|
Re: الخبر اليقين ....فى مقتل السلطان تاج الدين (Re: أحمد طه)
|
أخى أحمد إليك قصيدة الفيتورى حسب طلبك وحسب ما هو مطلوب الآن ليعلم الذين صموا وعموا ثم صموا وعموا أن تلك البلاد بتاريخها
مقتل السلطان تاج الدين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[بطل شعبى قاد نضال قبائل المساليت المشهورة فى غرب السودان ، ضد القوات الفرنسية الغازية . . وسقط شهيدا فى معركة النصر عام 1910 ]
1 ـ
فوق الأفق الغربى سحاب أحمر لم يمطر والشمس هنالك مسجونة تتنزى شوقا منذ سنين والريح تدور كطاحونة حول خيامك ياتاج الدين * * * يا فارس سرج جوادك ليس يلامس ظهر الأرض وحسامك مثل البيرق يخترق الظلمات يا فارس مثل الصقر إذا ما انقض بييتك عالى الشرفات نارك لا تخبو . . لا تسود وجارك موفور العرض يا فارس حتى مات ! 2 ـ كان السلطان يقود طلائعنا نحو الكفار وكان هنالك بحر الدين وأشار إلينا تاج الدين وأطل بعينيه كالحالم . . فى قلب السهل الممتد ثم تنهد : " الحرب الملعونة " يا ويل الحرب الملعونة " أكلت حتى الشوك المسود لم تبق جدارا لم ينهد " ومضى السلطان يقول لنا ولبحر الدين : ـ هذا زمن الشدة يا إخوانى هذا زمن الأحزان سيموت كثير منا وستشهد هذى الوديان حزنا لم تشهده من قبل ولا من بعد • * * واتاح بكلتا كفيه فوق الحربة ورنا فى استغراق نحو وجوه الفرسان كان الجو ثقيلا ، مسقوفا بالرهبة وبحار من عرق تجرى فوق الأذقان وسيفهم المسلولة تأكلها الرغبة والخيل سنابكها تتوقد كالنيران ومضى السلطان يقول لنا ولبحر الدين : ـ هذا زمن الشدة يا أخوانى فسيوف الفرسان المقبوضة بالأيدى تغدو حطبا ما لم نقبضها بالإيمان والسيف القاطع فى كف الفارس كالفارس يحلم بلقاء الفرسان * * * وترجل تاج الدين جبل يترجل مزهوا من فوق جبل وترجل بحر الدين وحواليه عشرة آلآف رجل سجدوا فوق رمال " دروتى " لله معه وأطلت كل عيون الطير المندفعة فى هجرتها من أقصى الغرب لتاج الدين فعلى أفق الوادى الغائم تمتد رؤوس وعمائم وبيارق يشبهن حمائم . . ثم ارتجفت أفواج الطير وراء السحب المرتفعة ـ
ـ يا تاج الدين الأعداء أمامك . . فارجع لهب . . وقذائف حمر . . وخوذات تلمع والحربة مهما طالت لن تهزم مدفع لن تهزمهم يا تاج الدين بسلاح كزمانك مسكين وكعاصفة سوداء تلفت تاج الدين فى سخط الجبارين تلفت تاج الدين وأطل على وجه القائل كانت شفتاه رعودا وزلازل كانت كلمات السلطان سلاسل ـ ياويلك لو لم تك ضيفى يا عبدالله ما أقبح ما حركت به شفتيك ما أبشع ما منيت به عينيك عار ما قلت . . وعار أن نستمع إليك فاثن زمام جوادك وخذ الدرب الآخر يا بحر الدين أعده للدرب الآخر 4 ـ وتدفقت الرايات وغطى الأفق صهيل الخيل و " دروتى " العطشى ما زالت تحلم بمجىئء السيل وتحدر من خلف الوديان المحجوبة علم قانٍ . . ومدافع سبع منصوبة وحرائق وضجيج شياطين هاهم قدموا يا تاج الدين فانشر دقات طبولك ملء الغايب حاربهم بالظفر ، وبالناب طوبى للفلرس إن الموت اليوم شرف داسوا عزة أرضك هتكوا حرمة عرضك عاثوا ملء بلادك غازين غرباء الأوجه سفاكين فاضرب . . اضرب . . يا تاج الدين اضرب . . اضرب .. اضرب . . 5 ـ ـ يامولاى السلطان سلام الله عليك قتلى أعداؤك مطروحون لدى قدميك أسرى مغلولون وخدام بين يديك أكلت نيران مدافعهم نيرانك أنت بالسيف وبالحربة وبإيمانك قاتلت يا فارس تسحق اعداءك أنى قبلت حين استبقوا نحوك باسم بلادك ناديت " لن يحجبنى عن حبك شىء " " إنك ملء دماى وعينى " " يا دار مساليت أنا حى "
6 ـ وهجمت فأجفل قائدهم وانشق ستار كان ستار رصاص كان ستارا من نار نصبوه فى وجهك صفين كى لا ترى قائدهم بالعين لكنك يا فارس أقدمت فوق المدفع بالسيف مشيت ولحقت بقائدهم فانهاؤر القائد ذو الجبروت انهار ذو المركبة النارية والخوذات انهار أحنى رأسا ماتت فة عينيه الرغبات مد يديه يبكى فى حشرجة الأموات عرى صدرا دمويا أعشب فيه العار هذا الصدر العارى النهار من قبل لقائك زانته نياشين الإكبار لكنك يا فارس آليت أن لا تهب الكافر صفحك أن تسقى من دمه رمحك أن تصلبهم عبر الفلوات أن تجعل موتاهم مثلا لزمان عبر زمانك آت
7 ـ تحت الراية غرقت رأس القائد فى الدم أرخى عينيه فى رعب . . ثم استسلم سلمت كفك يا تاج الدين فاقض على أحلام الباقين صاروا بعد القائد قطعان غنم طاردهم بجنودك عبر الفلوات عبر " دروتى " عبر الأكمات قتلاك من الأعداء قد ملأوا الساحات والقائد ملقى فى الطرقات سلمت كفك يا تاج الدين
8 ـ لكن الشمس المسجونة والريح الحبلى الملعونة ما زالت مثل الطاحونة تجرى . . تجرى حول خيامك تجرى من خلفك و أمامك ـ يا تاج الدين ـ يا تاج الدين ما زال عداتك مختبئين أيديهم راعشة . . ورصاص بنادقهم يتزاحم فى بطء نحو جبينك يا فارس خذ حذرك من طعنات طعينك يا فارس خذ حذرك يا فارس خذ حذرك ليتك لا تتحرك فبنادقهم لا زالت راكضة غثرك أترى تثقب رأسك أترى تثقب صدرك يا فارس خذ حذرك ليتك لا تتحرك . . وتحرك تاج الدين كانت عيناه حينئذ تقفان على جرحاه والراية فى عينيه قد لطخها الدم وأتت ريح خريف تتراكض خلف خطاه وتجهم وجه " دروتى " بالسحب وأظلم وأتت بضع رصاصات خجلات مضطربات أقبلن من الظلمات فرأينا تاج الدين يبدو وكأنْ قد مات يا تاج الدين سلمت مزق أستار الصمت عد من وديان الموت أو تذهب حتى أنت وتساقط تاج الدين لم يقو الفارس أن يرجع لبكاء الشعب عليه فرصاصات خمس صدئات تسكن فى عينيه لكن أحدا لم ير رايته تسقط من كفيه
مارس 1964
محمد مفتاح الفيتورى
|
|
|
|
|
|
|
|
|