تقرير لجنة د. علوب للتحقيق في 19 يوليو: الأصل و المنسوخ و الملخص

Quote: 25- تغير موقف السوفيت من ثورة مايو:- هناك ما يشير إلى حدوث تغير في موقف السوفيت من ثورة مايو في الفترة اللاحقة على رسالة الحزب الشيوعي السوفيتي للفريقين المنقمسين في الحزب، و ذلك في الفترة المعاصرة لوقوع انقلاب 19 يوليو ويستخلص ذلك المسلك من تصرفاتهم نحو وفد برئاسة وزير الدفاع السوداني آنذاك، حينما كان يهم بزيارة الاتحاد السوفيتي ### ### في 30/6/1971، و لكي يقوم بالاتصال بسفارات الدول التي ستشملها زيارة الوفد. و بتاريخ 1/7/1971 تسلم خطاباً من وزارة الخارجية السودانية معنوناً إلى سفارات الدول المعنية. و قد سلم الشاهد، للمسؤول بالقسم القنصلي السوفيتي خطاب الخارجية و جوازات السفر الخاصة بأعضاء الوفد بعد أوضح له ضرورة الحصول عاجلاً على التاشيرات. إلا أن القنصل أفاده بأن يحتم عليهم في القسم القنصلي الاتصال بموسكو للحصول على تصديق لدخول الوفد، و ان ذلك قد يستغرق 48 ساعة. و عند إتصال الشاهد بالقسم القنصلي للسفارة السوفيتية مرة أخرى في 4/7/1971، علم منهم بعدم وصول الرد من موسكو، كما طلبوا منه الانتظار لفترة أخرى. فأخبر الشاهد اللواء خالد الذي إتصل بدوره بالسيد وزير الخارجية حينذاك و أبلغه بما حصل. و قد إستدعى السيد السفير السوفيتي طالباً منه - ص 72 – استعجال رد الحكومة السوفيتية، إلا أن التصديق لم يصل من موسكو حتى 7/7/1971 حيث غادر الوفد الخرطوم دون أن يحصل على تأشيرة لدخول الاتحاد السوفيتي. و بأمل الحصول عليها من القاهرة، و لم يجد الشاهد في القاهرة ما يفيد بوصول التصديق للوفد بالدخول إلى الاتحاد السوفيتي. يوم 10/7/1971 غادر الوفد القاهرة إلى مدينة لندن، حيث أجرى الملحق العسكري لسفارة جمهورة السودان الديمقراطية، إتصالاً بالسفارة السوفيتية بمجرد وصول الوفد، مستفسراً عن سبب تأخير تأشيرات الدخول. و بعد إتصال السفارة السوفيتية بموسكو، جاء الرد بأن الحكومة السوفيتية لن تكون على إستعداد لاستقبال الوفد إلا بعد يوم 20/8/1971، الأمر الذي أدى إلى قطع الرحلة و إلغاء زيارة الوفد لموسكو. و موقف السوفيت الذي استعرضناه الآن نحو وفد رسمي برئاسة وزير الدفاع، يحمل رسالة من رئيس مجلس قيادة الثورة حينذاك، موقف له دلالته، إذ أنه يشير بوضوح إلى أن ثمة تغيير حدث في موقفهم بالنسبة لثورة مايو. و الواقع أنه موقف لا يتلائم حتى مع قواعد المجاملات العادية بالنسبة لوفد رسمي يحمل رسالة من قمة السلطة. و ما يوضحه هذا الموقف هو عدم رضاءهم عن السلطة القائمة، و عدم رغبتهم في التعامل معها، الأمر الذي يقيم قرينة على أن السوفيت قد علموا بدنو أجل ذلك النظام بناء على ما بينهم و بين الحزب الشيوعي السوداني من صلة. و لذلك انتفت حتى لباقة الدبلوماسية في تفادي ما يمكن أن يترتب على مثل ذلك الموقف من رد فعل بالنسبة لدولة صديقة. و مما يوضح التطورات التي كانت قد طرأت على موقف الاتحاد السوفيتي من النظام القائم في السودان ما أفصح عنه سلوكهم اللاحق على الانقلاب فيما نشرته وكالة تاس السوفيتية منسوباً إلى مجلة "الأزمنة الحديثة" السوفيتية التي تصدر باللغة الانجليزية. فقد أوردت نقلاً عنها 21/7/1971 لمعلق يدعى ديمتري فو###" ما يلي [مستندات الخارجية دفعة ثالثة رقم 6 ملحق5 ملف ###] "ما جاء في أقوال منظمي الانقلاب فإنهم يدافعون عن مُثل ثورة مايو 1969 التي مهدت الطريق للسودان نحو التقدم، فقد حقق السودان مكاسب كثيرة خلال المرحلة الأولى من تلك الثورة، فقد أمم ---- و غيرها من المؤسسات الاقتصادية، كما وضع خططاً للاصلاح الزراعي و الاجتماعي، والاقتصادي، زيادة على أنها نادت بالحكم الذاتي للجزء الجنوبي من القطر حيث إستمر التمرد الذي حرضت عليه القوى الامبريالية، فقد تمت كل تلك