شيمة منتصف العتمور

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 06:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-27-2007, 02:23 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22535

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
شيمة منتصف العتمور

    درب الأربعين .. تفصل بينه و بين القرى سلسلة من جبال راسيات ..
    ما فتيء تجار الإبل يقطعون هزيع الليل ( بالدوبيت ) ..
    ينهبون الأرض في طريقهم بقوافل الإبل إلى ( أمبابة ) في جنوب مصر عابرين درب الأربعين.
    يستحثون قوافلهم بنداء كالحداء تعرفه الإبل..
    تهديهم النجيمات البعيدة بوميضها شديد الألق في هذا الفضاء الرحيب.
    و أحياناً تقودهم الإبل إلى مناخاتها القديمة حيث بركتْ تجتر الكلأ المتناثر على الدرب المقفر.
    ينحدرون نحو القرى الوادعة لشراء التمور و السكر زاداً للطريق ..
    القرى المتناثرة على ضفاف النيل رغم سكونها .. تتناغم فيها حركة تكاد تخلو من الجلبة و الضوضاء ..
    سكون به ضجيج الحياة ..
    في وتيرة لا تعرف تغيراً أو إختلالاً ...
    لا إختلاف إلا في إسم الشهور يعرفونها بأسمائها القبطية القديمة ..
    فهناك ( شهر أمشير و شهر طوبة و شهر كيهك )...
    شهور البرد الذي يستهلك حطب وقودهم .. و يجعل من سحناتهم تحاكي ( عشميق النخيل ) ..
    و ذاك شهر ( مِسْرَى ) ..
    حيث يطيب طمْر محصول تمر ( الدُكُنا ) في أزيار فخارية لينساب مشروب ( الدكاي ) .. مشروب نديم الليل..
    نزول الأبَالة من منافذ السيل من بين فرجات الجبال للقرية حَدَثٌ لا يأخذ أكثر من ( ونسة ) قيلولة ..
    ثم يطويه النسيان ..
    شهر ( أمشير ) على الأبواب ...
    ( حمد ) متخم بمشروب ( العرقي ) .. يرقد على ظهره بعد أن ملأ معدته ( بقراصة ) معطونة بالسمن البلدي ..
    شخيره يعلو طقطقة مسبحة زوجته ..
    إبنه البكر ( شرفي ) في الغرفة المجاورة يحاول جاهداً أن يضبط أوتار ( الطمبور ) لتواكب صوت صديق طفولته ( إدريس ) ... بصوته المتهدج الحنون ..
    إتساع رقعة المنزل جعلتْ من باب ( الحوش ) خارج نطاق مرمى أسماعهم حين يطرق طارق في مثل هذه الليلة الشتوية الباردة .. و قلما يطرقه طارق بعد مغيب الشمس ..
    بالكاد سمعتْ أمه طرقاً على الباب فنادت إبنها ( شرفي ) :
    شوف منو ال في الباب نص الليل دة ؟ اللهم أجعلو خير ...
    ذهب ( شرفي ) و صديقه ) ( إدريس ) يتقدمهما ضوء بطارية ..
    منو ال في الباب ؟
    جاءهما الرد بصوت غليظ و أجش :
    أنا ضيف .. داير لي شوية تمر لغاية الصباح ما يصبح ..
    قال ( شرفي ) و هو ينظر لصديقه نظرة ذات مغزى : ضيف من وين يعني ؟
    قال الصوت : أنا نازل من فوق ... من درب الأربعين.. أنا ( وَهَب الله ) .. و جِمالنا في خشم الوادي و مقطوعين زاد..
    فتح ( شرفي ) الباب ..
    وقف رجل طويل القامة ..
    عريض الكتفين ..
    له شاربين يقف عليهما صقر جارح ..
    و رغم الظلام .. فقد لمعت عيناه في ضوء البطارية التي سلطها عليه ( شرفي ) ..
    رغم شكله الذي لا يوحي بالطمأنينة ...
    إلا أنهما أدخلاه غرفة الضيوف ..
    حدث ( شرفي ) والده و أمه بحكاية الرجل ..
    فقالت الأم و هي تهمهم و تسحب نفسها من تحت فراشها الدافيء : الناس ديل كل مرة بنزلو قصاد حلة ..
    أتوا له بما طالته يداها من ما تبقى من عشائهم ...
    أكل هنيئاً مريئاً .. ثم مسح شاربيه و طلب قليلا من التمر حتى يأتي الصباح ليشتري منهم ( التمر ) و ( العجوة ) ..
    نفحوه قليلاً من التمر .. و ملأ قربته ماءاً ثم إنطلق و بندقيته تتأرجح على كتفه .. يمشي بخفة غزال في عتمة الليل الحالك و كأنه يسير على ضوء شعلة.
    مع أولى تباشير الفجر .. كان ( وَهَب الله ) يقف أمام منزل ( حمد ) على ناقة بشارية شهباء ..
    أناخها و هي تطلق رغاءها في ضجيج متقطع و كأنها تحتج على ثقل صاحبها ...
    تلتفت نحو صاحبها و كأنها تستحثه على تخفيف حبل الرسن المشدود عن أنفها.
    كيف أصبحتو يا الطيبين ؟
    قالها ( وَهَب الله ) و هو يعقل ناقته ..
    بايعوه التمر و العجوة بثمن أفرحه كثيراً ..
    يحشو فمه بحبات من العجوة ثم يلفظ النوى دفعة واحدة .. ليلتقط دفعة أخرى ..
    فهو يعرف أن الشراء من بيوت الأهالي أقل ثمناً من أصحاب ( الدكاكين ) و ( الكناتين ) ..
    تربع ( وَهَب الله ) أمام ( صينية الشاي ) و هو يرشف محتويات كوبه رغم الدخان المتصاعد ..
    يفتل شاربيه بعد كل رشْفة ..
    ثم تفرس في وجوه مضيفيه طويلاَ ثم قال :
    يا جماعة و الله أنتو ناس طيبين بالحيل .. و داير أقدم ليكم خدمة عشان تبقى بيناتنا خوة دايمة ..
    قال ( حمد ) و هو ينفث دخان سيجارة ( القمشة ) : يا زول نحن ما سوينا غير الواجب و بيناتنا بيع و شرا ..
    قال ( وَهَب الله ) مؤكدا : تمام يا زول ... بس برضو داير أخدمكم ..
    قال ( حمد ) رافعاً حاجبي الدهشة : كيفن ؟
    قال ( وَهَب الله ) و هو يخرج بندقية سريعة الطلقات من جرابه الجلدي :
    شفتو البندقية دي .. حرم بي ألوفات ما ببيعا .. لكن ليكم أنتو .. جيبو البتقدرو عليهو ..
    تراجع ( حمد ) قليلا عن مكانه و هو يرمق البندقية تارة و تارة يرمق ( وَهَب الله ) بنظرة إرتياب.
    ثم قال : نسوي بيها شنو النصيبة دي ؟
    أقنعهم ( وَهَب الله ) بأنهم يمكن أن يصطادوا بها الغزلان التي ترتع خلف تلك الجبال .. أو التماسيح التي تقدل وقت التحاريق في الجزر المنثورة على النيل ..
    باعهم إياها بثمن بخس .. مع حفنة من الطلقات محشورة في علبة فارغة و مغطاة بقطعة من القماش ..
    ثم علمهم كيفية حشْو الذخيرة في البندقية .. و كيفية تأمينها و إطلاق النار ..
    و أخذهم عند طرف الوادي ... و أطلق زخات من الرصاص ...
    وضع ( حمد ) أصابعه في أذنيه و هو ينحني قليلاً و كأنه في مرمى الرصاص ..
    رفض ( حمد ) أن يقوم بالمحاولة ...
    فأخذ ( شرفي ) البندقية.. و تفحصها و هو يبعدها عن جسده ..
    ثم أطلق الرصاص في إتجاه الوادي ..
    فأرجع الصدى صوت الرصاص على دفعات لتتهادى بين زوايا البيوت و أشجار النخيل .. لتطير أسراب من القماري و الزرازير محدثة جلبة .. لتعود مرة أخرى إلى أغصانها ...
    إرتمى ( شرفي ) على الأرض عند أول طلقة .. وسط ضحكات والده و ( وَهَب الله ) ..
    ثم تحامل على نفسه و أطلق زخات أخرى بثبات أكثر ..
    خُيل إليه أن أصبعه على الزناد ينساب تماماً كإنسياب أصابعه على أوتار ( الطمبور ) ...
    الفرق لديه كان في الصوت الذي يطلقه هذا السلاح الغتيت و تلك الرنة الحزينة في الآلة الحنينة ..
    إنطلق الرجل على راحلته الذلول ..
    و ودعهم و هو يقول : أشوفكم السنة الجاية كان ربنا هون القواسي ..
    ثم رويدأ رويداً إختفى بين طبقات السراب التي بدأتْ تتشكل كإطار زجاجي شفاف يجعل من سلسلة الجبال كلوحة زيتية لم تكتمل فتتداخل ألوانها في صخب محبب.
                  

