الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: الاستقلال والشخصية السـودانية: "السوداني: ديمقراطي شكليا ولا مبالي عمليا" (Re: Dr. Faisal Mohamed)
|
Quote: نصف قرن من الحرث في البحر قبل عدة أسابيع كتب د. حيدر ابراهيم علي مقالاً في هذه الصحيفة، بعنوان: «صعوبة أن تكون سودانياً»، وهو عنوان يلخِّص الفكرة والواقع تلخيصاً موجزاً ومفحماً في ذات الوقت، فما أصعب أن تملأ فمك الآن.. وتردد مع الدعاية لشركة الإتصال -خليك سوداني-.. وليت الأمر توقف عند الإجراءات المشدّدة أو الرسوم العالية التي تعتزم تنفيذها الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، فيما يتعلق باستخراج هذه الورقة «الثبوتية»، فلو كان الموضوع «إجراءاتٍ» و«تحرياتٍ» وقسماً على «كتاب مقدّس» وشهوداً من أعيان القبيلة أو نظار القبائل أو مشائخ الطرق الصوفية أو السلاطين أو «رث الشلك» لهانت الإجراءات، ولو بلغت الرسوم مقدار راتب شهر لموظف بسيط أو عاملة مكدودة لأمكن تدبيرها عن طريق الاشتراك في «ختة».. المسألة أصعب من إجراءات قسم الشرطة ذاك المختص باستخراج الأوراق.. وأعقد من «غلوتية» تدبير الرسوم والأتاوات، إذ أنها من التعقيد بحيث يصبح السؤال عن «القيمة الحقيقية» لكونك «سودانياً»؟! * إنه سؤال مقلق بحق، وجارح في ذات الوقت، فما نراه الآن ونعيشه يومياً، واستخدام صيغة الجمع هنا لأنني أزعم أن الأغلبية ترى وتعيش في واقع مأزوم، نفسياً ومادياً، فقد ضاقت أرض السودان الرحيبة بمقدار ما يعدون من أميال مربعة، ضاقت بحيث أصبحت «تبعية رقعة مساحتها بضعة كيلومترات» لمحلية أو مركز ريفي تسبب هرجاً ومرجاً وتستوجب «تعبئة جماهيرية» وتعبئة «حكومية» مضادة، ويتم تبادل عمليات الطرد بين جمهور وموظفي دولة على شاكلة ما حدث في «الخوي» إحدى قرى سهول كردفان الواسعة. ولكون هؤلاء المواطنين يشعرون «بحقارة» يمارسها عليهم مركز حكومتهم المفترض دون أن يأخذ برأيهم أو يأبه بارتباطاتهم المعنوية والمادية، أو مصالحهم التي يعرفون تدبيرها ومباصرتها من خلال ممارستهم للحياة في ديارهم هذه لعقود طويلة، فهذا وجه صعوبة بائن، عاناه وربما لا يزال يعانيه مواطنون آخرون في منطقة المناصير عند منحنى النيل، ما بين الخيار المحلي، وإعادة التوطين حول ضفاف بحيرة «سد مروي العجيب» كما يحبذون، ووفق ما يأملون، وبين «إدارة السد» ذات السند السلطوي الغامض، والذي يفضل «فردا واحدا» يمتاز بصلف مشهود على مئات الآلاف من «الناس الطيبين»، فما أصعب أن تكون سودانياً، تنتمي لذات الجنسية التي يستحوذ سيادتها نفر من المتسلطين!!
* ما أصعب أن تملأ خياشيمك فخاراًً لكونك «سودانياً» وأنت في هذه الرقعة الجغرافية «مسلوب الإرادة» مصلوب على قارعة طريق سياسات وبرامج وشعارات بائسة مثل تلك التي يطبق فيها «تيم المؤتمر الوطني الحاكم» في كل مرفق من مرافق الدولة، وفي كل ولاية من ولايات البلاد؟ وعلى رأس كل منسقية من منسقيات السلطة، الغاشمة، وعند منعطف كل محلية، أو رئاسة أي «دورية» نظامية أو غير نظامية.