التحركات لصالح الشعب السوداني، و على الرغم من تلك التحركات الجذرية، كان يوجد ظرفان لم يتناولهما التـ### أولهما هو المشاكل المعقدة التي تواجه السودان و ثانيهما رغبة الدوائر الامبريالية استغلال تلك المشاكل لصالحها بهدف الاستفادة من الصعوبات التي تواجه السودان. فقد حاول الساسة الغربيون أن يتخذوا من معظم الأقاليم الواقعة على البحر الأحمر حلقة وصل بين العالم الغربي و مناطق نفوذ رأس المال في الأقاليم الإستوائية فنشروا في المنطقة الدعاية - ص 73 – المضادة للشيوعيين السوفيت. أن المراقبين لسير الأحداث في الشرق الأوسط لم يغفلوا التقارير عن الخلاف في مجلس قيادة الثورة الذي أدى إلى عزل ثلاثة من أعضاء المجلس في نوفمبر الماضي، فقد تحدث اللواء نميري الذي كان رئيساً للمجلس آنذاك عما يقوم به اليسار و الذي إتخذ موقف المعارضة حسب وصفه له. و في الشهور التالية لذلك فإن الصحفيين الغربيين الذي قاموا بزيارة السودان قد أظهروا إرتياحهم لوجود دلائل تشير إلى الرغبة في إقامة علاقات مع الغرب، لكن لم يقدر لتلك الاتجاهات المتجاوبة مع أماني الغرب أن تسود لدي غالبية الشعب السوداني الذي إختار طريق التقدم. فشعب السودان قد إجتاز تجارب سياسية متعددة قد آن له أن يقرر مصير بلاده" . و نجد بين ثنايا أسطر ذلك التعليق، ما يشير إلى رد فعل لدى السوفيت بعدم الرضا عن ثورة مايو منذ قرارات 16 نوفمبر و ما أعقبها من اجراءات، كما يتضح من روح المقال إشادته بالقائمين بالانقلاب. و يمكن تفهم موقف السوفيت من الانقلاب بطريقة أكثر وضوحاً إذا استعرضنا رد الفعل الذي أحدثه لديهم وفقاً لتقرير السيد سفير السودان السابق في موسكو. فقد بنى على ذلك التقرير بأن [مستندات الخارجية دفعة ثالثة رقم 6، ملف 6، ترجمة ملخصة من البيان، صادر من وزارة الخارجية السودانية على ضوء أحداث 19 يوليو] و مما جاء فيه أنه أذيع نبأ انقلاب 19 يوليو في الاتحاد السوفيتي بعد بضع ساعات من وقوعه، على عكس ما يجري عادة هناك في مثل هذه الأحوال. كما أذاعت وسائل الاعلام السوفيتية نبأ إعتراف العراق بالانقلاب و كذلك نبأ تأييد الانقلاب بواسطة بعض الضباط هناك. زيادة على أن بعض الموظفين السوفيت قد عمدوا إلى الضغط على الضباط و الطلبة السودانيين الموجودين بالاتحاد السوفيتي لتأييد الانقلاب. و وفقاً لتلك الظروف التي استعرضناها من قبل، فإن اللجنة ترى أن في جملتها ما يوحي بأن الاتحاد السوفيتي كان على علم بالمؤامرة. و أنه كان يتعاطف معها لعدم الرضا عن النظام القائم في السودان. هذا و الجدير بالذكر أن المستر بلاك عضو مجلس الرئاسة و أمانة الحزب الشيوعي التشكوسلوفاكي و المسؤول عن الأحزاب الشيوعية في العالم، قدم تقريراً للاجتماع المغلق للجنة المركزية للحزب الشيوعي التشكوسلوفاكي في 21 أكتوبر 1971 نقلت خلاصته جريدة "ليموند" [مستند رقم 9 للشاهد 127] الفرنسية بعنوان "أخطاء الشيوعيين السودانيين" في عددها الصادر بتاريخ 12 فبراير 1972، "--- تناقلته الصحافة العالمية و اللبنانية. و فيما نشر من ذلك التقرير إدانة صريحة للحزب الشيوعي السوداني في قيامه بالانقلاب". و رغم عما قيل عن تسرب ذلك البيان، إلا أننا نرى سياج السرية التي تستطيع الأحزاب الشيوعية أن تفرضه حول نفسها، كان يحول دون إفشاء هذا البيان لو لم يكن نشره متعمداً، و بتلك الطريقة غير المباشرة. فقد كان أهم ما تضمنه التقرير في ثناياه، هو دفاع الاحزاب الشيوعية - ص 74 – في الكتلة الشرقية من أن الانقلاب تم خلف ظهرها. و هو أمر نستبعده طالما أن الحزب الشيوعي السوداني كان يدين حتى إقدامه على تلك الخطوة بالاممية البروليتارية و التي تتطلب منه موقفاً مغايراً في تلك الظروف بالنسبة لاطلاع حلفاءه، على الأقل في الحزب الأب، بأي وسيلة، على عزمه على تغيير السلطة.