تقرير لجنة د. علوب للتحقيق في 19 يوليو: الأصل و المنسوخ و الملخص

Quote: وقد بدت بوادر الانقسام في الحزب الشيوعي حول تقييم موقفه من ثورة مايو تظهر جلية في أدب الحزب بعد ذلك كما يتضح من مقالة منشورة بمجلة الشيوعي بعنوان "تقييم الخطاب الدوري الذي أصدرته اللجنة المركزية عن أحداث 25 مايو"، تنتقد تحليل الانقلاب بأنه يمثل سلطة البرجوازية الصغيرة بحكم التكوين الجديد للقيادات، كما تنتقد موقف البيان الذي ركز على أوجه الاختلاف مع الحركة أكثر من إبرازه للتماثل معها [مجلة الشيوعي العدد 134 ص.27-32، المستند رقم 8 للشاهد الأول] حيث يقول ص. 32 بأنه المقال توقيع "حركي" هو "مصطفى" و قد أدى تطور في المكتب السياسي حول الموقف من ثورة مايو تجميد المكتب قرابة الستة أشهر من أغسطس 1969 إلى مارس 1970 [الشاهد الأول ص. 32] برز هذا الصراع في وثيقة [مستند 3 للشاهد الأول ص. 20] السيد عبد الخالق التي يقول فيها "نحن كشيوعيين لا نقبل آيديولوجيا نظرية القلة التي تستولى على السلطة ثم بعد هذا ترجع للجماهير. في إعتقادي أن هذا موقف آيديولوجي ثابت للشيوعية و جزء من فهم الشيوعيين للثورة، وقد تطورت الشيوعية كعلم، الصراع ضد هذه النظرية ضمن صراعها الطويل ضد الآيديولوجيات الغريبة على حركة الطبقة العاملة" السيد عبد الخالق في وثيقته هذه في تحليله يشـ### السلطة الجديدة ووصفها بالبرجوازية الصغيرة، وبأنها ### قادرة على السير بحركة الثورة الديمقراطية، حيث ### جدولاً بأرقام مرتبات الضباط من رتبة الملازم حتى اللواء للتدليل على رأيه بشأن وضعهم الطبقي. و يمضي السيد عبد الخالق في تحليله لما ينبغي أن يكون عليه الوضع في القوات المسلحة حيث يقول "رابعاً يتخذ الوضع في القوات المسلحة أهمية كبرى في الأوضاع الخاصة التي تم بها الانتقال لمواجهة قيام الثورة الديمقراطية ما نلحظه الآن هو أن هذا الجهاز عاد إلى علاقاته القديمة على الأسس التقليدية هو أن تنظيم الضباط الأحرار على قلة عدده تحلل وأصبح غير فعال. ان بقاء هذا الجهاز بهذه الطريقة أمر يعوق استمرار السلطة ويهدد دائماً بإنقلاب مضاد ورغم أن موقفنا المبدئي هو أن مثل هذه الأجهزة لابد من تغييرها بأجهزة جديدة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأماني الجماهير وتتشكل من الحلف الثوري فيها اذا كان للثورة أن تتطور بثبات صوب حل مشاكل فترة الانتقال. إلا أننا و حتى يتم ذلك نرى أنه: 1- من المهم تنشيط تنظيم الضباط والجنود الأحرار وحسم الخلافات في القوات المسلحة 2- أن تتطهر العناصر المشبوهة والفاسدة لا في حيز كبار الضباط كما حدث وحسب بل بين صغارهم 3- أن تكون للجبهة الديمقراطية فصائلها المسلحة من طلائع الطبقة العاملة والجماهير الثورية وأن تتدرب هذه الجماهير لقمع أي إنقلاب رجعي في البلاد. ان نضالنا لتسليح هذه الجماهير لا يؤدي إلى قفل الطريق أما الانقلابات الرجعية ونشاط الثورة المضادة وحسب بل يؤدي أيضاً إلى مساعدة الوضع الراهن في التحول إلى ثورة شعبية تمسك فيها الجماهير بالسلاح فتحمي -صفحة 22- مستقبلها وحاضرها. [مستند رقم 3 للشاهد الأول ص 106] وقد كانت تلك الوثيقة بداية لصراع عنيف بين السيد عبدالخالق و المعارضين لأفكاره في قيادة الحزب، حيث تصدى بعض ### لأفكاره بالنقد و التفنيد [مستند رقم 9 للشاهد الأول] و نتيجة لذلك وجد إتجاهان في الحزب وإنقسم أعضاء لجنته المركزية إلى فريقين أحدهما يساند السيد عبدالخالق في موقفه المناؤي لثورة مايو، والآخر يدعو إلى التحالف معها ودعمها، حيث شهد اجتماع اللجنة المركزية في 7 مارس أول مواجهة حادة بين الفريقين [الشاهد الأول ص. ###] وقد أعقب ذلك اعتقال السيد عبدالخالق في 3/4/1970 وترحيله إلى مصر في نفس اليوم [مستند أمن قومي دفعة خامسة رقم 2 ملف 5أ]. وقد واصل السيد عبدالخالق وهو في مصر موقفه المناؤي للثورة داعياً جماهير الحزب لمقاومتها وابعاد العناصر الرافضة لهذا الاتجاه وقد برر ذلك في رسالته [مستند رقم 11 للشاهد الأول] من مصر بتاريخ 