لن نصمت على انتهازيي الفرص في القضايا الوطنية.... الحزب الاتحادي الذي أعرف

Quote: الإصلاح في الإتحادي.. رحلة الى الدائرة المفرغة الخرطوم: مزدلفة محمد عثمان لن ينسى اسلاميو السودان قطعاً أجواء مذكرة العشرة التى أطاحت بالزعيم الاسلامي حسن الترابي تحت دعاوى الاصلاح المؤسسي والتنظيمي، ولن يكون من السهل عليهم نسيان الانشقاقات التي عصفت بالتنظيم وقسمته الى ثلاثة تيارات مؤتمر وطني، وآخر شعبي، وثالث اختار الانعتاق من الاثنين والعيش بعيداً عن التنظيم وهو على قناعة بفشل التجربة التي خلصت في نهاياتها الى صراع على السلطة بعيداً عن أهداف ومبادئ ملأوا العالم بالضجيج والتبشير بها، وبغض النظر عن الهجرات العكسية التي انتظمت القيادات العليا والوسيطة من والى المؤتمرين الوطنى والشعبى والتي عكست بجلاء خواء الفكرين من معطيات مقنعة، ويبدو ان ذات العدوى التي استشرت وسط الاحزاب وقتلتها انقساماً انتقلت بقوة أكبر الى الحزب الاتحادي "المرجعيات" فالحزب اصلاً تحول الى تيارات دخل أحداها الحكومة وشارك الانقاذ رسمياً قبل سنوات، بينما آثر آخرون الدعوة الى منهج تجديدي للانعتاق من النفوذ الشخصي، ووقف جناح ثالث حائر بين الاثنين فلا هو قادر على الدخول فى جلباب النظام ولا عازم على الاطاحة بالقيادة التاريخية، وفي داخل ذات التيار نشأ فصيلين يتناحران كلما حل الصباح ويتجاذبان الصلاحيات والمحاولات لجر الحزب في اتجاهات متنافرة للحد الذي اصاب القواعد بالضجر. والآن.. تنتظم أروقة الاتحاديين تحركات متوالية بغرض الاصلاح التنظيمي وتتكتم قيادات الحزب فى كل قطاعاتها على تفاصيل تلك المطالبات بل ان العديد منها انكرت قطعياً عندما استفسرتها على مدى يومين وجود أي مساعٍ اصلاحية، واعتبرت ما يثار فى ذات الاتجاه لايخرج عن اطار الصراعات الداخلية والتي تأخذ اشكالاً عديدة بين الحين والآخر. لكن "الأحداث" حصلت بالأمس على معلومات من مصادر متطابقة في الخرطوم وعواصم عديدة تؤكد تحركات عديدة لإجراء تعديل جذري فى أسس العمل وكل المؤشرات التي تجمعت من الداخل والخارج تقول بان الوضع الذى يسود أروقة الحزب الاتحادي أشبه لحد بعيد بتلك الاجواء التي عاشها الاسلاميون سعياً وراء الاصلاح، لكن مع فارق أوحد ان الاتحاديين لايملكون الجرأة على الاطاحة بزعيم الحزب محمد عثمان الميرغني ربما لقناعات مرتبطة بالمكانة الدينية والروحانية بعكس الترابي الذى وصل الى موقعه القيادي في الحركة الاسلامية باجتهادات فكرية ليس إلا .. والوضع داخل الحزب الاتحادي هذه الايام يشئ بعاصفة تغيير هوجاء ربما ضربت الهيكلة القائمة حالياً وأعادت تشكيل مؤسساته بنحو اكثر فاعلية، وبحسب مصدر موثوق اشترط عدم كشف هويته فان المقترح الذى تعتزم قيادات نافذة مناقشته في القاهرة الاسبوع المقبل مع الميرغني يدعو بقوة الى حل المكتب التنفيذي الحالي بوصفه أحد مسببات الازمة فضلاً عن انه فشل بجدارة في عقد اجتماعات دورية وفقاً لما قرره المكتب السياسي في اجتماع القاهرة الاخير، ولم ينجح في الاجتماع سوى مرتين، لكنه نشط ـ وفقاً للمصدر ـ في تصدير مواقف فردية حول قضايا حساسة مستخدماً اسم الحزب للمتاجرة وتسويق الرؤى الفردية.. وبحسب المسؤول النافذ فان الابقاء على الهيكلة الحالية للمكتب التفيذى فيها اعادة انتاج للازمة برمتها ولن يجدي نفعاً ما لم يتخذ الحزب ورئاسته قرارت شجاعة باقصاء كل الوجوه الشائهة التى نسجت تحالفات سرية مع المؤتمر الوطني، ومضت الى الأبعد بتشويه صورة قيادات تاريخية مسنودة من القواعد، مستشهداً بحملة التوقيعات التى انتظمت اعضاء المكتب التنفيذي ضد التوم هجو واتهامه بالاساءة للحزب برغم ان هجو يعبر عن تيار كاسح وسط الاتحاديين، وبالمقابل اتجهت أجنحة اخرى الى قيادة حملة مناوئة تدعو للاصلاح لكن بطريقة اكثر منهجية وآثرت مخاطبة الميرغني مباشرة وتبصيره بالوضع الداخلى المتأزم، وبحسب معلومات "الأحداث" فان خطاباً سلم الى الميرغني في القاهرة قبل أيام يحمل توقيعاً لنحو 22 من القيادات البارزة يتقدمهم الشيخ حسن ابوسبيب تطالب رئيس الحزب باجراء مراجعة عامة وضخ دماء جديدة فى الهيكلة الحالية، واتسم الخطاب بروح مغايرة لمذكرة المكتب التنفيذي بل تحدث صراحة ان مجموعة من النافذين حول الميرغني تعيق دوره الوطنى المعروف وتعمد بتصرفاتها الى الاخلال بالاداء. وبحسب معلومــــــــــــــــات "الاحــــــــــداث" فان الجميع اجتهد للتكتم على المذكرة وانكار وجودها الى حين اصدار الميرغني قرارات واضحة بشأنها، ويبدى مراقبون استنطقتهم أمس حالة من اليأس حيال امكانية اجراء اصلاحات في الحزب بسبب سيطرة الميرغني على كل مفاصل العمل الحزبي برغم مشاهد المؤسسية والعمل الجماعي التى تبدو عليه، لكن لا أحد بمقدوره الانعتاق من تلك السيطرة، فالبعض يطغى عليهم الولاء الطائفي والآخر يخشى غضب "السيد" ولا يجرؤ على التقدم خطوة دون اذنه، ويقول مسؤول في الحزب آثر حجب هويته ان الاتحادي لن يتغير مالم "تقلب الطاولة رأساً على عقب" ويشير الى ان الخلاف فى الاتحاديين يمثل جزءً من التركيبة الازلية التي امتازوا بها ونجح على أساسها عديد من الشخصيات في الصعود الى دائرة الفعل السياسي بدون أي مؤهلات ويردف "ان الاتحادي ليس فيه خاسراً الى الابد ولا كاسباً الى الابد" وهو ما يعطي دفقة من الامل فى امكانية ان يحصل شيئاً ما في المستقبل البعيد عند تبديل كل هذه الوجوه والسياسات ليبقى الحزب مؤثراً في الساحة وليس منشغلاً بحاله، في وقت تنتظم البلاد اوضاع غاية في التعقيد كان يفترض ان يكون للحزب الاتحادي نصيب الاسد فى الاسهام بالعلاج لكنه "انشغل بنفسه". ويبدو ان معركة الاتحاديين الاصلاحية القادمة لن تصل الى ما وصل اليه الاسلاميون عندما حاولوا اصلاح بعض الامور داخل الحركة الاسلامية وكانت ابرز مطالبهم تأخذ مناحي نقاش عام بين الصفوة لتتركز في انعدام المؤسسية وانفراد الترابي بسلطة اتخاذ القرار، فبرغم ان الاتحاديين فى مجالسهم الخاصة على قناعة بان الميرغني يتسبب في الوضع الحالي بشكل أو بآخر إلا انهم غير قادرين بالمرة على انتخاب عشرة ليصيغوا مذكرة لتشريح الوضع ومخاطبة العلة الحقيقية ويبقى الاجتماع المرتقب فى العشرين من الشهر الجاري بالقاهرة ليس سوى رحلة جديدة للتنزه والعودة الى دوران ذات الحلقة المفرغة