؤسسات التعليم العالي الجديدة، بحيث تعم الديمقراطية كل مؤسسات التعليم العالي وهذا يتطلب اشراك كل أعضاء المؤسسة التعليمية في صياغة قوانينها ولوائحها عن طريق ممثليهم وفتح الحوار حول مشاريع القوانين واللوائح وعقد الاجتماعات العامة والندوات والسمنارات للاستماع لكافة وجهات النظر قبل الصياغة النهائية واقرار تلك القوانين بواسطة أجهزة منتخبة.



    ديمقراطية الثقافة وثقافة الديمقراطية
    ديمقراطية الثقافة
    قضية ديمقراطية الثقافة مرتبطة بإشاعة الديمقراطية في كافة أوجه الحياة في بلادنا، مما يتطلب نشرا واسعا لثقافة الديمقراطية التي ترتكز على إحترام حقوق الانسان والجماعات، خاصة فيما يتعلق بحرية الضمير والاعتقاد وحرية التعبير والنشر، واحترام التعددية الثقافية بما في ذلك تعدد اللغات والديانات والمعتقدات والآراء والأفكار والمذاهب، وحرية التعبير عنهم والدعوة لهم، وهي مرتبطة باحترام حق التنظيم والتجمع وإقامة المهرجانات والاحتفالات وممارسة الطقوس الجماعية والفردية.

    وتحتل قضية التعددية الثقافية مركزا أساسيا في ديمقراطية الثقافة لطبيعة التعدد القومي والعرقي وتعدد اللغات في السودان، فإلى جانب الحق الانساني الأصيل لكل الجماعات في التعبير عن نفسها، فإن تطور ثقافة سودانية لا يتم إلا بتلاقح هذه الثقافت المتعددة مع بعضها البعض ومع الثقافة الانسانية عموما في جو من الحرية والديمقراطية (وهذا لا يعني بالضرورة إندماجها أو ذوبان إحدى مكوناتها في أخرى أو هيمنة ثقافة على بقية الثقافات)، لذا من الضروري أن تعبر المؤسسات الثقافية والإعلامية والتعليمية والبحثية عن كل ثقافات السودان، هذا إلى جانب حق هذه الثقافات في التعبير عن نفسها وفقا لمؤسسات أهلية وتطوعية، تقليدية وحديثة.

    وديمقراطية الثقافة تتطلب نشرها وتعميمها بحيث تكون في متناول الجميع وهذا يتطلب الاهتمام بأدوات نشر الثقافة من دور للنشر وللصحف والمجلات، وإذاعات و إرسال تلفزيوني وشبكات الأنترنت، والمسارح والأندية والمكتبات العامة والمقاهي ودور العرض السينمائي وصالات المعرض للفنون الجميلة والمتاحف القومية والإقليمية والمتخصصة. مما يتطلب أن تكون الدور التعليمية في التعليم العام والعالي من مدارس ومعاهد وجامعات مراكز للإشعاع الثقافي في مناطقها. ويتطلب هذا الإهتمام بالمؤسسات الثقافية على كل المستويات الاتحادية والإقليمية والمحلية، التابعة للدولة والأهلية التطوعية و التجارية الربحية.

    ورغم الدور الهام للدولة في توفير أدوات الثقافة، لكن لا بد من نشر الديمقراطية في إدارة مؤسسات الثقافة والإعلام بحيث تنشأ لها مجالس أو لجان إدارة يمثل فيها العاملون في حقل الثقافة واتحاداتهم ونقاباتهم من كتاب وأدباء ونقاد وفنانين وموسقيين وفنانين تشكيليين ومعلمين والعاملين في المكتبات العامة ومكتبات الجامعات والمعاهد وفي دور النشر والمسارح ...إلخ. ويراعى في تمثيل هذه المؤسسات ممثلو الشعب المنتخبين على كافة المستويات الاتحادية والاقليمية والمحلية، وممثلو الثقافات السودانية المتعددة. إن الإدارة الديمقراطية للمؤسسات الثقافية تضمن عدم خضوع هذه المؤسسات للرأي الواحد أو للبيروقراطية الحكومية أو للرقابة غير الديمقراطية.

    ولا بد أن يخضع إنشاء المؤسسات الثقافية لتخطيط يهدف لتوزيعها بشكل عادل في كل أنحاء البلاد، فمثلا نبدأ بإنشاء مكتبة عامة ومسرح ومتحف في كل إقليم، ثم في كل مدينة بها 50 ألف مواطن، ثم لكل مدينة بها 20 ألف مواطن، حتى نصل الى مستوى مجمع للفرى أو القرى الكبيرة، ويمكن الاستفادة من المدارس أو الأندية أو مكاتب الحكم المحلي وهكذا. فمثلا تكون المدرسة مقرا للمسرح بالمدينة، ومجلس الحكم المحلي مقرا للمكتبة العامة. ويمكن العودة لتقاليد مؤتمر الخريجين بإقامة الهرجان السنوي والانتقال به من مدينة لأخرى كل عام، كما يمكن العودة لنظام الدورات الثقافية المدرسية، وتشجيع الأندية الثقافية والأندية متعددة النشاطات الثقافية والاجتماعية والرياضية.

    ثقافة الديمقراطية
    ولا يمكن تطوير ديمقراطية الثقافة، بل والنظام الديمقراطي كله بدون نشر ثقافة الديمقراطية وسط الأطفال والشباب والنساء، بدء من ديمقراطية الأسرة وإحياء مبادئ التسامح، ونشر ثقافة تقتلع التمييز العنصري والنوعي وتحترم التعدد القومي والثقافي.

    والأساس لنشر ثقافة الديمقراطية هو نشر مبادئ حقوق الانسان بتدريسها في المدارس والمعاهد ومن خلال أجهزة الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وتدريسها في كليات الشرطة والسجون والكليات الحربية، والإحتفاء الرسمي والشعبي باليوم العالمي لحقوق الإنسان وبالثورات والهبات الديمقراطية وتشجيع وتنمية منظمات حقوق الانسان الطوعية، وإعطائها حق الرقابة والتفتيش والإهتمام بنشر تقاريرها السنوية عن وضع حقوق الانسان في البلاد.

    ونشر ديمقراطية الثقافة يتطلب تدريبا صبورا للتلاميذ والطلاب والشباب على الإدارة الديمقراطية عن طريق تشجيع الجمعيات والمنازل الرياضية والمنظمات الطلابية السياسية والثقافية والرياضية.

    ونشر ديمقراطية الثقافة يتطلب أيضا تضمين مفاهيم الديمقراطية في القوانين واللوائح المنظمة والمسجلة لمنظمات المجتمع المدني وجمعياته ونقاباته.

    إن العلاقة بين إذدهار ثقافة الديمقراطية وديمقراطية الثقافة هي علاقة جدلية ومترابطة وإن إنتصار الثورة الديمقراطية في البلاد رهين بكسب المعركة الثقافية. كما أن تطور الثقافة العلمية وهي الشرط الضروري للتنمية المستمرة، لا يمكن أن تنتشر ووتتطور بدون ديمقراطية الثقافة وثقافة الديمقراطية.

    الدور التنويري والكفاحي للمثقفين الشيوعيين والديمقراطيين
    ومن الضروري أن يلعب المثقفون الشيوعيون والديمقراطيون دورا طليعيا في نشر المعرفة والعلم وتطوير الثقافة والفنون والأداب بأشكالها المختلفة، فيكونوا المبادرين في تنظيم حلقات محو الأمية وفي توسع التعليم الحكومي و الأهلي، العام والجامعي والمهني والفني، وفي نشرهم المجلات والدوريات العلمية وفي تصديهم للترجمة ونشر المعارف العلمية والديمقراطية والتقدمية للجماهير وفي تأسيسهم الأندية الثقافية ودعمهم للأندية القائمة وتقديمهم المثال العملي للمنابر الديمثراطية وكيفية إداراتها وكيفية إتاحتها الفرص لكل وجهات النظر والمدارس الفكرية للحوار الديمقراطي الحر والمثمر، المثقفون الشيوعيون والديمقراطيون هم من حملة ألوية التنوير وهم مطالبين بخوض كفاح ثقافي ينتصر للثقافة الديمقراطية والمعرفة العلمية وعلى إنتصارهم في هذه المعركة الثقافية يعتمد مجمل التحول الديمقراطي في كافة أوجه الحياة.



    [1] Marxism Today وهي مجلة نظرية كانت تصدر في بريطانيا

    [2] ) أرجو أن لا يفهم أن الكاتب ضد فتح الجامعات والمعاهد الأهلية وقد ساهم في تأسيس جامعة أمد رمان الأهلية تحت قيادة البروفيسور الراحل محمد عمر بشير فقد قصد منها دعم التعليم الذي تقدمه الدولة وتوفير العملة الصعبة التي يصرفها أغنياء السودان في إرسال أبنائهم للدراسة بالخارج.



    [3] في الجامعات البريطانية أصبح اشتراك الأستاذ الجامعي في كورسات تدريب التدريس شرطاً من عقد عمله، بينما نحن ندفع بخريجينا الجدد المبرزين في مجالهم للتدريس دون تأهيل في طرق التدريس القديمة أو الحديثة ورغم ذلك كم نحن ممتنون لهم.

    [4] لنجعل ما حدث لأستاذنا البروفيسور فاروق محمد إبراهيم من تعذيب لأنه درس نظرية داروين تاريخاً لن يتكرر أبداً في حياتنا الأكاديمية، ولعل ذلك هو التكريم الوحيد ورد الاعتبار الوحيد له ولزملائه في المهنة الذي يعني شيئاً بعد إسقاط نظام الجبهة الإسلامية
                  

العنوان الكاتب Date
محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-06-08, 07:00 PM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-06-08, 07:12 PM
    Re: محمد سعيد القدال Muna Khugali01-06-08, 07:19 PM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-06-08, 07:48 PM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-06-08, 11:37 PM
    Re: محمد سعيد القدال Osman Musa01-06-08, 11:49 PM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 00:00 AM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 00:09 AM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 00:13 AM
    Re: محمد سعيد القدال Ahmed Abushouk01-07-08, 00:26 AM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 00:20 AM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 00:28 AM
    Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 00:41 AM
  Re: محمد سعيد القدال عبدالمجيد صالح01-07-08, 00:37 AM
  Re: محمد سعيد القدال Abomihyar01-07-08, 00:44 AM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 00:55 AM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 00:59 AM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 01:03 AM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 01:12 AM
    Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 02:02 AM
      Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 02:05 AM
        Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 02:19 AM
          Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 02:22 AM
  Re: محمد سعيد القدال Mohamed Omer01-07-08, 01:38 AM
    Re: محمد سعيد القدال اسامة جعفر01-07-08, 04:57 AM
      Re: محمد سعيد القدال إسماعيل وراق01-07-08, 05:42 AM
        Re: محمد سعيد القدال Al-Sadig Yahya Abdall01-07-08, 05:55 AM
  Re: محمد سعيد القدال خالد العبيد01-07-08, 10:41 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de