17/4/1970 والتي تضمنت دعوة صريحة للعنف كأسلوب للمقاومة حيث يقول "أن الانصراف للنشاط السلمي والبرجوازي واليميني وحده في هذه الظروف أمر خطير يهدد مستقبل حركتنا الثورية فعلينا أن نتمسك بما طرحت اللجنة المركزية لحزبنا من قبل حول العنف وكيف أنه أصبح من السمات الواضحة للصراع الاجتماعي بعد أن جرى تغيير السلطة في الخامس والعشرين من مايو عن طريق العنف" وعاد السيد عبدالخالق من مصر في 16/6/1970 واستمر في الحجز حتى أطلق سراحه في 27/7/1970 [مستند أمن عام دفعة خامسة رقم 2 ملف 5أ] وقد عقد بعد ذلك مؤتمراً تداولياً في الاسبوع الثاني من أغسطس، حيث أستصدر قراراً بإدانة الاتجاه المعارض لأفكاره في الحزب حيث أعقب ذلك فصل المعارضين من اللجنة المركزية، الأمر الذي دفع الجناح المعارض إلى دعوة مؤتمر استثنائي من مناصريهم في 12/10/1970 حيث أدانوا بدورهم السيد عبدالخالق وجماعته. ويمكن اعتبار ما يصدر من السيد عبدالخالق وأنصاره في الحزب منذ ذلك التاريخ خاصاً به وغير مقيد للفريق المعزول (ص. 23) 8- مشاركة الحزب الشيوعي في السلطة عقب ثورة مايو: تبدأ مشاركة الحزب الشيوعي باشراك اثنين من العسكريين المنتمين له في مجلس قيادة الثورة، وكذلك باشراك عدد من المدنيين من أعضاء لجنته المركزية في الوزارة. وقد تلى ذلك قبول عدد كبير من أعضاء الحزب مراكز هامة في السلطة، وكانت بعضها مراكز قيادية تساهم في صنع السياسات [الشاهد العاشر ص. 2 مستند أمن قومي دفعة 15 رقم 2 ملف ب] وتتضح مدى مشاركة الحزب في السلطة فيما ذكره أحد أعضاء مؤتمر الحزب الاستشاري في أغسطس 1970 حيث يقول في مداولات ذلك المؤتمر "وأكثر من ذلك أنهم أشركوا الحزب في السلطة ومهما كان الخلاف حول عدم استشارة الحزب في هذا إلا أن الحزب قد اشترك في الوزارة على مستوى اللجنة المركزية وهي أعلى مستوياته واشترك أعضاء في ل.م "لجنته المركزية" معروفين لكل انسان بأنهم شيوعيون" [مستند أمن عام دفعة ثانية رقم 4 ص 10 ملف 5أ] وقد تبوأ أنصار السيد عبدالخالق كل المراكز القيادية في وزارة التخطيط ابتداءً من منصب الوزير فالوكيل ونائب الوكيل. كما كان السيد جوزيف قرنق عضو المكتب السياسي للحزب على رأس وزارة شؤون الجنوب، كما نجد أن كثيراً ممن تقلدوا بعض الوظائف القيادية من الشيوعيين قد فعلوا ذلك برضاء الحزب فنجد مثلاً أن مدير وزارة شؤون الجنوب السيد ابراهيم جادالله يقول مايلي في مداولات المؤتمر الاستشاري للحزب في أغسطس عام 1970 "فإنني عندما قبلت أن أكون مديراً لوزارة شؤون الجنوب فعلت ذلك برضاء الحزب وأوضحت منذ اللحظة الأولى أني مسؤول أمام الحكومة ولكن الحزب بمجموعه يتحمل المسؤولية التاريخية فيما يتعلق ببرنامج الجنوب" [مستند أمن عام دفعة ثانية رقم 4 ص 21 ملف 5أ] كذلك فإن السيد محجوب عثمان والذي كان سفيراً للسودان بيوغندا، يقول في رسالة للسيد الشفيع أحمد الشيخ بتاريخ 26/12/1970 ما يلي "أنني أعيش الآن ومنذ منتصف نوفمبر الماضي فترة قلق بل وتمزق ذلك لأنني لا أعرف تقييمات الحزب اثر الاجراءات المضادة الأخيرة –اعتقال الزميل السكرتير العام وطرد الزميلين أو الثلاثة إلى آخر الإجراءآت وعلى رأسه ما وصفناه بالعناصر المخربة. ### أن يتصل بنقـد أو أبوزيد محمد صالح وطلبت أن أعرف؛ 1- رأي الحزب بصورة مفصلة 2- رأي الحزب في موقفي الخاص وعلاقتي الرسمية بالنظام القائم، هل أستقيل- هل أنسحب؟ هل أبقى؟ لقد قبلت هذا العمل بقرار الحزب ولا سبيل غير الرجوع للحزب في هذه الظروف [مستندات اتحاد العمال دفعة ثانية رقم 3 ملف 22] وهكذا نجد موظفاً يشغل درجة سفير بالخارجية يستمد تقييمه لمواقف السلطة والتوجيهات من الحزب، كما أن هناك اقرار بأن قبوله لتلك الوظيفة كان برضاء الحزب ولم يكن موقفاً فردياً. من ذلك نجد أن أدب الحزب الشيوعي السوداني المنشور والصادر من السيد عبدالخالق ومؤيديه في الحزب يطفح بالنقد المر الموجه لمشروعات الثورة وعلى رأسها مشاريع ### خضوعاً مباشراً لأنصاره كما يتضح من الإستعراض القادم (ص 24)