25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكريـم.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 07:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-23-2007, 10:08 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري (Re: بخاري عثمان الامين)

    الاخ الـحبيب الحبوب،
    بـخاري عـثمان،
    تـحـية طـيبة،
    وشـكرآ علي تعليقك ولكن يبقي السؤال قائـمآ حـول ماهـي الفائدة الـتـي جـناها التـرابي مـن عـدوه اللدود البشـيـر والذي انقلب عليه وسـجـنه
    وكاد ان يصـفيه?.

    لك مودتـي.


    حـوار مع الصادق المهدي:
    نظام البشير حول السودان إلى محمية دولية!!
    _______________________________________

    جميع الحقوق محفوظة ل "دنيا الوطن "© 2003 - 2007 عمان- "دنيا الوطن ".
    عمان--

    Saturday, 10 November 2007
    شاكر الجوهري:
    ___________________

    لم يخطر على بالنا لدى البدء في اجراء هذا الحوار مع الصادق المهدي، رئيس وزراء السودان الأسبق، زعيم حزب الأمة، أن يتسع على النحو الذي آل إليه، لكن الرجل الموسوعي انتهز الفرصة ليشرح بالتفصيل الأسباب التي أدت إلى العراقيل التي تواجه تطبيق اتفاق السلام في الجنوب، والأسباب التي أدت إلى تفجر التمرد الحالي في اقليم دارفور.

    ولم يتردد المهدي في وصف نظام حكم الرئيس عمر حسن البشير في أنه حول السودان إلى محمية دولية..!قائلا أنه سيمرغ السيادة الوطنية السودانية بـ 36 ألف جندي اجنبي مع نهاية العام الحالي، من خلال قرارات مجلس الأمن الدولي بموجب البند السابع.

    وهو يرفض تسمية حكومة الوحدة الوطنية في السودان بهذا الإسم، معتبرا اياها حكومة فرقة وطنية، وذلك قبل اعلان انسحاب وزراء الجنوب منها..ذلك أن هذا الحوار أجري على هامش مؤتمر منتدى الوسطية للفكر والثقافة الذي احتضنته العاصمة الأردنية الشهر الماضي، وذلك تحت عنوان رئيس "نحو اسهام عربي اسلامي في الحضارة الإنسانية المعاصرة".

    وللدلالة على أنها حكومة فرقة وطنية لفت المهدي إلى أن حزب المؤتمر الوطني متعاطف مع حركة "حماس"، فيما الحركة الشعبية متعاطفة مع اسرائيل. وأشار إلى أن هناك رئيسان جنوبي وشمالي لمفوضية النفط شلا عملها وحالا دون عملها ولو بأدنى درجة من الكفاءة. وكشف عن أن حزبي "حكومة الفرقة الوطنية" يتبادلان اعتقال الكوادر ويتبادلا تقديم الشكاوى للأميركان والكينيين..!
    وقال إن قادة الشمال كشفوا عبر الصحف سرقات قادة الجنوب الذين يلوحون بدورهم بكشف سرقات القادة الشماليين.

    وقلل المهدي من أهمية انجازات الحكومة السودانية الحالية، مقدما مثالا على ذلك بأن ما اسمته ثورة التعليم العالي أدت إلى خفض موازنة جامعة الخرطوم من 12 مليون إلى فقط مليون دولار.

    وحين انتقلنا إلى التمرد في دارفور فاجأنا المهدي بأن أصل المشكلة يكمن في أن الحكومة وزعت اراض عائدة لقبائل الفور غير العربية على قبائل عربية بهدف تعزيز سيطرة النظام، فاندلع التمرد..!

    وفيما يلي نص الحوار:
    ----------------------

    • أود أن ابدأ بملاخطة تتعلق بحرصكم على المشاركة في مؤتمرات منتدى الوسطية للفكر والثقافة، رغم وجود مشاركة ممثلين لنظام الحكم السوداني في هذه المؤتمرات.
    إذا كنتم متجانسون في الفكر، فلم إذا الإختلاف في السياسة..؟
    ـ نحن لانستشار فيمن يدعى للمشاركة. الدعوات توجه من قبل منظمي المؤتمر، وهم يدعون الأشخاص بصفاتهم وليس لتمثيلهم هذه الجهة أو تلك. لذا، فإن مشاركتنا في هذه المؤتمرات لا يدل على أي شيء يتعلق بمحتوى افكارنا.
    أما فيما يتعلق بالموضوع نفسه، فهناك بالفعل نقاط تقارب بيننا وبين النظام الحالي في السودان، وذللك في قضايا تتعلق بالتزامنا بمرجعية اسلامية، واعتقادنا بضرورة وحدة السودان، وبسيادته الوطنية.
    توجد ثوابت تجمعنا بهم. ولكن هناك اشياء كثيرة تفرقنا، اولها فهم هذه الثوابت، اذ يفرقنا فهم مختلف عليه للثوابت، ويفرقنا أيضا الموقف من الديمقراطية. هم انقلابيون ونحن نعتبر الإنقلاب العسكري جريمة ضد الإنسان لأن الإنقلاب العسكري يعني قيام جماعة مسلمة بليل ضد جماعة مدنية، وهو عمل غير شرعي. الإنقلاب العسكري هو أول ما يفرق بيننا تفرقة اساسية .
    كذلك يفرق بيننا، وهذا يتفرع عن اولا، الموقف من الديمقراطية. نحن ديمقراطيون، وهم اتوقراطيون. وهذا أيضا يفرق بيننا تفرقة اساسية.
    وينبنى على ذلك الموقف من الحريات..هم اقاموا نظام حكم شمولي. صحيح أنهم تراجعوا عن الشمولية بضغط منا ومن الخارج، لكن التراجع لا يزال محدودا للغاية. ولذا، هم الآن لا زالوا يحكمون البلاد بحزب شمولي رغم أنهم يعترفون بالتعددية، وبهامش من الحرية.
    نخلتف معهم اختلافا اساسيا حول ما ابرموه من اتفاقات سلام. نحن متفقون معهم على جوهر السلام، وضرورته، وأن السلام يجب أن يتم التفاوض بشأنه، لكننا نعتقد أن اتفاقية السلام الأساسية.. اتفاقية نيفاشا التي وقعوها في كانون ثاني/ يناير 2005، مع أنها اوقفت القتال في جنوب السودان، واقامت بديلا متفاهم عليه بين الطرفين، الإ أنها لن تحقق مقاصدها الأساسية، وهي اربعة:
    اولا: أن يكون السلام شاملا ..وهذا لن يتحقق.
    ثانيا: أن يكون الحكم في الفترة الإنتقالية جامعا. لم تحقق الإتفاقية حكما جامعا، إذ شكلوا حكومة اسموها حكومة وحدة وطنية، لكنها في واقعها هي حكومة فرقة وطنية.

    عل الوحدة في الإستنفاء المقبل جاذبة، في حين أن ما فعلوه بالسودان يجعل الوحدة طاردة غير جاذبة.
    رابعا: تحقق تحول ديمقراطي، لكن ما تحقق في السودان فيه بعض الحريات، غير أنه ناقص جدا في مقياس الحريات الحقيقي.
    هذه المعاني تفرق بيننا.

