للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 11:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-23-2007, 07:31 PM

Haleem Abu-Gusseisa
<aHaleem Abu-Gusseisa
تاريخ التسجيل: 04-18-2006
مجموع المشاركات: 93

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد

    إلى كل المهتمين بقراءة هذا المقال:
    لفهم أفضل يرجى الرجوع لمقالنا السابق: (للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال أول) الموجود في مكان ما في المنبر العام.

    حديث قليل عن مصطفى سيد أحمد

    الآن، وبعد مضي سنوات عديدة على رحيل ظاهرة الفن الغنائي السوداني في الثمانينات وحتى منتصف التسعينات (والممتدة آثارها حتى الآن)؛ أعني بالقطع الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد، أعتقد أن الوقت قد حان لتناول وتقييم تجربته الفنية (لا أقول مشروعه الفني) بشكل أكثر عمقا ومباشرة بعيدا عن العوامل العديدة ألتي كان يغذيها وجوده، والتي أغلقت ذهن الغالبية العظمى من المتلقين أمام أي محاولة للنقد تحيد عن تقريظ إنتاج مصطفى سيد أحمد الفني وتناوله بالمدح أو المدح الشديد، ويا حبذا بالإبراء التام من النقائص، وهذا ما لا أنوي فعله بأي حال من الأحوال ابتغاء للموضوعية.
    ليست هذه أولى تجاربي لنقد الإنتاج الفني لمصطفى سيد أحمد -فقد كانت لي محاولات سابقة خلال حياته- لكن هذه ستكون الأولى التي تصل إلى الجماهير، فقد أوصدت بوجه سابقاتها أبواب الماكينة الإعلامية الثقافية السودانية التي تعتبر الإعجاب الفني (أو قل الثقافي) بإنتاج مصطفى سيد أحمد بوابة مرور ثقافية، وأحد المسلمات التي تميز المثقفين الذواقة عن عاطلي المقدرة على "التذوق الراقي" شأنها في ذلك (اعني الماكينة الإعلامية) شأن مجموعة كبيرة من المتلقين، من بين من بهرتهم الكلمة وتوقف استماعهم عندها، وبين من لم يجد الجرأة لإعطاء إحساسه الفني الغنائي الفرصة ليقول كلمته درءا لاحتمال أن يأتي مناقضا للخط العام "للمثقفين". ورغم فشلي في الوصول لأجهزة الإعلام –وإن كنت لم أبذل مجهودا كافيا- فإنني قد طرحت رؤيتي النقدية للعديدين، وخضت الكثير من النقاشات الحادة (المتشنجة في بعض الأحيان) والتي أكسبتني الخبرة في التعامل مع جمهور متلقي إنتاج مصطفى سيد أحمد؛ خبرة في معرفة ردود أفعالهم عند تناول النقد تفصيليا، الحصون التي يتحصنون خلفها، والحجج التي يسوقونها في مواجهة كل تفصيلة تطرح في السياق النقدي لإنتاج مصطفى سيد أحمد. لاأكتمكم سرا أنني أنوي الاستعانة بهذه الخبرة لإغلاق الطريق أمام أي محاولة لصرف الانتباه عن الأغراض الأساسية للنقد لصالح إتجاهات أخرى يكون الحديث عنها تحصيل حاصل، وملهاة للمشفقين من طرح الموضوعات التي يمكن أن تشكل مادة حقيقية لنقد إنتاج مصطفى سيد أحمد.
    إعمالا لمبدأ السلامة، ولتركيز الانتباه على ما أعتقد في أهميته، أبدأ بإخراج بعض الموضوعات خارج دائرة الضوء، وهي المرتبطة بدوافعي تاريخيا وحاليا، وبعض الحقائق التي أتفق فيها مع مصطفى وجمهوره مما ينفي الحوجة للخوض فيها تفصيليا:
