|
Re: أدب البروستاتا (Re: Dr. Faisal Mohamed)
|
حكاية بروستاتا .. بطلها دكتور (الحبابي) 1 - 2 ..
توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي)
أتناول هذه القصة نسبة لأن في بعض جوانبها ما يتطلب منا التأمل خاصة فيما يتعلق بالطب والتطبيب، وكذلك التفكر، وشكر المولى على ما وهبنا من نِعَمٍ إما في أجسادنا أو تلك التي تتمثل في الأجهزة والتقنيات الحديثة أو المستحدثة التي أتحفنا بها العقل الإنساني المُفكر والمُبدع. وكذلك أتناولها لإعطاء فكرة للآخرين عما يعانيه مريض البروستاتا.. فقد أوصلتني البروستاتا لدرجةٍ تعرفت من خلالها على جميع حمامات المدينة التي أعيش بها؛ العامة والخاصة، وحمامات المكاتب الرسمية والأسواق، وكذلك القطارات والمطارات والطائرات.. ولا أنسى ما حييت الطائرة القطرية التي كنت على متنها وتأخرت على مدرج المطار لساعةٍ كاملة نسبة لظروف الجو، فما أن حلّقت الطائرة وقبل أن يؤذن لنا بفك الأحزمة حتى اندفعت (أنا) نحو حمام الطائرة، فما كان من المضيفات إلا أن يمسكنني من تلابيبي = صياح وهرج ومرج، وكاد البعض أن يحضر لي كابتن الطائرة=، ثم انبرى مضيف لصف المضيفات وكأني به (رامبو) وأمرني بلهجة عسكرية أن أرجع لمكاني، ثم طلب مني بعض أبناء بلدي بالطائرة بأن أرجع لمكاني لأن الطائرة لم تكن مستقرة بالجو، فرجعت وأنا أصيح (أنا مريض بروستاتا يا جماعة).. بالطبع إحراج ما بعده إحراج خاصة لرجلٍ في سني !.. هذا ومع نهاية السفرية جاءتني على استحياء المضيفة الهندية وبكل أدب اعتذرت عما حصل فقلت لها (يا بتي أنت وغيرك كنتم تقومون بواجبكم ولكن ما أدراكم ما البروستاتا!؟. إنها فظيعة).. هذا وغدة البروستاتا توجد فقط عند الرجال، وتبدأ في التضخم (نسبياً) فوق سن الخمسين، وهي عبارة عن غدة صغيرة تحيط بمجرى البول، وعند تضخمها تضغط على مجرى البول فيُحتبس البول فلا يتم الإفراغ الكامل للمثانة مما يترتب عليه الخطير من الأضرار والكثير من الإزعاج. ويحضرني هنا ما سبق أن ذكره لي الدكتور (كمال حنفي) صاحب العمود الشهير (إلا قليلا) بالغراء (الرأي العام)، حيث أشار بأن أستاذه في كلية الطب كان يُعرِّف المصاب بالبروستاتا بأنه الذي يعرف مواقع جميع الحمامات بالمدينة التي يسكنها!.. عموما أوصلتني البروستاتا أخيراً لدرجةٍ فقدت معها نهاري وليلي وطهارتي.. حتى أثناء الصلاة بالمسجد صرت أشعر بألم في وجداني ودواخلي نسبة للنجاسة التي تداهمني فجأة أثناء الصلاة.. هذا وقد فكرت مراراً بأن استعمل (البامبرز) تماماً كأحفادي ولكن!!.. وآهٍ .. فإن معظمنا لا يدرك نعمة الخالق علينا في أجسامنا إلا بعد أن نفتقدها، فيا ما حبسنا البول كما نشاء، أو تبولنا في سهولة ويسر، ولم نشكر الله على ذهاب الأذى أو نقول.. (غفرانك) أو(الحمد لله الذي أذهب عنا الأذى وعافانا)، فإخراج البول في سهولة ويسر نعمة من أعظم النِعَم.. هذا وما كنت أزور بيتاً إلا وأسأل بكل خجلٍ (أين أصغر حجرة لديكم بالمنزل؟) فأرى الحاجة حرمنا تنظر إلي بشذر ولسان حالها يقول (عيب)!. وكم من مرة نبهتني الحاجة حرمنا قبل الخروج من منزلنا تماماً كما تفعل مع الصغار قائلة (يا راجل هوي أمشي الحمام قبل ما تطلع)، وعليه فقد أفسد علي تضخم البروستاتا زياراتي لأهلي وأصدقائي وسفراتي و(دخول الكوره) وأعيادي ورحلات الترفيه والتواجد في المناسبات من أفراح وأكراه.. وفي العمل كلما سأل عني مديري يقولون له.. فلان في الحمام، فيضحك !!. وبعد أن طفح الكيل زرت طبيباً بمدينة الرباط وهو الدكتور (كريم الحبابي) وهو اختصاصي في أمراض وجراحة الكلى والمسالك البولية والتناسلية؛ فكشف، وأمر بعينةٍ فأخذ، ثم الفاحصُ فحص، ثم بعد أن تأكد بأن التضخمَ حميدٌ للدواء صرف، فأراحني لفترة ومن ثم عاودتني الأعراض.. فكشف ثانية، وفحص، وهز الرأس قائلاً (لا بد من عملية !).. فقلت له (عملية أيه يا دكتور وأنا الذي يخاف من الإبرة ؟! عِلْمُ الأدوية تقدم يا دكتور فصِفْ لي دواءً ينسف هذه البروستاتا نسفاً أو يقلصها). وركبت رأسي ورفضت إجراء العملية. ومن