صدور أمر بالقبض على زميلنا مصطفى سري .. فلنتضامن معه ..

Quote: لأول مرة أعترف بدور مهم وإيجابى لنيابة الصحافة لولا تطبيقها للمادة (130) سيئة الذكر. مفهوم الصحافة عندى: (حق أساسى وواجب) و(حرية كاملة ومسؤولية شاملة) ليست منحة من فرد او نظام، تقوم على (الحرية الكاملة والمسؤولية الشاملة مهنياً وقانونياً واخلاقياً ووطنياً ودينياً واجتماعياً) وليست مسؤولية اجتماعية فقط كما فى النظام الليبرالى، كما ليست سلطوية للسيطرة الفكرية والسياسية. وقد قامت الصحافة السودانية بدور متقدم منذ بواكير الحركة الوطنية وأسهمت فى رفع الوعى والاستنارة والاستقلال ثم بعده بالمساهمة الفاعلة فى الممارسة الديمقراطية وعملية صنع القرار الوطنى ومقاومة الديكتاتوريات ولكن بعضها لعب ادواراً سالبة سواء بتجاوز المهنية والمسؤولية القانونية والاخلاقية والاجتماعية والوطنية فى العهود الديمقراطية حين فتحت صفحاتها لكثير مهاترات وسباب ومكايدات فكرية وسياسية مهدت للانقضاض على الأنظمة الديمقراطية الشرعية. أما فى عهود السلطوية فبحجب الرأى الآخر وقبلت قيادات صحفية بارزة أن تكون أداة للسيطرة وتكريس الدكتاتورية وحكم الفرد وارتضت لنفسها أن تكون حارقة للبخور ومشغولة بالمقالات الهتافية وقتل اى رأى حر ومفيد. قصدت من هذه المقدمة الطويلة أن أكرر رأيي فى أهمية المسؤولية الشاملة وأعتذر للاستاذ غازى سليمان عن ما نشرناه من مقالين للاستاذ مصطفى سرى من لندن بعنوان (الغازى - من حقوق الإنسان الى حواف السلطة)، ولو كانا مقالين ناقدين نقداً موضوعياً لأفكار وأفعال الاستاذ غازي لما كان ذلك مصدر انزعاجى وغضبي الشديدين ولما سمحت بنشرهما لو عرضهما عليّ المحرر المسؤول عن المقالات اليومية.. فقد كان المقالان شتماً وافتراءً على الاستاذ غازي سليمان الذي يعرفه الجميع بأنه ظل مدافعاً صنديداً عن الحريات العامة والتحول الديمقراطي وحقوق الانسان طيلة الفترة الماضية.. كتب في الصحف يوم كانت الكتابة تؤدي للاعتقال وبيوت الاشباح والتي دخلها بالفعل ما نقموا منه إلا أنه كان يقول الحق ويدافع عن الصحافة الحرة والصحفيين وضد إيقاف الصحف واعتقال الصحفيين وكان يقف كالسيف في مواجهة القمع والظلم.. لم يكن مدسوساً من المؤتمر الوطني على المعارضة بل كان واضحاً.. مقاتلاً شرساً دفاعاً عما يؤمن به بكل الشفافية والوضوح والالتزام، ولو كان مدسوساً لنال الكثير مثل غيره.. صحيح أن الاستاذ غازي بشر مثل غيره من البشر له أخطاؤه مثلما له نجاحاته له وإيجابياته وسلبياته ولو لم يكن كذلك لكان إنساناً كاملاً وحسب علمي لم يخلق بعد. لكل ذلك تجدني أكرر الاعتراف بالخطأ غير المقصود من جانب هذه الصحيفة ومحرريها وأكرر الاعتذار خاصة والاستاذ غازي له وقفات مع (السوداني) وكل محنها منذ أن ضربت تحت الحزام عام 1994م حتى آخر ضربات وجهت لها بموجب المادة سيئة الذكر 130.. ولا أنسى أهمية نيابة الصحافة التي تساهم من خلال دورها كنيابة متخصصة وخاصة بالصحافة والصحفيين في تحقيق المسؤولية الشاملة من خلال استقبال البلاغات واستدعاء الصحفيين بطريقة حضارية والتحقيق معهم بكل الاحترام اللائق وإطلاق سراحهم بالتعهد الشخصي فوراً وسلبيتها فقط عندما تستخدم بتعسف المادة 130، أما القضاء العادل فهو لا يتسرع فى الحكم بل يعطى فرصة للتصالح بين المتقاضين وهذه محمدة.. وأعتقد جازماً لو وجدت مثل هذه النيابة وهذا القضاء منذ الاستقلال لجاءت الحريات الصحفية أكثر مسؤولية.