    تحاشي التجاذب مع اسماعيل.
    ------------------------

    • لوحظ في الجلسة الأخيرة للمؤتمر التي قدم فيها الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار الرئيس عمر حسن البشير ورقة عمل، أنها كانت الجلسة الوحيدة التي لم تشارك فيها بأي مداخلة.
    هل تعمدت تحاشي التجاذب معه من يمثلون نظام الحكم في السودان..؟
    ـ لا والله. ما فكرت في هذا. صحيح أن تلك كانت الجلسة الوحيدة التي لم أتحدث فيها، مع أنه كانت لدي أفكار حول ما قيل. أحد هؤلاء الإخوة تحدث عن جوائز قدمتها الحكومة السودانية لبعض المبدعين، والحقيقة أن هذا النوع من الكلام في رأيي لا يزيد عن كونه دعاية، لأنك إذا كنت تريد التحدث عن انجاز في هذا المجال، فكان يجب أن تتحدث عما خصص من نسبة من المال للإنفاق على البحث العلمي.
    وهذه النسبة التي لم تعلن ضئيلة للغاية، وتكاد لاتذكر.
    هذا النظام أغلق الكثير من محطات الأبحاث الزراعية وحولها إلى جامعات بدون امكانيات، وبدون ابحاث، وبدون اساتذة، وبدون أي شيء.
    ثورة التعليم العالي في حقيقتها هي اسهال في مؤسسات التعليم العالي بدون أي ضوابط أو موازنة. جامعة الخرطوم، التي كانت مفخرة قبل ثورة التعليم العالي، كانت موازنتها تبلغ 12 مليون دولار. الآن، وبعد ثورة التعليم العالي أصبحت موازنتها فقط مليون دولار ..!
    سبب ذلك أن الإمكانيات المتاحة وزعت على 26 جامعة. وقد قلت للسيد وزير التعليم العالي في ذلك الوقت قبل 12 سنة: ياأخي أنت تحاول أن تحلي ماء النيل بملعقة سكر..!
    قال لي هذا صحيح، لكن الملعقة مبروكة..! فأجبته قائلا:البيان بالعمل. وقد تبين الآن أن هذه السياسية أدت الى تدني مستوى الخريجين، وعطالتهم عن العمل، وانعدام الصلة بين التعليم والتنمية. كما أن التعليم الفني تلقى ضربة اساسية قوية، مع أنه كان من أهم انجازات السودان. وبموجبه تمكن من امتلاك كادر بشري مهم، ولم يعد لدينا هذا الكادر الآن.
    الحقيقة أنهم توسعوا في التعليم العالي إسما على حساب التعليم الفني والبحث العلمي.
    كان بالإمكان أن أقول أنه لا معنى لأن تأتي أي حكومة بشخص يتحدث عن انجازات حكومتة في مثل هذه المؤتمرات، لأننا نحن في المؤتمرات لا نتحدث عن مثل هذه الأمور.
    يمكن للإنسان أن يتطرق لها بشكل عرضي دون أن يركز عليها.
    الشئء الآخر الذي كان لدي رأي حوله أنه لا شيء في أن الورقة التي أدلى بها الأخ الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل كانت مفيدة فيما يتعلق بالجامعات وفكرة دور الحكومات في دعم البحث العلمي. ولكن المتوقع من شخص مثل الأخ مصطفى أن لا يتحدث فقط اكاديميا، ويكن أن يتكلم كذلك عن ما حاولوا تحقيقه عمليا في هذا المجال، وما هي العقبات التي واجهتهم، كي يستفيد الحضور فائدة عملية.
    لقد تحدث بصورة مفيدة عن المشاكل، لكنه يفترض أن يتحدث عما حاولوا فعله، والذي لم ينجحوا في تحقيقه.

    • هو لم يتحدث كرجل سلطة.. تحدث باعتباره استاذا جامعيا..
    ـ نعم.. كان يمكن أن يضاف هذا المعنى باعتباره صاحب تجربة لا رجل سلطة.
    الأميركان دعموا الإنقلاب في البداية

    • مع ذلك، هم يقولون أنهم حققوا انجازات على صعيد البنية التحتية في السودان أكثر بكثير بما تحقق في كل العهود السابقة، وذلك على مستوى الموانىء والطرق السريعة، وما شابه..؟
    ـ الزمن الذي قضوه في الحكم أكثر من الزمن الذي قضته العهود الأخرى.

    • ما هي العوامل التي أهلت هذا النظام ليستمر إلى 18 سنة، تفوق ما قضاه أي نظام أخر في الحكم، بما في ذلك عهد جعفر نميري الذي استمر لخمسة عشر سنة..؟
    ـ استمروا في الحكم كل هذه الفترة الزمنية لأنهم وظفوا كل شيء من أجل البقاء..
    أنت تقول أنهم حققوا بعض الإنجازات على صعيد البنى التحتية، لكننا اذا حسبنا نسبة الإنجاز الذي تحقق في كل سنة من سنوات العهد الديمقراطي، ونسبة الإنجاز الذي تحقق في كل سنة من سنوات حكم هذا النظام، لوجدنا أن العهد الديمقراطي متفوق.
    لكن الأمر بالنسبة لهؤلاء الإنقلابيين أن قضيتهم ليست قضية انجاز، وإنما هي قضية شرعية.
    من طلب منهم أن يفعلوا هذا..؟ بأي مبرر وحق فعلوه..؟
    القضية أنهم غير مكلفين وغير مطالبين وغير مؤهلين لأن يتحدثوا عما انجزوه أو لم ينجزوه.
    ثم صحيح أنهم اقاموا بنى تحتية، لكن هذه البنى التي تحققت اذا قورنت بالفترة الزمنية التي انجزت فيها، وجدنا أن كفة العهد الديمقراطي راجحة اذا قارنا بين متوسط الإنجاز في كل عام لدى العهدين.
    الى ذلك، يجب أن نلفت إلى أن العهد الحالي استغل النفط الموجود في باطن اراضي السودان لمدة ثمانية اعوام حتى الآن. ولكن النفط كان مكتشفا في السودان قبل توليهم الحكم. لقد اكتشف النفط منذ عهد نميري، والذي اوقف استغلال النفط في حينه هي التطورات الأمنية في الجنوب.
    نحن كحكومة ديمقراطية كنا قد هممنا باستئناف استخراج النفط، لكن شركة شيفرون صاحبة الإمتياز قالت أنه لابد من توقيع اتفاق سلام في الجنوب اولا. وقد وجهنا لهذه الشركة انذارا قبلته، مضمونة إذ لم تستأنفوا عملكم خلال عامين، يصبح العقد المبرم بينكم وبين السودان لاغيا. كان ذلك سنة 1988، وعندما حلت سنة 1990، كانت الحكومة الإنقلابية هي التي تحكم، وقد نفدت مضمون الإنذار .
    أود أن ألفت أيضا إلى أنه عندما اكتشفت الحكومة الأميركية أن هذا النظام اسلاموي، ضغطت على شركة شيفرون كي تغادر السودان، ولا تستخرج النفط، وذلك في اطار الضغوط الأميركية على النظام، بعد أن ايدته في البداية.
    لقد أيدت اميركا النظام الحالي في البداية لأنها وجدت أن عهدنا الديمقراطي كان مستقل الإرادة. لكنها اكتشفت أن هذه الحكومة ملغومة الإرادة. كنا حكومة مستقلة الإرادة مزعجة للأميركان، فجاءت حكومة ملغومة الإرادة.
    لذلك، ضغطت الحكومة الأميركية على شركة شيفرون، وأغرتها بالخروج من السودان بإعفائها مما قيمته 500 مليون دولار من الضرائب تعويضا لها عن المليار دولار التي ادعت الشركة انفاقها على عمليات الإستكشاف في السودان.
    في ذلك الوقت كانت هناك شركات صغيرة كندية وصينية وماليزية راغبة بالعمل في السودان، وقد نجحت في استخراج النفط السوداني. هذا انجاز فعلا، وقد حقق النفط للسودان دخلا خلال السنوات الثمان الماضية معدله 1.5 مليار دولار سنويا. لكن هذا المال لم يوظف في التنمية أو الخدمات، لأن الحكومة رفعت يدها عن هذه المجالات.
    قبل استخراج النفط كان التعليم والصحة والخدمات والمستهلكات الشعبية مدعومة. حكومتنا قبل النفط كانت تدعم التعليم والصحة والخدمات الإجتماعية والوقود، كانت تنفق على الرعاية الإجتماعية، أما هم كحكومة نفطية فقد تخلت عن الرعاية الإجتماعية، فلم ينعكس دخل النفط على التنمية بالقياس المطلوب، ولا على الخدمات. والأسوأ من هذا أن الدخل النفطي دعم العملة السودانية، وارتفع سعر صرفها، فأصبحت تكاليف المدخلات الزراعية والصناعية لدينا أعلى. وأصبحت كلفة الإنتاج الزراعي والصناعي عالية للغاية.
    ونتيجة لذلك، انخفض انتاجنا الزراعي والصناعي انخفاضا كبيرا جدا قياسا بما كان عليه الحال في عهد الديمقراطية. صادراتنا الزراعية والصناعية انكمشت عما كان عليه اجمالي الصادرات السودانية بنسبة 7 بالمئة.
    النفط لم يوظف توظيفا اقتصاديا أو اجتماعيا سليما، وأضيف الى هذا أن عائد النفط انفق في مجالات تفاخرية. أصبح السودان وكأنه محطة لمؤتمرات القمة العربية والإفريقية والآسيوية..إلخ.
    وصرف كذلك على التضخم الإداري. نحن لدينا الأن أكبر نسبة من المستشارين والمساعدين، وعلى كل المستويات. وهذه يترتب عليها مصاريف فارغة لا معنى لها، وذلك إلى جانب الترضية السياسية.
    كذلك هناك الإنفاق الأمني. أصبح لدينا أكبر عدد من الجيوش.. وهكذا.
    المهم أن المال صرف بطريقة غير صحيحة، لذا طالبت بأن تقدم الحكومة كشف حساب للشعب السوداني يوضح أين صرفت عائدات النفط. وطالبت أيضا بضوابط تحدد كيفية صرف عائدات النفط.. نسبة كذا للتنيمة، ونسبة كذا للخدمات، ونسبة كذا للبحث العلمي، وهكذا.

