لا غرابة أن (ثورة الإنقاذ), الوليد المنتسب بقوة إلى الجبهة الإسلامية, قد أدرك القائمون عليها ومنذ البداية أهمية وخطورة أجهزة الإعلام في تحويل وإعادة تشكيل الذاتية الإنسانية, ولا غرابة كذلك أن تم بعث العديد من كوادر الجبهة وفي وقت مبكر (مبكر هنا قياسا لحركة العديد من القوى التقليدية الأخرى) إلى بلاد أكثر تطورا مثلما هي عليه الحال في مثال جمال الدين عثمان الرئيس السابق لجريدة الراية الذي نال درجة الدكتوراة في الإعلام من أمريكا.
على ضوء هذه الخلفية, يعني "أسلوب تحويل الرأي العام" وببساطة صرف النظر عن أزمة متفاقمة راهنا ومهددة لأمن نظام ما عن طريق صنع أزمة أخرى مهددة لأمن الجماعة ككل, وإذا كانت صناعة الأزمة هنا تتم عبر "حملة صحفية" فإن العمل الأساسي لمثل تلك الحملات يتمثل في محاولة صنع عدو خارجي غالبا للقضاء على التناقضات الداخلية التي يمكن أن تحمل بديلا للنظام القائم, لقد إستخدم نظام (الإنقاذ) في السابق وبذكاء قضايا مثل "حلايب", أولتوفير غطاء آيديولوجي في حربه ضد الحركة الشعبية وفصائل المعارضة الأخرى من حيث تنميطها إعلاميا وترسيخها في الذهن العام كجسور ملعونة للتدخل الأجنبي في مقابل ترسيخ صورة النظام كحامي الحمى. والآن تبدو قضية إغتيال محمد طه الذي لم يوفر له النظام الحماية اللازمة كخطوة أخرى في مسلسل تحويل الرأي العام, خطوة لغت الكثير في رأيي من الآثار المترتبة على هذه المظاهرة أوتلك في المدى القريب!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة