الشـــــــمال المظلــــــــــوم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 01:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل عبدالماجد فرح يوسف(عبدالماجد فرح يوسف)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-01-2004, 04:00 PM

Mohamed Bang

تاريخ التسجيل: 03-02-2004
مجموع المشاركات: 138

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم (Re: Mohamed Adam)

    مفهوم الدولة في الخطاب الرئاسي السوداني
    د. بشارة صقر [email protected]
    تقويض مفردات الخطاب الرئاسي من خلال تحليل نماذج من تلك المفردات مثل "ديل" بمعني "هم" مقابل "نحن" وهو نفسه خطاب الذي يضع "الجنوبي" مقابل "السوداني" او "الغرباوي" مقابل " ود البلد" او "مرتزقة" و"نهب " و" قطّاع طرق" مقابل "جيش أمة" الخ ........ يكشف ضحالة مفهوم الدولة في بنية هذا الخطاب رغم انه خطاب راسخ وصادر من قمة هرم الدولة. يستخدم هذا الخطاب معيار تمييزي "عنصري" في تصنيف ظواهر متشابهة مثل "حركة التمرد " في الغرب مقابل "جيش امة " سابقا في الشرق , فيصف الاولي بقطّاع طرق وثاني بجيش معارض دون وعي بدلالات هذا التمييز.
    بنية الخطاب الرئاسي يصنف القطاعات الشعبية الي "ديل" و "نحن" وبالتالي له معاييره في "تصنيف" حتي معارضيه حسب الفئة التي ينتمون اليها بين "ديل" و "نحن". هذا الخطاب يختزل الكل الجغرافي في الجزء الذي يفترضه هذا الخطاب باعتباره مكانا محتكرا لتوليد وتغذية الجهاز الرئاسي وبالتالي فاي محاولة للخروج بهذا الجهاز من دائرة "نحن" بواسطة مجموعات "ديل" يعتبر " امرا جللا" يتطلب استخدام اردع واردئ انواع الاسلحة حتي لو كان الثمن ابادة مجتمع "ديل" كما في حالة استخدام سلاح الجنجويد لحرق البنية التحتية لمجتمع دارفور نموذجا . او البتر مثل الخطابات الشمالية التي تطالب بفصل الجنوب عن السودان حتي لا يكون مصدر ازعاج مزمن.
    هذا المفهوم الاختزالي التنضيدي يفرغ المؤسسة الرئاسية مِن َ كونها كيانا كليا شاملا لكل الشعب إلي مؤسسة "نحن" في يد الفئة الحاكمة كآلة وسلاح لمواجهة "هم" او "ديل" , وبالتالي فان المؤسسة لا تجد أي حرج في ارتكابها كل الممنوعات التي تدخل في القاموس الدولي ضمن "جرائم الحرب" دون أي وعي او اعتقاد بمسؤوليتها تجاه من تبيدهم
    السؤال الذي يبادر الي ذهن المراقب هو ماالذي يجعل الجهاز الرئاسي يتخلي عن متطلبات الحد الادني تجاه من يفترض انهم مواطنيها من المدنيين وهل الجهاز يرتكب ذات المجازر ويتعامل بذات الوسائل اذا حدث نزاعا او تمردا مشابها لما حدث في الغرب في الدائرة الجغرافية لمجموعة "نحن"؟ .
    لمعرفة جذور هذا الخطاب ومرتكزاتها المنهجية , لا بد من تحليل مفهوم الدولة عند الجهاز الرئاسي وهو مفهوم ظل راسخا منذ قيام الكيان السوداني وقد بدات بوادره بالظهور مع الدولة المهدية في ما عرف بصراع الغرابة – اولاد البلد "الاشراف".
    هذا المفهوم يرتكز علي الخلفية الشرقية لمفهوم الدولة , وسنقوم في السطور التالية شرح هذا المفهوم بناء علي قراءة د. محمد جابر الأنصاري ثم نورد نماذج من مفهوم الدولة التي تقابل هذا المفهوم والذي قام عليه كثير من الامبراطوريات والممالك الافريقية.
    نستخدم نموذجين من نماذج لغة الخطاب الرئاسي لتفكيك تلك العقلية في فهمها لمفهوم الدولة القائم علي معني "د-و-ل" و "دولة" بمعني غلبة . وهو مفهوم يختزل الدولة في الفرد او الجماعة او النظام الحاكم وهو ذاته المفهوم الذي يجسده بجدارة المفهوم العربي للدولة .
