|
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية (Re: Abdel Aati)
|
خاتمة : نحو استعادة جديدة للشرعية :
ان الواقع القائم ؛ يفترض استعادة جديدة لمصادر المشروعية واستعادة للشرعية علي اساسها؛ تستفيد من تجارب الماضى والحاضر ؛ وتتجاوز قصور مصادر المشروعية المرصود فى التجربة الدستورية السودانية ؛ وترشد الايجابى من نداءات النظريات الثورية ؛ وتؤطره بحيث لا يصبح مدخلا للانظمة والتجارب الشمولية ؛ ولكيما تغتنى به المشروعية الدستورية ؛ والتى لابد ان تكتسب محتوى مقاربا لتطلعات ومصالح وحياة المواطنين المعاشة ؛ اذا ما ارادت لسلطتها الاستقرار والقبول .
هل هناك حاجة لمشروعية جديدة ؟ ان السؤال الذى يطرحه البعض حول جدوى النظام الدستورى فى العالم الثالث يشكل لنا محاولة لهز اسس اكثر الانظمة شرعية حتى الان . فالنظام الدستورى ليس هو عملية انتخابية فقط ؛ او احزاب قد ترتقى لمستوى المسئولية الوطنية او تعجز عن ذلك ؛ مما يشير اليه مختلف نقاد التجربة الدستورية الديمقراطية ؛وانما هو قبل كل شى ضمان للحقوق الاساسية للفرد والمجتمع ؛ وفصل لسلطات الدولة ؛ يكفل لها التوازن ؛ وعدم تغول احد السلطات على غيرها ؛ الامر الذى يؤدى لهيمنتها فى الحياة العامة . ان الشرعية الدستورية تعنى قبل كل شى حكم القانون ؛ وبذلك تظل لنا النظام الامثل للحكم ؛ ويظل الشعب المصدر الاول للمشروعية ؛ مقارنة مع غيرها من النظريات والنماذج للانظمة السياسية بنظرياتها المختلفة للمشروعية.
الا ان هذه المشروعية الشعبية ينبغى ان تتطور ؛ وان تنظر بعين الاعتبار للتراكم التاريخى الذى تم فى حركة الشعوب ؛ وفى الفكر السياسى ؛ وفى وعى وتطلعات الجماهير . ان تركيز نظرية المشروعية الدستورية على البعد السياسى ؛ وضمان الحقوق الفردية ؛ ومبدا فصل السلطات ؛ لا ينبغى ان يتم دون النظر فى التطلعات الاجتماعية ؛ فى دور الراى العام المنظم كسلطة رابعة ؛ ولا فى روح التعاون ما بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى ؛ من حركات اجتماعية وثقافية وقومية .
ان المشروعية الدستورية وحدها؛ قد اصبحت متخلفة عن حركة الشعوب ؛ ويتبدى ذلك فى نمو مؤسسات المجتمع المدنى التى تعمل خارج اطار السلطة ؛ وفى مرات بالتضاد معها .كما ان اغفال الجانب الاجتماعى فى نظرية المشروعية الدستورية ؛ اى واجب السلطة فى التعبير عن المصالح المباشرة للجماهير الشعبية ؛ سيؤدى الى ان تظل هذه السلطة القائمة علي هكذا مشروعية؛ مهددة دوما من قبل الشارع ؛ ومن قبل الحركات الثورية ؛ والمجموعات الشمولية التى تنتهز كل الفرص المتاحة فى النظام الدستورى ؛ لتهديم اسسه بالذات .
