|
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور (Re: Abdel Aati)
|
نخبة دارفور الجديدة والمراوحة بين اليمين واليسار:
النخبة الدارفورية القديمة من رجال الادارة الاهلية وزعماء العشائر؛ كانت توجهاتها واضحة؛ حيث قد ربطت نفسها بالنخب القديمة في المركز؛ وكانت حليفتها الاستراتيجية؛ وفي ذلك فقد كانت هي وفئة الجلابة؛ يعملوا في تنسيق تام مع قيادات احزابهم الطائفية؛ بل كانوا هم قيادات تلك الاحزاب في الاطراف؛ وهي المناطق التي كانت مصدر الدعم السياسي المضمون؛ واليد العاملة الرخيصة؛ والقوي المحاربة اذا استدعي الامر "الحرابة"؛ لقيادات الاحزاب الطائفية.
اما النخب الدارفورية الجديدة؛ فقد راوحت بين اليمين واليسار؛ ولم تحسم موقفها تماما. كان هذا لطبيعتها المتاثرة بالريف والإسلام الشعبي؛ وغير الميالة للعقائدية من جهة؛ واقصائها المتعمد من جانب القوي العقائدية من الجهة الاخري. هذه المراوحة جعلت بعضها يبحث عن خيارات جديدة؛ فكانت "جبهة نهضة دارفور"؛ ذلك التنظيم الجبهوي الذي ضم النخبة الدارفورية الجديدة؛ من اليمين واليسار؛ في فترة الستينات؛ وكان له دور كبير في بزوغ ونشاط الاجيال اللاحقة من النخبة الدارفورية الجديدة.
من جهة اخري؛ فان تاريخ دارفور وتراث سلطاناتها العظيم؛ وتميزها الثقافي عن بقية اقاليم السودان؛ وارتباطها بغرب افريقيا؛ قد جعل هناك امكانية لبروز تيار قومي دارفوري؛ يمكن ان تتحلق حوله بعض النخبة الدارفورية الجديدة؛ وقد كانت منظمة "سوني" المسلحة بذرة له؛ وان كان هذا التيار قد تعرض للهزيمة سريعا؛ وذلك للشكل الفطير الذي قامت به "سوني". وفي المستقبل لم يجد هذا التيار التعبير السياسي عن نفسه؛ الا في فترة قصيرة؛ هي فترة "جبهة تحرير دارفور".
وكما خدع نظام مايو بعضا من النخب الجديدة في الوسط؛ فانه حاول خداع النخب الجديدة في الاطراف؛ وفي ذلك كانت اتفاقية اديس ابابا؛ والتي كسب بها لمدة؛ ولاء النحبة الجنوبية الجديدة. الا ان علاقة النظام بالنخبة الدارفورية كانت اسؤا حظا؛ ورغم نجاحه في جذب رجال مثل احمد ابراهيم دريج - الممثل التقليدي للنخبة الدارفورية الجديدة من جيل الستينات-؛ فانه قد فشل في المحصلة؛ حيث وقفت دارفور الشعبية ضده في انتفاضة يناير 1981؛ ودفعت النخبة ضده؛ وذلك عندما هجره دريج وذهب الي المعارضة في الخارج.
ولكن ولان الطبيعة لا تعرف الفراغ؛ فان التمدد الاخواني في السلطة والمجتمع؛ قد صاحبه تمدد لهم وسط النخبة الدارفورية الجديدة الاصغر سنا؛ فكان ان شهدت السبعينات والثمانينات تحولا كبيرا وسط متعلمي دارفور؛ تجاه الاصولية. وربما كان للخلفية الانصارية للدارفوريين – وهي حركة دينية جهادية- ؛ او للاختراق الذي قامت به الحركة الاسلامية للاحزاب الطائفية في الجبهة الوطنية ؛ او غيرها من الاسباب؛ دورا في ان اتجهت هذه النخبة اسلاميا؛ وظل هذا حال معظمها؛ حتي تم انقلاب 30 يونيو 1989.
وقد دعمت النخبة الدارفورية المشروع الاسلاموي في 1989؛ ولكنها سرعان ما صدمت فيه. وقد تجلي هذا في انفضاض ممثلين بارزين لها عن الحركة الاسلامية ؛ كفاروق احمد ادم؛ النائب الاخواني السابق؛ وكداؤود يحي بولاد الذي تحول الي معارضتها بالسلاح؛ وابتعاد ابراهيم ايدام؛ عضو مجلس الانقلاب عن الحكم؛ وخروج امين بناني نيو؛ بعد صراع حافل مع السلطة.. بالمقابل فان الحركة الاسلامية قد ابدت بعد ان وصلت للسلطة؛ ضيق افق "شماليا" ليس له حدود؛ حينما القت بثقلها كله وراء النموذح الوسطي الامدرماني؛ وابعدت وهمشت عناصرها من نخب الاطراف؛ وكل ذلك في ظل صغر حجم كعكة السلطة؛ و انعدام وجود اي مشروع تنموي وتحديثي لها؛ الامر الذي انكشف في تعاملها مع الازمة الاقتصادية –الاجتماعية – البيئيية العميقة في دارفور؛ والتي عالجتها بان ارسلت لهم ..الطيب سيخة حاكما.
