سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-13-2024, 07:26 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-18-2007, 10:04 AM

د.ناهد محمد الحسن


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1)

    سيرة القهر .. .مقاربة لشخصية سودانية(1)

    د.ناهد محمد الحسن

    فى قطر متعدد الاعراق والثقافات يبدو من الصعب على اى باحث فى الانثربولوجيا النفسية الخروج بشكل واحد للشخصية السودانية . وما قمت به من مقاربات لمجتمع الهمباتة وتحليل لنماذج مختلفة من الاحاجى السودانية ,لايعدو ان يكون تلمسا عاماً للقيم والاتجاهات العامة فى التفكير وطريقة النظر الى الحياة .تهدف هذه المقاربات الى ايجاد اجابات ولو تعميمية تحاول ان تفسر , فشل الانظمة الديموقراطية وندرة القيادات والشخصية الانسحابية التى لاتحتج على شىء , ويفعل بها اى شىء . وانتشار فكرة عدم ملاءمة الديموقراطية والتعددية والعمل الجماعى للسودانيين. الافكار التى راهنت عليها الانظمة العسكرية واعتمدتها كمبررات لاجهاض الانظمة الديموقراطية ومن ذلك ان دعاة الديموقراطية كانوا اول من تنكر لها قبل ان يصيح الديك . وقد قام كثيرين بايجاد تحليلات للتجارب السياسية السابقة لتعرية الاخطاء وتجاوزها مستقبلا ومن ذلك كتابات الدكتور منصور خالد ( النخبة السودانية وادمان الفشل), والدكتور ابو القاسم حاج حمد (السودان المأزق التاريخى وآفاق المستقبل ),ومحنة النخبة السودانية للاستاذ فتحى الضو محمد .
    ولاننى اؤمن بان الشخص ليس حاملا سلبيا لثقافة مجتمعه وان بامكانه استحداث انماط ثقافية جديدة , اعول على هذا الشخص كثيرا فى احداث التغيير الاجتماعى المطلوب . واهم هذه الشروط ان يتحرر هذا الشخص من وطأة ثالوث المكان والزمان والشخص . الثالوث الذى اعتبره الدكتور ماجد موريس حائلا امام الابداع الحر .وفى نظرى ان مفتاح الابداع باطلاقه هو ابداع الشخص لذاته .
    والانسان فى السودان حصل على سماته الانسانية من محدداته البيئية والثقافية ومن شخصيته التى قامت بصياغتها انظمة تربوية بعينها اتسمت باستبطان القهر وافرازه ولاوضح هذه العبارة ساتمثل بالرق كمؤسسة اجتماعية تهاوت فى السودان والعالم اجمع . غير ان تداعياتها المجتمعية لازالت باقية تتسلط على لاوعى الشخص الذى كانت عائلته قبل مائة عام جزء من الرقيق, وان كان اليوم اميزنا فكراً واكثرنا استنارة !كما ان فهم الحرارة والسادة لازال فى عقلية من كان اجداده لهم رقيقهم وان كان اليوم ادنانا منزلة وعلما , فى وقت هذبت فيه الحركات التحررية والنضالات من اجل حقوق الانسان الرؤية الى الآخر المختلف واسست الى ما ذهبت اليه الاديان السماوية وغيرها من الاديان التى ارست مبادىء العدل والمساواة فى الكرامة والحقوق دون اختلاف فى النوع او العرق او الدين او الثقافة او نمط المعيشة وغيرها من الاختلافات الشوفينية . لذلك كان لابد لى من مراجعة تاريخية القهر الذى ظل يتسلط على انظمتنا التربوية والحياتية , وساكتفى فى البداية بالوقائع العنيفة فى التاريخ السودانى التى شكلت نظرته الى ذاته معتمدة على الدراسة القيمة التى قام بها الاستاذ محمد عبد الخالق بكرى بعنوان سيرة الاعدام السياسى فى السودان1821 1898 وسأقوم فى حلقات قادمة بمراجعة نظامنا التربوى الذى يعجز عن انتاج قيادات رشيدة .

    سيرة القهر التاريخى :

