|
زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى!
|
زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى!
تذكرنى زينب عباس بجارتنا فى حى السجانة الأسطورية قوية الشخصية "بــت المنى" و أنا معجب جداً بشخصية بت المنى -كما زينب عباس- وقد كنت أحكى كثيراً من طرائف ومواقف بت المنى.. فى العام 1993 ذهب زميل الإعتقال الأخ سيف -الطالب وقتها فى جامعة "النيلين"- بعد إطلاق سراحه ذهب إلى منزل أُسرتى ليطمئنهم على أحوالنا حيث أنه كان معى فى الزنزانة رقم "5" فى بيت الأشباح المجاور لمكاتب الإختيار للخدمة المدنية.. وبعد حق الله بق الله.. سألهم عن بت المنى وأين تسكن، وأصر على زيارتها، فأكرمته بت المنى و سُرت بزيارته أيما سُرور.
السمات المشتركة بين بت المنى وزينب عباس كثيرة، تتقاطع معها شخصيات المرأة العاملة المكافحة، أينما تجدها، وفى كل مكان، لكنها تتبدى عند زينب وبت المنى فى شكل ساطع.. متحدى.. وجرئ. لايكاد يمر يوم إلا وتسمع بموقف جديد باهر لهما.. ضُحى أحد أيام الجمعة كنت سائراً فى طريقى إلى سوق السجانة عندما لمحت بت المنى تجادل فى رجل شرطة ممسكاً بقوة يد أحد الباعة وسط تجمع صغير بدأ يكبر بإلتفاف المارة الفضوليين.. وبدا لى رجل الشرطة مرتبكاً لايدرى كيف يتصرف.. كانت بت المنى تخاطبه بصوت مرتفع؛ - هسع الراجل ماسكو ليه؟ عمل إنقلاب؟ - ياولية.. - فكو.. تدخل أحد المتهندمين سائلاً رجل الشرطة عن.. الحاصل شنو؟ فقال رجل الشرطة.. - المواطن ده كان بيتبول فى الطريق العام.. قاطعت بت المنى الشرطى قائلة: - يعنى يمسكو لامن يتشقّا؟ إنتو ماعندكم إنسانية؟؟ ماتبنو ليهم مستراحات ولا تصلحو ليهم الخربانة دى.. والله دى بس فلاحتكم؟ مع تزايد تجمع الفضوليين وإرتفاع القهقهات، بدأت قبضة رجل الشرطة تتراخى وهو يحرك المنديل من يد ليمسح العرق المتصبب منه بغزارة، ويمسك يد البائع "المتبول!" باليد الأخرى، ثم لاتمر ثانية حتى يكون قد بدل وضع اليدين، ليمسك البائع "المتبول!" بالأُولى ويمسح عرقه المتصبب بالثانية، وهكذا.. وأخيراً أطلق يد "المتبول" وخاطب بت المنى مهدداً أنه سيقتادها إلى "التُمنة" ويفتح ليها بلاغ؛ تعطيل رجل شرطة عن أداء واجبه.. فتحدته بت المنى قائلة؛ - هو إنتو شايفين واجبكُم.. كان داير الواجبات الصحى صحى.. تعال أوريك البنقو بيبيعوه وين!! إنتهز رجل البوليس سانحة أن أخذه أحد العقلاء جانباً، ليتخارج من الوقف برمته وينسحب تاركاً الساحة لبت المنى.
بعد تخرج أبناء بت المنى من الجامعات وعملو فى وظائف مجزية، حاولو إثناؤها عن تربية الغنم وبيع اللبن بمختلف الذرائع، فكان ردها التوسع والمزيد من التوسع، حتى أصبح عدد غنمها كارثة بيئية فى الحى وتدخلت سلطات البلدية بالكشات المتكررة والغرامات مما حداها حفظ غنمها فى الزريبة التى بنتها أمام منزلها.
زينب عباس حين لاتكفى نثرية مصروفاتها دفع "حق" المواصلات لحضور الإجتماعات خارج الجامعة.. كانت تدفع للمشوار الأطول.. مثلاً الخرطوم - الثورة وبالعكس.. بينما تاخده "كدارى" من الجامعة شارع النيل حتى مواقف بصات الثورة قلب الخرطوم، وبالعكس! وذلك ربما هو سبب ظهورها أغلب الأحيان فى نشاط جامعة الخرطوم وساحات كلية القانون، شعثاء غبراء! وقد ذكرنى بمشاويرها "الكدراوية" موقف الشاب حامل الحزام الأسود فى بطولة التاكوندو الصديق خالد فتحى.. فعندما تم إستفزازه بعد إعتقاله (قبل حوالى عشر سنوات!) والتحقيق معه فى مكاتب الأمن ثم إطلاق سراحه.. سار خالد فتحى "كدارى" قاطعاً المشوار من مكاتب الأمن فى الخرطوم شرق متجهاً صوب منزله فى الصحافة.. وبعد أن قطع حوالى ربع المشوار توقفت عربة "بكس" أمامه.. فيها نفس عناصر الأمن التى إسفزته قبل ساعات قليلة.. فعرضو عليه أن يقوموا بتوصيله.. فقال رافضاً عرضهم فى كبرياء وتحد: أنا ماداير حق زول.. لكن حقى ما بخليهو! وكذلك زينب عباس، مابتخلى حقها.. وزاهدة فى فارهات الناس!
فى تاريخ لاأعرفه بالضبط، لكن فى العام 1987 .. المكان هو مقر صحيفة "الميدان" الكائن جنوب سوق الخرطوم 2(جنوب سوق نمرة إتنين) زينب عباس خريجة جديدة فى كلية القانون جامعة الخرطوم ومعها إثنين حديثى التخرج فى جامعة الخرطوم أيضاً، وهما الأخ البشمهندس خ.ع. والأخ الأُستاذ م.ح.ع. وكعادة الشباب فى عنفوانهم وحماستهم خلقت زينب عباس جواً من الصخب وقليلاً من الفوضى فى دار "الميدان".. بينما الجميع منهمك فى العمل فى هدؤ.. فخرج رئيس التحرير، الأُستاذ التجانى الطيب من مكتبه غاضباً.. وقال لهم فى حزم؛ أطلعوا من هنا.. أطلعوا برّا..
تكهرب الجو للحظة.. وبدأ أن الشابين خ.ع. و م.ح. يتهيئآن للخروج حينما سمعوا زينب عباس تخاطب الأُستاذ تجانى بلهجة حازمة وجادة.. - يازميل أنحنا هنا ما فى بيتك.. أنحنا هنا بى تكليف! تراخت ملامح الصرامة البادية على وجه الأستاذ التجانى وبدأ شبح إبتسامة يطل.. أخفاه بأن نظر بتعمق فى قاع عينى زينب عباس، ولم يلمح سوى التحدى.. فقفل راجعاً فى هدؤ لمكتبه.. مازال الأستاذ التجانى الطيب يذكر هذه الواقعة وزينب عباس بإعزاز.
تحيــــة وإجلال عابرة للمكان والزمان، للخالة العزيزة بت المنى والاخت العزيزة زينب عباس.
صباح يوم فاجر البرودة.. عدلان.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | عدلان أحمد عبدالعزيز | 01-30-05, 10:45 AM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | عدلان أحمد عبدالعزيز | 01-30-05, 08:20 PM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | Agab Alfaya | 01-30-05, 09:15 PM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | khider | 01-30-05, 11:44 PM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | Omar | 01-31-05, 01:05 AM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | Ameer Farouq | 01-31-05, 00:50 AM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | ودقاسم | 01-31-05, 01:51 AM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | Yasir Elsharif | 01-31-05, 02:09 AM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | محمد الواثق | 01-31-05, 02:58 AM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | عدلان أحمد عبدالعزيز | 01-31-05, 12:31 PM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | benyya | 02-01-05, 11:27 AM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | Khalid Eltayeb | 02-03-05, 03:06 AM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | Yassir7anna | 02-03-05, 03:40 AM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | معتصم الطاهر | 02-03-05, 04:01 AM |
Re: زينـب عباس.. المحامـي، وبت المنى.. الراعـى! | nada ali | 02-03-05, 04:41 AM |
|
|
|