|
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: أمير بابكر)
|
موضوع يستحق التمعن و القراءة
_____________________________________
وإهتراء وجدان الذاكـرة
إلى روح جدتي آمنة العوض ضوالبيت حتى لا يضيع وجدان الذاكرة المسكون بالحكي
(1) تراءت لي جدتي وأنا في غمرة انشغالي بالحياة وشياطين تفاصيلها، تراءت لي وفي عينيها عتاب ولوم شديدين، وكأني بها تنبهني إلى أنها لا تزال تسكن وجداني، ومن واجبي أن أواصل ري شجرة الوجود هذه حتى لا تجف جذورها فتموت، كما تموت كل الأشياء وتسقط من الذاكرة. وكانت جدتي قد ماتت قبل سنوات، كما هي خاتمة سيرة كل الناس الذاتية التي تنتهي بهذا الحدث. يقال أن طبيباً في العصور الوسطى كان يتحدث إلى الأعشاب، وكانت كل عشبة تكشف له سرها وقدرتها على المرض الذي تستطيع شفاءه. وذات مرة وجد عشبة جبلية غريبة عليه وراح يحدثها لتكشف له أن فيها سر الحياة الأبدية وانها تشفي من الموت. حملها طبيبنا مهرولاً في اتجاه المدينة التي يمارس فيها طبه، إلاَّ أن طائراً ضخماً اختطفها منه ليتعثر ساقطاً أثناء هبوطه من الجبل ويفارق الحياة. رغم ذلك مات وهو يحمل الحياة بين يديه.
وتطلق جدتي مقولتها بأن الإنسان لا يبلغ ذروة حكمته ولا ينكشف له سر الحياة ومعاني الكون والوجود ولا يقبض على جوهر الأشياء إلاَّ لحظة الاحتضار، بل اللحظات الأخيرة من مرحلة الاحتضار، ليموت بذلك السر الذي نسعى كل حياتنا للبحث عنه واكتشافه لنستريح. ماتت مثل الآخرين تحمل السر معها، وقد بلغت ذروة راحتها.
لا يتبدى لنا أن في الموت راحة إلاَّ عندما تصبح الحياة مجرد معاناة سريرية طويلة الأمد. عندما عالجها بعض الأطباء الأوربيون بحقن المريض بمادة تريحه (من تلك المعاناة) وتعجل بموته، ذهبنا إلى الجانب الأخلاقي والديني بأن ذلك احتجاجاً على إرادة الله. وهذا حق. ولكننا وعندما يعاني مريضنا الأمرين من جراء داء يلزمه السرير لفترات طويلة ولا أمل لشفائه، يعاني معه الجميع (جميع من حوله)، ويخيم الحزن في دواخلهم رثاءاً لحاله ولحالهم.. يتمنون له الراحة (الموت) من هذه المعاناة.. وكذلك راحتهم، ولكنهم يمسكون الفكرة من تلابيبها خوفاً من التصريح بها حتى لأنفسهم. وبمجرد أن تفارق روحه الحياة يتنفس الجميع الصعداء سراً وفي بعض الأحيان يصرحون علناً "إرتاح"!!! وتقام سرادق العزاء وبعضهم ينهيها بانتهاء مراسم الدفن.
أو كما ينشد شاعرنا الفيتوري:
صدقني يا ياقوت العرش إن الموتى ليسو هم .. هاتيك الموتى والراحة ليست .. هاتيك الراحة
. . .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-20-07, 08:33 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | غادة عبدالعزيز خالد | 07-20-07, 08:43 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | Emad Abdulla | 07-20-07, 09:57 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-21-07, 01:47 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | غادة عبدالعزيز خالد | 07-22-07, 06:30 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-23-07, 01:09 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | Emad Abdulla | 07-23-07, 02:03 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | معتصم دفع الله | 07-23-07, 04:39 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-23-07, 07:40 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | معتصم دفع الله | 07-25-07, 04:49 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | غادة عبدالعزيز خالد | 07-25-07, 10:01 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | منتصر الامين | 07-26-07, 00:07 AM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | غادة عبدالعزيز خالد | 07-26-07, 00:53 AM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-26-07, 09:24 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | منتصر الامين | 07-27-07, 10:26 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | Emad Abdulla | 07-27-07, 11:26 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-28-07, 07:51 PM |
|
|
|