هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 00:29 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-17-2007, 05:31 PM

Frankly
<aFrankly
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 35211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ (Re: Gafar Bashir)




    السيد أبو داود




    مفكرة الإسلام:
    انشغلت الأوساط الثقافية والفكرية بل والسياسية أيضاً في الأسابيع الماضية بقضية
    "الدولة الدينية" وجعلها تهمة ليتم لصقها بكل الاتجاهات والتيارات الإسلامية بلا
    استثناء.



    وقد
    بدأ القضية وأثارها على صفحات الأهرام، وفي خمس حلقات متتالية، د. جابر عصفور رئيس
    المجلس الأعلى للثقافة في مصر.



    وقد
    جاءت المقالات المتوالية وما أعقبها من ردود، متزامنة مع الحملة الأمنية والإعلامية
    على الإخوان المسلمين، مما يدل أن في الأمر اشتراك من مثقف يحتل مكانة مرموقة في
    السلم الوظيفي في وزارة الثقافة، في هذه الحملة الأمنية والإعلامية، مما يجعل
    الكتابة ابتداءً ليست خالصة، وإنما موجهة ولغرض.




    وصحيح أنه من حق رئيس المجلس الأعلى للثقافة إبداء رأيه حسب قناعاته الفكرية
    ومعتقداته، ولكننا ننتظر من القادة الثقافيين من أمثاله، المصداقية في الحديث،
    والعمق في التناول، وعدم تصيد أخطاء البعض لتعميمها على الكل، لأن عكس ذلك معناه
    الانحياز وعدم الموضوعية، والتحامل .. الخ، وكلها صفات يعيبها الكاتب على خصومه،
    فكيف يرتكبها هو ويتورط فيها بشكل مباشر؟.




    ونحن في هذا المقال سوف نشتبك مع رئيس المجلس الأعلى للثقافة في محورين أساسيين:
    المحور السياسي، والمحور الفكري.



    وفي
    المحور السياسي نصطدم بقول الكاتب: (الدولة الدينية هدف لمجموعات الإسلام السياسي
    من ناحية‏، وشعار لمجموعات التطرف الديني من ناحية موازية‏، وتتفق المجموعة الأولي
    والثانية علي أن كل حلول مشكلات المجتمع مشروطة بإقامة هذه الدولة التي تعدل بين
    الناس‏، وتحكم بالقسط‏، وتقضي علي البغي والعدوان‏، ففي نصوص الدين ما يقدم العلاج
    الناجع لكل أنواع الفساد‏، والترياق الشافي لكل أمراض الظلم وكوارث الأزمات
    الاقتصادية‏، فالحاكمية لله عند هذه الجماعات‏، والحاكم هو شرع الله وكتابه هو
    القرآن الذي لا يأتيه الباطل من أمامه أو من خلفه)‏.‏




    والكاتب هنا يحاول جاهداً أن يؤكد على أن التكوينات الإسلامية المتعددة، سواء التي
    تمارس السياسة أو التي ترفضها، هدفها واحد، ورؤيتها واحدة، في الشأن الفكري
    والسياسي وهو إقامة الدولة الدينية، وفي ذلك خطآن فاحشان.




    فتيارات العمل الإسلامي بينها اختلافات

    كبيرة

    في
    هذه الأمور، ولا يصح من مثقف يخطط للثقافة في مصر الوقوع في هذا التعميم، إلا إذا
    كان وراء الأمر غرض، والغرض مرض.




    وطالب الجامعة وما في مستواه الثقافي يستطيع أن يكتشف أن غالبية التيارات
    الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين، والأزهريين، والمستقلين الإسلاميين، والجماعة
    الإسلامية، والمراجعات التي تسود جماعة الجهاد هذه الأيام، كل هؤلاء يؤمنون بتداول
    السلطة


    ،

    وحرية
    الانتخاب

    ،
    ويؤمنون بمبدأ المواطنة وعدم ظلم الأقليات، ويؤمنون باحترام


    الدستور

    .. الخ، وهذه كلها أمور تتناقض تماماً مع

    ما
    حاول قوله عن


    مفهوم الدولة الدينية.