ان الخطر الاساس الذى يواجه المشروعية الدستورية ونظامها ؛ هو امكانية ان يتحول هذا النظام الى سلطة بيروقراطية معزولة عن المجتمع ؛ وبعيدة عن مشاكله . ان البيروقراطية يمكن ان تتم فى البلدان المتاخرة اقتصاديا ؛ وذلك نتيجة لامتيازات النخبة ؛و ضعف الوعى السياسى للجماهير ؛ الا انها يمكن ان تتم فى الدول المتقدمة ؛ حيث تصبح السياسة مهنة ؛ وحيث للمواطن مجالات متعددة للنشاط الاجتماعى والمدنى ؛ خارج سيطرة الدولة ؛ الامر الذى يجعله يتوهم انه فى غنى عنها مرات ؛ ويبعد بذلك رقابته المباشرة على مجريات تشاطاتها .
ان المشروعية الدستورية فى السودان ينبغى ان تطور باضعاف العامل الطائفى فيها ؛ وبان تتسع لتشمل كل المكونات السياسية والاجتماعية فى السودان ؛ وفق مفاهيم قائمة حقا على اساس المواطنة . ان هذا لن يتم الا بتكريس الطابع المدنى والعلمانى للسلطة السياسية ؛ وحصر مصادر المشروعية فى الارادة الشعبية ؛ ومحاربة كل الدعوات التى تنقل مشروعية الوراثة او الطائفة او النخبة الى الفضاء السياسى العام .
ان السلطات الناتجة عن هذه المشروعية ؛ ينبغى ان تراقب بصرامة من قبل الراى العام الواعى ؛ ومؤسسات المجتمع المدنى المتعددة ؛ بحيث تكون السلطات اربعة وليست ثلاث ؛ وان يكون للمجتمع المدنى سلطة المحاسبة والرقابة التى تكفل الا تتحول الدولة القائمة علي المشروعية الدستورية الى ديكتاتورية مدنية ؛ اى سلطة رغم انها تاتى بالانتخاب ؛ الا انها تعمل بالضد من مصالح الجماهير ؛ وفى احتقار تام لمؤسساتها المدنية .
اصلاح الاحزاب كخطوة لاستعادة شرعية النظام السياسى :
ان الشرعية السياسية للنظام ؛ لا يمكن ان تتم دون شرعية مكوناته الاساسية؛ اي دون اعتمادها علي اصل شعبي ودستوري لمشروعية هذه المكونات. وفى النظام الديمقراطى فان اهم هذه المكونات هى الاحزاب السياسية . ان اصلاح الاحزاب السياسية السودانية ؛ يشكل لنا خطوة اساسية ولازمة لاستعادة شرعية النظام السياسى ؛ ولوضعه في ظل مشروعية دستورية.
ان مشروعية الاحزاب لا يمكن ان تتناقض مع الاسس العامة لمشروعية النظام الدستورى ؛ وبذلك فان الاحزاب التى تدعو الى الشمولية او حكم الفرد ؛ لا يمكن ان تجد التشجيع او التسامح من قبل الدولة الديمقراطية ؛ اذا ما ارادت لنظامها الاستقرار . كما ان الاحزاب التى تدعو الى تغيير نظام الحكم الدستورى بالعنف ؛ لا ينبغى ان يسمح لها بالنشاط ؛ تحت دعاوى زائفة ومفاعيم خاطئة عن حرية الراى . ان هذا ما توصلت اليه الديمقراطيات العريقة ؛ فى نضالها مع مختلف الدعوات والنظريات الشمولية ؛ التى اثبتت مرات كثيرة فعاليتها وقدرتها على التعبئة ؛ تجاه النظام الديمقراطى ؛ والذى راته عاجزا بآلياته السلمية ؛ عن مواجهة ايدولوجياتها الديماجوجية واساليبها العنفية (تجربة النازية ؛ الفاشية والنازية الجديدة فى اوروبا ؛ وتجربة الجبهة الاسلامية فى السودان ) .
ان اصلاح الاحزاب السياسية يستدعى ايضا رفض نموذج الحزب الطائفى ؛ بوصفه حزبا قائما على اسس غير ديمقراطية . ان الفصل ما بين الطائفة والحزب ؛ ما بين القيادة الدينية والسياسية ؛ جوهرى لاستعادة الدستورية فى كامل النظام السياسى . ان استغلال الولاء الطائفى والدينى والقبلى ؛ ينبغى ان يجد المقاومة من مؤسسات النظام الدستورى ؛ ومن مؤسسات المجتمع المدنى .
كما ان الاحزاب الثورية مطالبة بايضاح مواقفها كاملة ؛ حول آاليات الوصول الى السلطة ؛ والكيفية التى تبغى بها تحقيق برنامجها الثورى . ان النظام الديمقراطى لا يمكن ان يتسامح مع حركات غامضة فى آالياتها وقياداتها ومؤسساتها . ان الالتزام بمؤسسات النظام الدستورى ينبغى ان يكون حاسما فى برامج وخطاب وممارسات هذه الاحزاب .
ان كل هذه المبادى النظرية ؛ ينبغى ان تنعكس عمليا فى نساط الاحزاب السياسية ؛ فتكفل فى داخلها سيادة الديمقراطية ؛ وتضمن تداول السلطة واختلاف الراى فى داخلها ؛ كما ان اعضاءها يجب ان يجدوا حقوقهم كاملة تجاه القيادة ؛ ويجب ان تتوفر كل الشفافية فى نشاطاتها التنظيمية ومصادر تمويلها وسياساتها .
ان ما ذكرناه ؛ يشكل بالنسبة لنا الحد الادنى الضرورى ؛ لاصلاح الحركة السياسية السودانية ؛ واستعادة مشروعيتها فى اعين منتسبيها ومؤيديها ؛ وفى اعين الجماهير ؛ هذه الخطوة التى تعيد الثقة فى جدوى ومشروعية النظام الديمقراطى .
اننا نعد بالرجوع مرة اخرى ؛ حالما يتوفر المقام ؛ لقضايا اصلاح الحركة السياسية السودانية ؛ بكل تياراتها ؛ بالمزيد من التفصيل . اننا ننتهز هذه الفرصة ايضا لدعوة كل القوى الحية فى مختلف التيارات السياسية ؛ لخوض معركة لا هوادة فيها ؛ من اجل اصلاح احزابها وتياراتها بالذات ؛ ومن اجل استعادة وتعزيز الشرعية فى مؤسساتها .
المشروعية الدستورية فى افق جديد:
بهذه المعانى ؛ وفى هذا الروح ؛ نتطلع الى مشروعية النظام الدستوري افقه الجديد . اننا نؤمن بان الحقوق تكتسب وتنتزع ؛ ولا تهب او تهدى ؛ ولذلك فاننا لا نفصل ما بين النضال ضد النظام اللاشرعى الحالى؛ والنضال من اجل استعادة الشرعية فى كل مؤسساتنا السياسية والاجتماعية .
ان فجر الدولة لدستورية ؛ والقائمة علي مشروعية شعبية وديمقراطية؛ علي قادم لا محالة ؛ فهذا هو منطق التاريخ وحصاد تجربة الشعوب . ولكن هذا الفجر لن ياتى الا على اكتاف حركة جماهيرية جديدة ؛ تنظر الى السياسة من منظار المشروعية الدستورية والقانون ؛ حركة تتميز بالشفافية ؛ وتلتزم بالجماهير ؛ وتتطلع للحداثة فى مواقفها وبرامجها ومؤسساتها . من اجل هذه الحركة ندعو ونعمل .
عادل عبد العاطى
10اكتوبر 2000
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 00:24 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 00:48 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 01:11 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 01:18 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 01:33 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 01:45 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 02:00 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 02:01 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Sidgi Kaballo | 04-30-04, 03:47 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 04:06 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Sinnary | 04-30-04, 07:18 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Sinnary | 04-30-04, 06:17 PM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Muna Abdelhafeez | 05-01-04, 08:01 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Sinnary | 05-01-04, 09:27 PM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 05-02-04, 07:23 PM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 05-02-04, 09:00 PM |
Rep | Osman M Salih | 05-06-04, 12:12 PM |
|
|
|