النــقــــــــــــارة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 02:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة محمد النور كبر(Kabar)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-12-2003, 02:19 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النــقــــــــــــارة

    النقارة:وظيفتها الإعلانية
    مجتمع المسيرية نموذجا

    *الأصول الإثنية للمسيرية هي عربية جهينيه ، استقرت في الجزء الغربي من جنوب كردفان ، بعد رحلات طويلة ابتدأت من شبه جزيرة العرب. هنالك رأيان في تفسير قدومهم : رأي يرى أنهم جاءوا عبر الرحلات القادمة عبر شرق السودان هم و جهينة وسط السودان (قواسمة ، شكرية ، ..الخ ) ، والرأي الأخر - و هو الأرجح وهو ما يقول به تاريخ المسيرية الشفاهي و كما تناقلته حكاياهم – بأنهم جاءوا من تونس الخضراء..
    في الجزء الغربي من جبال النوبة ، استقر المسيرية ، تجاورت قبيلتهم مع بعض قبائل النوبه ( كمدا ، تلشي، تيما ، والي ، أبوجنوك ، طبق ، الداجو و هم من أصول دارفورية ) و من ناحية الشمال تجاورهم قبائل الحمر ، البديرية ، الجوامعة و كنانة، و غربا الرزيقات و أقصى الشرق الحوازمة .
    و المسيرية و الرزيقات و الحوازمة و أولاد حميد و التعايشة و الهبانية و بني هلبة ، ذوي أصول مشتركة و يعرفون بمجموعة العطاوى.
    * و المسيرية أناس يحترفون الرعي ، فهم يعتمدون أساسا على أبقارهم . البقرة تشكل عندهم معادل وجود مهم. لإانسان المسيرية يعتمد على البقرة في وجوده الإجتماعي و الإقتصادي و السياسي. و يستفيد كثيرا في سلوكه الحياتي من البقرة و تشكل عامل مهم في تكوين الثقافة و تشكيل المفاهيم الحياتية . لذلك يوصفون بالبقارة ، و البقارة صفة مهنة كالمزارع و النجار و السباك ..الخ
    * هذه الإشارة مهمة جدا كمدخل اجرائي لو فرضنا أن الإثنية و البيئات من عوامل بناء الثقافة و تراث الإنسان . و هي مهمة ايضا باعتبار أن الجغرافيا تساهم كثيرا في تشكيل بناء مزاج الإنسان و تخليق صفاته الإبداعية . و هي مهمة ايضا باعتبار أن كل جماعة بشرية ، بوعيها المتنامي و المتطور عبر الزمن ، تستطيع أن تكون و تشكل ثقافتها و تطورها عبر المعارف الحياتية المكتسبة . و في بيئات الرعي المعرفة غير منتظمة ، و ليست لها مؤسسات تبحث و تنقب فيها ، بل هي عبارة عن جزء أصيل من الحياة يكتسبها الإنسان بتلقائية و يتعامل معها في حدود تلك التلقائية. و قد تكون الثقافة من ناحية مفاهيميه أكثر شمولا و إتساعا لتشمل حتى رؤية الإنسان للعالم و الوجود من حوله ، وبهذا الفهم لابد أن يكون لها أساس روحي و عقائدي يسند تحديد ملامح هذه الرؤية و هو ما يمكن أن نسميه أصول الثقافة .
    هذا المدخل – بصورة عامة – يتوسل تسليط اضاءة على الأجواء التي نشأت فيها النقارة ، على الأقل عند المسيرية ، ثم تطورها كأداة من أدوات تشكيل الوعي الثقافي ، و الذي يتجلى فيها كممارسة و ابداع إنساني.. و من ثمة توضيح الدور الذي تلعبه النقارة في حياة مجتمع إنسان المسيرية. و مبدئيا يمكن أن يقسم هذا المقال الى المباحث التالية:
    - النقارة ، تعريفها ، طريقة صناعتها ، أصولها
    - أغراض إستخدام النقارة
    - من له حق إمتلاكها
    و قد لا يتقيد المقال كثيرا بهذه الخطوة الإجرائية.
    تعريف النقارة[/B]:
    المسيرية يتحدثون اللغة العربية بلهجة موغلة في القدم و يدينون بالإسلام. لذلك تجد أن مفردة النقارة ذات اصل لغوي عربي. فهي من الفعل نقر ينقر فهو ناقر و نقار (بتشديد القاف) ، و النقر هو الطرق ، و منه منقار الطير.