    • تاريخيا، معرفتي وتقبلي –تحمسي في ذاك الوقت- لمصطفى يعود إلى فترة دراسته بمعهد تدريب معلمات ومعلمي المرحلة المتوسطة بأمدرمان. في هذه الفترة كنت ومجموعة من فتيان وفتيات جيلي نعتبر مصطفى سيد أحمد فنان جيلنا، نباهي به الكل لسطوع موهبته الذي لا يجادل فيه أحد، من مظاهر تأثيره علي أنني وبخلاف غالبية من تعلموا العزف سماعيا بأغنية عازة في هواك، تعلمت العزف بأغنية الوسيم والتي سمعتها أول ما سمعتها من مصطفى (كنت أعتقد أنها أغنيته!). ولا أنسى ليلة الواعدين بمهرجان الثقافة الثالث (1980) والتي شارك فيها مصطفى بأغنية الشجن الأليم (لا أذكر الشاعر –تقصير مني-وهي من ألحان أستاذ الموسيقى بالمعهد، الأستاذ محمد سراج الدين)، كنت و نفس المجموعة من جيلي متربصين مرابطين أمام شاشات التلفزيون (كانت الليلة منقولة نقلا حيا)، متوقعين له المركز الأول، وكانت صدمتنا جميعا بحصوله فقط على المركز الثالث (بدعوى ضعف تعبيره الحركي!!!) بدلا عن المركز الأول الذي كان يستحقه بجدارة، وهذا ما زلت أؤمن به حتى هذه اللحظة. لا أعتقد أن كثير من جمهور مصطفى المتعصب يرجع إلى هذه الحقبة، ولكنها بدايات مصطفى الحقيقية قبل دخوله معهد الموسيقى والمسرح، ثم حمى جلسات الاستماع و ما إلى ذلك، مع علمي وتسليمي بدور وأهمية العلمية في تطوير وترقية الفن الغنائي السوداني.
    • مصطفى سيد أحمد يملك أحد أجمل وأسلم الأصوات التي مرت على ساحة الفن الغنائي السوداني، يمتلك الجدية والتركيز في الأداء، ولديه خيال رائع ومقدرة موازية لخياله في التنفيذ الصوتي، هذا بجانب ميزة قبول أذن المستمع السوداني لصوته. يدلل على ذلك اختياره ليكون "سولويست" دفعته في سنة تخرجه (كورال المعهد، لا أذكر السنة ولكنها أغنية حبيبي أكتب لي-الكاشف)، لذلك فأنا من المعجبين بمصطفى، بطريقتي الخاصة، لم ولن يتوقف صوت مصطفى عن إثارة مشاعري واقتحام دواخلي، ولن تتوقف معادلة خياله/أداءه عن جلب ذلك الإحساس الغريب الأليف من الدهشة الممزوجة بالاستمتاع.
    • أنا على قناعة تامة أنه كان من الممكن أن يكون لمصطفى مشروعا فنيا متكاملا قادرا على حعل فنه ليس فقط حدثا في مسيرة الفن السوداني، ولكن رقما أساسيا ومرجعا يناطح في مرجعيته أولئك الذين اجتمعت الأمة عليهم، و يعلو عليهم قليلا إن لم يكن كثيرا، فبين يديه كافة إرثهم وتجربتهم تعينه على البدء من أرضية أعلى، كما أنه جاء في عصر أتيحت فيه الدراسة الموسيقية، وتوفرت الكثير من الوسائل المعاونة للإنتاج الفني، يضاف إلى ذلك أن الفنان في هذا العصر يشار إليه بالبنان ويتشرف الناس بمجرد معرفته، لا يحصب بالحجارة ويعتبر من شذاذ الآفاق.
    • مصطفى سيد أحمد مثقف حقيقي ومتذوق جيد لكل أنواع الفنون خصوصا ما يتعلق بالفن الغنائي، وأعني هنا الأغنية والقصيدة والموسيقى.
    • مصطفى سيد أحمد فنان جاد وملتزم لدرجة التفاني على المستوى الفني والسياسي، مهموم بقضايا الوطن والمواطن، وعى أن لديه مسئولية تجاه الشعب السوداني، زاد من ثقلها عليه قبوله وانتشاره الواسع. مصطفى لم يهرب من تلك المسئولية، بل تعامل معها بإخلاص ونكران ذات وفق رؤيته لما ينبغي عليه تقديمه للشعب السوداني.
    • مصطفى سيد أحمد كان ينتج في ظروف صعبة –ظروف المرض والعسر والتغرب. ورغم ذلك فإنه لم ينهزم ولم يتقاعس وظل حريصا على الإنتاج والاتصال مع جمهوره.

