|
Re: كان .. فقراً .. مدقعاً .. دون شك ..! (Re: Tareq Siddiq)
|
طفقت أتجول بالمطار ركناً ركناً كل الذي أراه مجموعة من المسرعين القابضين حقائبهم والقابضات والمتحدثين بلهجاتٍ شتى ولغاتٍ مختلفة وبعض السيقان العارية والأكتاف البارزة .. وأنصاف الملابس على أجساد بعضهن .. !! وقفت متأملاً حالتي وحين دب اليأس في نفسي .. وكادت دموعي ترى النور .. كم أنت تعيسٌ شقي .. ومتهور .. !! عندها سمعت أحدهم يقول لرفيقه ..
: لكن بنزرت دي لو طلعت جنب مصراطة نكون ارتحنا خلاص ...!!
ارتحت أنا ساعتها .. هاهم بني بلدي حضوراً هاهنا ويبدو أنهما يتوجهان الى ليبيا .. ولا يبدو على المتحدث أو من يحادثه أنهما سودانيين .. هرولت اليهما في عجلة ولهفة ..
: السلام عليكم .. يا شباب أنا طالب بقرأ في العراق .. انتهت قروشي هنا في قصة طويلة .. رسوم المغادرة دي ما عملت حسابها .. لو عندكم ميتين ليرة أدوني أسماءكم وعناوينكم وأول ما أصل بغداد برسلا ليكم ..!!
موقف لم يحدث أن أدخلت نفسي فيه من قبل .. كنت حزيناً وأنا أخرج الكلمة تلو الأخرى .. عندها .. كان جهاز النداء يكرر .. على المسافر طارق صديق التوجه للبوابة 17 ... كثيرةٌ هي الأشياء التي تميز أبناء الشعب السوداني عن غيرهم غير أنهم في مثل هذه المواقف لا مثيل لهم دون شك ...!
بادرني أحدهما ..
: يا أخي عايز تعملا موضوع .. هي ميتين ليرة شيلا وأمشي لا عايزين نعرفك ولا تعرفنا .. الله يوفقك ..!!
أخذتني ساعتها العزة بالفقر .. في أنفة جوفاء .. فاحمر وجهي حياءاً ورفضت المبلغ وحاجتي له أشد ما تكون .. اذ لا بد لي من معرفتهما حتى أقوم برد المبلغ لهما ...!
لحق بي أحدهما صائحاً ..
: يا زول انت عوير ولا شنو .. ماشي وين هسا ..؟ شيل القروش وأمشي حصل طيارتك انت زي أخونا والله ..!
لم يكن أمامي خياراتٍ أفضل مما هو أمامي .. أخذت المبلغ وشكرتهما ودعوت الله كثيراً أن يكثر من أمثالهما ليعين بهما من هم في حالتي .. منذ ذاك الحين وأنا لا أنفك أتفرس في وجوه الناس جيداً .. عساي أعثر على شبيهيهما فقط إذ أن صنيعهما مازال يؤرقني ... !!
|
|
|
|
|
|
|
|
|