    طور المسيرية هذه المفردة كمرادف للطبل.
    و إصطلاحا ، النقارة هي آلة إيقاعية محلية ذات إستخدامات متعددة و مفيدة في مجتمع المسيرية.
    طريقة صناعتها[/B]:
    تصنع النقارة من جذوع الأشجار ، و هي اسطوانية الشكل. و تستخدم اشجار معينة في صناعتها ، منها أشجار الحميض و الزان. فالنقارة عبارة عن اسطوانة مجوفة من شجرة الحميض أو الزان ، يبلغ طولها حوالي ( 90-100سم) و قطرها حوالي (25-35سم). هذه الأسطوانة مفتوحة –راسيا- من الجانبين ، و يستخدم جلد الأبقار كغطاء ، و تغطى به فتحتي هذه الأسطوانة. و عند الطرق عليها تحدث صوت عالي يمكن سماعه على بعد 30-40 كلم.
    أصول النقارة[/B] :
    النقارة هي عبارة عن طبل ذو اصول أفريقية . فعرب شبه الجزيرة العربية – الأصول التي ينحدلر منها المسيرية- لم يعرفوا النقارة بهذه الكيفية ، بل عرفوا طبولا أصغر حجما و مختلفة في شكلها. و المسيرية قد جابوا أفريقيا و تحركوا فيها لمسافات طويلة ، لذلك هم من أكثر القبائل العربية التي تاثرت بالخصائص الأفريقية، و البعض يرى بأنهم من اكثر القبائل أفرقة. و يتجلى ذلك الأثر الظاهر في طرائق الإنتاج ووسائله ، و ذلك في الرقص و قليلا من الدم، و المظهر الأفريقي الذي تبدو سيماه في تقاسيم و ملامح إنسان المسيرية.
    و لقد إكتسبوا النقارة كأداة تراث و بناء ثقافة و طوروها حتى غدت لها إستخدامات متعددة قلما توجد عند القبائل الأخرى.
    و كذلك نجد أن الرقص المصاحب للنقارة يتميز بالشدة و العنف الطقوسي الأفريقي.
    يصاحب النقارة في حالات الفرح طبل اخر أصغر حجما و يعرف بالتمبل ، و هو نقارة صغيرة الحجم . و تعرف أيضا بالأم و البنت. و يستخدم في عزف النقارة مضارب صغيرة أشبه بالعصي ، غالبا ما تكون من أشجار البشم ، و عزفها يسمى بالضرب ، و في حالة ضرب الفرح تستخدم عصاتين.
    أغراض إستخدامها:
    إنسان المسيرية هو رعوي في المقام الأول ، يحترف تريبة الأبقار و الأغنام. و مؤخرا أصبح جزء من المسيرية يحترف الزراعة ، و المزارع عندهم هو المسكين الفقير الذي لا يملك الأبقار ، و هو في وجوده الإجتماعي لا يملك حق الكلام و إبداء الرأي ، ذلك أن الثري عندهم هو من يملك حق الكلام في المجالس المهمة و إبداء الرأي و تطلب مشورته. و لأن مجتمع المسيرية به نسبة عالية من الأمية ، فإن الثراء يقاس بعدد الأبقار المملوكة للفرد.
    و تسمى مجموعة الأبقار التي يمتلكها الفرد بالهدبة أو المراح. و عادة يملك كل فرد صاحب هدبة أو مراح نقارة. فالنقارة في معظم تواجدها تلازم الأبقار، و لكن لا يمنع هذا من أن تكون لها وظائف ، في تطورها ، أشبه بالمستقلة عن تلازم الأبقار.
    و كما هو معروف فإ الإعلان أو الإعلام ، يشكل أثر فعال في حياة الجماعة – أي جماعة بشرية كانت، ذات وجود جماعي موحد – و هو في خلاصته وسيلة كشف و تنبيه . لذلك نجد أن إنسان المسيرية يستخدم النقارة كوسيلة إعلام أو إعلان، و يتجلى ذلك في عدة أغراض لإستخدام النقارة و يمكن أن نجملها في التفاصيل و التوضيحات التالية .
    كما ذكرنا ، فإن طرق النقارة أو نقرها أو عزفها عند مجتمع المسيرية يعرف بضرب النقارة . و هنالك عدة ضروب للنقارة وهي : ضرب المسار ، ضرب المحط ، ضرب إحضار الغائب، ضرب الخراب ، و ضرب الفرح.
