تقرير لجنة د. علوب للتحقيق في 19 يوليو: الأصل و المنسوخ و الملخص

Quote: الفصل الثاني هل هناك دور للاتحاد السوفيتي و الدول الشيوعية الأخرى في المؤامرة؟ 22- نشاط خبراء الدول الشيوعية:- أدى ازدهار العلاقات بين السودان و دول المعسكر الاشتراكي إلى الاستعانة بعدد من الخبراء من تلك الدول في مجالات متعددة، أهمها قوات الشعب المسلحة بفروعها المختلفة، - ص 63 – [الشاهد 51 ص 1 و 6] و في شؤون الأمن. كما أستعين بالخبراء في مجالات أخرى استعرضنا من قبل أحداهما عند تعرضنا للخطة الخمسية. و الذي جابهنا من عمل الخبراء في هذا الجزء من التحقيق، هو ما إذا كان لهم دور يتعلق بالتخطيط لمؤامرة 19 يوليو. أو الاعانة في تنفيذها، أو إذا كان لهم أي نشاط آخر ضار بمصالح البلد مما يرتبط بتلك المؤامرة. و قد أدى ذلك إلى جعل نشاط أولئك الخبراء موضع الدراسة و الـ### نظراً للاشتباه الذي كان قائماً ضد الحزب الشيوعي و علاقته بالمؤامرة، و ذلك خشية أن تكون العقيدة الشيوعية المشتركة بينهم و بين ذلك الحزب، و مبدأ الأممية الناشيء عنها، قد كونت حافزاً لديهم للا### في أي نشاط مماثل، و بناء على ذلك كلفت اللجنة قسم الاستخبارات العسكرية و قسم الأمن العام بوزارة الداخلية لإجراء تحريات عن نشاط أولئك الخبراء في الفترة السابقة على مؤامرة 19 يوليو، و عند وقوع الانقلاب. و قد شملت هذه التحريات أهم مجالين يمكن أن يقع فيهما نشاط مماثل، قوات الشعب المسلحة و الأمن، وسنستعرض فيما يلي ما توفر من معلومات في كل من هذين المجالين. أولاً، في القوات المسلحة:- يوجد الخبراء الروس في بعض وحداتها الفنية كالدفاع الجوي و المدفعية و المدرعات، كما يوجد عدد منهم في فرع الاستخبارات العسكرية. و أهم ما لوحظ عن الخبراء أنهم كانوا ميالين لإقامة علاقات إجتماعية مع الضباط في النوادي و الجلسات المسائية، كما لوحظ أن لديهم فضول شديد في تتبع بعض الأنباء السياسية كزيارات الرئيس أو كبار الزوار الأجانب الأمر الذي جعل فرع الاستخبارات العسكرية يقدم النصح للوحدات بتحاشي الاجتماعات الخاصة بهم، و تفادي الدخول في مناقشات معهم. ما خلص إليه فرع الاستخبارات العسكرية من سلوك أولئك هو رغبتهم في جمع معلومات عن السودان، و قد أمكن حصر منطقة سكنهم في مكان واحد لتيسير المراقبة. و لم تسفر المراقبة عن قيامهم بأي نشاط خطر على البلاد، غير أنه لوحظ أنهم كانوا يعرضون أفلاماً و يوزعون كتباً و مجلات عسكرية على الأفرع بغرض نشر فكرهم الماركسي في قوات الشعب المسلحة [الشاهد 102 ص 4]. و يحدثنا شاهد آخر [الشاهد 170 ص 1] بأنه لاحظ أنهم كانوا يميلون لمعرفة الأشخاص الذين يشغلون مراكز حساسة و اسماءهم و أماكن عملهم. و يدخل هذا بالطبع في نشاط جمع المعلومات المشار إليه من قبل. كما لاحظ الشاهد الأخير بأنهم كانوا يستفسرون عن مسائل لا تكون موضع استشارة منهم و تتعلق بالعمل الخاص. و مثال ذلك هو سؤال أحدهم لذلك الشاهد و الذي كان يعمل ضابطاً بفرع الاستخبارات العسكرية عن مواقع الضباط الذين بالمعاشات، أي الضباط الذين فصلوا من قوات الشعب المسلحة لأسباب سياسية - ص 64 – و قد كان ذلك السؤال موجهاً إليه من كبير المستشارين بالاستخبارات العسكرية. و يضيف نفس الشاهد بأنه لاحظ أن خبراء الاستخبارات قد أبدوا في الأيام السابقة على الانقلاب إهتماماً شديداً لمعرفة ما كان يقوم به الشاهد من نشاط استخباري. و يضيف نفس الشاهد بأنه قد أتـ ### له من تحر أجراه في الأيام [السابقة؟] على الانقلاب، أن الخبراء الروس كانوا يقومون في يوم 20 يوليو التالي للانقلاب، بعملية استطلاع عن الرأي العام بين الضباط، مثلاً كـ### أنباء الانقلاب الجديد لتلقي الرد عليها [الشاهد 170 ص 1-2]. و يحدثنا شاهد هو قائد إحدى الوحدات المدرعة، بأن الخبير الروسي جاء إليه في المكتب قبل اسبوع من الانقلاب، و سأله أثناء "الونسة" عن مكان السيد عبدالخالق محجوب بعد هروبه. كما أضاف نفس الشاهد بأن ذلك الخبير كان يقوم بإهداء كتب ماركسية للوحدة، و رتب زيارة لأحد المارشالات الروس الذي كان قد قدم إلى السودان في أعياد مايو 1971 لمعسكر الوحدة، فقدم لهم المارشال "### بناعة لينين" كما أهدى ساعة لقائد الوحدة. تلك هي المعلومات التي تجمعت للجنة عن نشاط الخبراء الروس في مجالات القوات المسلحة و التي يمكن أن يتلخص نشاطهم فيها بالتوسع في العلاقات الاجتماعية، و العمل على جمع المعلومات عن البلد، مع العمل على نشر الثقافة الماركسية. وهذه جميعها ظروف عامة، و لا تتصل اتصالاً مباشراً بالمؤامرة، و المسألة الوحيدة التي تستدعي الوقوف عندها هي سؤال كبير مستشاري الاستخبارات العسكرية عن مواقع الضباط المفصولين لأسباب سياسية. و هو فضول لا يثير دهشة كبيرة إذا صدر من شخص يعمل في حقل الاستخبار. ثانياً، في مجال الأمن:- كان هناك عدد من الخبراء من جمهورية المانيا الديمقراطية يعملون كمستشارين لرئاسة الأمن، و في إعادة تخطيط وزارة الداخلية. و قد قاموا بإرسال عدد من ضباط الأمن لقضاء فترات تدريبية في جمهورية المانيا الديمقراطية حيث يدرس هناك النظرية الماركسية و رأيها في مجال الأمن و المباحث. كما عقد خبراء الأمن حلقات تدريبية مختلفة. و قد أورد ضابط الأمن المكلف بعمل تحريات في الموضوع في شهادته [الشاهد 10 ص 6] بأنه علم أن خبراء الأمن قاموا بمقابلة الرائد هاشم العطا في شكل تهنئة خلال الانقلاب كما أظهروا ابتهاجهم بصورة واضحة. و أضاف الشاهد بأنه علم من تحرياته بأن بعضهم اقترح انزال صورة السيد الرئيس خلال أيام الانقلاب كما أبدوا احتجاجهم على انزال الطائرة - ص 65 – التي كانت تقل السيد فاروق حمدالله و السيد بابكر النور في ليبيا، كما حاولوا استخلاص رأي رجال الأمن في الحركة و علقوا على فتورهم في استقبالها. و يتضح مما جاء في شهادة هذا الشاهد أن خبراء الأمن أظهروا تطرفاً في ابداء مشاعرهم نحو التجاوب مع الانقلاب و تأييده و لا يبدوا أن هناك غرابة كبيرة في ذلك، اذا أخذنا في الاعتبار أنهم خبراء موفودين من دولة شيوعية حيث أنهم لابد أن يروا فيما وقع، انتصاراً لمذهبهم. الا أنه مما يثير الدهشة هو الاعتماد في شؤون الامن الداخلي على خبراء من دولة شيوعية، في الوقت الذي كانت فيه أجهزة الأمن تتعقب نشاط الحزب الشيوعي السوداني المنحل بعد مرحلة المواجهة بينه و بين السلطة.