لا أزال أتذكر جدران فصلنا الاربعة فى مدرستنا الاولية التى صارت فى العصر الحديث " مدارس الاساس" و اتذكر تلك اللوحة الجدارية المستطيلة التى تحكى تارخ الانسانية عبر القرون، كيف أكتشف أجدادنا النار .. إلى الكهرباء .. دنيا.. و لم افهم فى ذلك الوقت تعابير "الحقبة الزمنية" و ذلك الطلسم " ق.م" إلى أن نما عقلى و ترعرع ، وزادت خلايا الفهم داخل الجمجمة و تضاءل المخيخ و تقهقر .. ليتيح المجال لاجزاء أكثر تعقيدا.. هذا المدخل كما يسميه بعض كتاب " اللغة الحالمة و الفلسفة العميقة"المسطحة يقودنى الى سنين الغربة و العمر كيف تمضى، كما سيارات الطرق السريعة و طائرات السوخوى و (الماهية) طبعا !! نتزوج و يبدأ مسلسل الاولاد و المدارس و المواصلات .. و سبحان الله ، تجد نفسك بين عشية و ضحاها من الباحثين عن جامعة للولد و ..لحظتها لا تنظر إلى أى مرآة .. لأن الكثير مما كان يغطى رأسك قد تساقط أو تغير لونه .. و أنحنى عمودك الفقرى، و كثرت زياراتك للاطباء " ميزة يتمتع بها المشمولين بالتأمين الصحى فقط".. و الذين لم ينالوا حظا من السلطة أو الثروة .. و الأغرب من ذلك تجد أنك بدأت الغربة و جيمى كارتر رئيسا .. و راح ، و تلاه بوش الاب ثم كلينتون .. و أنت لا تزال مغتربا ..صامدا كجبال الهملايا .. و يا جبل ما يهزك ريح .. أما الأمر الأدهى أن معاناتك خلال كل هذه السنوات هى نفس المعاناة .. و الشكوى هى الشكوى .. فلا إبنك وجد مقعدا لدراسه فى جامعاتنا " إسوة بزملائه داخل الوطن" .. و لا تغيرت مدة جواز سفرك و لا تزال جبايات المغتربين قائمة ، رغم تلك النسب المتدرجة فى تقليلها، مع وجود البدائل الذكية للجبايات فى أماكن أخرى و بأسماء جديدة.. و لا تزال اجراءات الاراضى و الاستثمار و الجمارك كما هى..و تأشيرة الخروج و خلافو من أمور أثبتت أنها أقوى من أهرامات البركل و ستكون أنشالله صنوا لسد مروى و مشروع سندس. و حتى قضايانا نحن كمغتربين أو حتى مواطنيين عاديين جدا لا تزال ، رغم مرور الكثير من السنوات عليها كما هى .. معلقة.. رغم أنها تعلقت أكثر من حدائق بابل المعلقة !! و الأدهى و الامر أننا و خلال عشرين عاما و هى المدة المقررة للمعاش الاختيارى نجد وزير دفاعنا لم يتغيير ووزير داخليتنا تقلد منصبا اخر و نائب الرئيس لا يزال نائبا للرئيس ، كل قادتنا هم هم.. بالشعر الاسود و الوجوه النضرة و الابتسامة المشرقة .. الدنيا تتغير .. عندنا ، و محلك سر عندهم .. اللهم لا حسد .. لذا ، و إيمانا منى بما سبق .. فسيكون شعارى لأى شأن .. هو فى يوم فى شهر .. فى سنة!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة