|
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية (Re: Abdel Aati)
|
ازمة المشروعية فى حاضر النظام السياسى القائم :
ان النظام السياسى القائم فى السودان الآن ؛ يفتقر وفقا لراينا الى اسس المشروعية الدستورية ؛ فى درجاته المختلفة ؛ اننا فى الفقرات التالية نناقش ازمة الشرعية على مستوى السلطة ؛ وعلى مستوى المعارضة المضادة لها ؛ وعلى مستوى محاولات المصالحة بين النظام ومناهضيه .
ازمة السلطة :
لا حاجة للقول بان السلطة الحاكمة فى السودان اليوم تفتقر الى ابسط مصادر المشروعية ؛ فقد تحطمت مع الايام معظم دعاويها التى حاولت ان تبنى بها مشروعيتها ؛ من تطبيق شرع الله ( حيث فاقت هذه السلطة غيرها فى تجميد الحدود المسماة من قبل الاصوليين بالشرعية ) ؛ كما فشلت فى مهامها الثورية ( ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع ) ؛ وفى تعليلاتها الصفوية ( بناء نظام سياسى حديث لا طائفى ) . ان واقع المعارضة الشاملة الذى يواجه السلطة اليوم ؛ العنيفة منها والسلمية ؛ وذات الطابع العام والجماهيرى ؛ يوضح ان السلطة فد فقدت عند الجماهير اى مصداقية ؛ وتحطمت كل محاولاتها لخلق مشروعية لنفسها؛ ليس فقط لاستمرارها وترسيخها ؛ وانما لمجرد وجودها .
ان انسلاخ جزء كبير من التنظيم الاصولى عن السلطة (جناح الترابى) ؛ وانتقاله الى مواقع المعارضة لها ؛ من خلال الشعارات التى بنيت عليها السلطة مصادر مشروعيتها ( الالتزام بالشريعة ؛ محاربة الاستكبار العالمى ؛ الجهاد ) ؛ سوف تزعزع حتما ما بقى من ولاء للسلطة فى نفوس بعض اتباعها المتطرفين . ان السلطة اليوم تعتمد على القوة الغاشمة وموارد الدولة والمناورة السياسية ؛ كمصدر لبقائها ؛ وتحاول التصالح مع المعارضة ؛ وخلق شرعية جديدة تعتمد على السلام ؛ الوحدة الوطنية ؛ الحوار ؛ وغيرها من التخريجات التى توضح ازمتها واهتزاز الارض تحت اقدامها .
ازمة المعارضة : الا ان ازمة السلطة تقابلها ازمة مقابلة فى شرعية القوى المناهضة لها . واذا كنا قد رصدنا قصور وضعف المشروعية فى مكونات القوى السياسية والتيارات الفكرية المختلفة ؛ والتى يقف معظمها الان فى صف المعارضة للنظام ؛ فان حصيلة جمعها لا يؤدى الا الى قصور مركب فى مشروعية المعارضة باجملها .
ان التيارات التقليدية ( الاحزاب الطائفية ) تحاول ان تضفى المشروعية لمعارضتها وسعيها لاستعادة السلطة ؛ بواقع فوزها فى اخر انتخابات برلمانية . وبذلك فانها تمثل السلطة الشرعية ( برز هذا فى محاولات الصادق عرض نفسه كرئيس الوزراء الشرعى ؛ كما فى محاولة قيادات الجيش السابقة المعارضة للنظام بنفس المنطق -القيادة الشرعية ) . الا ان بعض هذه القوى تنازل عن مشروعية " الديمقراطية " هذه ؛ حين هادن النظام منذ بدايته (مذكرة الصادق لقادة الانقلاب )؛ وحينما اعترف بشرعيتهم كامر واقع ( مذكرة التجمع فى الداخل للنظام فى 1998 والذى خاطبت زعيمه بوصفه رئيسا للجمهورية ) ؛ وفى محاولات التصالح والاعتراف المتبادل ما بين اطراف التجمع والنظام ( لقاء قادة المعارضة مع قيادات النظام فى جنيف وجيبوتى واسمرا ) . ان اهل المشروعية الديمقراطية المزعومة هنا قد تنازلوا عن شرعيتهم لمشروعية القوة والامر الامر الواقع .
اما الحركات الثورية داخل المعارضة ؛ فانها تستمد مشروعيتها من شعارات وبرامج تدعى تمثيل مصالح الشعب ؛ او من قوة عسكرية تملكها ؛ ولا تبنيها على تفويض شعبى حقيقى . حيث لم يدخل بعضها التجربة الديمقراطية ( الحركة الشعبية ) ؛بينما نال فيها البعض الثانى تاييدا هزيلا ( الحزب الشيوعى نال 1% من مقاعد البرلمان الاخير ) ؛ وقام البعض الاخر تحت ظروف الديكتاتورية ( قوات التحالف ؛ جاد ؛ الفيدرالى الخ).
ان المعارضة ؛ والتى تتحدث فى خطابها الرسمى عن تمثيلها للشعب السودانى ؛ وتطمح فى الاعتراف بها كالمعبر الوحيد عنه ؛ تتجاهل هذا الشعب فى صياغة قراراتها المصيرية ؛ وفى مؤسساتها التى يغلب عليها الطابع الحزبى والحلقى ؛ تحت دعوى ان التجمع هو " ملك " لاطرافه ؛ وما على الجماهير الا تاييده او الانفضاض عنه . ان المعارضة بذلك تنزع عمليا عن نفسها اى مصدر للمشروعية الشعبية؛يمكن ان ياتى من دعم الراى العام ومؤسسات المجتمع المدنى ؛ فى ظل الغياب القسرى للآلية الديمقراطية .
