الخصخصة المستمرة منذ 1992 إلي يومنا هذا أصبحت هدفاً أساسياً للحكومة وأحد ثوابت المشروع الحضاري (سيئ الذكر). الشهر الماضي صرح وزير المالية بأن الحكومة تخلصت من 30% من المؤسسات وأن البقية في الطريق، تزامن هذا التصريح مع بيع النقل الميكانيكي بالتقسيط وبثمن بخس.
أين تذهب عائدات الخصخصة؟، هذا سؤال مشروع طالما تحدثت الحكومة عن بيع المؤسسات العامة ، ونحن هنا نتبرع بالإجابة. لم يدخل أي جنيه للخزينة العامة من عائدات الخصخصة . هذا ما ذكره المراجع العام للدولة في تقريره عن حسابات الحكومة لعام 2005 وهو بالمناسبة آخر تقرير منشور عن نتائج المراجعة العامة، والحال هكذا فان المؤسسات العامة التي خصخصت إما أنها بيعت بل اثمن أو أهديت للملاك الجدد وفي طليعتهم رأس المال الإسلامي الطفيلي .. أو انها ضلت طريقها إلى الخزينة العامة .. وذهبت لخزائن أخري. علاوة علي ما ذكر فان الإنفاق الحكومي والمفترض أن ينخفض بسبب تخلص الحكومة من المؤسسات العامة، ازداد بمعدلات كبيرة (ازداد بنسبة 600% خلال السنوات الخمس الأخيرة) وهو إنفاق يمول أجهزة القمع بكافة مسمياتها.
ولا تقف الخصخصة عند هذا الحد فالمعلومات المتوفرة تشير إلى التقييم المتدني لأصول وممتلكات المرافق التي تم تأهيلها من خزينة الدولة وخصخصت أو في طريقها للخصخصة. وهذا يندرج تحت مسمي الفساد بكافة أشكاله.
النتائج الملموسة لهذه الخصخصة هي ازدياد معدلات البطالة .. بسبب التشريد الواسع الذي تعرض له العاملون وبالتالي ازدياد معدل الفقر وتدني الخدمات العامة. الأرقام تقول أن 95% من السكان في عداد الفقراء وأن معدل البطالة وسط خريجي الجامعات والمعاهد وصل إلى 70%.
برنامج الخصخصة وأجندته الخفية يهدفان لسيطرة رأس المال الإسلامي الطفيلي علي كافة مناحي الاقتصاد ويسعيان لتدمير النقابات الحية وإضعاف الحركة الجماهيرية .. لهذا يتواصلان وبشكل محموم. ان الحكومة التي تريد استبدال القطاع العام برأس المال الطفيلي الأجنبي والمحلي، لا تهتم بالمواطنين واحتياجاتهم .. ولا بمستقبل البلاد .. بل تكرس كل الموارد لخدمة مصالحها الحزبية الضيقة .. هذا هو الوضع الماثل حيث لم توظف عائدات البترول لتقوية ودعم القطاع العام، بل بددت وضيعت وكذا يراد بمؤسسات الدولة.
هذا الركض المحموم في طريق الخصخصة تريد به الحكومة استباق أي تغييرات سياسية قادمة وفرض الأمر الواقع، ورهن اقتصاد البلاد وثرواتها لرأس المال الطفيلي الإسلامي وتقوية نفوذه للتأثير علي مجمل الحياة السياسية بما فيها الانتخابات القادمة وأجندة خفية تحاول الحكومة تمريرها تحت ستار الخصخصة ورغم خفائها فان أهدافها ومخططاتها معلومة .. إن مؤسسات الشعب التي تباع الان بأبخس الأثمان ظلت ولعشرات السنين مصدراً هاماً للإيرادات العامة وأسهمت بشكل مقدر في التنمية، ووفرت الخدمات الأساسية والضرورية لسائر أبناء شعبنا . فوق ذلك فانها وفرت فرص العمل والتشغيل للآلاف وزادت حجم الناتج القومي الإجمالي .. ومن ثم فان بيع هذه المؤسسات وتصفيتها تحت جنح الظلام هما جريمة في حق الشعب والوطن.
اننا ندعو كافة القوي السياسية للتصدي لهذا المخطط ومقاومته وإسقاطه كما نطالب بفتح ملف الخصخصة ومحاكمة المفسدين وإرجاع ما نهب من أموال ومؤسسات.
= = = = = = السودان لكل السودانيين المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة