الزارعنا غير الله اللجى يقلعنا (من يشترك معى فى رثاصدام)

Quote: الغضب البغيض داود الشريان الحياة - 10/01/07// شهد مجلس الأمة الكويتي يوم الاثنين الماضي جلسة علنية لمناقشة تداعيات إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وطالب أعضاء في البرلمان الحكومة بقطع علاقات الكويت بالدول العربية التي أدانت عملية الإعدام وبتلك التي وصفته بالشهيد، لكن الحكومة الكويتية كان لها رأي مختلف، فهي رأت أن المواقف العربية المعارضة للإعدام ليست كلها ضد الكويت، وليس كل من وافق على الإعدام هو مع الكويت، وأعلنت على لسان وزير الخارجية تفهمها لبعض ردود الفعل العربية والدولية. باستثناء ليبيا التي نكست الأعلام وأعلنت الحداد، في محاولة لتحسين صورة الثوري السابق، لم تعلن أي دولة عربية ان صدام حسين شهيد. صحيح ان اليمن ومصر والأردن وفلسطين شهدت مسيرات تندد بإعدام صدام، فضلاً عن أن الشارع في جميع البلاد العربية والإسلامية كان رافضاً لحكم الإعدام، لكن لم يصدرعن هذه الدول موقف رسمي بهذا المعنى، وجميع المواقف الرسمية العربية والإسلامية أدانت الإعدام في توقيته وشكله، وموقفها هذا جاء منسجماً مع الموقف الدولي الذي اعتبر إعدام صدام عملية انتقام نفذت في شكل همجي، باستثناء إيران التي اعتبرت عملية الشنق «عدالة إلهية»، ولهذا فإن موقف بعض النواب في البرلمان الكويتي من تداعيات اعدام صدام حسين يفتقد الحس السياسي والإنساني والأخلاقي، ويسعى لاستعادة مناخ العزلة السياسية التي عاشتها الكويت بعد غزو صدام لها عام 1990، فضلاً عن أن هذا الموقف ينم عن غرور وصلف ويصادر حق الناس في التعبير عن مشاعرهم، ويشير الى ان بعض البرلمانيين الكويتيين لا يختلف كثيراً عن عبدالعزيز الحكيم ونوري المالكي ومقتدى الصدر في التوجهات الطائفية وقصر النظر، وتأصيل الفرقة بين الشعوب العربية والإسلامية، وهو موقف مرفوض اياً كانت مبرراته. لا شك ان الحكومة الكويتية تجاوزت باقتدار الآثار المدمرة التي خلفها غزو صدام الهمجي على الصعيدين السياسي والاجتماعي، واستطاعت بعد سقوط نظام بغداد فتح صفحة جديدة، وأغلقت مرحلة آثار العدوان على شعبها، وأثبتت قدرة فائقة في التعاطي السياسي الحكيم مع الأزمة والتطلع الى المستقبل، وعاود الكويتيون بناء علاقاتهم مع الأنظمة العربية التي صنفت في قاموسهم بـ «دول الضد»، وكان المفترض ان يتحول اعدام صدام بتلك الطريقة البشعة الى مناسبة لتبديد كل التهم التي ألصقت بدولة الكويت ودورها في حصار العراق والتحريض عليه، وتجويع شعبه الى غير ذلك من الأقاويل التي روجت قبل وخلال فترة سقوط نظام صدام، لكن يبدو ان بعض النواب الكويتيين لا يرى أبعد من طرف ثوبه، فموقف الكويت من القضية الفلسطينية لا ينكره الا جاحد، وخلال فترة الغزو توارى هذا الموقف التاريخي بسبب إصرار بعض الكويتيين على اختصار الفلسطينيين وقضيتهم بشخص ياسر عرفات الذي اتخذ من غزو الكويت موقفاً انتهازياً ومؤسفاً، وبعد رحيله استطاع العقلاء من الطرفين استعادة مكانة الكويت لدى الشعب الفلسطيني، لكن يبدو ان غزو صدام سيفسد كل هذا الجهد، فبعض النواب يطالب بقطع المساعدات عن الفلسطينيين بحجة ان منظمة او منظمات قبلت العزاء بصدام حسين، وسيرت مظاهرة تندد بشنقه. الأكيد ان لا احد يطالب الكويت والكويتيين بالترحم على صدام حسين. لكن عملية الشنق التي نفذت صبيحة العيد لا علاقة لها بصدام الديكتاتور الذي غزا الكويت، فصدام الذي يكرهه الكويتيون مات في الحفرة التي وجد فيها، ومات في السجن الذليل، ومات في قفص الاتهام داخل الحكمة، أما صدام الذي اعدم يوم العيد فهو صدام آخر، وإعدامه لا علاقة له بقضايا الدجيل والانفال والغزو والمقابر الجماعية. كان جسد صدام في تلك اللحظة وسيلة للتنكيل بجماعات وشعوب وأنظمة، وتعبير عن موقف سياسي وطائفي بغيض، ولهذا فإن الوقوف مع عملية الشنق وتأييدها هو قبول بكل ما يجري حالياً على ارض العراق من تصفيات طائفية وعرقية، ورفض بعض النواب الكويتيين لمشاعر الرافضين للإعدام السياسي والطائفي الذي نفذ في جسد صدام حسين، والتلويح بقطع المساعدات والعلاقات، من شأنه ان يدخل الكويت في دوامة من الكراهية لا تجدي معها الجهود السياسية نفعاً.