ان ازمة الديمقراطية والمؤسسية فى احزاب المعارضة الرئيسية ؛ تهز من صدقيتها الديمقراطية ؛ وتشكك بالتالى فى مشروعية تمثيلها لاعضائها ومؤيديها ؛ ناهيك عن مجمل جماهير الشعب .
ازمة المصالحة : من هذا المنطلق ننظر الى محاولات المصالحة الجارية الان بين النظام والمعارضة ؛ باعتبارها ازمة مركبة للمشروعية . فمن جهة نجد نظاما يفتقر الى ابسط مقومات المشروعية الدستورية او الشعبية؛يحاور احزابا وتجمعات ذات مشروعية منقوصة ؛ من اجل الوصول الى اتفاق وتكوين حكومة انتقالية ؛ بفترة انتقالية طويلة نسبيا (3 او 6 سنوات ) ؛ مع ما ذكرناه عن قصور مشروعية الفترات الانتقالية ؛ كونها لاتستند على تفويض شعبى مؤسس (انتخابات) . كما ان المصالحة تفترض الاعتراف بشرعية النظام ومشروعية ممارساته ؛ وتغض الطرف عن مبدا المحاسبة لكل ما اغترف مجرمى النظام ؛ من استيلائهم غير الشرعى على السلطة ؛ الى مختلف المجاذر والجرائم التى اجترحوها . ان المعارضة اذ توافق على ذلك ؛ فانها تنخرط فى ضمن المقولة " من لا يملك اعطى من لا يستحق " . فالمعارضة لا تملك حق اعطاء مشروعية دستورية للنظام ؛ ولا التجاوز عن جرائمه ؛ والنظام لا يستحق ذلك.
ان منظرى النظام واضحون فى تبريرهم لدعوات المصالحة ؛ وهى رغبتهم فى الاستمرار فى السلطة ؛ ولو كان الثمن هو اعطاء جزء منها للمعارضين . اما المعارضة فتزعم ان دافعها وطنى ؛ وتستحضر لنا تجارب جنوب افريقيا وبولندا وشيلى وغيرها من وسائل التفكيك السلمى للانظمة الشمولية . الا ان المعارضة تتجاهل ان قادة النظام العنصرى فى جنوب افريقيا ؛ والشمولى فى بولندا ؛ قد اعترفوا تماما بفشل مشروعهم ؛ وان المحاورات قد تمت اساسا حول كيفية نقل السلطة ؛ ولم تقدم اى ضمانات بعدم محاسبة المجرمين . ان المعارضة فى ضعفها وقصور مشروعيتها ؛ مستعدة للموافقة على اى شروط ؛ للوصول الى جزء من كعكة السلطة المشتهاة . والنظام من جانبه لم يعترف لا بفشل مشروعة البربرى ؛ ولا بخطأ استيلائهم غير الشرعى على السلطة . ان الحوار مع النظام يتحول من آالية لاستعادة الشرعية ؛ وفق مبادئ المشروعية الدستورية؛ الى وسيلة لتكريس اللاشرعية ؛ فى كل من قطبى الصراع .
اننا بهذا المنطلق نرفض عملية المصالحة باعتبارها لا شرعية ؛ مبنية علي مشروعية القوة؛ فى نفس الوقت الذى لا نرفض فيه مبدآ الحوار ؛ اذا ما كان الغرض منه تفكيك الدولة الديكتاتورية وارجاع مصدر المشروعية الى الجماهير .دون ان يعنى ذلك الاعتراف بشرعية الطرف الاخر من المحاورين (النظام ) . ان نصوح التوبة فى الاسلام مربوطة بارجاع المظالم الى اهلها ؛ والندم على ما فات ؛ والعزم على ان لا يتكرر . وتحقيقا لهذة المرجعيةالاسلامية ( والتى تدعى اطراف رئيسية من المعارضة والنظام الالتزام بها ) ؛ فان الحوار اذن مرهون بمحاسبة النظام على جرائمه ؛ واعترافه بلا شرعية استيلاءه على السلطة ؛ والتزام قادته وتنظيمه بالالتزام بدولة القانون وحكم الشرعية؛ وبمصادر المشروعية الدستورية ؛ وعدم النكوص عليها فى المستقبل. الا ان هذا كله مربوط بتغيير موازين القوى ؛ بحيث يصل النظام صاغرا الى كل هذه المواقف . فالشرعية بلا قوة ؛ هزيلة هى كالقوة بلا شرعية ؛ وقديما قال الامام على ابن ابى طالب " الحق الذى لا تسنده قوة ؛ حق مضاع " .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 00:24 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 00:48 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 01:11 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 01:18 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 01:33 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 01:45 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 02:00 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 02:01 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Sidgi Kaballo | 04-30-04, 03:47 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 04-30-04, 04:06 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Sinnary | 04-30-04, 07:18 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Sinnary | 04-30-04, 06:17 PM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Muna Abdelhafeez | 05-01-04, 08:01 AM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Sinnary | 05-01-04, 09:27 PM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 05-02-04, 07:23 PM |
Re: ازمة المشروعية فى الحركة السياسية السودانية | Abdel Aati | 05-02-04, 09:00 PM |
Rep | Osman M Salih | 05-06-04, 12:12 PM |
|
|
|