    ضرب المسار[/B]:
    المسار لغة هو الطريق أو الدرب . أما إصطلاحا فيعني عملية انتقال الظعينة من موضع لأخر ، ذلك أن إنسان المسيرية هو إنسان رحال بطبعه ، بمفهوم أن الرحيل عز العرب، متنقل غير مستقر ، يتبع أبقاره و أبقاره تبع الكلأ . و لهم رحلة ثنائية الإتجاها جنوبية – شمالية، ترتبط بمواسم الأمطار قلة و كثافة . فحينما تكثر الأمطار يرحلون من الجنوب (الصعيد) نحو الشمال ( السافل – دار الريح ) ، و حينما تشح يعودون للصعيد.
    و موضع النزول يسمى المحط ، و منه المحطة ( للقطار أو البصات) ، و البعد بين المحط و الأخر يكون في حدود 20-25 كلم.
    و المسار ، هي عملية لها طقوسها و تفاصيلها الخاصة. المسار عادة ما يسبق برحلة إستكشاف لموضع الكلأ الجيد ، و يقوم بذلك شباب الفريق ( الصبيان) ، و يعرفون بالرواغة و هم الرواد و مفردهم رائد و منها تسمية ضبطية الجندية. بعد تحديد الموقع الجيد ، يخطر شيخ الفريق بذلك و هو أكبر شخص سنا و يسمى بالعميد ، و منها العمدة الوظيفة الإدارية و العميد رتبة ضبطية الجندية. و يقوم عميد الفريق بدوره بتنبيه أهل الفريق منذ الليل إستعدادا للرحيل.
    و تبدأ عملية المسار في الفجر الباكر ، وتنتهي عند الظهر ، عندما تشتد الحرارة. و فريق المسيرية في حالة المسار يسمى بالضعينة (الظعينة) . و الفريق عادة ما يتكون من أفراد خشم البيت الواحد ، و تسمى الظعينة بإسم الشيخ ( مثل ضعينة معلا أبو أم مخيان، ضعينة فضل اللـه قباض ، ضعينة الفضل أبو عاشة ، ضعينة مراهد النصيبة ..الخ).
    في اثناء المسار تحمل المرأة متاعها ، ويسمى الخمام (بضم الميم) في ثور مطيع يسمى بالثور الكلالي (بضم الكاف). و الفتيات يستخدمن ثيرانا أقل عمرا و أقل متاعا أو خماما. و الرجال ايضا يركبون ثيران لا تحمل متاعا إلا نادرا. و عادة ما يركبون الخيل أو الحمير. و في المسار يتقدم الظعينة الهدبة أو المراح ، ويتقدمه شاب (صبي) يعرف بالدليل "دليل البقر" أو المقدم ( و منها رتبة ضبطية الجندية المعروفة).
    تحمل النقارة – اثناء المسار- في ثور خاص به متاع يخص عميد الفريق . و تعزف أو تضرب بطريقة خاصة و هي على ظهر الثور. و يستطيع أي مسيري بحسه البدوي النقي تمييز ضرب المسار. و الغرض من هذا الضرب تنبيه الظعائن الأخرى و القبائل و الفرقان بهذه الظعينة السائرة. فهنا تستخدم النقارة كمنبه او أداة اعلان ، ذات فعالية عالية.
    ضرب المحط :
    المحط أو المحطة هو الموقع الذي تنتهي عنده عملية المسار و هو موقع نزول الظعينة، و عادة ما يتميز بالكلأ الجيد و الماء الوفير. و عندما تنزل الظعينة ، يقوم كل فرد – ذكر أو انثى – بأداء عمل معين ، النساء يقمن بإنزال الخمام أو الشيل (المتاع) و الإستعداد لبناء الجاحوبة (بيت العرب البدو). أما الفتيات فيذهبن لجلب ماء الشرب. و الفتيان يقومون بفرز (عزل) العجول الصغيرة و الحملان و السخلان عن امهاتها ، ذلك تهيدا للسرحة ( الرعي) في الفلاة. الشيخ يقوم بالإشراف و التوجيه.
    في هذه الحالة ، يقوم شخص – غالبا ما يفعل ذلك المقدم أو دليل البقر – بضرب النقارة بإيقاع معين يختلف عن إيقاع المسار . و لكل قبيلة نوع معين من الضرب الخاص بها . و الغرض من ضرب المحط الإخبار بالوصول و النزول.
