|
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ (Re: معاوية الزبير)
|
ودا جزء من قصة لصلاح الزين بعنوان: "لكن الذبابة لا تنسى" .... محكمة المديرية الشرعيةـ حلفا الجديدة النمرة 1995 التاريخ: 20.8.1995 الموضوع: إعلان بالنشر إلى عبد الله محمد اّدم بهذا أعلنك بالحضور أمامي بديوان هذه المحكمة لجلسة يوم في الدعوة المرفوعة من قبل عازة أبكر محمد في موضوع طلاق للإعسار، فإن لم تحضر في الميعاد المحدد أو تعين لك وكيلا شرعيا أو تبدى عذرا شرعيا مقبولا سمعت الدعوة و فصل فيها في غيبتك .... بلا دلالة، كشواهد قبور، تنفرش الأسئلة أمامه، يزوقها طنين تثيره ذبابة خضراء تحوم، على ارتفاع إصبع، فوق الطاولة. ذبابة بخضرة ضوئية، كدمل متقيح، بأرجل ستة بالكاد تسند ضخامة جسدها، كغلاف هوائي تعبره سحب انشبقت بانثيال مباغت. العينان البارزتان والمثبتتان في مقدمة الرأس تتيح للذبابة النظر إلى تحت وفوق، يمين أو شمال. فيما لو نظرت الذبابة إلى فوق، وهي تعبر بعلو منخفض هكذا فوق الطاولة، لن ترى غير فضاء أزرق يسبح في صهد يرقرقه غبار باهت من غير نفى لاحتمال انشباق الأزرق هذا بنثيث مطر غير معنى بكآبات غامضة تنزها الأمكنة المطلية بالسخام والقدم، ولا حتى، علاوة على ذلك، كيفيات التخارج والانسلاخ. ولكنها، أعنى الذبابة بالخضرة الضوئية، لا تنظر إلى فوق إذ، أعتقد، أن هذا عبث لا طائل وراءه. ثم هل يعقل أن تكون الذبابة، سليلة الصمت والفخاخ، بهذا القدر من الخفة والجموح، حتى تغفل ضرورات المعاش، معاشها، المنثور في حيزات ومعالم واضحة؟ لا أعتقد ذلك. فالذبابة، بغريزة لا تخطئ، تنظر إلى تحت، شمال أو يمين. شمال الطاولة يجلس عبد الله بعمر فوق الثلاثين، قليلا، ووزن دون السبعين تلفه سحنة معبورة بارتباك وحنينات ناتئة. فارع بعض الأحيان، كمخزن بلا محتويات بنظرات تعبر كل الاتجاهات ولا ترى شيئا، لا ترى أي شئ غير محدثه الرهيف، والذي تراه الذبابة أيضا، فيما ترى، يجلس يمين الطاولة يسبح في هيئة هوائية تثلم أية احتمالات لتحديدات عينية تهبه قدرا من التمايز والمرجعية. فيما لو نظرت الذبابة أسفل عينيها مباشرة وبزاوية قدرها تسعون درجة، ثمة طاولة، بسطح صقيل مشغول بأربعين سؤال مرصوصة بترقيم يذهب من الرقم واحد إلى الذي يليه، هكذا، هكذا كحتمية تساقط حبات المطر.. كسحابة، تتهادى الذبابة فوق سطح الطاولة، ليست معنية كثيرا بموجودات المكان قدر إحساسها بصلف عنيف تسنده ثمانية أرجل مقدودة من دخان ومكر. الذبابة تلك، وككل مخلوقات الله، ابنة تاريخ وجغرافيا. فقد خلق الذباب يوم خلقت للشهيات فوائض فصح القول أن تاريخ فوائض الشهيات هو هو تاريخ تخلق الذباب. كل شهية بفائض تستوجب غابات من ذباب بطنين أو بغيره، بلون أخضر ضوئي أو بغيره، بأرجل مقدودة من أشباح ضالة أو بغيرها ...... إلخ وإنما ضرورة لازمة. هكذا ذبابة،عادة ما تعف عن ارتياد المحاكم وقاعات الدرس. لا أرنبة أنف القاضي ولا أناقة المحاضر شراك وغوايات لأرجل مقدودة من هشاشات و دخان. مكانها هناك، هناك على سطح الطاولة المركوز يمينها بمحادث رهيف يقعي،هكذا، ككذبة منهكة رمى بها مسافر عابر، يرقب الذبابة وهي تتعثر، كشاحنة تصعد منحدرا، عند السؤال قبل الأخير. قناعات المحادث الرهيف هذا وجداراته المعرفية بالبايولوجي وشئونها لا تحيد بتاريخ الذبابة، الذبابة الخضراء تلك المسمرة عند السؤال القبل الأخير، وأصولها عن البرازات المقذوفة كيفما اتفق. بالاشمئزاز، الاشمئزاز الذي يعتريك إزاء صلابة أسلاك الهاتف وهي تبلغك بموت أمك، بالاشمئزاز ذاك بدأ تنميل خفيف، كنعاس مثابر، يتسلق مخيلة المحادث الرهيف: لا بد أن برازا، وإن بسيطا نوعا ما، قد علق بالأرجل تلك وهى تدفع بالجسد المكوم فوقها لإقلاع ودوران. ماذا لو ذبّ الذبابة بطرف إصبعه الوسطى وألقى برأسه إلى الوراء يستكشف سقف المكان؟ لو أستطيع لذهبت بالذبابة وبهائها، في دنف نذهب، من غير أن نستصحب أحدا، نحو الواحد والعشرين من سبتمبر عام خمس وتسعين و نجلس أنا والذبابة، داخل قاعة بطلاء من فحيح وصفير حزين، أجلس والذبابة تجلس على أرنبة أنفي وكلنا جالسون هكذا على المقاعد الأمامية، لا نجزم بموقعنا إن كان شمال منصة القاضي أو يمينه، داخل القفص أو خارجه، فقط نجلس، كما الصبي على شاطئ بلا مد و جزر. مراوح السقف، في أزيز عقيم، تبث رائحة أشبه برائحة تبديل المكان أو انتلاف حزن مديد. من يدري، لعلها رائحة جوارب الحاضرين أو الحيطان المدبوغة بالبلاغة والرهان، لا يهم، إذ ليس بمقدور أحد إتلاف المراوح أو تبديل وظائفها. ومن باب يقع في الخلف البعيد للقاعة، من الباب ذاك والمحجوب، كنصف الحقيقة، نصفه الأعلى بستارة بعدة ألوان تثير شهية الانتصاب، من الباب ذاك سيخرج القاضي مهندما بالفصاحة والتكرار. والذبابة التي تجلس على أرنبة أنفي تجلس على أرنبة أنفي. وفي صوت خفيض، كطفولة بعيدة، سيحيي القاضي القاعة والجالسين ولا يستثنى أحدا. ومن باب يقع في الخلف البعيد للقاعة، من الباب ذاك والمحجوب، كنصف ميت، نصفه الأسفل بستارة بألوان وألوان، وفي الخامس والعشرين من سبتمبر عام خمس وتسعين وعند الساعة التاسعة صباحا ستدخل عازة أبكر محمد، امرأة ولا كل النساء، نوع من النساء يحيل على أخريات يتلامحن كشبق شفيف. بصدفة، كأنها معدة، يستلفت انتباهي شخير مصدره المقعد الخلفي فلا أجزم إن كانت عازة ألقت بتحية ما على القاعة. امرأة بإعسارات بتواريخ وشخوص لا تعدم تحية يرعفها لون الإهاب. أتأمل محادثي الرهيف ذاك وهو، على الطرف الآخر من الطاولة، يغط في نوم كأنه أستجلب من وراء البحار، نوم له هيئة وشجون ورجال جمارك وبنوك. في بشاعة، غير معهودة، أقصى أية احتمالات قد تحملني على الشفقة عليه. أتأمله، فقط أتأمله. كائن بخفة هواء مضغوط مزوق بغلالة من نوم شفيف حتى تخاف عليه من الانثقاب. ع لى سطح الطاولة ورق مسود بأربعين سؤال وذبابة بأرجل انحتفت عند السؤال القبل الأخير، وظلت هكذا، هكذا كذبابة حطت عند السطر القبل الأخير. فعندما يتأخر القادمون لا يعود الناس يذكرونهم. لا أدرى أين قرأت هذه العبارة ولا لماذا أتذكرها الآن.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-18-11, 06:23 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | PLAYER | 08-18-11, 06:33 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | الامين موسى البشاري | 08-18-11, 06:41 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | بلدى يا حبوب | 08-18-11, 06:44 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | طه إبراهيم عبد الله | 08-18-11, 07:33 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-18-11, 08:56 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-18-11, 09:10 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-19-11, 01:34 AM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-19-11, 05:18 AM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-19-11, 05:25 AM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | Abureesh | 08-19-11, 06:18 AM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | معاوية الزبير | 08-19-11, 09:19 AM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | معاوية الزبير | 08-19-11, 09:36 AM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | صديق مهدى على | 08-19-11, 11:44 AM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | عزيز عيسى | 08-19-11, 03:27 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-19-11, 06:00 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-19-11, 06:08 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-19-11, 06:09 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-19-11, 09:25 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | معاوية الزبير | 08-20-11, 08:54 AM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-21-11, 07:25 AM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-21-11, 06:22 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | إبراهيم عبد الحليم | 08-21-11, 07:32 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | عاطف رميتي | 08-21-11, 07:33 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-21-11, 08:06 PM |
Re: لماذا تتجاهل مذيعات تلفزيون السودان الضبان؟ | النصرى أمين | 08-21-11, 08:17 PM |
|
|
|