* صعوبة أن تحيَّا يومك، وتتوقع أن غدك اسوأ من ماضيك، تعيش «كائناً ماضوياً»، تضبط ساعة شعورك وأمانيك على زمن «القرش ابو جمل» والجنيه ابو «حجل» وجوز الحمام فيه ثلاث فردات! فتملي على ابنك «طالب الجامعة» جملة عربية بسيطة، فيخطها بجملة أخطاء املائية، ثم يفغر فاهاً -كالفار- حسب تعبير بشرى الفاضل، ينتظر ترجمتها على «شريط» مداركه الضحل، فتصفق يداً بيد، وتمط شفتيك ذماً لعهد التعليم «الرأسمالي» «الرسالي» وتشتاق لعهد «التعليم المجاني» غير الرسالي، في ما يتعلَّق برسالة «الغفران» من المساءلة عن «من أين لك هذا»، وتندب حظوظ أبنائك وأحفادك مِنْ مَنْ لمن يحدقوا النظر إلى خارطة السودان ملياً، بل «أُمليت عليهم تلقيناً» من لدن جهاز التلفزيون ومحطة البث الإذاعي «أن هنا دولة حضارية»!! تسيل مياه الصرف الصحي في عرض وطول شوارع مركز عاصمتها ليَشتَم آلاف الراجلين روائح نتنة تنبعث مع القاذورات، ولأن شارع القصر «حصين» لا يدخله إلا من حظي برتبة ولو في «حركة ثورية» فتنقطع الصلة بين «تلك البكاسي الغبراء التي تقل آلاف الناس إلى رواكيبهم وجالوصهم غرب الحارات يحملون في تلافيف أكياس النايلون «أطناناً من الكمونية» البايتة، وكوارع وقوانص «الدجاج» خالي من انفلونزا الطيور طبعاً». وبين تلك الإحتفالات العقيمة، والسرادق السقيمة التي يتبارى خطباء ووجهاء على التناوب فوق منصتها للحديث عن «السوداني» عشية كل مناسبة باذخة.
* فما أصعب أن تكون سودانياً فعلاً، وتطوِّقك الإجراءات الاحترازية ودوريات الشرطة، لزوم عدم السماح لك بالإفلات من واقعك «كضحية» مثالية لإشباع نزوات حكام السودان، تلك النزوات التي لا يشبعها ما التهمت من «ممتلكات الدولة» عبر سياسات الخصخصة والبيع الرخيص والأثمان الهابطة والسداد الآجل.. وبأوامر «عليا» عليا جداً بحيث لا يطالها تساؤل من شخص.. «وضيع» يكتب في صحف سيارة، فيصنَّف ضمن آخرين بأنه «شيوعي ومارق على الدين الحنيف»!! * نصف قرن والحرث على صفحة مياه البحر، وآلام التسنين من اسهالات «مسلحة» واستفراغ «مليشيات» ومغص كلوي حاد ينهض في الأطراف وحمى تعم مجمل الجسد فيرتعش من تالا نيالا لأقصى درديب، ومن نمولي لحلفا، والموال الطبي الممجوج يصف الداء بإنه «فيروس» يصيب الذين كفروا بنعمة كونهم يحكمون بالشريعة - السمحة.
* هل نقف هكذا مكتوفي الأيدي؟ هل نتفرّج على أرواحنا تنتزع، ومشاعرنا تنتهك، ومستقبلنا رهن «شارة» بيعة عمياء، وطاعة «لرأس المال الطفيلي» أم ننهض جميعاً «معاً» من أجل تغيير حاسم وحازم، لاستعادة «قيمة كونك سودانيا»؟ هذا هو محك الاختيار الفردي والجماعي!!
المصدر: النسخة الالكترونية لصحيفة الصحافة http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147508747
|
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الاستقلال والشخصية السـودانية: "السوداني: ديمقراطي شكليا ولا مبالي عمليا" | Dr. Faisal Mohamed | 12-31-07, 10:50 PM |
Re: الاستقلال والشخصية السـودانية: "السوداني: ديمقراطي شكليا ولا مبالي عمليا" | Dr. Faisal Mohamed | 12-31-07, 11:09 PM |
Re: الاستقلال والشخصية السـودانية: "السوداني: ديمقراطي شكليا ولا مبالي عمليا" | Dr. Faisal Mohamed | 12-31-07, 11:25 PM |
Re: الاستقلال والشخصية السـودانية: "السوداني: ديمقراطي شكليا ولا مبالي عمليا" | Dr. Faisal Mohamed | 12-31-07, 11:31 PM |
Re: الاستقلال والشخصية السـودانية: "السوداني: ديمقراطي شكليا ولا مبالي عمليا" | Dr. Faisal Mohamed | 12-31-07, 11:36 PM |
Re: الاستقلال والشخصية السـودانية: "السوداني: ديمقراطي شكليا ولا مبالي عمليا" | Dr. Faisal Mohamed | 01-01-08, 09:37 PM |
Re: الاستقلال والشخصية السـودانية: "السوداني: ديمقراطي شكليا ولا مبالي عمليا" | Dr. Faisal Mohamed | 01-03-08, 11:59 PM |
Re: الاستقلال والشخصية السـودانية: "السوداني: ديمقراطي شكليا ولا مبالي عمليا" | نادر الفضلى | 01-04-08, 03:26 AM |
Re: الاستقلال والشخصية السـودانية: "السوداني: ديمقراطي شكليا ولا مبالي عمليا" | Dr. Faisal Mohamed | 02-06-08, 11:59 PM |
Re: الاستقلال والشخصية السـودانية: "السوداني: ديمقراطي شكليا ولا مبالي عمليا" | Dr. Faisal Mohamed | 02-07-08, 00:05 AM |
|
|
|