    قبل الغزو التركى , اى فى فترة الممالك الاسلامية , لم يخرج العنف والقهر من الاطار القبلى , الذى يعتبر جزء من المجتمع الابوى الذى لازال سائدا فى السودان , الشكل الهرمى للقيادة التى تنتهى بسلطة وحيدة لدى شيخ القبيلة او الطائفة, او الجماعة المحددة والتى تنحو نحو الوراثة فى اختيار القيادات لا الى المؤهلات وبالتالى لايصعد من هو فى اسفل الهرم الى اعلاه . وفى مجتمع الفونج مثلا لايمنح لقب الارباب او الامير لمن كانت امه من العامة وابوه اربابا. فى حين يقتصر اللقب على من كانت امه اميرة باعتبار ان الاميرة ليس لديها خيار ان تتزوج رجلا من العامة ولضمان السيادة الاقطاعية وسط من سموا انفسهم بالسادة . وكما ذكر عبد السلام سيد احمد ان النظام فى الفونج كان اقطاعيا بشكل حرفى لمفهوم السادة والعبيد ونمط الحياة , حيث يحظر على العامة التشبه بالسادة فى الملبس مثلا وفى رؤيته ان ظهور طبقة الفقهاء كطبقة موازية خارجة فى سلطتها على التقييم الاقطاعى كانت السبب فى خلخلة نظام الحكم الذى سقط سائغا فى يد الاتراك .
    دشنت الحكومة التركية دخولها الى سنار باعدام عبد الله بخيت وادريس ود عقيد بالرفع على الخازوق لاشتراكه فى قتل الوزير محمد ود عدلان وزير السلطنة وذلك بتحريض من حسن ود رجب الذى كان له ثأر على الوزير لقتل الاخير شقيقه محمد ود رجب . ويعتبر الاستاذ محمد عبد الخالق ان هذا الاعدام سياسيا لان المحرض الرئيسى تم اعفاءه من القتل وان اسماعيل باشا لم يكن حريصا على انصاف دماء الرجل الذى هدد الغزاة الترك بالمقاومة فى مقولته الشهيرة ( لايغرنك انتصاركم على الجعليين والشايقية فنحن الملوك وهم الرعية...)انما قصد الاعدام بهذه الصورة لبث الرعب فى سكان سنار واظهار هيبة السلطة الوافدة . كانت هذه فاتحة لعهد اتسم بالعنف والقهر ضد المواطنين , اتبعت فيه السلطة التركية سياسات الابادة الجماعية , الاعدام او الاغتيال الوقائى , القتل بالشبهة واخذ البرئ بدم المذنب( النيل من اهل المعارض واقاربه ). وقد اورد الاستاذ محمد فى بحثه نماذجا لهذه السياسات منها :
    الابادة الجماعية :
    لم يشهد السودان فى تاريخه القديم مثلما شهد فى حملة الدفتردار الانتقامية بعد مقتل اسماعيل باشا فى 1823 . ذكر كاتب الشونة فى وصفه لهذه الحملة ( ولما جاوز دار الجميعاب وضع يده بالقتل والخراب, وخرب تلك المدائن وعدم فيها القاطن والساكن ), كما ذكر فى استمرار القتل (ووضع يده بالخارب ثانيا فما ترى بها انيسا ولا تسمع بها حسيسا من حد شندى الى كترانج ) وقد ذكر كاشف المتمة بعد عامين ان عدد القتلى قدر بخمسين الف نفس ومهما كانت التقديرات فانه من الثابت ان عدد الضحايا كان كبيرا وقد ادى العسف الى هجرات كبيرة ونال العقاب قبائل بريئة لم تشارك اصلا فى الانتفاضة .ومن ذلك ان الحسانية اجتمعوا بالجزر التى على النيل تنحيا من طريقه فوصل اليهم على الارماث واوقع بهم مجزرة هائلة . كما نكل بالشكرية وجل الهمج .ومما يعزز نية الابادة الجماعية لدى الدفتردار كما يقول الاستاذ محمد عبد الخالق متابعة المصير الذى واجه اسرى هذه المطاردات والملاحقات . فقد نتج عن مجزرة المتمة الفى قتيل وثلاثة الاف اسير قتلوا عن آخرهم .وقتل حرقا من لجأ الى خلوة الفقيه احمد الريح.
    فى نظرى ان الاثار النفسية التى تخلفها الابادة الجماعية ليست اقل بشاعة من القتل. ففى ظل انظمة شمولية قاهرة قد يضطر المواطن الى ابتلاع لسانه الى حين, لكن فى ظل انظمة تعتمد الابادة الجماعية يجد الانسان البسيط نفسه فى مواجهة سلطة اقوى منه وهو عاجز عن ايجاد حلول تؤمنه .فعند وجود اى ضغط انسانى تتجاوب الذات الانسانية بردود فعل معينه للتخلص من القلق الذى تنتجه هذه الضغوط. ويتم ذلك عن طريق آلية حل المشكلات لدى الشخصية الناضجة او اعتماد آليات تقلل القلق ولكنهاغير ناضجة ومن ذلك الانكار, الهروب, او النكوص لردود فعل تناسب مراحل عمرية سابقة كالبكاء والصراخ وتحطيم الاشياء باعتبار ان هذه ردود فعل طفولية قد تساهم فى تخفيف القلق ولكنها لاتحل المشكلة بقدر ما انها آلية هروب مؤقتة يعود بعدها الشخص للواقع المرير. فاذا افترضنا وجود شخصية ناضجة وشجاعة فانها تحت وطأة هذا التعذيب للذات والتهديد المستمر مع انعدام الحلول الموضوعية _ كما فعل الحسانية مثلا بالابتعاد عن طريق الحملة _ او بعدم الاشتراك فى الحرب _ لهذا تضعف هذه الذات امام امتحانات وجودها وتهتز ثقتها فى ذاتها وفى مصيرهاويتسلط عليها القهر الذى يستعبدها ويجعلها تنتقص كل يوم من كرامتها . وهذا القهر الواقع على الانسان,هو طاقة سالبة يجب توظيفها بشكل ما للتخفيف من وطأتها المدمرة وذلك بتوجيهها نحو الذات حيث يكف الشخص عن التصارع مع فكرة انه شخص حر الارادة وكريم ويقبل بقيود عبوديته وبالتالى ينسحب الشخص وتضعف ثقته فى نفسه وتتشوه نظرته للحياة ويميل الى الاكتئاب والغيبوبة الذهنية بالاغراق فى المسكرات ويقدم هذا الشخص لابنائه نموذجا مختلا للكرامة والارادة والحرية ويبدأ فى تعليمهم الخضوع وتقبيل ايادى السادة كنوع من حسن الادب . وقد تقوم شخصية اخرى بتوظيف القهر الواقع عليها بتمريره الى الاخرين فيعتمد هذا الشخص العنف وسيلة فى الحياة وتختل قيم الرجولة وفى هذا المجتمع انتشرت ظاهرة الهمبتة كرد فعل عنيف قام بتوظيف القهر ضد الاخرين . ويعتمد هؤلاء العنف اسلوبا للتربية وهو اما انتج اشخاصا جانحين او اكثر عنفا او فاقدى الارادة والشخصية .والغريبة ان النفس البشرية تفاجؤك احيانا بردود فعل تساوى بالضبط ما ابتلعته من غبينة .ففى الوقت الذى تستكين فيه الحكومات بعد ما ارسته من قمع جعل سياسة المشى بقرب الحائط حكمة بقاء.... ينبت من ركام الذات الانسانية ووفقا للنيوتينية رد فعل مساو فى المقدار ومضاد فى الاتجاه , يلد الضعف والخنوع الطويل رجالا لايعافون شيئا قدر التجوال فى الدروب التى لاتضيع احداً. هكذا يقول علم النفس والتاريخ ولازال زئير الثورة الفرنسية طاغيا على ليل السكوت الاقطاعى الطويل . وما فعل الاستبداد التركى الا ما ثوّر المهدية وشرعنها وعلمها وجيشها الصمود . قصدت ان اقول ذلك حتى لا يغتر البعض بخضوع البعض ولايراهن البعض على قدرة البعض على الاحتمال غير المشروط واللا محدود. فلطالما كنت ارى الذات الانسانية بقدرة مطاطية , بوسعك ان تمدها حتى لايسعها ان تتألم اكثر , عندها تتفاجأ انت وصاحب الذات نفسها بقدرتها القاهرة فى نسف الجميع _ الحكومة التركية قصدت واسمعى يا جارة _ لكن لم يفشل الانسان بعدما نجح فى تحرير شخصه من القهر الخارجى ؟ بمعنى اخر لم فشلنا احزابا وحكومات وسودانيين ونخب فى خلق واقع افضل , ان كان لازال بمقدورنا ان نناضل ونتحرر ؟!
    نواصل ........
                  

