دموع القرية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-08-2024, 10:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-09-2002, 01:16 AM

hasan_6

تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
دموع القرية







    دموع القرية
    --------------------------------------------------------------------------------
    رباط قوي يربطني بهذه القرية - المدينة - ليس لأنني ولدت وترعرعت فيها فحسب، بل لأنها مختلفة عن كل القرى لها مميزاتها الخاصة وأسرارها العميقة التى تنام معها فى هدوئها المحيّر أحيانا وضجيجها وصمتها القاتل - يقولون أن المدن كالنساء كل لها طعمها ولونها وعطرها النفاذ فهذه المرأة النخلة تأخذك بعيدا تخترق كل الحواجز تتخطى الحراس وتلين قساة القلوب فمن ذا الذى أوتى القوة لكى يقف أمامها ما أن يطل عليك هذا النيل العظيم وغابات النخيل المتشابكة تحمل ما لذا وطاب من الرطب كل الأنواع كل ما فى النساء من رحيق يجلب الخير الوفير لأهلها الصامدين ويتشهاها كل من لا ينتمى اليها ويذكرها ويحن اليها كل من فارقها مرغما مقهورا يشتاق لهذا البلح كما غنى له بادي فى رسالته لأمه..كان الظن ترسل لى رهين هينين من البركاوى داك الطعموا حالى..
    وقال اسماعين ودحدالزين..العرجون يصارع فى الجريد متدلى هتان ينقط فى العسل يا ريت شرابى وريقن يمه زى تمر الخمور المن زمان طامرنوا فى جوف المراي (معتق).

    هذه القرية ذات الكثافة السكانية المحدودة تمتد على شريط ضيق متوسدة نهر النيل الخالد ومثله تماما تنطوى على سر عميق بينه وبينها حالة عشق خاصة فهما يتنناجيان ويتغازلان سنين عددا وحينما تكون حالة العشق هادئة تراه يضمها اليه فى حنان بالغ وتلاعب موجاته العالية بت البلد ( تقعد تحش فى اللوبى للكاويق تقشى، تصل البحر والموج يداعبا فوق هدوما ينط يرشى) ثم ينحسر عنها مخلفا وراءه أحلى ذرية أرض الجروف الخصبة فتزيد فى مساحة الأراضى الخصبة وتجلب الفرح والابتسامة.

    الجزيرى بقت مخاده وتانى حنت طين زياده
    قالوا متدلين يشوفوا وكل زول يزرع جروفو
    الجرف بالخصبة رجح وجاب قلوب لى أهلوا فرّح
    داك يسلك وداك ينقح وداك بالشرقية ينبح
    قام التوب وسرح ومن بعيد بى ايدو لوّح

    فتبدأ الخيرات فى الظهور نتيجة لهذا العشق المقدس فى شطر بديع يعجز عن خيال الشعراء - ( الشعر البحاكى اللوبى فوق قيف البحر ).
    ساعة العصارى الضل يمد فوق الجروف يكسى التبيسات بالطرح.
    ولكن!! ليس هكذا تسير الحياة دائما مستقرة - أحيانا تأتى حالة العشق المجنونة، هو فى محاولته لضمها اليه بعنف وجبروت وتحد حتى يأتى عليها بأكملها فيترك أهلها فى العراء ويمضى مخلفا ما أتى به من مجاهل أفريقيا كأنه يريد أن يترس التواصل بين أهل الوطن الواحد فهذا الطمى يحمل سمات كل أهل السودان تواصل يفوق خيال السياسيين القصّر يتركه ويمضى شمالا مسافر زاده الخيال والعطر والسحر والظلال
    عطشان والماء فى يديه.

    وتمر الحياة هكذا ببساطة بين حالة من الحب السماوي العذري يأتى فيها النيل سهلا متسامحا ومحاولا مزج أصول جنوبية مع أخرى شمالية قائلا:
    هذه الأرض لنا فيدم سوداننا علما بين الأمم.
    وبين عاشق مجنون يترك وراءه أطلالا وظلالا واسئلة لتبدأ من جديد حركة العمران بعد الانسحاب خطوتين الى الوراء تحسبا لما هو آت وتبدأ الجناين والجروف فى استعادة حليها، وأهلها مع كل حالات العشق ترى الابتسامة تعلو جباههم.
    قذر منك ما اتجمعنا، عليك مكروه ما نطقنا. هكذا يخاطبون النيل.
    و
    تستمر المعركة مع فيضان النيل وانحساره والاستفادة من خيراته والتجمع فى سوق الثلاثاء للتسوق ويوم كان لهم المقدرة على الشراء قبل أن تسلب حقوقهم بعد أن أرهقتهم الأنظمة المتعاقبة كما أرهقت أهل السودان جميعا.