    ضرب إحضار الغائب (الرايح):
    حينما تستقر الظعينة و يتم بناء البيوت الصغيرة و جملتها تسمى بالفريق ( منها رتبة ضبطية الجندية) ، يظل الحال مستقرا، و ترعى الأبقار في الفلاة. و قد يذهب الرعاة ( الرعاوية) الى مواقع بعيدة و يتوهون و يضلون طريق العودة الى فرقانهم، أو قد تتفرق الأبقار أو الأغنام ويضيع جزء منها. فإذا تاه الفرد أو ضل طريقه يقال عنه فلان قد راح ، بمعنى تاه. في هذه الحالة تضرب النقارة ، و لكل خشم بيت من بيوت المسيرية ضرب معين لإحضار الغائب. مثلا ضرب أولاد كدو ( و هم من قبيلة الدرع ) يعرف بضربة سيمبو ، وهناك سيمبو الطوال و القصار، و هو إيقاع يستطيع أي واحد من افراد هذه القبيلة تمييزه ، وتستخدم فيه عصاة واحدة. و هناك ضربة "حلاتي" و هو خاص بالغزايا ( رهط الحريكة عزالدين – ناظر المسيرية) و هنالك ضربة "حدية كر " و ضربة "سلطان قم" و ضربة " سلطان ولد أم جن" و غيرها من الضروب المختلفة.
    إنسان المسيرية يستطيع ببساطة أن يفرق بين ضرب و أخر. و يستطيع من السماع تحديد موقع الفريق و تحديد هوية اهله.
    فضرب احضار الغائب هو عبارة عن إشارات اعلامية ترسل للتائه ، وعند سماعها تساعده في تحديد اتجاه الفريق و يعود.
    و قد يكون أحيانا قد ضاع بعض من الأبقار أو الأغنام مما يقتضي البحث عنها ، فيخرج الرجال لذلك و تعرف البحث تلك بالدوارة ، و منها دوارة المرأة أي خطوبتها. فإذا وجدت الأبقار أو الأغنام الضائعة أرجعت الى الفريق. و في هذه الحالة تضرب النقارة بإيقاع معين هو إيقاع "جن " أي جاءن أو حضرن ، بمعنى أن الأبقار الضائعة قد وجدت و اعيدة الى الفريق. و حالما يسمع الدوارة (بتشديد الواو وفتحها) هذا الإيقاع يعودون الى فرقانهم.
    ضرب الخراب " خدم النقارة":
    كما ذكرنا سابقا أن الجغرافيا تؤثر كثيرا في بناء مزاج الفرد. و أنسان المسيرية يتميز بصفات عديدة منها سهولة إستفزازه. ذلك أن الإنسان هناك يربي على قيم معينة منها الكرم و ألأمانة و الشجاعة و "الحقانية". و إنسان بهذا الوعي التراكم فيه ، نجد أن الأبقال " المال" تشكل قيمة مهمة و أساسية في حياة مجتمعه ، أضف الى ذلك مفاهيم العرض و الشرف. و بهذا الفهم ، فهو ليس بالملاك ، و انما بشر يستفز و يستجيب للإستفزاز . لذلك كثيرا من تنشأ الإحتكاكات و النزاعات الشرسة. و في القدم الحروب عديدة . أما في الحقب الأخيرة قلت هذه الحروب و الإحتكاكات و أصبحت تحدث في نطاق ضيق جدا.
    و المسيري له الإستعداد الكافي للقتال و الموت في سبيل شيئين : البقرة (المال) و المرأة ( الشرف و العرض). و القتال عندهم يعرف بالدواس أو الخراب.
    و حينما ينشب قتال ، تقوم النساء – غالبا- بضرب النقارة بإيقاع معين حزين و رتيب يعرف بضرب الخراب او خدم النقارة (خدم من خدم يخدم فهو خادم ). و هذا الأيقاع من الإيقاعات المشتركة بين كافة قبائل المسيرية. و الغرض منه الإخبار بوقوع الخراب و بالتالي الإستغاثة طلبا للنجدة أو النصرة حسبما يكون، أو طلب مجموعة محايدة تقوم بالفصل بين طرفي القتال. و أحيانا نادرة جدا تخدم النقارة " ضرب الخراب" طلبا للإغاثة ، حتى ولو لم يكن هنالك قتال.

    ضــرب الفرح " أم بقـو":
    الفرح قيمة إنسانية ذات وجود فاعل في شخصية إنسان المسيرية،و له أسباب عديدة منها الزواج ، الختان ، السماية ، عودة المسافر ، و التعبير عن الرخاء و الإستقرار. فهو إنسان مبسوط على طول.
    و يعبر إنسان المسيرية عن الفرح بالرقص، وهو وسيط روحي مهم عندهم ، يساعد على الإستقرار النفسي . و هو ايضا لغة تعبيرية ذات أثر قيم و فعال و يستخدم فيه الجسد.
    تستخدم النقارة كآلة مصاحبة للرقص . و رقص النقارة لا يصاحبه الشدو أو الغناء أو أي آلة وترية. فهو رقص ايقاعي بحت ، أي يعتمد على إيقاع الطبل فقط و هو النقارة في هذه الحالة.
    دائرة الرقص – و تعرف عندهم باللعب- غالبا ما تكون بجوار الفريق أو في وسطه ، حسب المكان المناسب ، و تعلق النقارة على عود يعرف بالشعبة (بكسر الشين)، تعلق فيه النقارة الأم و يعلق بجوارها التمبل (النقارة البنت).
    ليس كل مسيري مؤهل لضرب أم بقو ( بضم القاف مع تشديدها و ضم الواو) ، وهي نقارة الفرح . فهي مهارة تعتمد على الموهبة المصحوبة بالممارسة و التطوير. عازف النقارة في هذه الحالة يعرف بالضراب، يساعده على ضرب التمبل ضراب اخر. و من أشهر العازفين عندهم عيال أم دامت ، وفيهم المقولة المشهور " النقارة قيامتها قامت كن لموا فيها عيال أم دامت"، و منهم ايضا حسن اللدام ، وحسن فللي ، والتيس الأخضر , غيرهم .
    تنغم النقارة بتوقيعات معينة تثير روح الطرب في نفس الإنسان. و رقص النقارة يشترك فيه النساء و الرجال، لأن الرقصة هي رقصة ثنائية (رجل ×امرأة) ، وتعتمد على القوام الممشوق و بنية الجسد ( من الطرائف لا يوجد إنسان سمين أو مترهل في قبائل المسيرية) ، و ذلك لتمتع انسان المسيرية بجمال القوام.
    يحرك الجسد بصورة سريعة تتميز بالعنف الطقوسي.
    عادة ما تكون نقارة الفرح في الأصيل أو في الليـل ، حيث تعرف بأم درق الليل.
    يقف الناس في دائرة واسعة حول النقارة و تمبلها. و تقف الفتيات في مجموعات صغيرة مقسمة داخل الدائرة. المجموعة تتكون من فتاتين او ثلاثة او اربعة. تضع كل فتاة زينتها كاملة و هي تتكون من السكسك و ريش النعام و الإكسسوار ( عاج بلاستك ، ازرار قميص، مناديل صغيرة ، حجبات ، اسورة فضة ) ، وتلبس فستان مزركش و تضع تحته حزامة ( تنورة) من قماش القرمصيص. تربط حول خصرها عمامة أو ثوب بشرط أن يكون له ذيلين طويلين. و لا تلبس الفتاة حذاء ، لأنه لا يساعد على الرقص بمهاره.
    على شعرها تضع الفتاة عطر التربلول ، و هو عطر كما قال عنه احد الأصدقاء (عطر خلاسي فصيح) ، و يتكون من مجموعة عناصر أساسها المحلب و القرنفل. و تمشط الفتاة شعرها على هيئة جدايل دقيقة فيما يسمى بتسريحة المشاط السودانية المعروفة.
    الشباب "الصبيان" يرتدون ملابس نظيفة و قصيرة ، تعرف بالعراريق ( جمع عراقي) ، و السروال الطويل( حجيلات جقى) و يحتذون المراكيب (عنقرة التيس)، و يحملون العصي القنا أو الفؤوس الصغيرة ( الفرافير).
