نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
|
Re: الصوفية - المثقف الكونى - الموقف الاجتماعى - حوار مع الراحل هادى العلوى (Re: أبنوسة)
|
شكرا أخي عادل هذا بوست شديد الإشراق. ليتنا وجدنا الهمة، والوقت، والمددالروحي، والصبر على الإمساك بالقلم، لنسكن فيه معك بعض الوقت. نحن أيضا معكم في أن المستقبل القريب جدا، سوف يكون للتصوف. ونعني التصوف، بهذا المعنى الإنساني، الواسع، الذي أشار إليه هادي علوي. والذي أحببت أنت أن تشركنا فيه، بنقلك للحوار معه. وهو، في تقديري، ذات المعنى الذي بشر به الأستاذ محمود محمد طه. وأساسه، أن الإنجاز في مجال الذات، لا ينفصل عن الإنجاز في مجال المحيط. فالتصوف كان فيما مضى طريقا فرديا للخلاص، والأدب، والفن، ظلا أيضا، في غالب حاليهما، طريقين فرديين لخلق المعنى. ودورهما، بذلك الوصف ـ كأدوات للخلاص الفردي ـ قد أوشك أن يصبح من مخلفات الماضي. وواضح أن دورا جديدا لهما في طريقه إلى التشكل. ومن أبرز من قال بذلك، في الفضاء الغربي Suzi Gablic في كتابيها: The Reenchantment of the Art وConversations before the End of Time. والقاسم المشترك، لهذا الدورالجديد الأعمق، والأنفع،إنما هو العمل على تفكيك بنيات التفاوت الكاذبة، القائمة على حيازة المال، ووراثة الجاه، وحيازة الثروة.
في مضمار تشكيل هذا الوعي الكوكبي الصاعد، يتم الإرتفاق بكل ضروب المعرفة الإنسانية، بعيدا من قيد العقيدة المكبل، وقيد سجن النص، وسجن المصطلح. في هذا السياق يتم استلال جوهر الفكرة الإنسانية من كل دين، ومن كل فكرة وضعية، سواء بسواء. فالعقل البشري الموحي إليه (دينا) وغير الموحى إليه (دينا) كلاهما يستقيان من معين واحد، في نهاية الأمر. ولسوف تلتقي الأديان، والفلسفات، والأدب، والفن، كلها على بساط واحد. وأحب أن أهدي لأهل البورد هذه البشارة المفرحة، التي جرى بها قلم الأستاذ محمود محمد طه، قبل ما يقارب الأربعين سنة، والتي يقول فيها:
((الإسلام عايد عما قريب بعون الله وبتوفيقه.. هو عايد، لأن القرآن لا يزال بكرا، لم يفض الأوائل من أختامه غير ختم الغلاف.. وهو عايد، لأن البشرية قد تهيأت له، بالحاجة إليه وبالطاقة به.. وهو سيعود نورا بلا نار، لأن ناره، بفضل الله ثم بفضل الاستعداد البشري المعاصر، قد أصبحت كنار إبراهيم بردا وسلاما.. إن العصر الذي نعيش فيه اليوم عصر مائي، وقد خلفنا وراءنا العصر الناري.. هو عصر مائي، لأنه عصر العلم.. العلم المادي المسيطر اليوم والعلم الديني - العلم بالله - الذي سيتوج، ويوجه العلم المادي الحاضر غدا.. وفي عصر العلم تصان الحرية وتحقن الدماء وتنصب موازين القيم الصحائح.. البصيري إمام المديح يقول: شيئآن لا ينفي الضلال سواهما نورٌٌ مفاض أو دم مسفوح وقد خلفنا وراءنا عهد الدم المسفوح، في معنى ما خلفنا العصر الناري، وأصبحنا نستقبل تباليج صبح النور المفاض .. بل إن هذا النور قد استعلن على القمم الشواهق من طلائع البشرية، ولن يلبث أن يغمر الأرض من جميع أقطارها.. وسيردد يومئذ، لسان الحال ولسان المقال، قول الكريم المتعال:
((الحمد لله الذي صدقنا وعده ، وأورثنا الأرض، نتبوأ من الجنة حيث نشاء، فنعم أجر العاملين)) ..إنتهى. (المصدر: كتاب رسالة الصلاة)
فعصرنا هذا هو عصر الفردية، وهو عصر رجل الشارع العادي. فالمعرفةقد أخذت اليوم تتسرب للجميع عبر جدران حواجز الطبقة، وحواجز السلطة السميكة، لتسري رغم أنف المتسلطين، إلى عامة الناس، سريان النار في الهشيم. وفي كل ذلك بشارات كثيرة، بعموم التحرير. وقد وصف الأستاذ محمود هذه الحالة أيضا قبل أربعين عاما أيضا، حيث قال:
((إن عصرنا الحاضر يمكن أن يوصف بأنه عصر الذرة، ويمكن أن يوصف بأنه عصر استكشاف الفضاء الخارجي، ولكن ينطبق عليه أكثر، كونه عصر رجل الشارع.. عصر الرجل العادي المغمور، الذي استحرت على مضجعه شمس الحياة الحديثة، فنهض وحمل عصاه على عاتقه وانطلق يسير في الشعاب، يبحث عن حياته وعن حريته وعن نفسه، بعد أن أذهل عن كل أولئك طوال الحقب السوالف من تاريخه المكتوب وغير المكتوب.. ذلك التاريخ الذي أخذ يراجع اليوم، ويكتب على هدى قيم جديدة.. وهذه القيم الجديدة هي التي ستوجه المدنية الغربية الآلية الحاضرة وجهتها الجديدة وتبني بذلك المدنية الجديدة))..إنتهى. (المصدر: كتاب رسالة الصلاة).
ولسوف أعود لكي أوسع في هذا المنحى قريبا، إن شاء الله. وشكرا عادل على إشراكنا في هذا الحال العامر. والصوفية فالوا قديما، (إن الحال العامر يعدي).
(عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 05-20-2003, 09:31 AM)
|
|
|
|
|
|
|
|
|