    النموذج الاول:
    في لقاء تلفزيوني بث علي الهواء مباشرة قال الرئيس البشيرموجها حديثه الي اهل دارفور وبصورة يستبطن السخرية :
    "ديل شبعوا وعايزين يحكموا"
    النموذج الثاني :
    قال النائب الاول للرئيس في لقاء بثه الفضائية السودانية في امسية الاحد 27/6/2004 بغرض تسويق اتفاقية نيفاشا :
    "اذا اراد اهل دارفور ان يحكموا انفسهم فان اتفاقية نيفاشا وفر لهم ذلك , اما اذا كان لديهم طموحات اكبر ويريدون المشاركة في السلطة المركزية فهذا ايضا ممكن". (الخط من طرفنا)
    تفكيفك المعني الكامن وراء نموذجين يكشف عن بنية خطابية فوقية "استعلاعية" يعمل علي تصنيف الآخر"ديل" في اطار ادني منه وبالتالي يفترض ان لا يفكروا في الحكم , واذا ظهرت لديهم طموحا فان ذلك يتم معالجته في اطار ما يمنحه لهم جماعة "نحن" وليس خارج هذا الاطار.
    ان هذا الخطاب الرئاسي الاستعلائي يشتغل مستندا علي المفهوم الشرقي للدولة والتي تتعارض مع او تتقاطع مع مفهوم الدولة في التراث الافريقي الذي يرتبط عادة بالمكان او الشعب , ومع المفهوم المعاصر للدولة لدي كثير من الامم.
    فالخطاب الرئاسي يصنف الشعب في تراتيبيات تنضيدية يخلع علي بعضهم "حق الحكم" ويخلع عن البعض الاخر هذا الحق بناءا علي فرضية "الاصالة" الموهومة متجاوزا علي سبيل المثال في حالة اهل دارفور تاريخهم الثري الراسخ في مسائل الحكم المشهودة . وقد استخدم الجهاز الرئاسي ارتكازا علي هذا المفهوم وسائل وآليات غير اخلاقية و تعسفية لسحق الثورة في دارفور , فقام باستخدام "الجنجويد" كسلاح لضرب بنية دارفور المجتمعية في "الصميم" ضربة يقصم ظهرها ويجعلها تتخبط في وحل الصراع الداخلي هادفا من ذلك ابعادها عن مركز الحكم وان كانت تلك الضربة اخطات هدفها الاستراتيجي بسبب يقظة الثورة , الا ان آثارها الانسانية احدثت جراحا يصعب اندماله بسهولة.
    تعاملت الدولة مع شعب دارفور بمفهوم "نحن" و"ديل" لذلك لم تكن همها كم روحا ازهقت و كم مدنيا شردت بقدر همها ابعاد هذا "الآخر" او "ديل" حتي لا تؤول "الدولة" له انطلاقا من المفهوم الشرقي الذي يربط الدولة بالفرد القائم وليس كمؤسسة منتصبة قائمة تتعالي علي الجهاز الرئاسي لتحتضن الجميع.
    القراءة العميقة لما وراء تصريح الرئيس ونائبه يكشف مفهوم الدولة عند الجهاز الرئاسي والتي تقوم علي فرضية ان الدولة تعني في الاساس شمال السودان وان الحاكم يجب ان يكون من تلك البقعة الجغرافية وهو المفهوم التي يربط الدولة التي فضاءها مليون ميل مربع بجماعة وساحة جغرافية محددة مسبقا .
    حسب مفهوم الجهاز فان الجماعة الموصوفة "بديل" يمكن ان يكونوا من غرب السودان او جنوب او شرق ولا يجب عليهم ان يفكروا اكثر من "الشبع" اما موضوع "الحكم" فذلك خط احمر . خطورة هذا المفهوم في كونه صادر من قمة الجهاز الرئاسي ومرتبط باللاشعور وبالتالي يمثل اساس وقاعدة قوية لتوليد واعادة انتاج الصراع الذي وصف في اكثر من ورقة بصراع المركز - الهامش.