العنوان الكاتب Date
سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) د.ناهد محمد الحسن12-18-07, 10:04 AM
  Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) طلال عفيفي12-18-07, 10:17 AM
    Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) د.ناهد محمد الحسن12-18-07, 11:05 PM
  Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) Ishraga Mustafa12-18-07, 10:29 AM
  Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) أبو ساندرا12-18-07, 10:44 AM
    Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) هاشم أحمد خلف الله12-18-07, 10:56 AM
  Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) serenader12-21-07, 00:51 AM
    Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) khalid kamtoor12-23-07, 06:40 PM
      Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) د.ناهد محمد الحسن12-24-07, 10:46 AM
    Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) د.ناهد محمد الحسن12-24-07, 10:34 AM
  Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) Nasr12-23-07, 10:48 PM
    Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) سلمى الشيخ سلامة12-24-07, 00:59 AM
      Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) سيف النصر محي الدين محمد أحمد12-24-07, 01:29 AM
        Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) د.ناهد محمد الحسن12-24-07, 11:11 AM
      Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) د.ناهد محمد الحسن12-24-07, 10:58 AM
    Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) د.ناهد محمد الحسن12-24-07, 10:52 AM
  Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (2) د.ناهد محمد الحسن12-24-07, 10:49 AM
  Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) Sabri Elshareef01-04-08, 01:14 PM
  Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) Sabri Elshareef01-04-08, 01:14 PM
    Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) amin siddig01-04-08, 03:08 PM
  Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) Sabri Elshareef01-04-08, 07:35 PM
    Re: سيرة القهر ..مقاربة لشخصية سودانية (1) ابو يسرا01-22-08, 09:54 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de