|
أزمة الضمير ووصية أب إلى ولده
|
إن ضمير الوالد إزاء ولده، ليتأزم إذا ما وجد الوالد نفسه بين أمرين: احدهما يوجب عليه آلا يوصي ولده إلا بما ترضى عنه الأخلاق في مثلها العليا، بينما يوحى إليه الأمر الآخر آلا ينصح ولده إلا بما يكفل له النجاح في حياته، ولو كان هذا النجاح المأمول يتحقق للراغبين فيه تحت مظلة الأخلاق القويمة، لما كان هنالك إشكال لكن الأمر الواقع في حياتنا العملية لا يترك لنا مجالا للتشكك أو التردد، في إن المواطن الطموح قد يصادف في طريق حياته عشرات المواقف التي يكون الأمر فيها هو أما ... وإما اى انه يكون أما أخلاقا قويمة ولا نجاح، وإما نجاحا ولا شي من تلك الأخلاق القويمة فأيهما يختار. وتلك هي أزمتي الحقيقة اليوم مع ضميري، فانا اكتب هذه الصفحات، راجيا أن تتهيأ الظروف التي تتيح لولدي إسماعيل أن يقرأ، فلست أجرؤ على مواجهته بها، فضلا عن أنى أوثر لولدي أن يجمع بنفسه حكمة الحياة لنفسه، وماذا كنت لأقول له إذا أردت له الهداية، اعترافا من خبرتي؟ أأوصيه – مثلا – بالتواضع كما تريد لنا الأخلاق المهذبة الكريمة أن نكون؟ ولكن كيف وأنا أريد له النجاح، بالمعنى الذي لا يفهم عالمنا النجاح إلا به؟ وخلاصة ذلك المعنى هو أن يكون الإنسان في موقع يمكنه من السلطة والتسلط، القيمة العليا، التي لا تعلو عليها قيمة أخرى في ترتيب القيم عندنا وهى أن تكون ذا سلطان، لتكون نافذ الكلمة، تنفع وتضر، فيكون لك الأتباع والرعايا يحيطون بك ضارعين مادحين، التماسا للنفع ودفعا للضرر، ومواقع السلطة لا تتحقق لعاشقها إلا بشروط، أولهما: أن يحسن الواحد منهم إساءة الأدب! كلا، لا تضحك من عبارتي فأنا اقصدها بكل كلماتها وحروفها فقد يسئ الإنسان أدبه بغير تدبير محكم فيسقط في الهاوية لكن الذي يسئ الأدب ليصعد بتلك الإساءة سلم المجد، لا بد له من الروية والتدبير في رسم الخطة لتلك الإساءة لكي تأتى النتائج بطريقة طبيعية لا تصدم العرف بين الناس.
الوصية طويلة لنا عودة
شبيك ابوى لبيك نحن اولادك ديك
|
|
|
|
|
|
|
|
|