    تحويل السودان لمحمية دولية.
    --------------------------

    وأنا اعتقد أن القضية الأساسية التي سيحاسب عليها هذا النظام، اضافة إلى ما سبق، تتمثل في امرين:
    الأول: الإنقلاب العسكري.
    الثاني: تحول السودان في عهد الإنقلاب إلى محمية دولية.

    • كيف..؟
    ـ السودان بنهاية هذه السنة سيكون فيه 36 ألف جندي أجنبي.

    • سبق للمشير البشير أن أقسم بالله وبشرفه على أن لا يسمح بدخول جندي أجنبي واحد للسودان..؟
    ـ كما قلت لك، في نهاية العام الحالي سيكون في السودان 36 ألف جندي اجنبي، وهذا العدد من الجنود الأجانب أكثر من الجنود الذين جاؤا لغزوا السودان سنة 1891 بقيادة كتشنر بـ 16 ألف جندي. وأكثر من عدد القوات البريطانية التي كانت في السودان قبل الإستقلال.
    الشاهد في كل هذا أنهم مرغوا السيادة الوطنية بهذا العدد الكبير من القوات الأجنبية. وكل هذا ناتج عن سياسات النظام، لا عن غزو أجنبي.
    لقد كبلوا السودان بفضل هذه السياسات بـ 24 قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي بموجب الفصل السابع، في حين أنه، وحتى يوم قيام نظام الحكم الحالي لم يكن هناك أي قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي ضد السودان بموجب الفصل السابع.
    هذه ليست قرارات عادية. هذه قرارات تجريم للنظام، باعتباره يمثل خطرا على الأمن والسلام الدولي.
    المحك الأساسي الذي لا بد أن يكون الشعب السوداني مغبونا إزاءه أن جهة جاءت للحكم بواسطة انقلاب عسكري، وليس بالإنتخابات، جعلت السودان محمية اجنبية وعرضة لقرارات تجريم وادانة في مجلس الأمن الدولي، حولت طبيعة القوى السياسية في السودان منطبيعة فيها شيء من السعة والإستيعاب، إلى قوى اجتماعية واسعة، إلى كثير جدا من الفصائل المسلحة المسيسة ذات الإنتماء للعصبية العرقية. هذه هي الحصيلة.

    حكومة الوحدة الوطنية.
    -----------------------

    • سنأتي لهذا لاحقا. ولكن، كأني فهمت منك أنك تعتبر توصل الحكومة إلى اتفاقية سلام في الجنوب انجازا، مع أن" ثورة الإنقاذ" حالت ابتداء دون المصادقة على اتفاقية السلام التي وقعها في حينه محمد عثمان الميرغثي زعيم الحزب الإتحادي، وصادقت عليها حكومتكم..؟
    ـ لم يكن الأمر قد بلغ مرحلة الإتفاق. كان مشروع اتفاق سوف يتم في 11 ايلول/سبتمبر 1989. وكان مشروع ذلك الإتفاق خاليا من أي عنصر أجنبي، بل كان اتفاقا بين السودانيين فيما بينهم. كان خاليا من حق تقرير المصير للجنوب.
    هم الأن وقعوا اتفاقا تحت الوصاية الأجنبية، وتوجيه ورعاية اجنبية، ويتتضمن حق تقرير المصير للجنوب كمرحلة نهائية بعد خمس سنوات تنتهي سنة 2011.
    وأود التذكير بأنهم لدى قياهم بانقلابهم سنة 1989 قالوا أنهم يريدون أن يوقفوا ما اعتبروه خيانة للشريعة الاسلامية، مع أن مشروع الإتفاق في حينه نص على تجميد قوانين النميري (العدالة الناجزة)، إلى أن يتم الإتفاق. وكان تطبيق تلك القوانين مجمدا فعلا. نحن بالمناسبة لانسميها قوانين الشريعة. هذا تشويه للشريعة. نحن نسميها "قوانين سبتمبر".
    والأن، وبموجب أي مقياس، هم ضربوا الشريعة يمين وشمال وشرق وغرب.

    • بايجاز، ما هي حكومة الوحدة الوطنية القائمة الأن في السودان، وماهي اطرافها..؟
    ـ الحكومة الحالية مقسمة ما بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وذلك بعد توزيع 14 بالمئة من المقاعد الوزارية على احزاب زخرفية.. احزاب لا سند شعبيا لها، ولا فكر، ولا أي شيء غير يافطات خربية..وكما يحصل في الكثير من البلدان العربية، حيث يأتون بشخصيات يطلقون عليها تسمية احزاب.
    تناقضات الإتفاق في الجنوب

    • إلى أين يسير الوضع في الجنوب الآن، وإلى أين يسير الوضع في دارفور..؟
    ـ اولا بالنسبة للجنوب يوجد اختلاف حقيقي بين الجانبين حول تنفيذ الإتفاق.
    الإتفاق في جوهرة به مشاكل. وكمثال، يتضمن الإتفاق عشرين نقطة حمالة اوجه تتعلق بوضع العاصمة..

    • سبق للجبهة القومية الإسلامية قبل ثورة الإنقاذ أن طرحت اقامة اتحاد فدرالي أو كونفدرالي بين الشمال والجنوب، وأن تكون الخرطوم عاصمة للشمال، وجوبا عاصمة للجنوب، على أن تستحدث عاصمة اتحادية في كوستي..
    ـ " سيبك من ده الكلام".
    الأن عقدوا اتفاقا يتضمن عشرين نقطة غامضة وحمالة اوجه، لأن الموجه لهذا الإتفاق جهة اجنبية. فكان حين يحال على الطرفين الإتفاق، يقدم لهما اقتراح حمال اوجه.