    ثم ماذا بعد؟ وماذا يمكن أن يقال بعد ذلك؟ ولماذا الأفتراض أن لدي جديدا أو حتى ما يمكن أن يجذب الانتباه؟
    حسنا لنبدأ بما يقرب من الكفر لدى الغالبية من متعصبي مصطفى ومن حذوا حذوهم ابتغاء عدم الشذوذ، أو من المبهورين المتأثرين بالفكرة العامة والهالة المرسومة حول مصطفى لدرجة العشى عن إبصار أي مغاير......إليكم الآتي يا سادة:
    مصطفى سيد أحمد أضر بالأغنية السودانية ضررا بحجم انتشاره الواسع ووصوله الجماهيري، والذي هو ليس بالقليل. مصطفى –بقصد أو بدون قصد- روّج لأسلوب متقادم للإنتاج الفني الغنائي كان في طريق الاندثار بسبب مجهودات مضنية لآخرين عملوا على تركيز قواعد عمل فني غنائي متناغم يمزج كل عناصر العمل الغنائي في إنسجام وتكامل. هذا الأسلوب المتقادم يعتمد كلية على النص الشعري باعتباره هو ذات الأغنية، ويقزم دور بقية عناصر العمل الغنائي (بما فيها اللحن) ويعتبرها -للنص الشعري- في مقام الحاشية (كثير من أغاني الحقيبة انبنت على لحن واحد –المجاراة- وكلا منهم تعتبر أغنية –مستقلة- فقط لأن الكلمات مختلفة!!)، لهذا أستطيع أن أقول أن مصطفى ساهم (تسبب في الحقيقة) في إهدار مجهودات كرومة، سرور، عمر البنا، عبدالرحمن الريح، التاج مصطفى، الكاشف، رمضان حسن، صلاح محمد عيسى، عثمان حسين، محمد وردي، محمد الأمين، عبد العزيز محمد داؤود، أبوعركي البخيت، زيدان إبراهيم، وآخرين نجحوا في تقديم العمل الغنائي المتكامل، إما بمجهود فردي (بمعطيات زمنهم)، أو بمشاركة آخرين. مصطفى تسبب في إهدار هذه المجهودات التي هدفت إلى تقديم العمل الذي يعتمد على تناغم وتجانس كل المكونات دون إبراز أيا منها على حساب الآخرين متفادين أسلوب الوصاية الفنية الذي يقود إلى الإحتكار غير المبرر و غير المنتج لكل تفاصيل العمل الغنائي والذي يغلق الطريق أمام مساهمات الآخرين المبدعين في العمل بما كان يتوقع أن يمثل إضافة للعمل ومزيد من الإبداع. النتيجة... تدني مستوى. العمل الغنائي.
    حب الفن أمر فطري في الإنسان، الفن بمختلف أشكاله: شعرا وموسيقى وتشكيل وتلوين وتصوير ومسرح و و.....أما لدينا في السودان فالأغنية هي المسيطرة، و رغم كونها متكونة من مجموعة من الفنون إلا أنها فن قائم بذاته وشخصية فنية مستقلة، لا يجوز مقارنتها وافتراض انطلاقها من رحم إحدى الفنون الأخرى، فإذا كان الشعر شعر والموسيقى موسيقى (البحتة منها)، فالأغنية أغنية وليست تجميع ميكانيكي أو ترقيع من فنون أخرى، الأغنية تناغم بين مجموعة مفردات يجوز –بل يرجح- أن لا تستطيع أيا منها أن تبرز، أو أن تعني شيئأ، أو حتى أن تعكس إحساسا على الإطلاق في الحالة المنفردة ، أنها مجموعة مفردات تكتسب طعمها، وحتى سبب وجودها، من الآخرين الملتحمين بها التحاما لا يدع مجالا لرؤية حدود أيا منها في استقلال. هذا ما فشل فيه مصطفى فشلا ذريعا للأسف الشديد بتبنيه لاستراتيجية متراخية،.الأغنية لدى مصطفى أصبحت نصا شعريا يلقى منغما -كيفما اتفق- ليس إلا، وهو بالفعل ما يسمعه متلقيي أغنية مصطفى. والأمر المقبض –إن لم يكن المستفز- أن هذا النص الذي يمثل قلب ولب وحتى قدمي أغنية مصطفى هو إبداع شخص آخر، تمخضه وولده وهو والده الشرعي، ولكنه بكل أسف ما عاد ينسب إليه ولا ينظر إليه إلا باعتباره "أغنية مصطفى سيد أحمد". المدهش أن الكثيرين ممن ناقشتهم من خلال وجهة النظر هذي لم يتحرجوا من أن يحاجوا بأن مصطفى صاحب الفضل في اكتشاف ونشر هذا النص الشعري، بحساسيته الفنيه وجماهيريته التي تمكنه من توصيل هذا النص للجماهير ومساعدتهم على قبوله واكتشاف مكامن الإبداع فيه، وبالتالي فأنه لا غضاضة في أن ينسب إليه الفضل!!! إذا كان لي أن أفترض أن هذا هو لسان حال مصطفى، وهذا ما أشك فيه كثيرا، وإذا كان لي أن أفند مثل هذا القول بمعزل عن معرفتي الأكيدة بشخصية مصطفى، لا أستطيع سوى وصف هذا الأسلوب بالانتهازية. هذه الصفة يتسبب في إطلاقها محبي مصطفى بهذا المنطق –وليد التعصب- دون أن ينتبهوا لذلك، لأن من العدل أن لا ينسب الإبن إلا لأبيه، ومن حق الشعراء –وواجبنا تجاههم- أن ينالوا ما يستحقوا من إعجاب وتقدير على إبداعهم. أما مصطفى فيجب أن ينال التقدير إذا ما قدم إبداعا جديدا في نوع مختلف من مجالات الإبداع - وهذا ما تصدى له- وهو إنتاج الأغنية المتكاملة؛ نشكره على لفتنا لهذا النص الجميل لا أن ننسب إليه كل الفضل، ثم نقلص شاعر القصيدة ليصبح "مؤلف أغنية مصطفى"، هذا إذا اهتم بمعرفته أحد، وهذا ما أشك فيه كثيرا !!!
    الأمر الأكثر إدهاشا –وإزعاجا- أن الكثيرين من متحمسي مصطفى الأكثر معقولية ومنطقية يحاجوا أن مصطفى كان يعلم أن حياته قصيرة (حقيقة تأكدنا منها لاحقا بوفاته)، لذلك فأنه كان يلاحق الزمن لينتج وليرسخ وجوده في الوجدان السوداني فنيا، وكان يرى أن ذلك لن يتأتى إلا إذا كان لديه السيطرة الكاملة على العمل وخصوصا الشقين الإبداعيين الأساسيين: الكلمة؛ والتي لا يحتاج لإبداعها فهو من ناحية يفتقر إلى تلك الموهبة، ومن ناحية أخرى الشعراء المجيدين موجودين يعانوا شظف العيش وصعوبة الوصول للجماهير وأشعارهم الجيدة موجودة تنتظر الاختيار، وفي هذا راحة للبال وتوفير للزمن، ثم هي صلب الموضوع وعين الأغنية! أما اللحن، والذي تفاديا لأن يكون تحت رحمة مشاركين آخرين يمكن أن يتحكموا في خطة ووتائر انتاج الأعمال، فقد أخذ على عاتقه أن يخرج به في كل الأحوال لأنه أمر مكمل ومقدور عليه. هذا القول مردود من أساسه، أولا لأن مصطفى لم يصرح به على حد علمي، وثانيا لأنه لا يستقيم عقلا ومنطقا أن يفكر شخص مثل مصطفى بهذه الطريقة التي تقدم الكمية على النوعية، فمصطفى قطعا يعلم ويعي -من تجارب الفن السوداني- ما هو المطلوب لإنتاج عمل غنائي طويل العمر (إن لم يكن خالدا)، وبالقطع فأنه يعلم أن غزارة الإنتاج لا علاقة لها بجودته، بل هي من أسباب ضعف النوعية ومعوقة للتجويد.
    بصرف النظر عن احتجاجات جمهور مصطفى، فأنا أعتقد أن هذا الأسلوب من الانتاج الفني الذي انتهجه مصطفى، وبارتباطه بالحجم الكبير من الإنتاج في فترة ضيقة، لا يترك مجالا سوى لافتراضين: أولهما أن مصطفى ضل الطريق واختلط عليه سبيل إنتاج أغنية جيدة، وثانيهما أنه قد أشفق على نفسه وعلى وتائر انتاجه من المجهود الكبير الذي ينبغي بذله لكل عمل حتى يخرج بالشكل الجيد (والذي يقلل من وتائر الإنتاج بالضرورة)، وقرر بالتالي الاعتماد على الكلمة (سهلة المنال) واهمال إعطاء بقية عناصر العمل الغنائي العناية الكافية، اعتمادا على جودة النص الذي نجح في تعويد المستمع على اعتباره صلب الأغنية. هذا الأسلوب إذا لم يوصف بالانتهازية فلا أقل من أن يوصف بالتقاعس، وهذا ما استمرأه مصطفى متجاهلا أنه كان بإمكانه، بمزيد من الحرص على التجويد وقليل من الأريحية، إتاحة الفرصة لعديد من الملحنين الموهوبين لتكوين شخصياتهم الفنية، وتقديم إضافات ليست أقل من كونها ضرورية لتجويد الأعمال الفنية التي قدمها والتي كان ينوي تقديمها، أسوة بالكثير من الشعراء الذين تعامل معهم، والذين بدون أشعارهم ما كان هناك وجود لمصطفى، قبل أن نسلم بأن انتشار مصطفى أتاح لشعرهم فرصة التقديم!
    سيقول الكثيرون أنه لا معنى لما أقوله لأن مصطفى عاش وسيعيش خالدا في وجدان الشعب السوداني. أقول أن هذا لا يضيرني البتة، فأنا أحترم شخصية الرجل وأحترم صوته، فوق ذلك أنا من معاصريه (منذ بداياته) وقطعا سيعيش بداخلي وداخل كل معاصريه، المتقدمين منهم والمتأخرين لسبب أو لآخر، قد يكون بسبب الفن أو خلافه من موقف سياسي أو انتماء ثقافي أو تثاقفي، أو فقط احتراما لشخصيته،. ولكن ماذا بالنسبة للأجيال القادمة التي لم تعاصر مصطفى؟ كيف كان يمكن أن يصل إليها عن طريق غير الفن الذي يمتلك مقومات البقاء؟ فهم لم ولن يدركوا شخصية الرجل، جديته، إلتزامه، إهتمامه، تواضعه....إلى آخر الصفات ألتي لا سبيل لإنكار حيازة مصطفى لها، لن يدركوا صفات مصطفي لعلة عدم المعاصرة، وبالتالي انفصم الرابط الوحيد الذي ركن إليه مصطفى.
    أنا لم أعاصر خليل فرح، لم أعاصر الكاشف، وليس لدي فكرة كافية عن تفاصيل حياتهم، أو حتى ملامح شخصياتهم، ولكنهم بداخلي في موقع القلب بسبب فنهم الذي تركوه لنا والذي ما فتئ يدهشنا، ومازال في الواجهة ليس فقط لأننا أمة مجترة فنيا (هذا موضوع آخر)، ولكن لأنه يمتلك مقومات البقاء، ولا أشك في أنهم سيعيشون في وجدان الجيل القادم والأجيال التي تليه لذات السبب؛ فنهم، إنه جودة وتكامل الأعمال التي قدموها، ووضوح وسطوع مشاريعهم الفنية ومقدرتها على الخلود، وهنا تبدو المفارقة، فالكثيرين ممن عاصرتهم (لا داعي لذكرهم)، ومنهم من لم يكن سيئا على المستوى الإنساني ولم يكن عابثا على المستوى الفني، لم ينجحوا –رغم ميزة المعاصرة- في خلق أي وجود بداخلي فنيا، ولن ينجحوا في ذلك، حتى الأحياء منهم، لأن مشروعهم الفني افتقر ويفتقر إلى الرؤية أو التجويد أو كلاهما.