    لا زلت أذكر ذلك اليوم والكل يستعد لاستقبال العيد ومنهم من يعتكفون فى المساجد فى هذه الأيام المباركات اواخر الشهر الكريم يناجون الله سبحانه وتعالى عسى أن يكشف عنهم الغمة. نسى الناس النيل والوابور والموتور والتسوق حين أتاهم الخبر اليقين بأن نظام الجبهة الترابية أراد استقبال العيد. بذيح ثمانية وعشرون ضابطا من خيرة أبناء القوات المسلحة وكان نصيب القرية منهم وافرا. كان يومارهيبا أسدل على المنطقة سوادا وكآبه وحزنا وهما حتى النخيل همد من الحزن وصار مسار النيل حزينا باكيا. الكل يتسأل لماذا قتلوهم؟ لا أحد يجيب حتى أصحاب اللحى (الذقون) المزيفة احتفوا فى هذا اليوم بعد أن ظهرت عليهم امارات الثروة والجاه مبكرا من عمر نظامهم. احتكروا قوت الناس كما احتكروا الاجابة. الناس تقول ما هم برضوا عملوا انقلاب ( من استن سنة سيئة) انقلابهم على سلطة شرعية جادت باختيار الناس ورضاها فمن يحاسبهم! من يحاسب هؤلاء السارقين الغاصبين الحاسبيين الشعب أغناما وشاه!! خفافيش الظلام تحب الليل فلا تظهر فى النور ولا تعمل فى النور كل الناس تعرفهم تعرف تاريخهم وأعمالهم ووجوههم الكالحة لسواد.

    كل الناس هرعت حينما سمعت النبأ من طول المنطقة وعرضها أتوا مستغربيين يسألون أين الجثمان! هل دفنوهم أحياء؟ هل حاكموهم؟هل سمعوا منهم أم غدروا بهم كعادتهم دائما.
    نريد أن نواريهم الثرى.. نريد أن نصلى عليهم.. ولكن لا أحد يملك الاجابة، وحده الأديب الفذ الطيب صالح أجاب ( من أين أتى هؤلاء الناس بل من هم هؤلاء الناس).

    أتى الناس حيارى ليسألوا من شباب كانوا خير عون يقضون حاجات الناس بطيب خاطر حامى ثغورهم كانوا يؤمنون بأن العساكر ليس مكانهم القصر الجمهوري ولا المدن انما مكانهم الثغور والحدود.

    وحده عم على جلس صامتا غير قادر على الوقوف لتلقى العزاء فى فلذة كبده. فقد كان قبل ساعات يصول ويجول ويحلم، الكل يحترمه لعلمه وخبرته وقلبه الكبير كان معطاء بلا حدود لم يرد أحدا طرق على بابه مهما كان الداعى ولم يكشر فى وجه أحد، انسان سمحا فى البيع والشراء والقضاء والاقتضاء.

    لم يستطع تحمل المأساة..ما أقسى الظلم، لم يستطع النظر فى أعين أحفاده القصر ينظر اليهم وهم يبكون كما يبكى الناس وكأنهم يتسألون وسألوه ولأول مرة يرى الناس الدموع تتدفق من عينيه وانزوى بعيدا لا أحد يصدق أن تنزف دموع هذا الرجل الصامد فقد أبناء من قبل لقد تعرض لمآسى عديدة ولكنها كانت منطقية ومفهومة كان يتحملها بصدر رحب وصبر يعجز عنه كل مثيل له. لم يستطع هذا الرجل أن يكون عاجزا عن الاجابة عن سؤال يراه فى أعين أحفاده فانتحل فى جسمه ولم تتحمله رجلاه فأصبحت عصاه التى كان يحملها زهوا وكان يمشى بها على (حماره) ويتبختر بها أصبح يتوكأ عليها لتساعده على المشى..لم يتحمل عم على كل هذا وفى يومين فقط اسلم روحه الى بارئها لعله أراح نفسه من ارهاق الاجابة تاركا دنيا أصبح الظلم فيها سائدا وأصبح قتل الأشراف سنة أصحاب العاهات والنقائض أمة أصبح سادتها سفهاءها.
    دنيا لم تنصف شيبه وعجزه، لم يحتمل نظرة أحفاده القصّر وأمهم الثكلى معن وفى قلبه سؤال كبير لعله ترك لنا معاناة الاجابة ترك أحفاده كما كل هؤلاء الذين قتلوا وعذبوا وشردوا كلهم يسألوننا نريد أن نعرف أين دفن ابائنا بل نريد أن نعرف لماذا قتلوا أصلا ومن سيأخذ بثأرنا.

