الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
سمير عطاالله يرثى البدوى الأخير
|
Quote: البدوي الأخير
كان فيه من معالم البادية وملامحها وصفاتها حتى بدا كأنه «البدوي الأخير». فقد كانت قامته من علو كثبانها، وشجاعته من قدرية تحدياتها، وفي نهجه كان مثل سيوفها، مغمدة إلا في الذود. وكانت البادية تسكن فيه كأنها تريده نموذج «البدوي الأخير». رمح قائم على حراسة عاداتها وتقاليدها ولهجتها ونخوتها وعلى حكاياتها وأماسيها والعشيات الخوالي في المضارب.
نقل البادية معه إلى الرياض. ونقل حكايات عشياتها إلى ضفاف بحيرة الليمان. ومن خوفه عليها راح يدونها في الكتب مثل «حاطب ليل ضجر». أو هكذا كان يحلو له أن يتكنى بفوضويات الصحراء وسرى الليل الطويل. لكنه لم يكن حاطباً ولا ضجراً. كان مذهل التنظيم، عديد الكفاءات، كثير التوقد والانفتاح أدرك مبكرا أن البادية للجذور والتطور للتقدم. وكان، خصوصاً، دؤوبا بلا تعب. في سمان السنين وعجافها. وكان يفاخر أن المدرسة الوحيدة التي تعلم فيها وفيها درس وفيها تخرج، كانت مدرسة موحد الجزيرة ورافع علم الوحدة الأول منذ سقوط غرناطة.
كان الرمح الحارس أيضاً أشبه بأمين متحف على التراث المروي لسيد الجزيرة. أمضى عمره يلتقط الكلمات، ويصغي إلى المقابلات، ويدقق في المنسوبات، ويقارن في المقولات، وكأنما رسالته أن يرد أي خطأ يمكن أن ينسب إلى الملك الذي رعاه شاباً وجعله في المكلفين والمقربين.
«البدوي الأخير». أو ربما آخر الرعيل الأول، من أولئك الذين قدر لهم العمل مع عبد العزيز بن عبد الرحمن. وقد كانت أوسمة هؤلاء في مجرد الانتساب إلى المرحلة التاريخية التي شهدت، في تراكم الرمال والأرباع الخالية، قيام الدولة التي سوف تصبح رمز العمران وقد كان عبد العزيز التويجري شاهدا وعاملا في مراحل النشوء والنهوض. وكان موضع ثقة الملك الأب والملوك الأبناء.
كلفوه المهام وأوكلوا إليه. وفي سنواته في «الحرس الوطني» كان ثقة الملك عبد الله بن عبد العزيز. وبسبب آدابه وشغفه بالمعرفة وحبه للتاريخ والكتابة، أعطى «الحرس الوطني» الكثير من هذه الصورة. وارتبط اسمه في أذهاننا بمهرجان الجنادرية. وخلال المهرجان كانت الاحتفالات تقام في المقرات، أما اللقاءات الثقافية الدافئة فكانت في حديقة الشيخ عبد العزيز الذي كان، بكل قامته التي تشبه الرماح، يحرص على أن يستقبل ضيوفه على مدخل الحديقة، ويودعهم بعده بقليل.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|