    • الغموض البناء..؟
    ـ نعم الغموض البناء.. ويتعلق هذا الغموض بالعاصمة، وعقيدة القوات المسلحة، والحدود بين الشمال والجنوب..الخ.
    هذا الغموض بدأ يظهر تناقض حوله الأن. أصبح كل طرف يفسره بطريقته. كما أن الإتفاق أهمل قضايا كثيرة مثل الشؤون الخارجية. لم يوقعوا بروتوكولا للشؤون الخارجية. ولذلك نرى أن حزب المؤتمر الوطني متعاطف مع حركة "حماس" الفلسطينية، في حين أن الحركة الشعبية متعاطفة مع اسرائيل. وبالتالي، ينبغي أن يوقعا بروتوكولا للشؤون الخارجية يوفر قاسما مشتركا بينهما، ولو في حده الأدنى.
    توجد سبعة بروتوكولات كان مفترضا أن تضاف للإتفاق. وإلى ذلك توجد سبعة تناقضات في الإتفاق..
    الإتفاق يقول إن المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان هي جزء لايتجزأ من الإتفاق، وهذا يمنح الحرية للأحزاب السياسية لكي تنشط، بصرف النظر عن الإتجاه السياسي أو التكوين العرقي لهذه الأحزاب. وفي نفس الوقت ينص الإتفاق على أنه لا يسمح لأحزاب سياسية لا توافق على هذا الإتفاق أن تشارك في الإنتخابات.
    الشاهد في هذا الكلام أن الإتفاق، لأنه مليء بهذه التناقضات والنقائص، بدأت تظهر اشكالات في التجربة العملية، وهي اشكالات جعلت حزب المؤتمر الوطني يتهم الحركة الشعبية بأنها تعرقل تنفيذ الإتفاق، وبدورها الحركة الشعبية توجه اتهامات مماثلة للمؤتمر.
    وبما أن الإثنين رفضا أن تكون هناك مرجعية وطنية للإتفاق، فإنهما يلجآن إلى الشكوى للولايات المتحدة الأميركية.
    مثال على ذلك أن الإتفاق ينص على أنه بحلول 9 تموز/يوليو 2007 تكون قد انسحبت كل القوات المسلحة السودانية من الجنوب إلى الشمال. لكن هذا لم يحدث حسب تقدير الجنوبيين، الذين اتهموا المؤتمر الوطني بعدم الإلتزام بالإتفاق.
    مثال آخر، أنشئت بموجب الإتفاق مفوضية النفط التي لا يوجد لها رئيس، بل رئيسان، احدهما من المؤتمر الوطني وآخر من الحركة الشعبية. وجراء ذلك، فإن هذه المفوضية لا تعمل بأدنى درجة من الكفاءة. ويتم تبادل الإتهامات بين الجانبين بشأن الشفافية فيما يتعلق بالأرقام والحسابات المتعلقة بالنفط.
    وتوجد قضايا كثيرة موضع اتهامات متبادلة. أصبحت الشكاوى تقدم للأميركان، والكينيين، باعتبارهما رعاة الإتفاق.
    الحركة الشعبية تشكو المؤتمر الوطني لدى هذه الجهات الأجنبية، بينما كان الأفضل للجميع أن تكون هناك مرجعية سودانية تحكم بين الحزبين، علما أن القوى الحزبية السودانية خارج الإتفاق أكثر نضجا من حيث التجربة وأكثر شعبية من الحزبين، لا شك في هذا. وكان بالإمكان أن تكون هذه الأحزاب مشتركة في الإتفاق، بحيث تكون هي المرجعية الوطنية للتحكيم في حال حدوث خلاف، لكنهم رفضوا، وأقصوا كل الأحزاب عن الإتفاق، وهذا ما جعل جهات أجنبية هي المرجعية في حالة الخلاف.
    عندما زار سيلفا كير رئيس الحركة الشعبية أميركا قبل سنة اشتكى شريكه المؤتمر الوطني للأميركان.
    الآن، عندما ارسل أراب موي رئيس كينيا السابق من قبل الرئيس الكيني الحالي لزيارة السودان، بهدف متابعة التقدم الحاصل في تنفيذ الإتفاق، قدم له سيلفا كير شكوى شديدة اللهجة.. اشتكى شريكه المؤتمر الوطني.
    تبادل اعتقال كوادر الحزبين

    • هل وقعت الحكومة الإتفاق باسم السودان أم باسم المؤتمر الوطني..؟
    ـ وقعته بصفتها حكومة المؤتمر الوطني. يوجد تماهي بين المؤتمر الوطني والحكومة في عهد الدكتاتورية. التوقيع تم باسم الحكومة السودانية، لكن الحكومة السودانية أصبحت الآن تمثل الحزبين، بعد أن كانت حكومة المؤتمر الوطني منفرداً.
    المهم أنه توجد مشاكل كثيرة في الجنوب، وأصبح كل حزب يعتقل كوادر الحزب الآخر، ويتبادلان الإتهامات في كل شيء..

    • الإعتقال في هذه الحالة هو أشبه بالاختطاف..؟
    ـ نعم..وأصبحت هناك مشاكل كبيرة بين ميليشيات جنوبية كانت تدعم الحكومة السودانية، وبين الحركة الشعبية. وكان مفترضاً بموجب الإتفاق أن تنضم هذه الميليشيات، إما للجيش الشعبي، أو للجيش السوداني. والواقع أن بعضها اندمج في هذا الطرف أو ذاك، وبعضها لم يندمج، ويرفض أن يسلم سلاحه. ولذلك، اشتعلت الحرب بين الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية، وبين هذه الميليشيات، ما سبّب اضطرابا في عدد من المراكز والمناطق، خصوصا في اعالي النيل. وعلى ذلك، توجد الآن مشاكل أمنية. وهذا يعني أنه يوجد الآن اضطراب ومشاكل.
    كان مفترضا بموجب اللإتفاق أن تعود اعداد كبيرة من النازحين الجنوبيين إلى الشمال..إلى قراهم، لكنهم لم يعودوا.

    • كم يقدر عدد هؤلاء النازحين..؟
    ـ ثلاثة ملايين نسمة، موجودون الآن في الشمال، كان يفترض أن يعودوا لقراهم، وهو أمر يحتاج الى اجراءات اغفلها الإتفاق. ولذلك، الذين عادوا لقراهم اعداد بسيطة جداً، عاد اغلبهم للشمال من جديد. وهذه مشكلة اساسية نجمت عن تركز الإهتمام على كيفية تقاسم السلطة والثروة، دون أن يهتموا بتطبيع الأوضاع.
    المشكلة الأخرى المتعلقة بالإجراءات تحولت إلى تبادل الإتهامات بالفساد. المؤتمر الوطني وأجهزته، حصل على حسابات بنكية لبعض القيادات الجنوبية في نيروبي ، ونشرت ثلاث صحف سودانية تفاصيل هذه الحسابات، حيث ادعت كل صحيفة أنها حصلت على المعلومات بجهدها الصحفي، لكن الواقع أن المصدر كان جهدا استخباريا، نظرا لتطابق المعلومات والروايات. وبينت تقارير الصحف فساد القيادات الجنوبية، وأن المال الذي يحصلوا عليه، بدلا من أن ينفق على التنمية والخدمات في الجنوب، يستولى عليه افراد قياديون لأنفسهم.

    • ما مجموع المبالغ المستولى عليها..؟
    ـ حوالي 100 مليون دولار .
    وقد رد الذين وردت اسماءهم والكشوفات البنكية المتعلقة بحساباتهم بأن القيادات الشمالية أكثر فسادا منهم. وأعتقد أنهم يحضرون الأن ما يثبت فساد قادة المؤتمر الوطني.
    ويتواصل التراشق بالإتهامات بالفساد. واضح كذلك أن الإتفاق بسبب نقائص وعيوب تكوينية فيه، وبسبب تصرفات الطرفين، وبسبب الإتهامات المتبادلة والسجالات، لا يسير تطبيقه بالطريقة المطلوبة، ولا تحقق اهدافه.
    الحكومة أنتجت تمرد دارفور

    • وماذا عن دارفور ..؟
    ـ دارفور اصلا توجد فيها اربع مشاكل قديمة هي:
    اولا: فجوة التنمية والخدمات بين دارفور والمناطق المتقدمة في السودان. دارفور التحقت اساسا بالسودان بعد عشرين سنة من بداية بناء السودان الحديث. في عهد الإستعمار كانت قبل ذلك سلطة مستقلة.
    ثانيا: توجد مشاكل نشأت بين قبائل فلاحية ورعوية.. بين قبائل الفور والمساليت من جهة، وهي قبائل فلاحية، وفدت عليها قبائل رعوية عربية بسبب الجفاف. وخلقت هذه الوفادة صراع على الموارد، وهو الصراع التقليدي بين الفلاحة والرعي.
    ثالثا: ارتفاع منسوب العصبية القبلية في درافور عما هو عليه الحال في بقية أنحاء السودان. ولذلك، كانت توجد مشاكل وحروب قبلية في المنطقة.
    رابعا: الحروب بين تشاد وليبيا خلقت نوعا من التسيب في الحدود المشتركة بين الدول الثلاث. التي وقعت بيد عصابات مارست النهب المسلح، وقطع الطرق.

