|
|
 ود ودسلفاب (Re: توتي فروتي)
|
عرفت مصطفى سيد احمد على نحو لصيق عندما قررنا نحن نفر من محبيه استقدامه الى قطر ليستجم من عناء العيش الصعب في القاهرة وكان وقتها يقيم في مصر بعد نجاح جزئي لعملية زرع كلية اجراها في موسكو وكان يتعاطى بانتظام عقاقير لمنع رفض جسمه للكلية المزروعة وبعد وصوله الى قطر بقليل ظهر طفح جلدي في انحاء مختلفة من جسمه واتضح ان تلك العقاقير سببت له سرطانا في الجلد واستوجبت معالجة السرطان تجريده من الكلية المزروعة فعاش بعدها بدون كلية خاضعا للغسيل ثلاث مرات اسبوعيا وادى علاج سرطان الجلد الى اصابته بالهزال فكان لعدة سنوات نحيفا البنية ضعيفها.
ولكنه لم يكن يشكو طوال سنوات المرض بل كنت تجده في البيوت والمحافل منشدا ومغنيا ينضح تفاؤلا وبشرا فقد كان فنانا مطبوعا وقد يعرف الكثيرون انه الى جانب كونه شاعرا ومطربا كان رساما من الدرجة الاولى ومحبا لكافة الفنون ورغم معاناته لم يكن قادرا على الصمت عن الغناء ولو ليوم واحد وفي اعوامه الاخيرة بالذات كان كل غنائه للوطن فقد كانت قضايا السودان شغله الشاغل..وكان يحلم بيوم يعود فيه الى سودان معافى وديمقراطي ليقيم حفلا في "دار الرياضة" بالمجان.
وكما كان سخيا بفنه فقد كان سخيا بماله ومات دون ان يترك فلسا او حيطة في منطقة سكن عشوائي واذكر ان الاستاذ التجاني الطيب اتصل بي من القاهرة بحكم كوني كنت المسؤول عن صندوق رعاية مصطفى وقال لي بالحرف الواحد: مصطفى ده لا يؤتمن على صحته او ماله..خلوه تحت رقابة شديدة لتضمنوا انتظامه في العلاج.
ومصطفى ابو سامر وسيد احمد ملك لشعبنا العظيم الذي مازال يحمله في حدقات العيون ومن ثم فانني اود الاشادة بنفر كريم من ابناء الجالية السودانية في الدوحة سلموني منذ اليوم الاول من انشاء صندوق رعاية مصطفى اوامر بنكية مستديمة بمبالغ معينة يتم تحويلها من حساباتهم شهريا الى الصندوق وقام مطربنا الكبير محمد ودري وكان وقتها متنقلا بين السعودية ومصر بجمع وارسال 10 آلاف دولار قمنا بوضعها في حساب خاص كان يشرف عليه الدكتور العظيم عمر عبود اخصائي امراض الكلى الذي كان يشرف على كافة تفاصيل علاج مصطفى لانفاقها في عملية زرع كلية بعد ان تتحسن حالته وقام الاخ محمد المهدي عبد الوهاب في لندن بدور كبير في جمع وتحويل اموال من بريطانيا كما قام رجل اعمال سوداني لا يحضرني اسمه الان بتحويل مبالغ ضخمة الى اسرة مصطفى التي استقدمناها الى الدوحة بعد ان ساءت حالته الصحية.
اقول كل هذا فخورا بانتمائي الى شعب ما زال رغم بؤس حاله يقدر مبدعيه ويحترمهم فقد كان وقوف السودانيين في قطر خلف مصطفى شدا لأزره محل اشادة القطريين بالدرجة التي حدت بوزير الاعلام وقتها الدكتور حمد الكواري الى زيارة مصطفى في المستشفى بانتظام كما امر وزير الصحة بعلاجه بلا مقابل ومنحتنا الخطوط الجوية القطرية دعما ماليا ضخما لاقامة خفلات يخصص دخلها لعلاج مصطفى وفتحت لنا الفنادق في قطر صالاتها بالمجان لاقامة تلك الحفلات.
اذكر ان بعض الاصدقاء اقاموا حفل وداع لي ولاسرتي عند انتقالنا الى لندن واصر مصطفى على الغناء في الحفل وقال انه سيبدأ بأغنية عم عبد الرحيم فصحت فيه: حرام عليك يا رجل ..عم عبد الرحيم كلها غم، فقال في المايكروفون: عندما يغترب الواحد منا مرتين لا يبقى سوى الغناء المر..وما دريت ان ذلك سيكون آخر عهدي بمصطفى حيا وانني سابكيه كما بكيت عم عبد الرحيم.
واجمل ما قرات في وداع مصطفى ديوان كامل لشاعرنا الكلس محمد الحسن سالم حميد بعنوان: مصابيح السما التامنة وطشيش:
صادنا الذهول/ زي التكنو قبل دا ما فارقنا زول بعد الرسول/ وللا التقول/ اول قلوب في الدنيا يغشاها القدر/ بَعدن تضيع منو الدروب تنطمبج الساحات حريق....وين ماشي يا نبض الرحيق/ سايب المشاعر ريق..دقيق/ نهب المغنين التِفِل
سايب لياليك لي نجوم واقفات وجوم/ على فد رجل/ وفرع الغنا الميَّل هنا/ على مين وراك حيتكل/ والشيل تقل/ قدْر البشيلو الشيلة في؟ لكن ظروفن هل تفي؟
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست