أبنــــــــــــوسة ...

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 01:45 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة جعفر بشير (Gafar Bashir & Abo Amna)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-26-2004, 00:59 AM

Abo Amna
<aAbo Amna
تاريخ التسجيل: 05-01-2002
مجموع المشاركات: 2199

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أبنــــــــــــوسة ... (Re: Abo Amna)



    أبنوسة

    طينة الأسى: ثم صاح الخيال كوني وطناً

    د. عبد الله علي إبراهيم
    [email protected]


    قد تذكر جماعة مِنْ مَنْ تحدثت اليهم في السودان في زياراتي له أنني قلت لهم "السودان بلد محروس ان شاء الله" كل ما أفرطوا في الخوف ان يطير الوطن شعاعاً من فرط الخلاف والحرب والعنت السياسي. وكانت هذه العبارة ، من جهة، هي حيلتي في التفاؤل بالوطن واستباق الخيرات له. وهو تفاؤل ذكرنا الدكتور خالد المبارك أن لا حياة لأمة بدونه. وكانت العبارة، من الجهة الأخرى، هي قناعة مني أن السودان بلد مؤمن بعزته على اهله. فقد ظللنا منذ جيلين نتحاذر انفراط عقد الوطن. فقد خشينا عليه في السبعينات ان تدور به دوائر اللبننة حين كانت لبنان عرضاً مرضياً في الخلاف المؤدي الى ذهاب ريح البلاد. كما خشينا عليه من الصوملة في التسعينات حين تهافتت دولة الصومال تهافتها المشهور. ولم يتلبنن السودان ولم يتصومل والحمد لله.

    وثبتني على عقيدتي في تنزيه السودان عن الشتات أننا لم نتوقف يوماً عن إعادة التفاوض في ما تكون عليه دولة السودان الوطنية الموروثة عن الاستعمار. فقد ظلت هذه الدولة في قفص الاتهام منذ "تمرد 1955" في الجنوب حتى "تمرد" جبل مرة. ولم نتأخر كثيراً كما وقع في دول أخرى في الوعي بمأزق هذه الدولة أو في إعادة التفاوض حولها. فقد كانت ثورة أكتوبر 1964 هي الخط الفاصل بين تمسكنا بالدولة الموروثة عن الاستعمار وبين الاعتراف بأنها مما يحتاج الى تعديل جذري او جدي. وتأخرت عن ذلك دول أخرى كانت حتى عهد قريب مضرب المثل في الاستقرار السياسي المحسود. ويبدو ان استقرارها كان مثل شحم المتنبيء: ولا تحسبن الشحم في من شحمه ورم. وقد عادتني هذه الخاطرة وأنا اتابع اخبار ساحل العاج وحربها الأهلية المنذرة. فقد كانت ساحل العاج مما يضرب به المثل في الديمقراطية والرأسمالية والاستقرار. وعلى ضوء تمرد شمالها المسلم في الغالب في العام الماضي بدا للجميع أن صفوة البلد الجنوبية المسيحية قد تعامت طويلاً عن فساد التركيبة السياسية والاجتماعية الموروثة عن الاستعمار. وقد رأينا كيف ثار جنوب البلاد المتنفذ ثورة عارمة على اتفاق سلام كانت عرابه فرنسا. ومع ان المتمردين قد تنازلوا عن مزايا كبرى منحهم لها ذلك الاتفاق الا ان الجنوب لا يزال في البادي غير مصدق أنه سيجدد التفاوض مع رعايا له في وطن تعود أن تكون له فيه الوجاهة والصدارة. ربما كان هذا التعامي أيضاً ما ساق ليبيريا الى حتفها حين تعامت صفوتها المسيحية الحاكمة ذات الاصول الامريكية عن مظالم الافارقة من اهل البلد الاصليين من كل الملل والنحل. وسترينا الايام المخبوء في سياسات دول افريقية أخرى سمينا السودان لما رأينا استقرارها بـ"مريض افريقيا" وما علمنا أن مرضها مدسوس في حين كشفنا عن علتنا للعالمين ووضعنا قضايانا كبيرها وصغيرها على طاولة مفاوضات الوطن الجديد.

    لم يكن إعادة التفاوض بشأن الامة الموروثة سهلاً أو ذكياً في أغلب الاحوال لكننا لم نكف عنه جدلاً بالرصاص أو الكلمات. فقد اسفت مثلاً كيف فرطنا في عقد المؤتمر الدستوري الذي كان مدار الأمل عقب انتفاضة 1985 في اعادة تفاوض شاملة حول دولة ما بعد الاستعمار. وأتأسف اكثر حين أرى ما انتهينا اليه من مؤتمر دستوري بالتجزئة تدور وقائعه في مشاكوس وكرن وكرنوي وغيرها. واخشى على هذه المفاوضات من منهجها في التجاحد اي الانشغال بعلم قسمة السلطة وأنصبة الموارد حتى ذاعت في الاحتجاج على اضطراب القسمة العبارة العربية الكلاسيكية "قسمة ضيزى"، على سقمها، واصبحت رمزاً لمحتوى ومستقبل ما يجري في المفاوضات الجارية.

    ليست من مفاوضات الا انشغلت بما انشغلت به مفاوضات السودانيين الحالية. غير أنه يصح أن نسأل: من يريد ان ينبني وطنه على "مقايضة" لا عهدا وعلى كراس حساب لا على قصيدة؟ إذا أراد الله خيراً لنا ولبلدنا وقانا شح انفسنا وهدانا الى استصحاب رأسمالنا الرمزي الى استيلاد الوطن الآمن. وهذه مهمة للخيال وهو ملكة حظنا فيها شحيح لما سبق من قولي عن تعطل بئر السياسة ومناهل الخيال فيها في البلد على بقاء القصور الحزبية المشيدة. وقد ازعجني كيف ساد حساب الأنصبة حتى في مصائر التشريع في البلاد بغير حاجة ملجئة الا لتمكن التجاحد في مفاوضينا. لقد بدا لي اننا قد بلغنا من الوعي بلزوم التفاوض من جديد في السودان مرتبة علىا واستثمرنا فيها اعماراً ومالاً وانفساً وأرواحاً. وأخشى ما اخشى إذا ما تمكن التجاحد منا ان يخرج علىنا وطناً مثل جدول اللوغريثمات ما أصابته علة في المستقبل حتى فتحنا الكتاب او استللنا السيوف. هذا وطن بائخ. وقد بدا لي أن اخصص حديثي اليوم عن منزلة الخيال في بناء الأمة.

    ينشغل الباحثون على أيامنا هذه في تشخيص أزمة الدولة الوطنية في البلاد التي استقلت منذ حين من الاستعمار الأوربي حتى تهافتت فيها الدولة وتهاوت كما في الصومال. واقترنت عودة الباحثين لتجديد النظر في بؤس هذه الدولة بقناعة مؤادها أن تهافت هذه الأمم الجديدة مردود إلى أزمة ناشبة في خيال المستعمرين . وقد وطدت هذه القناعة عنصر الخيال ، الذي ظل حكراً لعلوم الشعر والغواية ، في علم السياسة. واسترداد الخيال الى علم وعمل السياسة مما اوحى به كتاب جليل الخطر في مفهوم الأمة ونشأتها صدر لبنديكت اندرسون عام 1983 وعنوانه جماعات بنت الخيال: نظرات في أصل القومية وانتشارها. فلم تعد الأمة كما جرى تعريفها قبل أندرسون بأنها نتاج ملموس واقعي حتمي تأسست عمداً أو "موضوعياً" بفضل عوامل مثل وحدة اللغة والاقتصاد والتاريخ وأشجار نسب أهلها وغيرها. وهذا تعريف يجعل من الأمة حدثاً سعيدا كامنا ينتظر لحظة الميلاد. غير أن الأمر خلاف ذلك . فالأمة ، حسب رأي أندرسون، تحققت في الواقع بمحض نفثات خيال أهلها وقادتهم. ولذا كان قصورنا في المستعمرات السابقة عن بناء الامة الجديدة عرضاً من أعراض داء عضال أصاب خيالنا الذي به تصنع الأمم.

    وبناء على قول أندرسون لا تبدو خيبتنا في بناء الدولة الوطنية مردودة الى جهل منا بحرفة صناعة الدولة وإن كان من الواقعي ان نعترف بما شاب تلك الحرفة عندنا من نقص وقصور. انما اصل خيبتنا حقاً اننا لم نصطحب الخيال في بنائها. فالصفوة في الدول المستعمرة قد تربت على فكرة أن الغرب هو النموذج الأمثل ومسك الختام للتقدم . وقد أفرغ هذا الاعتقاد المثقف من كل قوة وحيلة ونباهة. ولعله من سوء الصدف ان تزامن استقلال افريقيا، بما استتبعه من بناء للدولة الوطنية، مع اندلاع الحرب الباردة. فقد افسدت هذه الحرب خيال بناة الامة الآخذة في التحرر فساداً كبيرا. وكانت هذه الحرب في جوهرها سوقاً يعرض فيه كل من المعسكرين، الرأسمالي والاشتراكي، مشروعيهما الايدلوجيين ونمط دولتيهما كنماذج مضمونة النجاح متى ما اخذ بها، او قلدها، الأفارقة وغير الأفارقة في بناء الامة. وكان من شأن هذا الترويج للنظامين ودولتيهما كنهجين لا معقب عليهما (على بناة الامة الجديدة ان تأخذ بواحدهما ولا مزيد)، في قول بازل ديفدسون، مؤرخ افريقيا ذي النظر السمح الدقيق، أن عكر صفاء افريقيا في التفكير المعزز بالخيال الخصب الطازج في حقائق ودقائق الاستعمار وعواقبه لبناء الامة بابداع وللمدى الطويل. واضاف ديفدسون أن حمى ولاءات واستقطابات الحرب الباردة خنقت في المهد كل جدل بذهن مفتوح في شكل ومحتوى ومآل الدولة الوطنية الناشئة او في ابتكار نظم لم تخطر لبشر من قبل. وقد استغرب ديفدسون كيف ان الدولتين الكبيرتين، أمريكا والاتحاد السوفيتي قد جردتا الأفارقة ومن لف لفهم من المستعمرين السابقين من ملكة تجذير ابداعهما في اممهم الجديدة. والعهد بامريكا أنها كانت رائدة التقدم والجذرية السياسية والاجتماعية في القرن التاسع عشر وكان الاتحاد السوفيتي قد راد هذه التقدمية و الجذرية في أوائل القرن العشرين. فقد حالت المصالح الاستراتيجية دون أمريكا ودون الإذن للأفارقة استصحاب إبداعهم السياسي الثوري لبناة الأمم الجديدة. ومن الجهة الأخرى تناقصت جذرية الاتحاد السوفيتي بالذهنية الامبرالية التي ورطته فيها الستالينية، التي انقطعت عن نبض الثورة الأولي، واستعانت بالمخابرات في مشروعها السياسي العالمي بدلا عن محص ثقتها للتقدمية الاجتماعية حيث كانت واحترام تجلياتها العديدة في الدنيا.

    ولما اسلمت الصفوة زمام خيالها للنموذج الأوربي من نقل كربون لوستمنستر أو السوفيتات او الرأسمالية اصبحت مهمة بناء الدولة "نقشاً" من هذه النماذج لا استجوابا ومحاكمة واستنفاعاً منها. ولذا تساءل بارثا جاترجي، الكاتب الهندي المشهور، وحال المثقف المستعمر على ما رأينا من بؤس وفساد خيال ، عما تبقى لهذه الصفوة من مخيلة حين لم تزد مهمتهم عن " تخيل" أمتهم من نماذج كان الغرب أنشأها أول مرة.

    وقد وجدت مصداقاً لقول اندرسون في تأمل غير خبير للتجربة الامريكية في بناء امتها ودولتها. فلم يكن مقدوراً في لوح السياسة المحفوظ ان تكون الولايات المتحدة هي البلد الواحد الذي عليه حالها اليوم. ولو لم يسعف الخيال والأريحية آباءها المؤسسين لكانت الولايات المتحدة ولايات متناثرة. فقد واجهت أمريكا في 1787 مأزقاً سياسياً صعباً بعد نجاح ثورتها وحصولها على استقلالها من انجلترا. فقد تفرق أهلها شيعا لما زال العدو الذي جمعهم على عروة وثقى. فقد كان منهم من يريد للبلد ان يكون دولة واحدة كما كان منهم من يريد لها أن تتفرق ايدي سبأ وان تستقل كل ولاية بأمرها. وكانت الولايات على تلك الأيام (13) ولاية في حين بلغت الآن (50) ولاية. واتسعت شقة الخلاف للدرجة التي عجزت بها الحكومة الفدرالية، بقيادة واشنطون، عن تصريف امور الحكم. وباعتراف بالعجز غير مسبوق اصدرت تلك الحكومة مرسوماً في 21 فبراير 1787 علقت فيه مسئولياتها جملة واحدة حتى يتراضى الامريكيون على ميثاق جديد لدولة فدرالية إن شاءوا.

    نبهني الى مأثرة هذا التواضع السياسي الجليل الكس دي توكفيل (1805-1859) الفرنسي الذي زار الولايات المتحدة مبعوثاً من مصلحة السجون الفرنسية ليتعرف على نظم الجريمة والعقاب فيها. غير ان توكفيل سرعان ما نما شغفاً بدراسة الديمقراطية الامريكية. وكان أن ادار ظهره لبؤر التضييق والعقاب التي كانت أصل مهمته الاولى وانجذب الى منابر الحرية في أمريكا يدرس صحوها وعافيتها. وكتب توكفيل الجزء الاول من كتابه الديمقراطية في امريكا ونشره في 1835 بينما صدر الجزء الثاني منه في1840. وهو كتاب يعتمده الامريكيون حتى في يومنا الراهن مرجعاً عمدة في نظمهم السياسية.

    تأنى توكفيل متأملاً تعطيل الحكومة الفدرالية الامريكية لاشغالها حتى تعود الامة الى بينة من امرها. وقد عادت الامة الي هذه البينة في 1789بعد عامين من انعقاد مؤتمر مندوبي الولايات الذي تراضى على أصل دستور الولايات المتحدة الحالي. واستحوذت حادثة استعفاء الحكومة الفدرالية على لب وخاطر توكفيل. فقد رأها أبهى ما مر بالقطر من الايام. فحتى حرب الاستقلال الامريكية، في رأي توكفيل، تقصر عن نبل لحظة إحالة الحكومة الفدرالية نفسها للإستيداع. فمن رأي توكفيل ان نصر الامريكيين على البريطانيين لم يكن معجزاً وقد ظاهرتهم عليه فرنسا القوىة وكان بينهم وبين الدولة البريطانية مسافة باذخة فوق هول المحيط الاطلنطي. ولم ير توكفيل، من الجهة الثانية، في حرب الاستقلال الامريكي بأساً لم يقع اشد منه في الثورة الفرنسية. غير ان قلبه وعقله وقلمه تعلق بعظمة استعفاء الحكومة الفدرالية حين هان امرها على الناس. لم يكترث توكفيل للمقاومة و أهازيج الحرية ورفع العلم في الرابع من يوليو بل للحظة التي قررت الحكومة أن الحل في الحل "وهجست" بعدها الامة تفاوض في خلقها من جديد. وسيكون قريباً من زاوية نظر توكفيل هذه لو استصفى ورثة الزعيم الازهري يوم استقالة وزارته في 1956 رضوخاً لإرادة الامة الممثلة في البرلمان بدلاً من يوم رفع العلم. أو لو كنا قبلنا اقتراح الجنوبيين بالفدرالية اساساً لبناء أمة ما بعد الاستعمار بدلا عن هذا التاريخ الحزين الآخر. لما استصفى توكفيل لحظة تهافت الحكومة الفدرالية كلحظة الخلق الحق لأمريكا قال فيها مايفوق الشعر في الثناء عليها:

    (فمن الطارف في تاريخ المجتمعات ان ترى شعباً عظيماً يعيد النظر بعين ثاقبة في نظم حكمه حين اتفق للسلطة الشرعية القائمة ان عجلة الحكم قد غاصت في الوحل وتوقفت. من النادر ان ترى مثل هذا الشعب يدير هذه العين اليقظة في سعة ولؤم الشر المحدق به، ويصبر خلال سنتين طويلتين حتى يعثر للداء السياسي على الدواء الناجع. وقد اقبل هذا الشعب يتجرع غصص مرارات هذا الدواء بغير ان تذرف البشرية دمعة واحدة أو ان تتفصد قطرة دم. ولقد امتلكت امريكا ناصية ميزتين لما انكشف لها قصور دستورها الأول عن الوفاء بالحاجة وهما الصفاء الهادئ الذي جاء في أعقاب صخب وهيجان الثورة وفريق حاذق من الرجال الذين قادوا الثورة حتى بلغت مراميها.)

    كانت مأثرة بناة الدولة الامريكية، الذين وصفهم توكفيل بالحذاق، موضوع كتاب جديد للمؤرخ الامريكي بيرنارد بيلن عنوانه بدء العالم من أول جديد . فقد جاء الكتاب بآيات إبداع هولاء الرجال الذين تخيلوا الامة واقعاً مجسداً من عدم. فقد قال إنهم تجرأوا حتى اشتغلوا باكتشاف الغموض المحير الذي يلتبس بقيم الحرية. فلم تكن أمريكا شيئاً مذكوراً على ذلك العهد. فقد كانت مجرد إقليم على هامش اوربا العتيقة المستنيرة. ولم تفت هذه الريفية في عضد فكرها وخيالها بل استثمرت طزاجتها البدوية هذه ولم تسمح للعقائد الأوربية التليدة المعتقة في صوالين الفكر بخنقها او مصادرتها. وقد علق من استعرض كتاب بيلن لجريدة النيورك تايمز قائلاً:

    كان الآباء المؤسسون للدولة الامريكية من أكثر الجماعات حذاقة في التاريخ الحديث. فقد جرى تحذيرهم مراراً وتكراراً من قبل الاوربيين من الشطح وتحدي ما اتفق لأوربا من تقاليد وعقائد. لم يكن لاوربا ان تصدق أن بوسع هؤلاء الامريكيين القاطنين براري العالم أن يأتوا بشئ لم تأته أوائل أوربا من أهل السند والمدد. ولم تصدق اوربا ايضاً انهم سيبتدعون نظاماً للحكم أوفر حرية وابقى على الزمن مما اتفق لحواضر أوربا الباذخة." فلقد تداعى هؤلاء الآباء الى ابتداع الامة وتداولوا الأمر بينهم طويلاً حتى بلغوا معاً الى القناعة بأنه بالوسع تأمين الحرية الفردية في نظام معقد من توازن وفصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والولائية في إطار دستور جامع. وقد لاحق الآباء الدستور بالتعديل والاصلاح حتى جعلوا منه عهداً في توازن القوى وعهداً في حقوق المواطن.

    وتبقى ما تزال مهمة تخيل الأمة وبنائها من واقع الحطام المشاهد في معظم البلاد التي استقلت من الاستعمار الأوربي. ويحتاج هذا الى نظرية غراء للتحرر الوطني. وأول أمر هذه النظرية هو استرداد خيالنا (وهو طاقة لا تعني "تراثنا" وإن التبست به بوجوه عديدة) بإزالة الأثر الاستعماري استرداداً قائماً، في وصف احدهم، على "منطق من الجرأة". وقد قال بازل ديفيدسن ، ذو الكتابات المؤثرة عن أفريقيا ، بشيء قريب من هذا . فقد قارن ديفيدسن هذه الجرأة بالجنون مستفيداً من كلمة مروية عن توماس سانكرا ، رئيس دولة بوركينا فاسو القتيل في آخر الثمانينات ، دعا فيها الأفارقة إلى التحلي بدرجة مناسبة من الجنون ليقووا على تغيير أفريقيا. وقال سانكرا إن هذا الجنون لابد أن يأتي من الشجاعة التي تجعل المرء يدير ظهره للصيغ القديمة ، ومن التقحم الجريء لمروج المستقبل. فالمهمة الراهنة ، في نظر سانكرا ، هي اختراع المستقبل.

    من لنا بجرعة من جنون سانكرا العذب القتيل

                  

العنوان الكاتب Date
أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-22-04, 01:38 AM
  Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-22-04, 02:33 AM
    Re: أبنــــــــــــوسة ... yumna guta04-22-04, 04:15 AM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... معاوية الزبير04-22-04, 06:47 AM
        Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-22-04, 11:46 AM
  Re: أبنــــــــــــوسة ... الجندرية04-22-04, 03:11 PM
  Re: أبنــــــــــــوسة ... صديق الموج04-22-04, 03:26 PM
    Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-22-04, 08:05 PM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-22-04, 08:24 PM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-22-04, 08:25 PM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-22-04, 08:29 PM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-22-04, 09:38 PM
  Re: أبنــــــــــــوسة ... بهاء بكري04-22-04, 09:19 PM
    Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-22-04, 10:27 PM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-24-04, 11:33 AM
    Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-22-04, 10:30 PM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... Ishraga Mustafa04-23-04, 01:10 PM
        Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-23-04, 02:48 PM
        Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-23-04, 02:49 PM
          Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-23-04, 06:56 PM
            Re: أبنــــــــــــوسة ... Alsadig Alraady04-24-04, 09:06 PM
              Re: أبنــــــــــــوسة ... sympatico04-24-04, 09:14 PM
                Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-25-04, 00:29 AM
                  Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-25-04, 10:49 AM
                    Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-26-04, 00:59 AM
                      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-26-04, 09:13 PM
                        Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-28-04, 00:26 AM
  Re: أبنــــــــــــوسة ... Nada Amin04-28-04, 04:24 PM
    Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-29-04, 01:13 AM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna04-30-04, 00:29 AM
        Re: أبنــــــــــــوسة ... أبنوسة04-30-04, 12:51 PM
  Re: أبنــــــــــــوسة ... Nada Amin04-30-04, 04:04 PM
    Re: أبنــــــــــــوسة ... أبنوسة04-30-04, 06:10 PM
    Re: أبنــــــــــــوسة ... أبنوسة04-30-04, 06:11 PM
    Re: أبنــــــــــــوسة ... أبنوسة04-30-04, 06:17 PM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... Muna Abdelhafeez05-01-04, 07:58 AM
        Re: أبنــــــــــــوسة ... HAMZA SULIMAN05-01-04, 09:03 AM
          Re: أبنــــــــــــوسة ... nadus200005-01-04, 06:09 PM
            Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-02-04, 00:35 AM
            Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-02-04, 00:41 AM
              Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-02-04, 01:49 AM
                Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-04-04, 10:29 AM
                  Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-05-04, 08:44 AM
                    Re: أبنــــــــــــوسة ... nadus200005-05-04, 05:13 PM
                      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-05-04, 06:15 PM
  Re: أبنــــــــــــوسة ... الجندرية05-05-04, 08:32 PM
    Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-05-04, 09:08 PM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... أبنوسة05-05-04, 10:36 PM
        Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-06-04, 00:39 AM
          Re: أبنــــــــــــوسة ... nadus200005-06-04, 05:02 PM
  Re: أبنــــــــــــوسة ... بهاء بكري05-06-04, 09:13 PM
    Re: أبنــــــــــــوسة ... dreams05-06-04, 11:27 PM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-07-04, 02:20 AM
        Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-07-04, 12:59 PM
          Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-07-04, 01:17 PM
            Re: أبنــــــــــــوسة ... nadus200005-07-04, 01:26 PM
              Re: أبنــــــــــــوسة ... sympatico05-07-04, 02:04 PM
                Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-08-04, 00:35 AM
                Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-08-04, 00:48 AM
                  Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-08-04, 10:31 AM
                    Re: أبنــــــــــــوسة ... dreams05-08-04, 12:20 PM
                      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-08-04, 08:39 PM
                        Re: أبنــــــــــــوسة ... dreams05-08-04, 11:14 PM
  Re: أبنــــــــــــوسة ... Rawia05-08-04, 11:48 PM
  Re: أبنــــــــــــوسة ... Rawia05-08-04, 11:49 PM
    Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-09-04, 11:28 AM
      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-09-04, 04:26 PM
        Re: أبنــــــــــــوسة ... nadus200005-09-04, 04:54 PM
          Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-09-04, 08:48 PM
            Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-10-04, 00:46 AM
              Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-10-04, 03:47 PM
                Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-11-04, 11:31 AM
                  Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-12-04, 08:29 AM
                    Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-15-04, 08:07 AM
                      Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-18-04, 07:58 AM
                        Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-19-04, 11:08 AM
                          Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-22-04, 04:11 PM
                            Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-23-04, 03:43 PM
                              Re: أبنــــــــــــوسة ... Abo Amna05-26-04, 09:13 AM
  Re: أبنــــــــــــوسة ... ميرفت05-27-04, 03:21 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de