    حتى
    الكتابات الحديثة عند الاتجاهات السلفية، المعروف عنها عدم انخراطها في الشأن
    السياسي، لا تطلب أكثر من تحكيم الشريعة الإسلامية.




    وهكذا فإن المشترك الأعظم عند التيارات الإسلامية هو المطالبة بتطبيق الشريعة، وهو
    أمر لا


    ي
    تعارض
    مع مبادئ الدولة المدنية الحديثة كما سنوضح لاحقاً، لأن المبادئ الإسلامية المقررة
    لا تتعارض مع مبادئ الدولة المدنية إلا في نقطة واحدة وهي ألا تكون مرجعية القوانين
    النهائية للأفراد العاديين، وإنما تكون لأحكام الشريعة، التي هي من السعة والانفتاح
    بما يعلمه العدو قبل الصديق.



    ثم
    ما علاقة ذلك كله بالتندر على الإسلاميين والقول بأن (كل حلول مشكلات المجتمع
    مشروطة بإقامة هذه الدولة التي تعدل بين الناس‏، وتحكم بالقسط‏، وتقضي علي البغي
    والعدوان) .. نعم إن إقامة الدولة المدنية بمرجعيتها الإسلامية سيحقق ذلك كله حتى
    ولو كان لا يعجب رئيس المجلس الأعلى للثقافة. وهل قوله: (والحاكم هو شرع الله
    وكتابه هو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من أمامه أو من خلفه) استهزاء وسخرية؟ نحن
    لا نحمّل كلام الرجل ما لا يحتمل، وإلا فليخبرنا بمقصده ومبتغاه.




    وتستمر اللاعقلانية العلمانية حينما يقول الكاتب: (وكانت النتيجة قرينة تصاعد
    الدعوة إلي الدولة الدينية والقضاء علي الدولة المدنية التي قيل إنها أحدثت من
    الشرور والمفاسد ما أعاد زمن الجاهلية إلي ضراوته التي أصبح القضاء عليها فرض عين
    علي كل مسلم يريد الجهاد في سبيل الله)‏.‏




    فالكاتب يلقي على الإسلاميين تهمة جديدة وهي تقويض الدولة المدنية في العالم
    العربي، وفي هذا مغالطتان كبيرتان، الأولى أنه رغم أهلية وحق الإسلاميين في حكم
    أوطانهم، إلا أنهم قد حرموا من ذلك بكل طريقة وسبيل، فكيف إذاً استطاعوا تقويض
    الدولة المدنية العربية؟.




    والثانية أن الدولة العربية المعاصرة التي قامت بعد الاستقلال والتحرر من الاستعمار
    الغربي كانت دولة


    اقصائية للأخر

    ،
    ولم تكن في يوم من الأيام دولة مدنية

    تؤمن ب
    تداول
    السلطة


    والمشاركة السياسية.



    وما
    أكبر التناقض الذي يقع فيه الكاتب حينما يهاجم الإسلاميين بقوله: (أولئك الذين
    وجدوا في مفاسد الأنظمة القائمة وتسلطيتها ما ساعدهم علي الانتشار‏، ووجدوا في
    الثقافات التقليدية السائدة ما أعانهم علي النجاح‏.‏ والنتيجة هي كسب تعاطف الآلاف
    المؤلفة من البسطاء الذين أضناهم الفقر‏، وأوجعهم الظلم‏، ودفعتهم بشاعة الأجهزة
    القمعية للدولة التسلطية إلي رفضها والبحث عن بديل لها‏).‏




    إن أبجديات السياسة وتداول السلطة في الدولة المدنية التي يدعو إليها الكاتب هي أن
    كل تيار سياسي يعمل على بناء قاعدته الجماهيرية على أساس جهده الذاتي، ثم أخطاء
    خصومه السياسيين، لكن الكاتب يريد استثناء الإسلاميين من عدم الاستفادة من أخطاء
    خصومهم، ويبدو أنه وكل العلمانيين يثيرهم ما يحققه الإسلاميون من تفاعل مع الشارع
    وتلاحم معه واستحواذ على ثقته. فهل يتركون الفقراء والمحرومين فريسة لإهمال النظم؟
    ولماذا لا يقدمون أنفسهم كبديل لهذه النظم التي يصفها الكاتب بالقمعية والتسلطية؟.