    ليرحم الله مصطفى بقدر نيته، أما الشعب السوداني فعليه أن يقيم ويستفيد من هذه التجارب للصالح العام، لا أن يوصد باب التحليل والتقييم بأي دعوى من الدعاوى.

    عبدالحليم أبوقصيصة
                  

العنوان الكاتب Date
للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد Haleem Abu-Gusseisa06-23-07, 07:31 PM
  Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد Haleem Abu-Gusseisa06-23-07, 11:00 PM
    Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد Elmosley06-24-07, 11:57 AM
      Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد صلاح شعيب06-24-07, 06:49 PM
        Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد صلاح شعيب06-24-07, 06:52 PM
    Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد Haleem Abu-Gusseisa06-24-07, 12:49 PM
      Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد صلاح شعيب06-25-07, 06:48 AM
  Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد Amna Shibeika06-24-07, 01:21 PM
    Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد Osman Musa06-24-07, 03:29 PM
      Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد صلاح شعيب06-24-07, 06:46 PM
        Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد Haleem Abu-Gusseisa06-24-07, 07:32 PM
  Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد سلمى الشيخ سلامة06-24-07, 08:37 PM
    Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد Haleem Abu-Gusseisa06-25-07, 00:14 AM
      Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد تبارك شيخ الدين جبريل06-25-07, 02:10 AM
        Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد HAMZA SULIMAN06-25-07, 06:49 AM
          Re: للمهتمين بالفن الغنائي السوداني - مقال ثان: في نقد تجربة مصطفى سيد أحمد صلاح شعيب06-25-07, 06:50 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de