|
Re: الحركة الإسلامية: يَهْدُوكْ مِنْ المَبيتْ تَقَيِّل كُتُرْ (1) ... مجدي الجزولي (Re: خالد العبيد)
|
إن قراءة أكثر صبراً لكتلة الإسلام السياسي تعود بالتحليل إلى صراع الاقليم والمركز هذا متقاطعاً مع الطموحات والمظالم الطبقية. جذبت الحركة الإسلامية في أيامها الأول جماعات من الصاعدين سلم التراتب الاجتماعي من جهة الريف إلى المدينة، غالبيتهم من أول أجيال المتعلمين في مناطقهم، والذين أصابوا من حصيلة تعليمهم الشاق شيئاً من رأس المال الرمزي كونهم أصبحوا منارات وعي مغاير وحديث. آخرون أصابوا أيضاً عزاً مادياً من كسب المهنية والوظيفة. لكل هؤلاء كانت بيضة الإسلام السياسي حصناً مزدوجاً، احتموا به من صعق المدينة فكان هوية يقارعون بها "تفكك" و"تعدد" المدنية الحديثة، وكذلك كان حوضاً للانتماء المتساوي غض النظر عن العرق أو اللغة. كما برز في داخل هذه الكتلة تياراً أكثر "ثورية"، إذا جاز التعبير، استعصم بفقه الزهد الإسلامي بإزاء فساد الرفاه والترف، كان أحد ممثليه المرحوم محمد طه محمد أحمد. رغم أصول الكدح هذه فارقت الممارسة السياسية للإسلاميين السودانيين نصرة المستضعفين عمداً ودون استحياء، بل كانت وبالاً أغلق أبواب الصعود الاجتماعي التي أتيحت يوماً لهؤلاء الإسلاميين ذاتهم فخرجوا من فرقانهم ونواحيهم حتى تسنموا مواقع الوظيفة والأكاديميا قبل وصولهم سدة السلطة. في هذا السياق تسعفنا تفرقة عبد الخالق محجوب الباكرة بين الدين في صيغة "الآيديولوجيا"، والدين في صيغة "اليوتوبيا" الراسخة في خيال المسلمين. ولعل غضب بعض رموز التيار الإسلامي على ما جناه حزبهم السياسي يعود إلى إحباطهم من المفارقة العظيمة بين ما رعوه في أذهانهم من خيال يوتوبي حول الممارسة السياسية والدولة "الإسلامية" وبين حصاد دولتهم الماثلة ومتاريس السلطة والقوة والمال التي تفصل بينهم واخوانهم السابقين اليوم. مارس 2007م
|
|
|
|
|
|
|
|
|