أدي كل هذا؛ مترابطا بالتصدع الكبير الذي مرت به الحركة الاسلامية؛ وكون الصراع في حزب الاسلاميين؛ قد اخذ الوجه القبيح لصراع اولاد البحر واولاد الغرب التاريخي؛ الي ان تنفض اغلبية النخبة الدارفورية عن الحركة الاسلامية؛ وان يبتعد عنها المواطن الدارفوري بصورة عامة. اما من بقي منهم في الحركة الاسلامية؛ فقد مال لصالح جناح الترابي؛ والذي اقنعهم – كاذبا والي حين – انه معهم؛ وان قلبه مع اولاد الغرب ضد اولاد البحر.
في ظل هذا ؛ بدأت بعض الرموز القديمة في النخبة الدارفورية الجديدة في الحركة؛ فكان ان كون احمد ابراهيم دريج التحالف الفيدرالي السوداني. وكما كانت جبهة نهضة دارفور في الستينات غير محددة الاتجاه؛ فان التحالف الفيدرالي كان مائعا وغير محدد الاتجاه؛ وحينما طلب بعض ابناء دارفور من الاستاذ دريج تزعم تنظيم يجمع الدارفوريين كلهم في التسعينات؛ رفض بحجة انه رجل قومي سوداني؛ وكان التحالف الفيدرالي موزعا من جديد في هويته؛ ما بين كونه تنظيما دارفوريا؛ ام تنظيما لغرب السودان – دارفور وكردفان-؛ ام تنظيما قوميا سودانيا جامعا. كما كان موزعا في نشاطه؛ ما بين كونه تنظيم ثوري راديكالي يناضل بالسلاح؛ كما اراده شريف حرير؛ البروفسور الثائر ونائب رئيس الحزب؛ ام تنظيما اصلاحيا تدريجيا؛ كما يريده "الليبرالي" احمد ابراهيم دريج؛ رئيس الحزب.
في خلال ذلك؛ وفي ظل ابتعاد النخبة الدارفورية الجديدة من جيل الستينات والسبعينات والثمانينات؛ عن واقع دارفور المرير ؛ وعن ازماتها العميقة؛ وعن جيلها الشاب؛ فقد برزت قيادات جديدة في التسعينات؛ بمعزل عن هذه النخب؛ واعلنت عن نفسها بانطلاق العمل المسلح في دارفور؛ كاعنف شكل من اشكطال الاشهار؛ وذلك بعد ان يئست من خلاص وقيادة يمكن ان تأتيها من النخبة الدارفورية المتأسلمة"علي الحاج" او تلك النهضوية " أحمد إبراهيم دريج".
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | Abdel Aati | 07-02-04, 11:46 AM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | Abdel Aati | 07-02-04, 11:47 AM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | Abdel Aati | 07-02-04, 11:48 AM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | Abdel Aati | 07-02-04, 11:48 AM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | Abdel Aati | 07-02-04, 11:49 AM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | aymen | 07-02-04, 01:32 PM |
Re: إعتذار لسيدة كريمة ولأعضاء المنبر وزواره !! | Abdel Aati | 07-02-04, 10:51 PM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | Bashasha | 07-02-04, 10:11 PM |
Re: إعتذار لسيدة كريمة ولأعضاء المنبر وزواره !! | Abdel Aati | 07-02-04, 10:55 PM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | Bashasha | 07-03-04, 00:55 AM |
ركز معاى يا بشاشه !! | Abdel Aati | 07-03-04, 01:22 AM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | Bashasha | 07-03-04, 03:49 AM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | aymen | 07-03-04, 11:33 AM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | ابنوس | 07-03-04, 01:18 PM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | Abdel Aati | 07-03-04, 10:16 PM |
مرة اخري عن النخبة والبدائل: | Abdel Aati | 07-03-04, 09:52 PM |
Re: مرة اخري عن النخبة والبدائل: | aymen | 07-04-04, 12:28 PM |
Re: مرة اخري عن النخبة والبدائل: | Abdel Aati | 07-28-04, 02:27 AM |
Re: مرة اخري عن النخبة والبدائل: | Alia awadelkareem | 07-28-04, 07:46 AM |
Re: مرة اخري عن النخبة والبدائل: | Abdel Aati | 08-02-04, 04:48 AM |
Re: مرة اخري عن النخبة والبدائل: | Abdel Aati | 08-06-04, 06:29 PM |
Re: صراعات النخبة وحديث الأزمة في دارفور | ود حماد | 08-07-04, 06:29 AM |
|
|
|