|
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل (Re: Abdel Aati)
|
/ قضية التنمية:
التنمية المستدامة:
يقدم الصادق المهد\ي تحت هذا العنوان طرحا جاء متماسكا نظريا في مجمله. والسبب في رأينا يرجع إلى تخليه عن أسلوب التلبيس الديني الذي ظل يمارسه في طرح القضايا الأخرى. وذلك ـ من ناحية أخرى ـ لسبب جوهري هو أن الصادق المهدي لا يسلم بوجود نظام إقتصادي إسلامي، فـ"على صعيد الاقتصاد: نزل الوحي بمبادئ عامة للاقتصاد مما لا يختلف عليه الناس مثل التعمير، والتكافل، ومنع الاستغلال وغيرها، ولا يوجد نظام إقتصادي بأجهزته وضوابطه لتحقيق هذه المبادئ ]والحقيقة أنه يوجد نظام إقتصادي إسلامي هو أقتصاد الريع والخراج الذي ظل يمارس على مدى تاريخ (الحضارة الإسلامية)، ولا يزال، وإن إختلفت بعض عناصره، والصادق ينكره لأنه يجرد الإسلام من تاريخه، حين تقتضي الضرورة، أي أنه يجعل منه مجرد كائن إبستيمولوجي ويتعامل معه على هذا الأساس[، الأجهزة والضوابط، أي النظام الإقتصادي الذي يوافق مقاصد الشريعة ]إذا فُهمت بأنها المبادئ العامة التي نزل بها الوحي تصبح تقرير بديهة لا تخص الدين فحسب[ هو من وضع البشر"[25]. وكان بالتالي، أن وضع التنظير للتنمية في موضعه الصحيح، ولم يحشرها في التأصيل المستنير باعتبارها (كائنا وضعيا) بالجملة والتفصيل، ولم يفصلها بالتالي عن سياق البنية الفكرية الحديثة عموماً، والتنظير الحديث "الوضعي ـ العلماني" خصوصا، باعتبارها تحولا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
ولكن إذا نظرنا إلى الجانب الآخر ـ العملي ـ تبرز تناقضات الصادق المهدي مع خطابه في الواقع. فنحن لا ننمي الفراغ، وإنما هناك واقع (أصل) قائم وبه إشكالات جمة (التخلف). والصادق المهدي يتناول بالنقد جزءا من هذه الإشكالات، وقد اكتفى بنقد أنظمة الحكم الشمولية، وإلقى باللوم على الأنظمة "الديمقراطية"، ولم يتطرق إلى البنى الإجتماعية الإقتصادية! وبالتأكيد، فالوصف والتشخيص الصحيحان للواقع يسوقان إلى المعالجات الصحيحة والتطبيقات الصحيحة للتنظيرات الصحيحة. وكما ذكرنا سلفاً فإن الدولة السودانية هي وضعية تاريخية، وصفناها بأنها بنية مركز وهامش لمجتمعات ما قبل رأسمالية يسودها نمط العشيرة الأبوية الاستبدادية واقتصاد الريع العشائري على مستوى (الاقتصاد الجزئي) والخراج على المستوى (الاقتصاد الكلي) مع استمرار القاعدة العبودية في تقسيم العمل وعلاقات الإنتاج. والسبب في إخفاق الأنظمة "شمولية كانت أم ديمقراطية" في إقامة التنمية يرجع في الأساس إلى إشكالات هذه البنية الاجتماعية/الاقتصادية التي تتناقض مع التنمية، بل وتتجه سالبا في أغلب الأحيان، خاصة بعد اكتمال سيطرة العشائر الطائفية والصوفية والقبلية ـ المحافظة بطبيعتها ـ على جهاز الدولة وتحالفها مع البيروقراطية التي يقودها أبناه هذه العشائر. وتمتلك العشائر المذكورة وسائل الإنتاج وخاصة الأكثر تطورا، وتحرسها الأجهزة النظامية والبيروقراطية التي تكافئ نفسها بالغنى من الخراج (ريع الدولة) المسمى (الضرائب) التي تؤخذ من المواطنين ولا ترجع إليهم، أو في أفضل الأحوال منقوصة نقصا فادحا، أي أن البيروقراطية والنظامية، صارت تعطل دورة الإقتصاد التي أنشأها النظام الإنجليزي بتوجهه شبه الرأسمالي الذي يأخذ من الناس الضرائب ويقدم لهم الخدمات التعليمية والصحية ويقيم البنى الأساسية (أدوات الري، الطرق، السكة الحديد، التلفون.. إلخ إلخ) وهذا يعني أن النظام الاقتصادي قد تغير وعاد إلى أصله الريعي الخراجي بعد الإستقلال بواسطة (التأصيل المستنير الذي كان يسمى السودنة)، ولم يعد هناك بالتالي تنمية ولا يحزنون! لذا لن يحدث تغيير وتنمية ـ حقيقيين ـ ما لم يتغير الوضع من خلال تغير ترابط المصالح القائم اليوم، أي تغيرات جذرية في الأسس التي تقوم عليها الدولة والبنى الثقافية/الاجتماعية/ الاقتصادية، وخاصة أنماط المؤسسات مثل "دائرة المهدي". لأن "تحرير الإقتصاد" ـ إذا سلمنا بمبدأ الرأسمالية ـ يتطلب تحرير العبيد/الأقنان/الأتباع ليصبحوا عمالا (أحرار) في سوق العمل. وتحرير الأرض ووسائل الإنتاج من قوانين العشيرة الأبوية، وتحرير العقول من ثقافة احتقار العمل (عند السادة) واحتقار العمل اليدوي والحرفي الذي يعتبر (عمل العبيد) في الثقافة الإسلاموعربية المهيمنة في السودان وتحرير الآخرين منها وتحرير المرأة من قيود الفكر الديني خاصة، وتحرير أشياء أخرى كثيرة، وما لم يحدث ذلك، أو على الأقل يجري العمل عليه، فلن تقوم للتنمية أية قائمة.
وخلاصة القول في الجانب الفكري، أن الصادق المهدي يمارس "التشبُّح" الفكري بوضع رجل في التقليد والأخرى في الحداثة، ويمارس التلفيق بنزع المقولات من سياق البنى الفكرية التي نشأت فيها ولزقها في أخرى بآلية أقرب إلى التقريرية الاعتباطية. وكما يظهر لنا من التحليلات أعلاه أن التناقض في خطابه الفكري يعكس تناقض وضعيته الاجتماعية؛ فهو رجل تعليمه ووسائل حياته حديثة، ويعيش على ريع مؤسسة غاية في المحافظة والتقليدية. وكما أنه يكسب "رزقه" (بدون عمل) فهو أيضا يكسب نظرياته (بدون عمل) ـ أي بطريقة وضع اليد. فهو حتى الآن، رغم كلامه الكثير، لم يمتلك شجاعة الأستاذ محمود محمد طه لتأسيس منهج للتأصيل المستنير (كنسخ الناسخ بالمنسوخ مثلا، الذي ضحى من أجله الأستاذ بحياته) نكافئه عليه.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:09 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:10 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:13 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:14 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:16 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:17 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:18 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:20 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:21 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:23 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:24 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:25 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:25 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:26 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:28 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:29 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:30 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:30 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:31 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:33 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:33 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 00:34 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | AnwarKing | 05-11-04, 05:21 AM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | AnwarKing | 05-11-04, 03:25 PM |
Re: الصادق المهدي في آخر تجلياته ..ابكر آدم اسماعيل | Abdel Aati | 05-11-04, 08:52 PM |
|
|
|