    • منذ متى كانت توجد هذه المشاكل..؟
    ـ قبل الإنقلاب العسكري الذي اقام نظام الحكم الحالي في السودان.
    عند حدوث الإنقلاب، كان أول ما خطر على بال الإنقلابيين هو تغيير النسيج الإجتماعي في دارفور التي كانت منطقة نفوذ تقليدي لحزب الأمة. ارادوا القيام بهندسة سياسية هدفها تغيير النسيج الإجتماعي في دارفور.
    نتيجة لهذا التفكير، فعّلوا قانونا قديما كان قد اصدره نميري، وعلقته الحكومة الديمقراطية في عهدنا، دون أن نلغيه..ذالك هو القانون الذي يقرر أن أية أراض غير مسجلة بأسماء أفراد هي ملك للدولة.
    هذا القانون لم يكن مفعلا في دارفور، حيث كانت الأراضي مقسمة إلى حواكير تابعة للقبائل. كانت هناك 16 حاكورة (أرض فسيحة)، بمساحات كبيرة جدا، ذلك أن مساحة دارفور تعادل مساحة فرنسا.
    وحين تم تطبيق القانون لم يحدث ذلك بطريقة موضوعية..بمعنى أن حاكورة الفور وحاكورة المساليت، وهما قبيلتان غير عربيتين، أعطت الحكومة لبطون عربية حقوقا فيها.
    في الماضي، لو حدث وجاءت قبائل إلى مناطق تتبع قبيلة أخرى، كان شيخ القبيلة يمنحها اراض بحسب رغبته، ليكون ولاءها له، ويكون هو مسؤولا عن الأمن. والأراضي كافية.. بل زائدة. لكن حين تعطي الحكومة لهذه القبائل حقوقا، يصبح لديها كذلك الحق في التمرد والمواجهة. وقد استخدمت الحكومة هذا الأسلوب لاستمالة القبائل، اذ أنه حين تعطي الحكومة امارة في حاكورة تابعة لقبيلة أخرى، تضمن الحكومة ولاء القبيلة المعطاة لها الإمارة، بدلا من أن يكون ولاءها لشيخ القبيلة الذي يفترض أن يعطي من أراض للقبائل الأخرى الوافدة.
    ارادت الحكومة بتفعيلها لهذا القانون جعل الأراضي تابعة لها ولأمرها، وليس لأمر شيوخ القبائل.
    الإجراء الآخر الذي اقدمت عليه الحكومة على هذا الصعيد تمثل في اتخاد اجراءات تهدف إلى تكثيف الظل الإداري.

    • كيف..؟
    ـ كانت دارفور اقليما اداريا واحدا، اقدمت الحكومة على تقسيمة إلى ثلاثة اقاليم، يحكمها ثلاثة ولاة بدلا من وإل واحد. وعددت الحكومة أيضا المحافظات. وكثرت الوحدات الإدارية كي تعين فيها كوادر الحزب الحاكم، كي تلعب دورا اداريا وسياسيا وأمنيا، بهدف تسهيل سيطرة وهيمنة الحزب الحاكم على الإقليم، وهذا خلق مشاكل، لأن المواطنين كانوا ضد هذه الإجراءات، التي رفعت حدة المواجهة بين المواطنين والإدارة.

    هذه كلها خلفيات سبقت قيام المشاكل العملية بين أصحاب الحواكير والوافدين. بعض شبان القبائل العربية، لكي يهددوا أصحاب الأرض الأصليين، كونوا عصابات اسموها "جنجويد". ونفذت هذه العصابات هجمات على قرى، وحرقتها..إلخ.ِ
    هذه الهجمات مثلت اشكالا ٌبدى لأهل القرى أن الحكومة غير مهتمة بحمايتهم، وبالشكاوي التي ترفع لها بشأن هذه الممارسات، وبإنصافهم. وفي النهاية أدى ذلك إلى تشكيل احزاب مسيسة من اهالي الإقليم، بدلاٌ من أن تواجه الوضع المحلي، أصبحت مسيسة، وساعد على هذا امران:
    الأول: أن الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق تعتقد أن دورها لا ينحصر في قضية الشمال والجنوب، وإنها تمتد إلى العلاقة بين الأفارقة والعرب. ولذلك، اعتبرت العناصر غير العربية حليفا طبيعيا لها. ولقد قدمت لها الدعم العسكري والمالي. ودعمت على وجه الخصوص الحركة التي حملت إسم حركة تحرير السودان.

    • وهو اسم مماثل تقريبا لاسم الحركة الشعبية لتحرير السودان..؟
    ـ نعم.. نعم..
    المهم أن حركة تحرير السوادن لقيت الدعم من الحركة الشعبية لتحرير السودان.

    الأكثر أهمية أن الحركة الشعبية استفادت من الإنقلاب الإسلامي الحاكم في السودان لكي تشكل لوبيات عديدة لها في العالم..لوبيات مفيدة جدا من الناحية السياسية وغيرها. وتشكلت سبعة لوبيات في اميركا، وقس على ذلك في أوروبا، وهي:
    اولا: لوبي مسيحي يعتبر أن هناك اضطهادا للمسيحيين.
    ثانيا: لوبي صهيوني مستعد للتدخل في أي بلد عربي ضد أمنه .
    ثالثا: لوبي الكوكس الإفريقي ـ الأميركي. هؤلاء يعتبرون أن هناك اضطهادا للأفارقة، كما كان حادثا في جنوب افريقيا.
    رابعا: لوبي حقوق الإنسان. سمعة النظام السوداني في هذا المجال سيئة جدا.
    خامسا: لوبي الحريات الدينية، وهو مفتوح للحريات الدينية في كل مكان.
    سادسا: اللوبي المعادي للإرهاب، والنظام السوداني مرصع بأوسمة الإرهاب.. كارلوس وغيره.
    سابعا: لوبي محاربة الرق، وهؤلاء نشطون، ويعملون على قاعدة ما دام هناك "جهاد" فإن هناك استرقاق.
    كل هذه اللوبيات كانت تدعم الحركة الشعبية لتحرير السودان، وقد حولتهم الحركة الشعبية إلى دعم الحركة الجديدة في دارفور. هنالك بعد آخر .. الجبهة الإسلامية القومية التي نفدت الإنقلاب، حين انقسمت سنة 1999، بعد أن ثقل عليها إسم الإسلام وفكرت بالتخلص منه في اطار العمل على استعادة الجنوب، أسمت نفسها بالمؤتمر الوطني، الذي كان محاولة للخروج من التسمي بالإسلام في السياسة السودانية. لكن المؤتمر الوطني مختلف وقد انشق على نفسه.
    قبل أن ينشق كان لديه في دارفور أعضاء، الأغلبية العربية منهم انحازت إلى جانب الرئيس البشير، والأغلبية غير العربية انحازت إلى جانب الدكتور حسن الترابي، ثم اختلفوا مع الترابي وشكلوا تنظيما مستقلا اسموه حركة العدل والمساواة.
    وهكذا أصبح هناك في دارفور حركة تحرير السودان، وحركة العدل والمساواة، المشكلتان اساسا من عناصر فلاحية غير عربية. وانطلقت الحركتان من مشاكل محلية إلى مشاكل على الصعيد الوطني. ووجدت الحركتان الدعم من عناصر سياسية.
    في البداية استخف النظام السوداني بالحركتين، ونشاطهما. وكان هنالك عناصر داخل النظام تفضل مفاوضتها، باعتبار ذلك بالأمر الممكن. وبالعقل تم جمع كل أبناء وبنات دارفور في مؤتمر عقد في الفاشر عاصمة الإقليم، وصدرت عن هذا المؤتمر توصيات كان بالإمكان أن تحل المشكلة لو جرى تطبيقها. لكن المؤتمر الوطني رفض أن يأخد خط التسويات، لأنهم اعتقدوا أنهم اقدموا على تنازلات كثيرة في الجنوب، ولا معنى لأن يقدموا على تنازلات أخرى. واعتقدوا كذلك أنه بعد أن أصبح وقف إطلاق النار ساريا في الجنوب، أصبح لديهم قوات كافية لإخماد التمرد في دارفور.

    الرسالة الأميركية الغامضة.
    -------------------------
    إلى ذلك، هم اساؤا فهم ما قاله الأميركان لهم، كما أخطأ صدام حسين في فهم الموقف الأميركي من احتمالات احتلال العراق للكويت. قال لهم الأميركان إن قضية دارفور لا تعنينا.

    • هل كان قصد الأميركان من ذلك اصطياد النظام في دارفور..؟
    ـ لا أعرف. يمكن أن يكون هناك كلام كثير حول هذا الأمر.
    الأميركان قالوا لهم إن قضية دارفور لا تعنينا، والمهم أن تخلصونا من قضية الجنوب.. ركزوا على قضية الجنوب، حيث لم تكن قد وضعت بعد الإتفاقية الخاصة بالجنوب، وتخلصوا من قضية دارفور بسرعة، وكونوا دقيقين، ولا ترتكبوا اخطاء.
    النظام اعتبر أن هذا الكلام الأميركي يمثل ضوءا أخضر له ليعمل على اخماد المعارضة في دارفور بسرعة، كما اساء صدام فهم الرسالة الأميركية ازاء الكويت، التي نقلتها له ابريل غاسبي السفيرة الأميركية في بغداد في حينه، من أن مشاكل العراق الحدودية مع الكويت لا تعني اميركا.

    • مارست معه الغموص البناء..؟
    ـ أيوه..
    المهم أن النظام في السودان أعتقد أن كلام الأميركان يمثل ضوءا أخضر له في دارفور.
    قبل ذلك، كان بالامكان حل المشكلة، لكن الذي حدث هو أن الحركات العاملة في دارفور اقدمت على تحركات بهدف اظهار اهميتها، تمثلت في احتلالها لمطار الفاشر، وتفجيرها لأربع طائرات كانت في المطار، واعتقال قائد سلاح الجو السوداني.
    النظام قبل ذلك كان ارتكب الخطأ الأول متمثلا في تفويته فرصة التوصل إلى حل سياسي مطلع سنة 2003 وحين تم احتلال مطار الفاشر ارتعب النظام جراء المفاجأء الكبيرة التي تعرض لها بسبب سوء التقدير، فعمل على استقطاب العناصر التي ترى في هذا الخطر خطرا عليها، فجاءته عناصر عربية كثيرة، وتكونت جراء ذلك ميليشيات كانت لها في حقيقة الأمر تسميات كثيرة.. الفرسان، حرس الحدود، وغير ذلك. ولكن الناس اسموها جميعا جنجويد، قياسا على جنجويد الأولى.. الفرسان.
    جنجويد الأولى كانت قطاع خاص، أما جنجويد الثانية فكانت قطاع عام، اذا جاز التعبير. وشاركت هذه الميليشيات في عمل عسكري مشترك مع القوات النظامية، كان من نتائجه حدوث تصعيد هائل جدا. وبناء على أن بعض القبائل هي التي شكلت هذه التكوينات المسلحة، اعتقد النظام أنه يجب تخويف اهلهم كي لا يقفوا معهم، وهذا الذي أدى إلى استهداف المدينيين عسكريا. وقد أدى ذلك إلى ضرب وقصف جوي بمشاركة قوات مشاة على نحو خلق مأساة انسانية بحجم كبير جدا، لأن الناس الذين ضربوا وأحرقت قراهم هجروها، وأقاموا في معسكرات اقاموها حول المدن الرئيسية.. الفاشر، جنينا، نيالي، زالنجي..
    هذه المعسكرات تحولت إلى معارض بشرية لكل العالم. وقد جاء العالم إلى هذه المعسكرات، ورأى وسمع. وهذا ما لفت نظر العالم. أصبحت دارفوا قضية أولى.. نشأ شيء جديد.. احزاب مسلحة ومسيسة، وهذا لم يكن قائما من قبل.
    كل هذا جاء وحدث بعد سنة 2002. ثم إن خلق مشكلة انسانية بشكل غير مسبوق، استوجب وبرر صدور قرارات مجلس الأمن الدولي بأعداد غير مسبوقة، وهذا ما أدى إلى تدويل قضية دارفور.
    في هذا الإطار، أدرك النظام أنه ورط نفسه في قضايا كثيرة جدا، فبدأ يستجيب لدعوات التفاهم والصلح. وجراء ذلك عقدت اجتماعات في انجامينا (عاصمة تشاد)، وفي ابوجا وأديس ابابا، وتم توقيع اتفاقية لوقف اطلاق النار في سنة 2004، وذلك بهدف فتح المجال امام التفاوض. وقد اوجب الإتفاق وقف الهجمات على المدنيين، وحماية منظمات الإغاثة الإنسانية، ونزع سلاح القوات غير النظامية. وأصبحت هناك ضرورة لمراقبة الإلتزام بتطبيق الإتفاق، وهذا أوجد ضرورة لأن يكون هناك طرفا ثالثا، وقد تولى هذه المهمة الإتحاد الإفريقي. واتخذ مجلس الأمن قرارا بذلك، وأرسل الإتحاد الإفريقي من يراقب، وتكونت قوة المراقبة الإفريقية من سبعة آلاف جندي، وسبعمائة شرطي. وبعد سنة ونصف من تواجدهم في دارفور تبين أنهم لا يستطيعون القيام بهذه المهمة. وهذا فتح المجال أمام المطالبة بإحضار قوات دولية، وهو ما رفضه المؤتمر الوطني في بداية الأمر، كما رفض من قبل احضار قوات افريقية، ثم وافق على دخولها الأراضي السودانية.
    الآن، نتيجة للقرار 1769، سيكون هنالك 26 ألف جندي دولي في دارفور ليراقبوا تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، وهذا سيستدعي مستقبلا المطالبة بزيادة هذا العدد.

    تصعيد التمرد.
    ------------------
    المهم الآن أنه في ايار/مايو 2006 دعي إلى اجتماع بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان. ووضع لهذا الإجتماع رسومات ومخططات اجنبية للعمل، ووضع بالتفاهم ما بين الجهات الأجنبية مشروع اتفاقية أسميت لدى توقيعها باتفاقية أبوجا. وهي كانت مصممة لكي توقع عليها الحكومة السودانية، والفصيلين المشار اليهما، غير أنه وقع عليها فقط نصف فصيل..

    • كيف..؟
    ـ وقع عليها نصف حركة تحرير السودان، التي انشقت على نفسها، وامتنعت حركة تحرير السودان عن التوقيع. وتشكلت جبهة الخلاص من غير الموقعين على الإتفاق. وصعدوا العمل ضد النظام وقواته.
    ولذا، فقد زادت الأمور سوءا منذ توقيع اتفاق أبوجا وحتى الآن. والأسوأ من ذلك هو أن المنظمات المسلحة تكاثرت من اثنتين إلى عشرين منظمة. وأصبح لكل منظمة منها أنشطة.
    وقد دعي إثر هذه التطورات إلى اجتماع مشترك بين الأمم المتحدة، والإتحاد الافريقي في عروشا، وهي مدينة في تانزانيا.
    في هذا الإجتماع، أو المؤتمر الذي عقد قبل شهرين (ثلاثة أشهر)، شاركت بعض المنظمات، وقاطعته منظمات أخرى. وبدأت الجهود تنصب الآن على توحيد الفصائل والمنظمات "الدارفورية"، بهدف توحيد أداة التفاوض مع الحكومة في تشرين اول/اكتوبر الحالي.
    هنا أصبحت المشكلة من شقين:
    الأول: أن تتحد هذه المنظمات.
    الثاني: أن الميليشيات التي أيدت الحكومة في البداية، واشتركت معها في جهدها العسكري، أصبحت تعلن أن أي اتفاق مع المنظمات الدارفورية على حسابها مرفوض، لأنها هي التي حاربتهم، وعلى ذلك لا يمكن أن تسلم مصيرها لهم. وأدى ذلك إلى فتح باب جديد.
    نحن نقول إن الحالة في دارفور سائرة نحو الفوضى، ما لم ينعقد مؤتمر جامع لكل السودانيين لحل المشكلة على أساس غير ثنائي بين المؤتمر الوطني وحملة السلاح، وإنما بين هؤلاء وجميع القوى السياسية والمدنية والقبلية، وإلا فإن مشكلة دارفور لن تحل بالرغم من قدوم قوات دولية دون اجراءات مسبقة تمهيدية.
    أولا: يجب التوصل إلى اتفاق جديد لوقف اطلاق النار، لأن كثيرين من بين القوى الموجودة حاليا في الساحة لم يوقعوا اتفاق وقف النار السابق. ما بين 2004 – 2007 تم تفريخ الكثير من الفصائل المسلحة.
    ثانيا: الحكام الإداريون الحكوميون في دارفور اصبحوا جزءا من المشكلة، لذا، فإنهم لن يساعدوا القوات الدولية على القيام بمهمتها.. سيعاكسوها، إلا إذا تغيروا. ومن شأن ذلك احداث وخلق ثقة بين اطراف المشكلة.
    هاتان الخطوتان ضروريتان جداً قبل وصول القوات الدولية. وإلا فإن القوات الدولية ستدخل في مشكلة لا تستطيع أن تحلها، حتى لو ارتفع عددها إلى 200 ألف جندي.