ثم بدأت أتابع العقاقير التي تريحني لفترة ثم يعود لي الإزعاج مرة أخرى.. تعاطيت بإشراف الطبيب أل(إيكسيترال) الفرنسي مدعوماً ببعض العقاقير الخاصة بأمور التبول، خمسة ملغ، ثم عشرة، بدون فائدة تُذكر. وأردفت ذلك ب(البروسكار) الأمريكي مسترشداً بالانترنت، ومن ثم تابعت مشورات الغير؛ بعضهم ينصحني باستعمال الدواء المصري الفلاني وبعضهم ينصحني باستعمال الدواء السوري الفلتكاني، ولم أكن أتوانى في استعمال أي دواء ينصحني به حبيب أو قريب.. ثم لجأت للأدوية البلدية علها تخفف معاناتي (الترمس.. الثوم .. لب القرع النيئ.. ماء السبانخ والبقدونس) ولا فائدة تذكر.. وأخيراً وصلت لدرجة أصبحت أعراضي كما المصاب بسلس البول وعندها تمنيت الموت.. ومن يصل لهذه الدرجة يصبح أمر العملية الجراحية محسوماً.. وعليه فقد ذهبت مرة أخرى لطبيبي المغربي (كريم الحبابي)؛ الرجل والملاك والذي سأتكلم عنه كإنسان وعلى أسلوبه وعلمه وروعته وإبداعه لاحقاً، فقط لأجل التأمل في الطيب من خلق الله.. أقول ذهبت له مطأطىء الرأس حزيناً ومستسلماً.. وقلت له (أتيتك مرة أخرى لتتابع أمر بروستاتتي التي كرهتها وكرهتني ويبدو أن الحرب الباردة بيننا ستنتهي بأخرى دموية).. فتبسم الطبيب الشاب وأشار لي ناصحاً بأن العملية ضرورية خاصة وأنني مريض سكر، وأن الحالة التي أوصلتني أليها بروستاتتي لا محالة ستؤثر على الكلى ولها اختلاطات أخرى كثيرة ومعقدة يصعب شرحها.. ثم سألني متى أريد إجراء العملية ؟ فأجبت ، بأسرع فرصة .. قال إذن الأسبوع القادم.. وطلب مني إجراء بعض الفحوصات وزودني باسم وعنوان المصحة التي سأجري بها العملية واسم طبيب التخدير دكتور (عدنان السائح) الذي سينظر في أمري ومدي ببعض النصائح.. فقلت له يا دكتور أي نوع من العمليات ستجريه لي ؟ .. فأجاب.. جراحة بالمنظار!.. لا تستغرق وقتاً طويلاً ولا تتطلب أية فتحة في الجسم.. فقلت له يا دكتور إن الانترنت تقول... فقال سيبك الآن من الانترنت وخليك معي !.. ثم أستدرك قائلاً وماذا تقول الانترنت ؟ .. تقول أن هناك آلة تدخل لمكان الأذى عبر القضيب، ومن ثم تقطعني تقطيعاً، وأخرى أيضاً (قسطرة) تدخل لدفع الماء لتزيل المُقطع من البروستاتا وتدفعه للمثانة، وأخرى (قسطرة) لتنظيف المثانة بإخراج الدم والماء وما تم تقطيعه للخارج.. والمنظار يا دكتور!! .. كل هذه الأشياء كيف تدخل وتخرج من ذاك المكان الضيق!؟.. أهٍ يا رب.. لا اعتراض على حكمك يا الله.. وكيف يا دكتور ستضبط أمورك؟ أوعك تعمل أي خربشات أو تقطع لينا حاجة كده والا كده !! فضحك وقال والله العملية قمة في السهولة، وربنا سخر لنا العلم والعقاقير والأجهزة.. ثم قلت له.. يا دكتور.. أذكر أن والدي (رحمة الله عليه) لم يتمكن في حياته من إجراء عملية بروستاتا لأنها كانت تتطلب تخديراً كاملاً وكان مريضاً بداء السكر وقلبه كان ضعيفاً.. وأخاف أن يكون حالي أنا كذلك.. فأجاب أن الزمن يتغير ويتبدل بسرعة، فالآن لدينا تقنية التخدير النصفي وليس البنج الكامل.. وأقول لك بأنني قد أجريت مثل هذه العملية قبل عشرة أيام لرجلٍ عمره ثلاث وتسعين سنة وخرج بعد بضعة أيام من المستشفى والآن هو سعيد بمنزله وقد كنت أتكلم معه متفقداً أحواله عبر الهاتف قبل قليل.. وعندها شعرت بالاطمئنان وتوكلت على الله.. وقلت في نفسي لا شك أن يدا هذا الجراح الذي يتابع مرضاه عبر الهاتف مباركتان.. عزيزي القارىء الكريم .. أرجو أن تتابع معي الجزء الآخر من الموضوع يوم السبت القادم، فهو قمة في الإثارة حيث (رشوت) طبيب التخدير بنكتة فأزاح قليلاً الستارة التي ما بيني والطبيب الجراح بحيث تمكنت من متابعة العملية الجراحية لحظة بلحظة من خلال شاشة العرض (monitor)، فقد كانت المعركة حامية الوطيس وكان الفلم مخيفاً وبالألوان ولكن بحمد الله دون ألم ودون استحداث أية فتحة في الجسم.. فابقوا معنا.. توفيق عبدا لرحيم منصور (أبو مي)
From sudaneseonline.com http://www.sudaneseonline.com/ar/article_11910.shtml
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|