    ومن
    أعجب ما يثيره الكاتب هو التحذير من التيارات الإسلامية وما حققته من نجاح، ابتداء
    من القنوات الفضائية وليس انتهاء بالإذاعات أو الصحف والمجلات‏، أو مواقع
    الإنترنت‏.‏




    ويرفض الكاتب أن يكون مرد هذا النجاح لقدرات ذاتية وإمكانات لدى الاتجاهات
    الإسلامية، التي يأبى إلا أن يصفها بكل مرذول من الصفات، ويجردها من كل ما تملكه من
    إمكانات إيجابية وقدرات مبدعة.




    ‏ويحاول الكاتب التحذير من المستقبل السياسي للتيارات الإسلامية عن طريق ضرب المثل
    بتنظيم  القاعدة والجماعات المتفرعة منها أو المحاكية لها والمتأثرة بها،


     "


    تلك الجماعات التي تغتال غيرها باسم الدين‏، وتقوم بتفجير الأبرياء أو ذبحهم في
    سبيل تحقيق حلمها المستحيل‏، وهو إقامة الدولة الدينية علي أنقاض الدولة المدنية في
    كل مكان

    " .




    ونسي الكاتب أو تناسى أن الغالبية العظمى من التكوينات الإسلامية معترضة على أسلوب
    "القاعدة" ورافضة له، ولكنه يقفز فوق ذلك للتدليل على تهم جاهزة في ذهنه لربطها
    بمجمل فصائل العمل الإسلامي.




    ولا يفوت الكاتب، كما هي عادة العلمانيين، أن يذكرنا بما حدث في أفغانستان على يد
    طالبان، حيث كانت تجربة الحكم الديني فيها أبشع بما لا يقاس بتجربة الحكم الشيوعي‏.
    وهذا تسطيح وخلط وسوء نية. فطالبان إفراز طبيعي للمجتمع الأفغاني القبلي، وما قدمته
    لبلادها من توفير غير مسبوق للأمن، وقضاء على المخدرات، وسياسة الناس بالعدل لا
    يمكن مقارنته بأوضاع الاحتلال الشيوعي ولا الأمريكي.




    إن الذين لا يرون جرائم الشيوعيين والأمريكان في أفغانستان، ولا يرون في طالبان إلا
    كل ما هو قبيح، ويرفضون ما حققته لأفغانستان، ويرفضون تفهم السياق والظروف التي
    جاءت بهم للحكم، وأنهم كانوا الحل الأمثل لحالة الفوضى والاحتراب التي سادت البلاد
    قبل قدومهم، أولئك لا ينفع النقاش والجدال معهم ابتداءً.



    ولم
    ينس الكاتب أن يذكرنا بنموذج السودان، عندما هيمن النظام الإسلامي الذي جاءت به
    ثورة الإنقاذ‏، فبعد ما يزيد علي عشر سنوات من الحكم‏، لم يحدث سوي الكوارث‏:‏ قطع
    أيدي الفقراء بدعوي السرقة‏، وقطع رقاب المعارضين الدينيين بدعوي الخروج علي
    الإسلام‏، ومن ثم الإلحاد‏، وانتهاك الحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية
    للمواطنين‏.‏




    الكاتب يتصور القراء مجموعة من المعتوهين الذين لا ذاكرة لهم، ونسي وتناسى أن حقبة
    جعفر نميري العلماني كانت أسوأ، وأن حقبة الصادق المهدي الذي جاء بانتخابات نزيهة
    لم تقد البلاد إلا للأزمات حيث انتهت وقوات جارانج على بعد 60 كيلو متر من الخرطوم.