    اجهاض مبادرة مبكرة لحزب الأمة.
    ----------------------------
    • حزب الأمة كانت دارفور منطقة نفوذ له.. ما دوركم الآن في هذه القضية..؟
    ـ نحن منذ بدء المشكلة سنة 2002، وقبل أن تتحول إلى عراك، جمعنا كل الناس في دارفور، ومن جميع الأحزاب، باعتبار أن حزب الأمة هو حزب الأغلبية هناك، وقلنا لهم إن ما يجري في دارفور يسير نحو التفجر ما لم يحسم الآن، ونحن نقترح أن نتفق على حل. فرفض ذلك مندوب المؤتمر الوطني، معتقدا أننا نريد العودة إلى دارفور، بعد أن حاولوا الغاء وجودنا فيها.
    اهتموا فقط بالجانب الحزبي والسلبي. وقالوا نحن نريد أن نحل مشكلة دارفور وحدنا.
    في ذلك الوقت لم تكن الأمور قد تفاقمت على النحو الحالي..كانوا يتصورون أن الأمر بسيط.
    نحن منذ ذلك الوقت شكلنا شيئا اسميناه منبر دارفور، يجمع كل الناس. وقلنا ما معناه أن الحل يكون في كذا وكذا وكذا.. وعندما تفجر الموقف قلنا كلاما واضحا مفاده أن مطالب الناس صحيحة، ولكننا لسنا مع الوسائل التي استخدموها. وظل حزب الأمة يتابع الموقف ويراقبه، ويقول كلاما واضحا فيما يتعلق بالتطورات.
    زرنا دارفور عدة مرات. وحين عدت من زيارتي للإقليم سنة 2004 قلت إن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت في دارفور. وأنه مطلوب بسرعة تشكيل لجنة وطنية محايدة تحقق فيما حدث في دارفور، وتعاقب الجناة، وتعوض المجني عليهم.
    اعلنا ذلك في حزيران/يونيو 2004. وقلنا إن لم نفعل ذلك نحن، ستفعله الأمم المتحدة.. وبالفعل جاءت الأمم المتحدة وفعلت ذلك.

    نحن نعتبر أن كل القرارات التي صدرت هي لمصلحة أهل دارفور، وأن محاولة الإنقلابيين تغيير النسيج الإجتماعي في دارفور أتت بنتائج عكسية بالنسبة لهم. ونعتقد أنه إذا قورن بين موفعنا وسياساتنا في دارفور قبل الانقلاب والوضع الحالي، فإن أحدا لا يمكنه أن يعيبنا أو أن يعيب سياستنا في دارفور من حيث العدالة والمشاركة. ولذلك، بالمقارنة، لا نعتقد أننا خسرنا، لكن لا شك أن تدميرا كبيرا حصل في دارفور، ويمكن أن تكون قوى سياسية جديدة في الإقليم نتيجة لما حدث. ولكن أعتقد أنه أيا كانت تركيبة هذه القوى، لا توجد قوى تستطيع أن تنكر اصالة موقف حزب الأمة في دارفور، وصحة موقف الحزب من الأحداث بعد أن انفجرت. وكذلك الأمر لجهة شفقة موقفنا على أهل دارفور من كل النواحي، واتخاذنا المواقف لصالحهم.

    صحيح أننا مغيبون من قبل الأسرة الدولية، والحكومة السودانية، لأنها (الحكومة) لا تريد أن تشركنا في حل يقال في نتيجته أنهم خربوا دارفور ونحن اصلحناها.. لقد ابعدوننا لأسباب حزبية. أما الأسرة الدولية فقد ابعدتنا جراء قصر نظرها، لأنها تريد الوصول إلى أقصى درجة من التعاون من قبل الحكومة السودانية. وما دامت الحكومة السودانية تريد ابعادنا عن الحل، فالأسرة الدولية تمالئها في ذلك.
    وفي تقديري أن الأسرة الدولية بدأت تكتشف أن الإبعاد كان خاطئا.
    الأمم المتحدة تقر بدور المعارضة

    • كيف وصلتم إلى هذا الإستنتاج..؟
    ـ لأنهم بدأوا يتكلموا معنا.

    • من الذي بدأ يتكلم معكم..؟
    ـ الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة..

    • منذ متى..؟
    ـ تكلموا معنا عدة مرات، اولها سنة 2006 حين زار الخرطوم وفد من مجلس الأمن في آب/أغسطس من ذلك العام. والمرة الثانية حين التقينا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، وممثل الإتحاد الإفريقي قبل ستة أشهر.
    الآن، وقبل أربعة أيام (أجري هذا الحوار بتاريخ 10/9/2007) حصل اجتماع بين ممثل لنا والأمين العام الحالي للأمم المتحدة بانكي مون.
    لقد بدأوا يدركون أن تغييب القوى السياسية السودانية عن القضايا السودانية كان خطأ.

    • ماذا دار في هذه اللقاءات..؟
    ـ جرى فيها تأكيد وتوضيح أننا مع السلام ومع ضرورة تحقيقه، ولكن الوسائل التي اتخذت.. اتفاقية نيفاشا واتفاقية أبوجا كانتا ناقصتين، ومعيبتين ولا بد من تصحيحهما، وأن يتخذ القرار بأن مصير السودان هو السلام والتحول الديمقراطي في نظام الحكم. وأن يتقرر ذلك في ملتقى سوداني جامع.

    • من مثلكم في اللقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة لدى زيارته الأخيرة للخرطوم..؟
    ـ الدكتور آدم مادبو.
    التحقيق مع الزبير
    • نعود الآن للحديث عن الإنقلاب.. كانت هنالك عام 1989 خمس مجموعات تتسابق للقيام بانقلاب على حكومتكم. كان أحد قادة تلك الحركات الإنقلابية العميد في حينه الزبير محمد صالح، وقد تم اعتقاله على خلفية ذلك. هل كانت لكم معلومات في تلك الفترة تفيد بأن هناك من يتسابقون للقيام بانقلاب عسكري..؟
    ـ القوات المسلحة السودانية، ومنذ مدة طويلة، كان لديها فايروس انقلابي، وكثير من الضباط الذين كتبوا مذكراتهم قالوا أنهم كانوا يقسمون على المصحف والمسدس، وهم طلبة في الكلية الحربية على القيام بانقلاب عسكري. وصار، خصوصا بعد ثورة 23 يوليو/تموز 1952 في مصر، تطلع لدى الكثير من الأوساط العسكرية بأن أقرب طريق للترقي إلى رئاسة الجمهورية هو الإنقلاب العسكري.
    في رأيي أن هذه كانت مشكله، وكنا نعرف ذلك. وكان في تقديري أن هناك دائماً احتمالات بحدوث انقلابات عسكرية، لكن أنا كان رأيي، وقد قلته بعد اتهام الزبير، أنها حماقة كبرى أن يفكر أي انسان بالقيام بانقلاب في بلد فيه انقسام اساسي يتمثل في الحرب الأهلية، التي كانت مندلعة في الجنوب..ذلك أن هناك قضايا لا يمكن أن تعالج إلا بالإقناع الوطني.
    لذلك، أنا قلت، واعلنته في البرلمان، يمكن لأحد أن يقوم بانقلاب عسكري، ولكنه سيجد نفسه على صاج من النار، لأن القضايا العامة ليست من صنع الأحزاب أو الديمقراطية.. هناك قضايا قومية.. هناك الحرب الأهلية، الخلاف حول الشريعة، الخلاف حول التنمية، العلاقة بين المركز والأقاليم.. هذه قضايا لا يمكن أن تحل على أساس حزبي. وأنا ذاتي، كانت لدي اغلبية في البرلمان، ومع ذلك لم أقدم على حلها إلا على قاعدة وفاق وطني. وفعلا كنت أسعى لذلك.
    هنالك حرب أهلية نعرف ابعادها الاقليمية والخارجية. يوجد خلاف حول الموارد والتنمية وكيف توزع..يوجد خلاف اساسي حول الأسلمة..ماذا نفعل بالمشروع الإسلامي..؟ توجد قضية اساسية بين المركز والأقاليم. وقلت في بيان أمام البرلمان، يمكن لأحد أن يقوم بعمل انقلاب، لأننا غير مسلحين..يمكن للقوات المسلحة الحامية للنظام أن تتخلى عن مسؤوليتها والقيام بإنقلاب، لكن من يفعل هذا، مع وجود القضايا الأربع المشار اليها، سيجد نفسه فوق صاج من النار. وفي رأيي أن هذا هو ما حدث للإنقلابيين في 1989.