    كان عم يقول والله اذا لم يجد هؤلاء الناس من يقف لهم سيلبسوننا الطرح ويحجبونا عن الحق ويحجبون عنا الرجولة. كأنه كان ينبأ حينما طلب فى أولياء الأمور فى الأحفاد أن يوقعوا على وثيقة أنهم عجزوا عن تربية بناتهم!
    لقد رقد هناك فى جامع ود عدلان ولكن لا أحد يعرف أن رقد هؤلاء ولقد صلى عليه ولكن لا أحد صلى عليهم لقد ترك رجالا قادرين على مواجهة الحياة وتركوا أطفالا ليذكرونا بعجزنا ونحن نهرب الى المنافى والمهاجر هاربين من الاجابة ونحتفل بذكراهم كما نحتفل بثوراتنا ببذخ شديد ونتركهم يواجهوا الحياة كأننا نريد أن نخلى مسئوليتنا. فى ذاك اليوم نزفت الدموع مدرارا وأصبح الحزن مضاعفا والليل دامسا لقد فقد الكثيرون فى الحرب الطويلة ولكن لم يكن الحزن مثل هذا....ما أصعب أن يختلط الحزن بالعجز.

    مضوا جميعا وقمه تزداد تعميما على الأخذ بثأرهم واقتلاع أى سلطة لا تعترف بأدمية الانسان وحقه المقدس فى الحياة تتخلص من فرسان الساحات الخالية الذين يرمحون فى ميادين يعرفون مقدما انها ليس فيها عدو وليس فيها قتال:
    يا صديقى لن يصب النيل فى الفولقا ولا الكونغو
    ولا الأردن فى نهر الفرات
    كل نهر له نبع ومجرى وحياة
    يا صديقى أرضنا ليست بعاقر!
    كل أرض ولها ميلادها.....كل فجر وله موعد ثائر

    هيا لنتخلص من هذه الزعامات المستديمة والعسكرية العقيمة، زعامات تجاوزها الزمن قاماتها أقصر من قامة هذا الشعب الهمام.

    ولنا عودة فى موضوع آخر..

    (عدل بواسطة hasan_6 on 01-21-2003, 01:37 AM)
    (عدل بواسطة hasan_6 on 01-25-2003, 00:33 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
دموع القرية hasan_612-09-02, 01:16 AM
  Re: دموع القرية sweetheart12-09-02, 02:27 AM
  Re: دموع القرية نصار12-14-02, 01:27 AM
    Re: دموع القرية sympatico12-14-02, 06:17 AM
      Re: دموع القرية يحي ابن عوف12-14-02, 07:22 AM
        Re: دموع القرية رقم صفر12-14-02, 08:50 PM
          Re: دموع القرية yasiko12-15-02, 02:52 AM
            Re: دموع القرية osly212-15-02, 05:32 PM
  Re: دموع القرية Soumeta12-15-02, 05:52 PM
    Re: دموع القرية moniem200212-19-02, 11:35 PM
      Re: دموع القرية Elkhawad12-20-02, 04:14 PM
  Re: دموع القرية hasan_601-24-03, 11:47 PM
  Re: دموع القرية hasan_601-25-03, 00:00 AM
  Re: دموع القرية Deng01-25-03, 03:18 AM
  Re: دموع القرية dabeep01-27-03, 02:13 AM
  Re: دموع القرية hasan_601-27-03, 10:46 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de