    التقييم النهائي لحكم البشير أنه ليس مثالياً، ولكنه مثل غيره من فترات الحكم أو
    أفضل قليلاً، كما أن في حكمه تكاتف الغرب الصليبي على تقسيم السودان، ولكن الكاتب
    لا يرى ذلك، هو فقط يحاول لي عنق الأحداث لتتفق مع تصوره الذي أعده سلفاً.




    ويصل الكاتب في نهاية المقال الخامس والأخير إلى نتيجة فاجعة وغير منطقية بقوله:
    (ومن الصعب أن ننسي الجزائر التي وصلت فيها الحركة الإسلامية إلي اكتساح
    الانتخابات‏، ليس بفضل ما انطوت عليه من وعود إيجابية‏، وإنما بفضل مفاسد جبهة
    التحرير‏.‏ وكانت النتيجة إغراق الجزائر في بحار الدماء‏، وتحولها إلي قبر كبير).




    والمرء لا يستطيع أن يرى تفكيراً معوجاً مثل ذلك، فالعنف بدأ حينما تدخل قادة الجيش
    العلمانيون وألغوا الانتخابات التي أذهلت العالم، والتي اكتسحتها جبهة الإنقاذ.



    إن
    النخبة العلمانية الحاكمة في الجزائر لم يتصوروا أنفسهم خارج الحكم، فلم يسمحوا
    بنتيجة الانتخابات، وحرموا الفائز من جني ثمار فوزه. فعلى أي أساس نحمل إسلاميي
    الجزائر المسئولية؟ هل هم السبب؟ هل كانوا جناة أم مجني عليهم؟ وهل فقد مفكرو
    ومنظرو العلمانية الضمير إلى هذه الدرجة.




    الحقيقة المؤكدة أن اللائمة يجب أن تلقى على عاتق النخبة الحاكمة وقادة الجيش وكل
    التكوينات العلمانية التي ارتكبت هذه الكارثة السياسية وهيأت الأجواء للحرب
    الأهلية.



    ثم
    إن الطرف الإسلامي لم يكن وحده المسئول عما جرى من عنف، فالتقارير تؤكد أن الأطراف
    الرسمية متورطة لأذنيها في هذه المذابح.




    "الدولة الدينية" في اليهودية والمسيحية




    ولتأصيل معنى "الدولة الدينية" حتى نكشف تدليس المدلسين، ينبغي أن نعلم أنه قبل
    ظهور الديانات السماوية كان معنى الدولة الدينية، أنها تلك الدولة التي تنسب إلى
    الله تعالى،  ففي مصر القديمة مثلاً، اعتبر بعض الحكام أنفسهم آلهة، وبعضهم الآخر
    اعتبر نفسه ابنًا للإله.




    وظهرت في هذه الفترة فكرة ادعاء كثير من الحكام بأنهم يمارسون الحكم بمقتضي الحق
    الإلهي المقدس.




    ولما جاءت اليهودية بدأت في الظهور دولة دينية ولكنها كانت دولة لمجموعة من الناس
    فقط هم بنو إسرائيل الذين اعتبروا أنفسهم شعب الله المختار. وقامت الدولة العبرية
    علي أساس الدين وبلغت أوج ازدهارها في حكم النبي سليمان ثم دمرها بعد ذلك نبوخذنصر
    وشتت أهلها في أركان الأرض، وظلت الأمور كذلك إلي أن بدأت الحركة الصهيونية التي
    استطاعت أن تعيد بناء دولة إسرائيل عام ١٩٤٨م وحتى الآن.



    ثم
    جاءت المسيحية، التي انتشرت على نطاق واسع عندما اعتنقها الأباطرة الرومان، وظلت
    المسيحية بعيدة عن السياسة والحكم وتطبق مبدأ "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، حتى
    كتب لها الانتشار على نطاق واسع، وحينما أصبحت الكنيسة أكبر مالك للأرض في أوروبا
    وأصبحت قوة روحية وسياسية هائلة، استطاع بابوات الكنيسة أن يفرضوا سلطانهم علي
    الدولة حيث إن الحكام كانوا يكتسبون شرعيتهم من الكنيسة وكان البابوات هم الذين
    ينصبون الأباطرة، وكانت الكنيسة إذا سحبت من الملوك هذه الشرعية فإن الرعايا ما
    كانت تجب عليهم طاعة هؤلاء الحكام.




    وهكذا عرفت أوروبا مفهوم "الدولة الدينية" وطبقته طويلاً، واكتوى الناس بناره مئات
    السنين، ولم يتخلصوا منه إلا مع مقدم عصر التنوير وعصر الإصلاحات الدينية، وجاءت
    الثورة الفرنسية لتنهي هذا المفهوم تمامًا، وتفصل بين الدين والدولة.




    وهكذا فإن أوضح ظهور للدولة الدينية كان في أوربا في العصور الوسطى وعصور التخلف،
    حيث حكم أوربا في ذلك الوقت رجال الكنيسة ومارسوا ممارسات غريبة وعدوانية وتسلطية
    طاردت العلم والعلماء والمفكرين وسيطرت على السلطة والثروة وأدت إلى ثورة ضد هذا
    النموذج من حكم رجال الدين، ونتيجة لهذا تم فصل الكنيسة عن الدولة.




    "الدولة الدينية" غير موجودة في الإسلام




    ومما يؤكد أن فكرة الدولة الدينية


    – بهذا المعنى الذي أوضحناه -


    بعيدة تماماً عن عقول


    المسلمين


    ووجدانهم أنه عندما توفي الرسول صلي الله عليه وسلم وانقطع الوحي جرى التساؤل عن
    الحكام من بعده هل هم خلفاء الله علي الأرض أم هم خلفاء رسول الله، والفارق واضح
    تمامًا بين الأمرين، ولم يحدث خلاف بين الصحابة حول الأمر، وكان الاتفاق على أن
    الخلفاء هم خلفاء رسول الله، وإذا كان الرسول الكريم بشراً فإن خلفاءه من البشر
    يخطئون ويصيبون ويحاسبون، ولهذا سمى المسلمون أبا بكر "خليفة رسول الله"، ولهذا
    أيضاً قال أبو بكر رضي الله عنه: لو رأيتم في اعوجاجاً فقوموني، ولو كان الأمر في
    ذهنه أنه يحكم بالحق الإلهي ما قال هذا الكلام.




    الإسلام والدولة المدنية




    المرجعية في الدولة الدينية إنما هي لأمور خارج نطاق البشر وفوق عقولهم، بينما
    الدولة المدنية


    تحترم


    إرادة الناس وفكرهم

    وتتعامل مع عقولهم  وتنظم المجتمع تبعا لحاجاتهم


    ،

    فإرادة الناس هي مصدر أساسي للسلطة


     
    .




    والدولة المدنية تقوم علي أساس القانون

    العادل


    وتتبني النظام الديمقراطي

    الصالح

    ،
    وهي دولة تقوم أيضًا علي أساس مبدأ المواطنة أي أن مواطنيها جميعًا- مهما اختلفت
    أصولهم العرقية أو معتقداتهم أو أفكارهم أو دياناتهم- هم لدي القانون سواء في
    حقوقهم المدنية والسياسية.




    وحينما نريد أن نعبر عن دولة يحكمها مدنيون متخصصون في الحكم والإدارة والسياسية
    وليس فقهاء أو مشايخ أو قساوسة ... الخ، فالأنسب هو استعمال دولة مدنية وليس دولة
    علمانية، لأن تعبير الدولة العلمانية وافد وغريب على الثقافة العربية الإسلامية،
    وهو تعبير سيئ السمعة.






