|
Re: في بيتنا إنفصاليون 1-3 حسن ساتي عن الرأي العام (Re: ahmed haneen)
|
نواصل ونسال عن 2-3
في بيتنا إنفصاليون 3-3 ويمضي أصحاب ذلك الطرح في المقاربة الهشة كما بيوت العنكبوت .. أعني دعوتنا لأن نتبنى في الشمال دعوات انفصالية مجاراة لما يفعله بعض ناشطي الجنوب ،(متناسين الفوارق التي حملها سيناريو أمس الأحد ) ، فيدللون على اختلاف التشيك والسلوفاك وإنفصالهما بسلاسة دون تكبيد أنفسهم مشقة الجدل أو القتال .
مثل تلك المقاربة صحيحة كواقعة تاريخية ، ولكنها لا تستصحب غوصا في الحدث وتحليله وصولا الى ملابسات الظرف وسياقاته ، فالواقعة تلك ، وحتى لا نزن الأشياء بوحدة الكيلو ، وإنما بوحدة بيض النمل ما أمكن كما يقول لينين ، حدثت ضمن توابع تسونامي سقوط الإتحاد السوفياتي في 1989 الذي كان قد غزا تشيكوسلوفاكيا في 1968 ( ربيع براغ ) لمجرد إجتهاد متواضع دعا لإكساب الإشتراكية (بعدا إنسانيا ) ، ليجئ الإنفصال الناعم موقع الإستشهاد،
بينهما بما عرف بالثورة الناعمة أو المخملية Velvet Revolution) ليتلوها أيضا ما عرف بالطلاق الناعم Velvet Divorse) في الفاتح من يناير العام 1993 ، بعد وحدة بينهما كانت قد جاءت الى الوجود العام 1918 بعد الحرب العالمية الأولى ، أي أنهما لم يكونا في الأصل كيانا واحدا ، وإنما كيانين جربا الوحدة وتأثرا بتسونامي، كان قد فكك الإتحاد السوفياتي الى 15 دولة وتوالى ليفكك يوغوسلافيا الى دول، في حين جئنا نحن لهذا الوجود كدولة بتاريخها وسياقاتها المعروفة ، أضف الى ذلك فساد منطق تلك المقاربة باستدعاء الفوارق الديموغرافية والجغرافية بيننا وبين ذلك المثال . ( مساحة سلوفاكيا 49 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها 5 ملايين ونصف وهي مجتمع متجانس يشكل السلوفاك فيه 858 في المائة والهنغاريين 7 9 في المائة ، فماذا تبقى لعمركم ، أما التشيك فمساحتها 78 ألف كيلو متر مربع وسكانها 10 ملايين نسمة يشكل التشيك 90 في المائة منهم وعرق إسمه المورافيين نحو 7 3 في المائة ، فماذا تبقى لعمركم ، أضف الى أن مساحة الدولتين تماثلان مساحة ولايتيين أميركيتين صغيرتين هما نيوهامشير وتمثل سلوفاكيا مساحتها مرتين ، وكرولينا الجنوبية وتقل مساحة التشيك عنها بقليل ).
نحن هنا أمام مثال لدولتين مساحتهما أقل من مساحة عاصمتنا المثلثة في وطن مساحته مليون ميل مربع ، وبتعداد سكان أقل من عدد سكان العاصمة المثلثة ، ومع نسيج إجتماعي متجانس فيهما دينيا وثقافيا بما يبعد المقاربة عن حالتنا .ثم ، وماذا لا نأخذ من محيطنا، جنوب أفريقيا التي جاءت الى الوجود مثلنا وفي السياقات الإستعمارية مثلنا ، أي في القرن التاسع عشر ليخوض فيها البوير حروبهم مع المستعمر البريطاني بين 1899 و1902على خلفية إكتشاف الذهب والماس في 1867 و 1886 ويؤسسوا لأبشع نظام إنساني ، نظام الفصل العنصري الذي تهاوى بعد نحو 90 عاما ، لنشهد هذا الكيان الشامخ سياسيا وإقتصاديا مرسيا لحالة نادرة من التسامح تجاوز فيها مانديلا مراراته ومرارات السود ليعيشوا معا آمنين مقيمين لتجاوزات ماضيهم بلجنة (الحقيقة والمصالحة) التي تقصت كل شئ ، واستمعت لآلاف الشهود واضعة سابقة ولبنة تاريخية للإنسانية قاطبة ، فأي المثالين هو الأقرب الينا ؟ . ولماذا لا ننكفئ على التاريخ ونقرأ الحالة الأميركية التي خاضت حروبا أهلية أشهرها حرب 1861-1865 لتوالي سياسة المزيد من الدمج ، فتبدأ بـ 13 ولاية لتنضم اليها 37 أخرى وصولا الى هذا الكيان الضخم الذي يتفوق على العالم اليوم تجارة وقوة سياسية وعسكرية .
أسوأ شئ يمكن أن يصاحب أي منطق ، ممارسة الانتقاء ، فلنسترح مرة أخرى مع فلسفة التاريخ ومع هيغل في مقولته: ما من شيء عظيم يتحقق في التاريخ، إلا من خلال الصراعات الدموية والأهواء البشرية المتناقضة والهائجة، انه لوهم ساذج ومغفل ان نعتقد بأن البشر يصلون للصحيح بدون المرور على الخطأ .
والى الغد ..
|
|
|
|
|
|
|
|
|