    عند بدء النقارة ، يعزف الضراب ايقاعات معينة ، و يمارس عرض معين يعرف ب"قلب البنات" ، قلب بمعنى ارجع و اعاد. و في الزمان الغابر كانت تستخدم فيه الخيل. تقف البنات في مجموعات صغيرة ، و يأتي الشبان يحملون السكاكين عارية " خارج اغمادها أو اجفارها" ، وترفع و تهز في مستوى مواز لرأس الفتاة، ثم يوضع رأس السكين على فخذ حاملها ، و يتنظر برهة على ذاك الوضع ، و عند تنغيم ايقاعي معين تستدير الفتاة و هي ترقص و يكون ظهلرها مواليا لذاك الشاب ووسط الدائرة، فيتحرك الصبي و يقف في مواجهتها ، ويكون حينها مواجها لمركز الدائرة. و بعد تنغيم اخر تستدير الفتاة لتكون في وضعها الأول ، حيث يكون وجهها قبالة مركز الدائرة ، فيتحرك الشاب و يهز السكين على رأس الفتاة ( يأخذ شبالها) ثم يمضي لحاله. اذا استجابت الفتاة و أستدارت ، يقال أن الفتاة (انقلبت) بمعنى أدت شبالها. أما اذا رفضت أن تستدير ، فيقال عنها أبت تنقلب ، و هذا أمر له دلالة خطيرة ، و يعني أن الرجل أو الشاب الذي يقف امامها به عيب معين ، جبان مثلا.
    و قد شاهدت بنفسي حالة شروع في انتحار في ضواحي مدينة لقاوة ، و ذلك أن احد الشبان رفضت مراقصته أن تنقلب له أو تديهو شبالها ، ذلك لأنه و قف أما الفتاة فلم تستدر ، ويظل هو يضغط بالسكين العارية على فخذه الى أن إخترقت الخذ تماما.
    بعد عملية العرض أو ما يسمى بقلب البنات ، يبدأ الرقص. و كما ذكرنا أن رقصة النقارة هي رقصة ثنائية بين رجل و إمرأة ، و الرجل هو الذي يختار الفتاة التي تراقصه. و في رقص النقارة لا توجد رقابة ، فيحق للراقصة أن تهتز بالطريقة التي تظهر مهارتها في الرقص. و الراقصون المهرة يستغلون ذلك لإستراق قبلة عجلى ، ولكن بحذر ، وإلا القيامة ستقوم.
    و عند الذروة يترك الجميع في الرقص. و قد يستمر الرقص لمدة ثلاث أو اربعة ساعات.
    أحيانا توضع نقود ورقيه ( نقطة ) على ضفائر البنات، و يقوم بوضعها الرجال. و النقطة بهذه الكيفية مؤشر لإنتخاب البنت الجميلة أو من تجيد الرقص بمهارة تستحوذ الإعجاب. عند المسيرية ترد النقود لصاحبها في اليوم التالي و ذلك بواسطة أمها ، أما عند الحوازمة فلا ترد النقطة.
    و يحق للنساء أن يفعلن نفس الأمر ، و ذلك بإختيار شاب جميل و متميز في الرقص. و لكن تعبير المرأة عن إعجابها يكون بأن تخلع جبيرتها (سوار من الفضة) أو خناقها ( عقد من الأحجار الكريمة) و تلبسها أو تلبسه للشاب الذي أعجبت به. و قد تتم هذا المسألة على مشهد من أهلها و لا أحد يعترض.
    خلاصة القول هنا ، حتى نقارة الفرح لا تخلو هي الأخرى من الوظيفية الإعلامية ، فهي تستقل للإخبار عن الفرح ، و دعوة الذين لم تصلهم دعوة الفرح.

    من له حق إمتلاك النقارة؟[/B]
    ليس كل إنسان في مجتمع المسيرية يمتلك نقارة ، ذلك لأن إمتلاك النقارة له دلالة إجتماعية معينة. و لطالما الأبقار هي المؤشر الإجتماعي الذي يحدد الثراء و الفقر ، فإن إمتلاك النقارة يتعلق كثيرا بالأبقار. فالشخص الذي يمتلك أبقارا كثيرة يحق له إمتلاك نقارة ، و ذلك إستكمالا لمظاهر الأبهة و البرجزة. و يبدو أشبه بالعيب أن يمتلك الشخص أبقار كبير و لا يمتلك نقارة.
    أما من ناحية وظيفيه ، فإن كثرة الأبقار يترتب عليها ضرورة الترحال ( المسار) و قد تتوه هذه الأبقار أو تضيع أو تعود ، مما يقتضي وجود وسيلة تعبر عن كل هذه المواقف الحياتية، لذلك قد نجد منطق في ملازمة النقارة للأثرياء.