    وإذا تأملنا في كثير من الكتابات الإسلامية المعاصرة، نجد أن فقهاءنا ومفكرينا لا
    يرفضون توزيع السلطات بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، كما أنهم
    يقبلون بأساس المساواة التامة في الحقوق والواجبات بكافة أشكالها، ويؤمنون
    بالتعددية الفكرية والدينية والسياسية والثقافية، ويؤمنون بتداول السلطة واحترام
    رأي الناخبين، وينادون بالالتزام بكافة حقوق الإنسان وكل الحريات المقررة قانوناً
    ...الخ.



    كما
    يرفض فقهاؤنا ومفكرونا فكرة أن هناك حكم باسم الله، وأن هناك من يمثل إرادة الله
    ويعبر عنها مهما كان هذا الشخص أو الجهة أو الجماعة أو الحزب فكل هذا غير مقبول ولم
    يقل به أحد من المسلمين، وعلى هذا فإن الثقافة الإسلامية ترفض كل أشكال الدولة
    الدينية.




    المرجعية الإسلامية




    لكن الأمر الذي يحتاج للتوضيح هنا هو أننا إذا كنا نرفض فكرة حكم علماء الدين، أو
    رجال الدين، أو قيام دولة على أساس ديني



    – إلهامي-


     محض، وإذا كنا نقبل وننادي وندعم الدولة المدنية الحديثة القائمة على سلطة الشعب ،
    وأن جميع السلطات يجب الفصل بينها، واستقلال كل منها عن الأخرى، في إطار من التوازن
    العام، فإن هذا مرتهن بأن تكون المرجعية

    المهيمنة على ذ
    لك
    كله هي الشريعة، وهي الأساس الذي ترد إليه كل القوانين وكل الاختلافات.




    فالتشريع البشري في أمور الدنيا والتخصصات الحديثة لا غبار عليه ما لم يصطدم بأصل
    أو حكم شرعي ثابت ومقرر.




    وميزة الفقه الإسلامي وعبقريته أنه يمكن صياغته في قواعد قانونية محددة تتفق تماماً
    مع مفهوم الدولة المدنية، وهذا يؤكد سبق الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان.




    فعلى سبيل المثال فإن الإسلام أعطى للأمة حق اختيار الحاكم بإرادتها الحرة، وعزله
    إن أخطأ، وهذا يتعارض تمام التعارض مع مفهوم الدولة الدينية التي

    تقول أنها


     تحكم باسم الله


    .




    والإسلام، لا يوافق فقط، على الفصل بين سلطات الدولة، بل يدعو إلى ذلك ويحث عليه.




    والإسلام برئ مما يفعله الشيعة من حكم رجال الدين، تحت زعم عصمة الأئمة، ولم يقل
    الفكر السني أبداً بذلك، بل دعا إلى عكس ذلك تماماً.





    والإسلام ليس فيه تمييز بين


    الناس بل " كلكم لآدم وآدم من تراب " .




    والإسلام أتاح لكل قطاع في المجتمع أن يعبر عن نفسه، وألا تتم مصادرة حقوقه الدينية
    والفكرية والسياسية، والدول الإسلامية المتعاقبة التي تأسست في البلاد المفتوحة،
    وهي بلاد غير عربية وغير مسلمة في الأصل، لم تصادر حقوق الناس وحرياتهم، بل اعتمدت
    مبدأ التعددية الفكرية والدينية والسياسية والثقافية، وهكذا أضافت هذه الشعوب
    للحضارة الإسلامية الكثير، خاصة بعدما حسن إسلام أهلها.




    لقد ورد في القرآن والسنة القيم العليا الواجب تبني نموذجها من العدل والشورى والحق
    وغيرها من قيم الإسلام العالمية العظيمة وكذلك الثوابت الكبرى في العقائد والأحكام
    والأخلاق  , وباب الاجتهاد في الفروع مفتوح لم يوصد سواء فيما يختص بنظم الإدارة أو
    غيره


    متى حققت هذه الدول المبادئ الإسلامية العليا، ومتى جعلت الشريعة هي المرجعية
    المهيمنه وهي المصدر الأول والأساسي للتشريع.


