صورة توضّح كيف سيبدو كوبري توتي الجديد بعد تشييده

Quote: مناظير فراش توتي!! زهير السراج [email protected] * أعرف ان حديثي هذا لن يغيّر من الواقع المأساوي شيئا، بعد ان صدر الحكم الظالم بإعدام أكبر مشروع مستقبلي في السودان ـ وربما في القارة بأكملهاـ للسياحة وحماية البيئة، يستطيع أن يجتذب ملايين السائحين، ويدر علينا مليارات الدولارات كل عام.. لولا الغباء السياسي المتحكم في كل شيء، والعاطل عن الخيال والإبداع، الذي لم ينظر إلى جزيرة توتي، والبيئة الساحرة المحيطة بها، الا بمثل نظرته الضيقة لغيرها من المناطق في ولاية الخرطوم.. «مجرد منطقة سكنية تحتاج إلى بعض الخدمات العادية مثل الجسور وطرق المواصلات».. فأتى بالحديد والسيخ والحجارة.. لتشييد جسر يربطها بباقي أنحاء المدينة، يعبر عليه المارة والعربات.. وينقلون إلى الجزيرة الساحرة كل أدران وأوساخ وقمامة المدينة!. * ولو كان لدى الذين قرروا تشييد هذا الجسر أدنى ذرة من الخيال، لاكتشفوا أنهم ببنائه سيرتكبون جريمة كبرى في حق هذا الوطن، ويغتالون أكبر مشروع اقتصادي استثماري سياحي بيئي في سودان المستقبل القريب!!. * فالجزيرة بموقعها الساحر، وإطلالتها على مدن العاصمة الثلاث، وقربها من موقع اقتران النهرين ـ الذي لا يوجد لجماله مثيل في العالم.. مؤهلة بكل المقاييس السياحية والبيئية والاقتصادية لاحتضان مشروع سياحي غير عادي، أساسة الخضرة والطبيعة الساحرة، والحدائق النباتية، وحدائق الحيوان، وحدائق الطيور وحدائق الأسماك والأحياء المائية الأخرى، وغير ذلك من الأفكار العبقرية التي يمكن ترجمتها إلى مشاريع عبقرية صغيرة داخل المشروع الكبير. * وليست توتي وحدها هي المؤهلة لذلك، وانما كل المنطقة المحيطة بها، والتي يمكن ربطها بتوتي بواسطة مواصلات نهرية ـ منها التقليدية ومنها الحديثة، ومنها الصغيرة، ومنها الكبيرة.. تكون هي نفسها جزء من المشروع السياحي، وعبقريته الفذة، واحدى وسائل الجذب اليه، والانبهار به، وليس بواسطة جسر تدخل عبره العربات والابخرة والقاذورات ومحلات بيع الزيوت والإسبيرات وورش السمكرة والحدادة ومحطات البنزين والباعة المتجولون والعاطلون.. وتتحول توتي إلى بؤرة أخرى قذرة مثل البؤرات الكثيرة المنتشرة في بلادنا!!. * لقد زرت توتي بضع مرات، ورأيت معاناة سكانها المتمثلة في المنازل والشوارع والأزقة الضيقة، والوحل الذي يمسك بخناقهم في فصل الخريف، بسبب تربتها الطينية، والفيضان الذي يتهددهم بالغرق كل عام، والرحلة اليومية الصعبة من وإلى الخرطوم، والانغلاق الذي يعيشون فيه وتحاورت مع بعضهم في الانتقال إلى مجمع سكني خارج الجزيرة تتوفر لهم فيه الوحدات السكنية الحديثة، والخدمات الاخرى، مقابل جزء من الارض التي يقيمون عليها في توتي، ويسهمون بالجزء الآخر في مشروع استثماري سياحي ضخم يدر عليهم عائداً سنوياً مجزياً فيصطادون مجموعة عصافير بحجر واحد.. (الانتقال الى مجمع سكني حديث، والاحتفاظ بأرضهم التي يستطيعون استعادتها متى ما ارادوا او بيعها بمبالغ ضخمة، والحصول على ارباح سنوية من المشروع السياحي.. وغير ذلك) ، وقد أعجب معظم الذين تحاورت معهم بالفكرة، وبدوا مقتنعين بها، غير ما كانوا عليه في السابق!. * ولكن ماذا تستفيد توتي واهل توتي وولاية الخرطوم والسودان من جسر متواضع يعبر عليه المئات كل يوم من توتي واليها؟!. * وحتى لو نجحت ولاية الخرطوم في تنفيذ خططها ببناء جسر آخر يربط توتي بالخرطوم بحري، وجسر ثالث يربطها بأم درمان، فماذا يستفيد السودان من تحويل جزيرة توتي، التي لها كل تلك المؤهلات السياحية.. الى مجرد معبر للمواطنين بين المدن الثلاث؟!. وغداً يتواصل البكاء على توتي، باذن الله.