|
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: منتصر الامين)
|
مقاطع من حديث الكاتب أمير بابكر
_______________________________________
لست بصدد الحديث عن فلسفة الموت ولا قدسيته، ولكنها جدتي الخارجة من رماد حياتي الآن وشياطين تفاصيلها ترغمني على تلك الوقفة.. الوقفة لتجاوز موت آخر .. ليس ذاك الموت، وهي تحاول بعث سطوة الوجدان .. وجدان ذاكرتي. أعادتني جدتي إلى سطوة الوجدان.. وجدان الذاكرة. صدئة أقفالها.. هكذا وجدتها، وانا أصيح بأعلى صوتي " فاطنة القصب الأحمر...." وأعتصر تلك الصور المبعثرة داخل ذلك الوجدان. هي التي شكلته، أو جزءاً كبير منه، أثناء تلك الليالي القمرية وحتى عندما يسهر القمر ويأتي بعض منه في وقت متأخر، كما امرأة أدمن زوجها السهر فنزعت عن جسدها وروحها فيوزات التفخيخ ولم تعد تكترث كثيراً لكل أو بعض حضوره، ننتظره أو تنتهي حكاويها ونستغرق في نومنا، لا يهم.
هي فاطنة القصب الأحمر التي علمتني العشق، وأصيح مرة أخرى " فاطنة القصب الأحمر....."، وأحاول صب بعض مزيج من الليونة على ذاك الصدأ، (يقول أصحاب الخبرة إن بعض من زيت الفرامل يجدي مع الصدأ، ولكنه صدأ الذاكرة ووجدانها!!). لماذا القصب الأحمر؟ لم أسأل نفسي حينها وأنا في حضرة جدتي، هذا السؤال، لذلك لم أجد إجابة عليه، ولم يسعفني خيالي وقتها إلى ربط جمالها وحلاوتها بطعم قصب السكر الأحمر إلا بعد زمن طويل. لكنها فتاة جميلة، كما تقول جدتي، وتخيلت طفولتي صورة وجهها وشعرها الناعم الطويل، ورسمتها بإحتراف مصور بارع، فعندما تقول جدتي فتاة جميلة عليك أن تتخيلها كما يجب. وهي مع جمالها وحيدة أمها وليس لها سوى أخ شقيق، فهي إذاً جميلة ومدللة.
تقول جدتي إن فاطنة القصب الأحمر خرجت عصر ذات يوم مع فتيات القرية إلى طرف الوادي ليجمعن (النبق). وعندما وصلن تآمرت الفتيات على فاطنة القصب الأحمر، وأوكلن إليها مهمة رمي شجرة السدر بالحجارة أو هزها ليتساقط نبقاً جنيا، على ان يجمعن هن النبق ويجمعن لها نصيبها من الغنيمة.
تلك الصور المبعثرة، وأخشى أن اطرافها صارت مهترئة، لا سبيل لتماسكها لتبدو صورة واحدة واضحة معالمها. حتى الاحتيال ليس بذي جدوى في ممارسة تلك اللعبة الذهنية المعتمدة على دقة الملاحظة أثناء محاولة تجميع تلك القطع المبعثرة. رحلة طويلة استغرقتني أثناء محاولتي إحياء وجدان الذاكرة، ولكن رحلة الحياة المتراكمة وشياطين تفاصيلها أغرقتني أنا، وقبرته (هو) حياً لا زال (يفرفر). جربت مدخلاً آخر أتجاوز به خيبتي في سقيا شجرة الوجدان حتى لا تموت جدتي مرتين. إنه نبش مقبرة لروح لا زالت تفرفر.
. . .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-20-07, 08:33 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | غادة عبدالعزيز خالد | 07-20-07, 08:43 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | Emad Abdulla | 07-20-07, 09:57 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-21-07, 01:47 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | غادة عبدالعزيز خالد | 07-22-07, 06:30 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-23-07, 01:09 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | Emad Abdulla | 07-23-07, 02:03 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | معتصم دفع الله | 07-23-07, 04:39 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-23-07, 07:40 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | معتصم دفع الله | 07-25-07, 04:49 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | غادة عبدالعزيز خالد | 07-25-07, 10:01 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | منتصر الامين | 07-26-07, 00:07 AM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | غادة عبدالعزيز خالد | 07-26-07, 00:53 AM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-26-07, 09:24 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | منتصر الامين | 07-27-07, 10:26 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | Emad Abdulla | 07-27-07, 11:26 PM |
Re: اهتراء وجدان الذاكرة | أمير بابكر | 07-28-07, 07:51 PM |
|
|
|