العنوان الكاتب Date
شيمة منتصف العتمور ابو جهينة10-27-07, 02:23 PM
  Re: شيمة منتصف العتمور ابو جهينة10-27-07, 02:24 PM
    Re: شيمة منتصف العتمور ابو جهينة10-27-07, 02:24 PM
  Re: شيمة منتصف العتمور سجيمان10-27-07, 03:00 PM
  Re: شيمة منتصف العتمور سجيمان10-27-07, 07:00 PM
    Re: شيمة منتصف العتمور ابو جهينة10-28-07, 07:33 AM
  Re: شيمة منتصف العتمور عبدالله داش10-28-07, 12:25 PM
    Re: شيمة منتصف العتمور ابو جهينة10-28-07, 02:16 PM
  Re: شيمة منتصف العتمور bushra suleiman10-28-07, 12:52 PM
    Re: شيمة منتصف العتمور ابو جهينة10-29-07, 07:13 AM
  Re: شيمة منتصف العتمور سجيمان10-28-07, 06:13 PM
    Re: شيمة منتصف العتمور محمد سنى دفع الله10-29-07, 09:46 AM
      Re: شيمة منتصف العتمور ابوبكر على10-29-07, 10:16 AM
        Re: شيمة منتصف العتمور ابو جهينة10-30-07, 09:30 AM
      Re: شيمة منتصف العتمور ابو جهينة10-29-07, 11:14 AM
        Re: شيمة منتصف العتمور معاذ حسن10-30-07, 09:48 AM
          Re: شيمة منتصف العتمور ابو جهينة10-30-07, 12:05 PM
  Re: شيمة منتصف العتمور عبد الله عقيد10-30-07, 10:13 AM
    Re: شيمة منتصف العتمور هاشم أحمد خلف الله10-30-07, 10:24 AM
      Re: شيمة منتصف العتمور ابو جهينة10-31-07, 02:03 PM
    Re: شيمة منتصف العتمور ابو جهينة10-31-07, 10:41 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de