    ولمعرفة جذور هذا المفهوم العربي للدولة والذي يختزل "الكل" الجغرافي او الشعب في "الجزء" الحاكم سوف نقوم بشرح هذا المفهوم معتمدين علي قراءة د.محمد جابرالأنصاري كما ذكرنا, كما نقوم بشرح مفهوم الدولة في التراث الافريقي
    يقول د. محمد جابر الأنصاري عن مفهوم الدولة في الشرق العربي:
    " فقد اقتصر المصطلح السياسي العربي التقليدي –والي الوقت قريب في العصر الحديث – علي معني "الحكومة" او "النظام القائم الحاكم" او "الاسرة والجماعة الحاكمة"- معني السلطة السياسية القائمة في زمان ما بمعزل عن عموم الكيان الجغرافي والبشري الذي تحكمه , فقيل "الدولة الاموية" و " الدولة العباسية" و "الدولة الادريسية" و "الدولة الطولونية" الخ ....."(27)
    ويضيف:
    "والجدير بالملاحظة – والتحليل و التفسير- ان مفهوم "الدولة" في الاصطلاح العربي التقليدي المقتصر علي معني السلطة الزمنية لجماعة ما , المعرضة دوما للتغيّر والانقلاب لتحل محلها "دولة" اخري – بعكس المفهوم الكياني المؤسسي الدائم و الثابت للدولة في معناها الكلاسيكي الغربي والمعاصر" (29)
    ويقول:
    "ان ذلك المفهوم العربي نابع من المعني اللغوي الاصلي للجزر د-و-ل (ومنه:دال) الذي يدل بشكل متواتر علي معني التحول والتبدل والانقلاب والتداول من حال الي حال دون ثبات دائم علي نحو معين او وضعية بعينها" (29)
    ثم يقوم د. الأنصاري بمقارنة بين المفهوم العربي والغربي للدولة:
    " والدولة – في ((لسان العرب)- هو اسم الشئ الذي يتداول , والدولة الفعل والانتقال من حال الي حال )) فنلاحظ رغم كونها اسما فهي ((فعل)) متحرك منتقل وليست حالة ثابتة (state , static ) كما في المعني الاوروبي وجزره اللغوي اللاتيني , فمصطلح state في الانجليزي او (etat) في الفرنسية مستمد من الاصل اللاتيني status وفعله stare الذي يقابله الفعل ( to stand ) في اللغة الانجليزية – بمعني ((يقف وينتصب ويصمد. ويكون في موقف او وضع معين , ويظل قائما او نافذا ساري المفعول)) . كما جاء في معانيه المعجمية وعلي عكس من ذلك ((دال ويدول)) في العربية اذ يقال للشئ اذا اصابه البلي او تعرض للذوال (( اندال القوم تحولوا من مكان الي آخر)).(29)
    "من منظور فلسفة الدولة الحديثة يمكن القول ان العرب قد عرفوا الدولة بمفهومها لدي ميكافيلي وهوبز , لكنهم لم يقتربوا منها بمفهومها لدي هيغل ومون لوك , فبقدر ما يقرب ((الدولة))عند العرب من طبيعة الدولة ((الهوبزية)) تفتقد طبيعة الدولة ((الهيغلية)).
    ثم يقول " ولعل هذا التماهي والتداخل البنيوي بين الحكومة والدولة في العالم العربي - قديما وحديثا - يفسر لنا الان ذلك الاضطراب المفهومي الذي عرضنا له في بداية هذه الدراسة فيما يتعلق بالدلالة الحقيقية لمصطلح ((دولة)) في القاموس السياسي العربي .وبالايهام واللبس المعنوي الذي مازال يوحي به بين مفهوم ((دولة)) كنظام و ((الدولة)) كمؤسسة شاملة للوطن والحكم , مع تضخيم معني ((الدولة)) في مفهومها الفرعي الاول , وضموره في مفهومها الاساسي الثاني الي حد الاندماج في المفهوم الفرعي .وكما يقول جورج بوردو في مبحثه: ((ليس كل مجتمع منتظم دولة.. وثمة اشكال (من السلطة) لا تمت بصلة الي دولة)) " (47)
    فالدولة اذا في المفهوم العربي يعني الجزء الحاكم ويتمثل في العائلة او الفرد او الجماعة الحاكمة وهي دولة "بينهم" يمكن "فقدها" ليذهب الي "الآخر" او "ديل" الذي هو في الاساس جزء اصيل من هذا الكيان , وبهذا المعني فلا وجود للشعب ولا معني للجغرافيا الا في الاطار الذي يخدم هذا الجزء المتمثل في " الحاكم" او "الملك" او "الجماعة الحاكمة" .
    وهكذا يتضح ان المفهوم الشرقي للدولة والذي يرسخها الخطاب الرئاسي في السودان والذي جعل الكل "الدولة" او "الشعب" يختزل في "الجزء" الحاكم , هو المفهوم ذاته الذي بني عليه الكواكبي نظريته في تحديد الفروق بين الشرقيين والغربيين في كتابه طبائع الاستبداد حيث كتب :
    " وبين الشرقيين والغربيين فروق كثيرة , الغربيون يستحلفون اميرهم علي الصداقة في خدمته لهم والتزام القانون . والسلطان الشرقي يستحلف الرعية علي الانقياد والطاعة! , , الغربي يعتبر نفسه مالكا لجزء مشاع من وطنه, والشرقي يعتبر نفسه واولاده وما في يديه ملكا لاميره! , الغربيون يضعون قانونا لاميرهم يسري عليه , والشرقيون علي قانون مشيئة امرائهم! الغربيون قضاؤهم وقدرهم من الله , والشرقيون قضاؤهم وقدرهم ما يصدر من بين شفتي المستعبدين!" (97)
    الدولة في مفهوم الشرق هو" النظام القائم" لذلك جاءت تسمية "الدول" في التراث الشرقي مرتبطا بالجزء مثل "الدولة الاموية" و "الدولة الفاطمية " والدولة الادريسية"
    وفي التراث السوداني جاءت "الدولة المهدية" قائما علي تلك الخلفية الشرقية . كما قامت الدولة السودانية منذ الاستقلال وحتي النظام القائم الآن علي ذات المفهوم في جوهرها وان اختلف الامر هنا في عدم الارتباط المباشر بين اسم النظام الحاكم والدولة , ويمكن توضيح ذلك من خلال الثنائيات التالية:

    السودان- الشمالية
    حزب الامة – المهدي
    حزب الاتحادي – الميرغني
    الجبهة - الترابي
    الشيوعي - نقد
    هذه الثنائيات مرتبطة ارتباطا وثيقا فيما بينها الي درجة التي اصبحت من المستحيل التفريق بينها الا في اطار البتر اوانتاج الازمات الخانقة سواء كانت ذلك متمثلا في صراعات الشمال الشرق او الشمال الجنوب او الشمال الغرب او في الانشطارات المتكررة للاحزاب السودانية بسبب هذا الارتباط القوي بين ثنائية الحزب – الزعيم
    اذا كانت مفهوم الدولة في الشرق مرتبطة" بالجزء" وتتجسد فقط من خلاله , سواء كان ذلك "الجزء" حاكما فردا مطلقا او نظاما حاكما . كيف كانت مفهوم الدولة في التراث الافريقي؟.
    مفهوم الدولة في التراث الافريقي ارتبطت بالجغرافيا او الشعب , وهذه ظاهرة مشهودة فالممالك الافريقية حتي الاسلامية ذات الارتباط الوثيق بالتراث الشرقي لم تشذ كثيرا من هذه القاعدة.
    مثل امبراطورية "غانة" و "مالي" و"سونجي والمملكة التي تكونت من اتحاد كونفدرالي بين مجموعة من قبائل افريقية في غرب افريقيا والتي سميت "مملكة كانم" التي تحولت فيما بعد الي مملكة اسلامية علي يد ماي دوناما ديباليمي Mai Dunama Dibbalemi (1221-1259)
    وفي التاريخ السوداني قامت ممالك افريقية عريقة ارتبطت اسمها بالشعب او الجغرافيا مثل "الكوش" ومملكة "العلوة" و "سلطنة دارفور.
    ففي سلطنة دارفور علي سبيل المثال كانت نسق العلاقة التي تربط مركز السلطنة بالممالك التابعة لها علاقة شبه فيدرالية حيث تتمتع تلك الممالك بشكل من اشكال الحكم ذاتي .
    معظم الممالك الافريقية قامت علي مفهوم الدولة "الارض" او الشعب" وليست الدولة "النظام الحاكم" او "الجزء" الذي يختزل "الكل".
    كما سجلت التراث الافريقي انماط من الديمقراطية تجلت في المقدرة علي محاسبة الحاكم "الجزء" من قبل الشعب "الكل" مما يؤكد فرضية قيام الدولة بمعناها (state).