                  

العنوان الكاتب Date
هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 11:17 AM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ عوض محمد احمد05-17-07, 11:31 AM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 03:45 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Mohammed Elhaj05-17-07, 03:57 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Muhib05-17-07, 04:07 PM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ تاج السر حسن05-17-07, 04:13 PM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 05:21 PM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ waw05-17-07, 04:20 PM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 05:39 PM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Frankly05-17-07, 05:01 PM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 05:18 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 05:09 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Elbagir Osman05-17-07, 04:37 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 05:53 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Frankly05-17-07, 04:44 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ kamalabas05-17-07, 04:54 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ kamalabas05-17-07, 05:06 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 05:16 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ kamalabas05-17-07, 05:23 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Frankly05-17-07, 05:31 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Elbagir Osman05-17-07, 05:34 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ محمد المختار الزيادى05-17-07, 07:53 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ kamalabas05-17-07, 06:01 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ معتز القريش05-17-07, 06:31 PM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 07:22 PM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Frankly05-17-07, 08:48 PM
          Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-18-07, 06:54 PM
            Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Frankly05-18-07, 07:22 PM
              Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-19-07, 11:05 AM
                Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Frankly05-19-07, 11:49 AM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 07:28 PM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ kamalabas05-17-07, 07:48 PM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ محمد المختار الزيادى05-17-07, 07:48 PM
          Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 08:02 PM
            Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ محمد المختار الزيادى05-17-07, 08:11 PM
          Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ ريهان الريح الشاذلي05-17-07, 08:24 PM
            Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-18-07, 06:01 PM
          Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ bint_alahfad05-17-07, 09:30 PM
            Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-18-07, 06:57 PM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Muhib05-17-07, 08:06 PM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Frankly05-17-07, 09:16 PM
          Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Frankly05-17-07, 09:31 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ kamalabas05-17-07, 08:01 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-17-07, 08:28 PM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ محمد المختار الزيادى05-17-07, 08:41 PM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ يسرى معتصم05-17-07, 09:00 PM
          Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ bint_alahfad05-17-07, 09:48 PM
            Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ معتز القريش05-18-07, 08:20 AM
            Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-19-07, 07:14 AM
          Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-18-07, 07:04 PM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-18-07, 07:01 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Frankly05-18-07, 09:54 AM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-18-07, 07:06 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ مهيرة05-18-07, 08:23 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ EHAB ALI05-18-07, 05:43 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-19-07, 08:17 AM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ عوض محمد احمد05-19-07, 11:08 AM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ الواثق الصادق05-19-07, 11:30 AM
          Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-19-07, 03:13 PM
            Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ أحمد أمين05-19-07, 04:44 PM
              Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Muhib05-19-07, 08:36 PM
              Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-20-07, 02:57 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ محمد المختار الزيادى05-19-07, 09:11 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ محمد على النقرو05-20-07, 00:23 AM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-20-07, 09:31 AM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ محمد فرح05-20-07, 09:47 AM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-20-07, 02:56 PM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-20-07, 02:57 PM
          Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ مهيرة05-21-07, 11:29 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-20-07, 04:05 PM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Mohamed Suleiman05-20-07, 05:36 PM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ kamalabas05-20-07, 05:44 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-24-07, 11:28 AM
  Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ سفيان بشير نابرى05-21-07, 03:54 PM
    Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-21-07, 07:09 PM
      Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ مهيرة05-21-07, 11:35 PM
        Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Muhib05-22-07, 08:29 PM
          Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-23-07, 05:56 PM
            Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-24-07, 11:21 AM
            Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ محمد المختار الزيادى05-24-07, 11:37 AM
            Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-24-07, 11:43 AM
              Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Frankly05-24-07, 12:07 PM
                Re: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ Gafar Bashir05-24-07, 02:55 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de