    • الزبير، هل اعترف خلال التحقيق معه أنه كان يخطط للقيام بانقلاب..؟
    ـ لا.

    • هل حقق معه بشكل جدي..؟
    ـ لا.

    • هل نقلت لك نتائج التحقيقات معه في حينه..؟
    ـ لا.
    نحن كانت لدينا سياسة هي جزء من التفكير الليبرالي، أن نترك أمر القوات المسلحة للقوات المسلحة. والصحيح أنني لاحظت أن هذا الأمر يجب أن يراجع. وكانوا قد اصدروا قانونا في عهد الفريق عبد الرحمن سوار الذهب حول وزير الدفاع، وهو رجل سياسي، إلى مجرد مناول ميزانيات. وأعطى القوات المسلحة استقلالية.
    نحن حين شكلنا حكومتنا ارتأينا ضرورة تعديل هذا القانون بهدف زيادة الإشراف المدني على القوات المسلحة.
    للأسف الشديد أن حلفاءنا في الحزب الإتحادي كانوا لا يريدون ذلك، لأن وزارة الدفاع كانت مع حزب الأمة، وزيادة دور وزير الدفاع هي زيادة لدور حزب الأمة. ولذلك عرقلوا الأمر.

    • ماذا كان موقف الجبهة القومية الإسلامية في حينه..؟
    ـ لا أذكر موقفا محددا للجبهة في هذا الأمر. كانت توجد لديهم أصلا كوادر عسكرية في القوات المسلحة، وهم لم يكن التفكير الانقلابي بعيدا عنهم، لكني لم ألحظ موقفا معينا لديهم حيال هذا القانون.
    المهم أنني ارتأيت في حينه أن القوات المسلحة كفيلة بأن تعالج الموضوع بصورة عادلة دون أن نتدخل إلا إذا حدث ظلم.
    اسوأ العهود وأحسنها

    • السودان حكمه العسكر أكثر مما حكمه الساسة.. ما هو اسوأ العهود العسكرية في رأيك..؟
    ـ أنا كتبت كتابا في هذا الأمر بعنوان "الديمقراطية في السودان راجحة وعائدة". وقارنت بين ثلاثة عهود ديكتاتورية..عبود ونميري والإنقاذ، وما بين ثلاثة عهود ديمقراطية وبرهنت في هذا الكتاب أن النظم الديمقراطية سارت من حسن إلى أحسن، وأن النظم الديكتاتورية تردت من سيء إلى أسوأ. وعلى ذلك، فإن ثالثها هو اسوأها، والثالث هو احسنها بالنسبة للديمقراطية.

    • هل التقيت الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل على هامش مؤتمر الوسطية في عمان..؟
    ـ لم ألتقه، لكننا تعاملنا اجتماعيا وانسانيا بصورة طبيعية.

    • وهذا هو عهد السودانيين دائما.
    ـ نعم.
    • حدثتني في مرة سابقة أنك التقيت الرئيس عمر حسن البشير عدة مرات. هل حدثت لقاءات قريبة معه..؟
    ـ لم تحدث لقاءات جديدة معه.
    • متى كان آخر لقاء..؟
    ـ قبل سنة. وفي رأيي أن كل هذه اللقاءات لم تكن مثمرة.

    • في فترة ما حصلت لقاءات مكثفة بهدف محاولة الوصول إلى حل سياسي..؟
    ـ حصلت لقاءات على مستويات مختلفة شملتني وغيري، وشملت الفريق البشير وغيره. لكن في رأيي أن كل هذه اللقاءات لم تثمر خطوة واحدة للأمام على طريق الوفاق الوطني.

    • اللقاء الأخير قبل سنة، هل كان بمبادرة منك أم منه..؟
    ـ نحن أساس لا نتقدم بأي مبادرات. مرات يدعوننا فنلتقيهم.

    • ما الذي اراده الرئيس من اللقاء..؟
    ـ في رأيي أن كل لقاءاتنا مع النظام تدخل في خانة العلاقات العامة.

    • هل تقدم باقتراحات محددة..هل قال شيئا..؟
    ـ لا أذكر، لأنه لم يدر فيه شيء ذي بال. لم تكن هناك أجندة للقاء.
    • ألم يطرح افكاراً سياسية..؟
    ـ لا.. لا..

    • هل كان لقاءا في مناسبة اجتماعية..؟
    ـ لا.. يكون هناك كلام من طراز القول أنهم يريدون أن نتفق، ويريدون وحدة وطنية.. كلام اماني.

    التنسيق بين أطراف المعارضة.
    --------------------------

    • صهرك الدكتور حسن الترابي، هل تلتقيه الآن..؟ هل زالت القطيعة بينكما..؟
    ـ أصلا لم تكن هناك قطيعة اجتماعية، لكن من الناحية السياسية. ونحن نلتقي الآن في اطار تحالف. وقد دعوته آخر مرة هو والسيد الميرفني ومحمد ابراهيم نقد، وذلك قبل ثلاثة أيام من سفري، بهدف أن نتفق على ما يجب أن نقوله معا للأمين العام للأمم المتحدة لدى زيارته للخرطوم.
    وبالفعل، فقد اتفقنا على مذكرة مشتركة.

    • ما هو مضمونها..؟
    ـ أن نتكلم بصراحة عما يحدث في السودان بالنسبة لاتفاقيات السلام، وبالنسبة للمخرج من الورطة الوطنية الحالية في السودان، والإتفاق على أن المخرج الوحيد هو أن يحدث ملتقى جامع لتكملة الناقص وازالة العيوب من الإتفاقيات، وتمليك أهل السودان مصيرهم بأنفسهم.

    • القوى الحديثة التي كانت تناقض حكومتكم أين هي الآن..؟
    ـ أنا لا أعتقد أن هناك شيئا إسمه قوى حديثة..
    • هذه هي التسمية التي كانت تطلق على النقابات.. هل تمت الهيمنة عليها من قبل النظام الحالي..؟
    ـ النقابات هي من أكثر الجهات التي واجهت بطش النظام. بطش بها بطشا شديدا جداً، وشكلوا اتحادا واحداً لكل المخدومين والمستخدمين، وذلك كوسيلة من وسائل السيطرة على العاملين في كل المستويات في السودان، وقد كان أهم مهام النظام الإنقلابي هو تصفية الحركة النقابية. وفي رأيي أنهم فعلوا ذلك.

                  

العنوان الكاتب Date
25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكريـم. بكري الصايغ12-21-07, 10:05 PM
  Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري بكري الصايغ12-21-07, 10:28 PM
  Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري بكري الصايغ12-22-07, 00:09 AM
    Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري JOK BIONG12-23-07, 02:00 AM
  Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري بكري الصايغ12-22-07, 11:18 PM
    Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري سيف النصر محي الدين محمد أحمد12-22-07, 11:46 PM
      Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري Hussein Mallasi12-22-07, 11:54 PM
        Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري Nasir Ahmed Elmustafa12-23-07, 06:45 AM
  Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري دينا خالد12-23-07, 07:16 AM
    Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري Elsheikh Mohd Aboidris12-23-07, 07:26 AM
  Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري بكري الصايغ12-23-07, 11:48 AM
    Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري Abubaker Ahmed12-23-07, 01:29 PM
      Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري بكري الصايغ12-23-07, 08:16 PM
  Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري بخاري عثمان الامين12-23-07, 08:34 PM
    Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري بكري الصايغ12-23-07, 10:08 PM
      Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري إسماعيل وراق12-23-07, 10:28 PM
        Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري بكري الصايغ12-26-07, 00:07 AM
  Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري Abubaker Ahmed12-26-07, 00:10 AM
    Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري إسماعيل وراق12-26-07, 00:34 AM
    Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري إسماعيل وراق12-26-07, 00:37 AM
  Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري Basheer abusalif12-26-07, 04:28 AM
    Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري بكري الصايغ12-27-07, 03:11 AM
      Re: 25 ديسمبر 1935- 2007: السيد الصـادق الـمهدي 72 عامآ،تعالوا نحتـفل ونكررالتهاني لشخصـه الكري waw12-27-07, 09:49 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de