    اذ كتب الزعيم الافريقي نلسون مانديلا في كتابه رحلتي الطويلة نحو الحرية عن النمط الديمقراطي في محاسبة سلطان الكوسا في اجتماعات مجلس اعيان السلطنة وهي الشعب الذي ينتمي اليه مانديلا اذ قال :
    " يوجه السلطان الدعوة لهذه الاجتماعات وتبدا الحياة تدب في "المكان العظيم" بوصول الوفود القادمين للمشاركة من جميع انحاء بلاد التيمبو. يتجمع الحاضرون في السّاحة الواقعة امام بيت السلطان , فيفتتح السلطان الجلسة بتوجيه الشكر للحاضرين فردا فردا ثم يشرح الاسباب التي دعت الي عقد الاجتماع ثم يلتزم الصمت حتي يشارف الاجتماع الي نهايته. في تلك الاثناء تتاح الفرصة لكل من يرغب في الحديث ان يتكلم ويستمع الحاضرون لما يقوله بدون مقاطعة او تمييز اللهم الا في مراعاة ترتيب المتحدثين حسب مكانتهم في القبيلة.انه ديمقراطية اصيلة تتيح التعبير للرئيس والمرؤوس, وللمحارب والطبيب, وللتاجر والمزارع , وللمالك الارض والعامل سواء بسواء.وكانت الاجتماعات تستمر ساعات طويلة وكان الاساس الذي يقوم عليه ذلك النظام هو حرية الجميع في التعبير عن آرائهم والمساواة بينهم كمواطنين .فيما عدا النساء اللاتي كن ويالاسف يعتبرن مواطنين من الدرجة الثانية.(*)
    ثم يقول:
    " كم كان تدهشني في الايام الاولي الشدة والصراحة التي يصل اليه الحاضرون في انتقادهم للسلطان. فلم يكن السلطان قط فوق النقد بل انه غالبا ما يكون الهدف الرئيسي له, ومهما بلغت خطورة التهم الموجهة اليه كان ينصت لما يقال دون ان يهب للدفاع عن نفسه او تظهر علي وجهه ملامح الانفعال , وعندما يقترب الاجتماع من نهايته وتميل الشمس الي الغروب, يقوم السلطان ليتحدث فيلخص ما قيل ويحاول التقريب بين ما طرح من آراء مختلفة تمهيدا لبلورة راي يمكن ان يجمع عليه الحاضرون.غير ان الاجتماع لا يفرض رايا معينا ان وجد من يعارضه ,واذا لم يتحقق الاتفاق يؤجل الامر الي اجتماع آخر ويختتم المجلس بقصيدة تمدح امجاد الملوك القدامي فيها مزيج من الشكر والهجاء للزعماء الاحياء فيهتز المجلس بضحك الحاضرين وفي مقدمتهم السلطان نفسه"(*)
    ثم يقول منديلا:
    "لقد التزمت طوال حياتي بتلك المبادي التي كان السلطان يتبعها في مجالس "المكان العظيم", فاحرص دائما علي الاستماع الي ما يقوله كل من يشارك في نقاش او اجتماع قبل ان اجازف بالتعبير عن راي الخاص الذي لا يعدو في الغالب ان يكون تلخيصا لراي مشترك من بين ما سمعته من آراء وافكار ولا زالت اذكرالحكمة التي يرددها السلطان من ان القائد كالراعي يسير وراء القطيع فيدع اكثرها رشاقة يتقدم وبقية القطيع تتبع دون ان تدرك انها توجه من الخلف".(*)
    اما في قبيلة الاشانتي في الافريقيا الغربية فقد ذكر هرسكوفتش في كتابه اسس انثروبولوجيا الثقافية عن ممارستهم لنوع من الطقوس تسمي طقوس الابو تؤكد قدرة هذه القبائل علي محاسبة الحاكم علي طريقتها :
    " ففي احتفالات الآبو، لا يسمح فقط، بل يجب، أن يسمع أصحاب السلطة، السخرية واللوم واللعنات من رعاياهم بسبب المظالم التي ارتكبوها. ويعتقد رجال الآشانتي أنّ في هذا ضمانة لكي لا تتعذّب أرواح الحكام بسبب كبت استياء الغاضبين. ولولا ذلك، لأفضى تراكم الاستياء وتعاظم قوّته، إلى إضعاف سلطة الحكام، بل وإلى قتلهم. ولا تتطلّب فعالية هذه الآلية (الفرويدية الجوهر) في التنفيس عن الكبت أي إيضاح. فهي تلقي ضوءاً أكبر على ما تقوم به من أشكال السلوك المنظّمة في نظم اجتماعية، من تصحيح لاختلال التوازن في نمو شخصيات الأفراد الذين تشملهم".
