|
تعلمـوا كيف تعارضـون
|
أزمـة المعارضـة فى الســودان، لا تقل بشـاعـة عن أزمـة الحكومـة، فإن الجهل هـو القاسـم المشتـرك الأعظم بينهمـا.. يحكمنـا رجال بلهـاء منذ الإستقلال، تركهـم الإستعمـار بعـد أن سلمهـم السلطـة، وكان أول ما إعتقـدوه، أنهـم حرروا البلاد!!! ثم ما فتئوا بعدهـا يسـوموننـا العذاب لأننا لم ندفع لهـم ما يستحقونـه من جهادهـم وتضحياتهـم من أجل الإستقلال، الذى لم يوفروا فيه أى نوع من الأسلحـة الفتاكـة، إبتداء من ورق الفلسكـاب الذى دبجـوا به المذكـرات، بعـد نتقيحهـا لغويـا بما يناسب الحديث مع (العدو) صاحب المقام الرفيـع الحاكم العـام، وليس إنتهاءاً بمصـادرة أراضى المواطنين (للصالح الخاص).. ثم أنه، وكلمـا جاء دور الحكـم على واحـد منهـم، أدخلنـا النهـر عشــرة، وأخرجنـا منه واحـدا، وحسبنـا عشرين! وما كان لهـم أن ينالوا ذلك، لولا طيبـة السـودانيين البسطـاء وعدم إنتشـار التعليـم بينهـم، وعدم وعيهـم بحقوقهـم.. وهـذا ما عمقوه، وأسسـوا له، بعدم توسيـع دائـرة التعليـم، وبسن قوانين ترسـخ نظامهـم وتحفظـه، وتزويـر التأريخ للنشئ.. فإنتشـرت المظالم.. وأختلت موازين العدل والقيـم، وبعدت الشقـة بين الباديـة والحضـر.. ثم جاءت حكومـة الإنقاذ لتتـم الناقصـة، بعـد أن قالت لهؤلاء وهؤلاء، يللا بلا لمـة.. ومن (فوائد) الإنقاذ، انهـا اختصـرت على السـودانيين الطريق نحو الهاويـة.. وكتلوك ولا جوك جوك.. جاؤوا بحكـام لا يكادون يفقهـون قولا.. الواحـد فيهـم من الصباح يلف عمتوا على جمجمـة شبه فارغـة ويمشى مكتب الوزيـر.. أو مديـر الإدارة.. القرارات كلهـا لا علاقـة لهـا بأى دراسـة، لا منهج، لا استراتيجيـة تتبع.. إجتماعـات إنفعاليـة، ودائمـا طارئـة!! للرد على الأحداث المختلفـة.. ردود فعل فقـط.. خطـة إسعافيـة!!، مسـاعدات عاجلـة!! من بدأ وصفـه بأنه ناهب وقاطع طريق لا غيـر، انتهى به المطاف لأن يكون كبيـر مسـاعـدى رئيس الجمهـوريـة.. الفوضى تضرب أطنابهـا.. واليوم تكتمل حلقات تدويل القضيـة الســودانيـة..
والمعارضـة: عند حديثى عن المعارضـة فإنى أتحدث عن قادتهـا، فهـم من نفس الأديم، نفس ثقافـة الطبقـة الحاكمـة.. يسعون للمناصب الحكوميـة لا لخدمـة من مثلوهـم أثناء النضال.. والمناصب الدستـوريـة مكاسب جيـدة لو أستعملت لخدمـة المناطق المهمشـة، ولمراقبـة أعمال الدولـة، ولكن مجرد أن يأتى أحدهـم الى القصـر، تجد أن (السيستـم) قـد إبتلعـه.. فتنطفئ جذوة الثورة التى يجب أن تظل مشتعلـة.. فإنجازاته تتناسب طرديـا مع عدد التصريحـات التى يدلى بهـا لوسـائل الأعلام، وبصـوره الأنيقـة على صفحـات الجرائد.. (وإعلام الإنقاذ ما يقصـر فى دى).. ولا ألومهـم، فإن هـذه هى الصـورة النمطيـة للحكم (وللمشـاركـة) فى السلطــة و(الثروة).. هى نتيجـة جهل كل أطراف النزاع بما يسمى الوطن والإخلاص للعمل العام، وجهلهـم بأن الوظيفـة العامـة هى إنتداب من الشعب لخدمتهـم، وليست للسيـادة عليهـم.. فإن عمـر الثائر هـو الفترة التى يقضيهـا فى الميدان.. مهما طالت أو قصـرت، فإن أتى للخرطوم، فيكون أمره قـد أنتهى كثائر.. ويتحول ببطئ لطبقـة الحرس القديم.. هل قرأتـم روايـة "مزرعـة الحيوانات" للكاتب الإنجليزى الفـذ جورج أورويل؟ هـذا هـو حال حكامنـا وثوارنـا.
|
|
|
|
|
|
|
|
|