    أما المزارع المستقر ، ، فإنه لا يملك نقارة ، و ضمنيا ليس له الحق في إمتلاكها لأنه فقير و لا حاجة له بها ، وهذا من ناحية معنوية و إجتماعية. أما من ناحية وظيفية ، فإن المزارع إنسان مستقر ، لا يتنقل كثيرا و لا يملك أبقارا ، لذلك هو لا يتعرض للمسار أو لأي من الخبرات التي تلازم الرحالي و تستدعي وجود نقارة ، لذلك لا تنشأ حاجة لإمتلاكها.
    هذه هي النقارة ، و هذا المقال لا يدعي أن إنسان المسيرية هو أول من صنعها أو إخترعها ، و لمن يجزم بأنه كإنسان نشط –يؤثر و يتأثر – قد إستفاد كثيرا في تطوير طبل له خصوصية ثقافية ، وفائدة تراثية عظيمة تساعده في مسيرة حياته.
    أما الإعلام ، فهو ظاهرة عريقة و عراقتها ترتبط بوجود إنسان المسيرية نفسه ، كخبرة بشرية مهمة. لقد أستطاع إنسان المسيرية أن يسقط كل وعيه الثقافي و الوجودي في تطوير النقارة ، لتحمل في خلاصتها هوية متميزة.


    محمد النور كبر
                  

العنوان الكاتب Date
النــقــــــــــــارة Kabar07-12-03, 02:19 AM
  يا تومي طرينا دقات النــقــ الحلوات حلاتن بنات البقارة ــــــــــارة elhilayla07-12-03, 07:18 AM
  Re: النــقــــــــــــارة THE RAIN07-12-03, 12:23 PM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar07-13-03, 03:08 AM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar07-13-03, 03:21 AM
    Re: النــقــــــــــــارة tasneem07-13-03, 03:42 AM
    Re: النــقــــــــــــارة رقية وراق07-13-03, 03:47 AM
      Re: النــقــــــــــــارة أبكر آدم إسماعيل07-13-03, 04:02 AM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar07-13-03, 04:35 AM
  Re: النــقــــــــــــارة Tabaldina07-14-03, 04:31 PM
  Re: النــقــــــــــــارة أحمد أمين07-14-03, 05:14 PM
  Re: النــقــــــــــــارة Ahmedain07-14-03, 05:16 PM
  Re: النــقــــــــــــارة elhilayla07-14-03, 07:38 PM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar07-15-03, 05:39 AM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar07-15-03, 05:46 AM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar07-15-03, 05:53 AM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar07-15-03, 05:56 AM
  Re: النــقــــــــــــارة JAD07-15-03, 06:27 AM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar07-15-03, 06:34 AM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar07-21-03, 04:00 AM
  Re: النــقــــــــــــارة elhilayla07-21-03, 07:22 AM
  Re: النــقــــــــــــارة AlRa7mabi07-21-03, 11:14 AM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar07-21-03, 08:07 PM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar07-21-03, 08:15 PM
  Re: النــقــــــــــــارة Agab Alfaya08-29-03, 07:57 PM
    Re: النــقــــــــــــارة Jaja Jr08-30-03, 05:12 AM
  كبر توما08-31-03, 06:15 PM
    Re: كبر ابنوس09-01-03, 00:31 AM
  Re: النــقــــــــــــارة أحمد أمين09-01-03, 01:22 AM
    Re: النــقــــــــــــارة Kabar09-28-03, 08:32 PM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar09-01-03, 10:28 PM
    Re: النــقــــــــــــارة cantona_109-02-03, 09:18 AM
  Mieux veut tard que jamais elhilayla09-03-03, 00:10 AM
    Re: Mieux veut tard que jamais أبنوسة09-03-03, 00:35 AM
  Re: النــقــــــــــــارة حسن الجزولي09-03-03, 00:35 AM
    Re: النــقــــــــــــارة cantona_109-03-03, 09:36 AM
      Re: النــقــــــــــــارة الزومـــــــه09-03-03, 10:00 AM
        Re: النــقــــــــــــارة الزومـــــــه09-03-03, 10:01 AM
  Re: النــقــــــــــــارة Kabar09-28-03, 09:10 PM
  Re: النــقــــــــــــارة ابنوس09-28-03, 10:07 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de