    ما بين المفهوم الافريقي للدولة والتي تجب ان تكون وعاءا جامعا للكل المجتمعي ومستودعا ومتنفسا للثقافات كلها من خلال خلق نسق وظيفوي فعّال , وبين المفهوم الشرقي الذي يستميت الي اقصي درجة ممكنة من اجل اختزال الدولة داخل "ساحة" او "ثقافة" او "جماعة" ما دون دون الفضاء الكلي او الثقافات او الجماعات الاخري يبقي مآلات الصراع المسمّي المركز – الهامش مفتوحا في كل الاتجاهات ولكل الاحتمالات
    الهوامش:
    - 27 ص , 29 , 47 , د. محمد جابر الانصاري التأزم السياسيّ عبد العرب وسوسيولوجيا الاسلام
    - ص 97 عبدالرحمن الكواكبي طبائع الاستبداد
    - * نلسون مانديلا رحلتي الطويلة من اجل الحرية , ترجمة عاشور شامس
                  

العنوان الكاتب Date
الشـــــــمال المظلــــــــــوم عبدالماجد فرح يوسف06-24-04, 05:45 PM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم البعيو06-24-04, 08:05 PM
    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم عبدالماجد فرح يوسف06-25-04, 02:32 PM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Mohamed Bang06-25-04, 09:07 PM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Zoal Wahid06-26-04, 05:21 AM
    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك06-26-04, 06:47 AM
      Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Zoal Wahid06-26-04, 07:46 AM
      Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك10-02-04, 11:31 PM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حمزاوي06-26-04, 05:54 AM
    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Zoal Wahid06-26-04, 06:38 AM
      Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم newbie06-26-04, 07:37 AM
        Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Mohamed Bang06-26-04, 07:12 PM
          Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك06-27-04, 08:26 AM
            Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Zoal Wahid06-27-04, 09:20 AM
              Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك06-27-04, 11:03 AM
              Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك06-27-04, 11:03 AM
                Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Zoal Wahid06-27-04, 02:13 PM
                  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Mohamed Bang06-28-04, 02:34 AM
                    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك06-28-04, 05:55 AM
                      Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك06-28-04, 06:04 AM
                        Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Mohamed Bang06-29-04, 00:42 AM
          Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Habib_bldo07-04-04, 09:14 AM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Mohamed Adam06-29-04, 04:41 AM
    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم degna06-29-04, 08:01 AM
      Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك06-29-04, 10:47 AM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Mohamed Adam06-29-04, 01:26 PM
    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Mohamed Bang07-01-04, 04:00 PM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Mohamed Adam07-01-04, 06:48 PM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Bashasha07-01-04, 08:21 PM
    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم هاشم نوريت07-01-04, 08:48 PM
    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك07-03-04, 06:52 AM
      Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم مارد07-03-04, 08:07 AM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Bashasha07-03-04, 11:13 PM
    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك07-04-04, 10:24 AM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حمزاوي07-04-04, 05:36 AM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حمزاوي07-04-04, 12:24 PM
    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Esameldin Abdelrahman07-04-04, 12:40 PM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم كبسيبة07-04-04, 02:03 PM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Bashasha07-04-04, 07:13 PM
    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك07-04-04, 11:36 PM
  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم Bashasha07-05-04, 10:28 AM
    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك07-06-04, 00:19 AM
      Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك07-06-04, 03:04 AM
        Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك07-06-04, 11:18 PM
          Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك07-09-04, 09:51 PM
            Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك09-13-04, 11:17 PM
              Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم يحي ابن عوف09-14-04, 01:19 AM
                Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم يحي ابن عوف09-14-04, 04:38 PM
                  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم عبدالماجد فرح يوسف09-17-04, 08:50 AM
                  Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك09-18-04, 03:24 AM
                    Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم يحي ابن عوف09-20-04, 02:13 AM
                      Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك09-20-04, 03:17 AM
                        Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم يحي ابن عوف09-20-04, 04:49 PM
                          Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك12-04-04, 11:02 PM
                            Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم عبدالماجد فرح يوسف12-05-04, 07:12 AM
                              Re: الشـــــــمال المظلــــــــــوم حسن الملك12-05-04, 10:15 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de